جائزة نوبل فى الأدب هى جائزة سنوية
تمنح منذ عام 1901 لكل كاتب أظهر تميزه الأدبى وأظهر مثالية فريدة على حسب قول
ألفريد نوبل فى وصيته التى تأسست من خلالها هذه الجائزة، تعد هذه الجائزة واحدة من أرفع
الجوائز وأعظمها شأنا وحلم كل كاتب، فالفوز بها يفتح أبواب الشهرة ، فيغدو اسم
الكاتب معروفًا فى كل أنحاء العالم، ويبدأ القراء يتطلعون إلى أعماله السابقة بشغف
شديد فهو الحائز على جائزة نوبل الأكثر بريقًا، بينما يسعد الكاتب الفائز بنوبل
بهالة الضوء التى تُسلط عليه وعلى أعماله، هناك العديد من الكُتاب والمفكرون
الزاهدون فى تلك الجوائز لأسباب تخصهم والبعض منهم تم إرغامهم على رفضها لأسباب
سياسية وفى هذا الملف نستعرض أهم هؤلاء الكتاب الذين أُثاروا جدلاً برفضهم لتلك
الجائزة ونستعرض حيثيات رفضهم.
وفى
ضوء حديثنا عن الجوائز الأدبية يرى الكاتب شادى لويس أن الجوائز رفضها مثل قبولها،
في جانب منها، هو فرصة لتأكيد أو إعلان موقف جمالي أو أخلاقي، ربما موقف من الأدب
أو الأبداع بشكل عام أو هناك موقف من الجهات المانحة للجائزة، من تمويلها، مما
تمثله بشكل مباشر أو معنوي، أو من بنية المؤسسات المنتجة للثقافة في العموم، أو في
الظرف السياسي الأوسع، على مستويات محلية أو عالمية حتى. وهناك نماذج كثيرة لكتاب
اختاروا الصعود على منصة التتويج وقبولها لتوصيل اعمالهم بشكل أكبر
للجمهور، وهناك من اختار الصعود عليها لرفض الجايزة، كإعلان موقف،
واحيانا كان هناك تبعات عليهم وأحيانا لا، وهناك من قرر رفضها في صمت وبلا ضجة.
وأضاف لويس إنه لا يعتقد في إن الجوائز
هي قبلة الموت أو بصقة على الوجه مثلما صرح بعض الكتاب، كما يرفض
التعميم فى المطلق لتلك الآراء. لكن في ظرفنا الحالي، وعلى الأخص في منطقتنا
العربية، بوضعها السياسي والثقافي الحرج، تبدو الجوائز ومنحها وقبولها أو رفضها،
كحقل ألغام حقيقي، تجنب الخوض فيه أسهل الحلول الممكنة أخلاقيا وأكثرها أمانا.
جورج برنارد شو
من أشهر كُتاب المسرح فى العالم، كتب أكثر من 60مسرحية،
نشرت أولى أعماله المسرحية بأجزاء تحت عنوان مسرحيات غير سعيدة وجزء بعنوان
مسرحيات سعيدة ضم أكثر من مسرحية، كانت تتميز بالحس الفكاهي والتى كانت تمتلئ
بنظرته النقدية للمجتمع الذى كان نابعًا من إنتماءاته السياسية فهو أحد
مؤسسى الإشتراكية الفابية، أشهر أعماله المسرحية
بيجمالون والتى تم تحويلها إلى عمل سينمائى فى عام 1939 وقد فاز بجائزة الأوسكار
لأفضل سيناريو فى عام 1925 منحُت جائزة نوبل فى الآداب لبرنارد شو ولكنه أعلن رفضه
لتلك الجائزة وقد قال فى ذلك "هذه الجائزة أشبه بطوق نجاه يلقى به إلى شخص
وصل فعلا إلى بر الأمان ولم يعد عليه خطر " وبالرغم من أن برنارد شو قد أكد
أنه يكتب لمن يقرأ لا لينال جائزة
مادية إلا أنه فى العام التالى بعد
محاولات زوجته بإقناعه بقبول الجائزة، وبالفعل وفق قوانين منح الجائزة قبلها فى
عام 1929 وقام بتوزيع القيمة المادية للجائزة دون أن ينال منها شيئًا .
إريك أكسل كارلفلت
هو شاعر سويدى ولد فى 20يونيو 1864، يعد كارلفلت
واحدًا من أهم شعراء أوروبا، وقد استلهم الملحنون أغانيهم من قصائده الثرية، حاول كارلفت
أن يستعيد أجواء الرومانسية التى بدأ تختفى فى ظل ظهور الحداثة حيث كان يحرص فى
شعره على الصور المبتكرة والإيقاعات القوية الأمر الذى جعل قصائد مقصد للمطربون والملحنون،
وقد ودع الشعر فى ديوانه الأخير (أبواق الخريف) وتوفى فى 8 أبريل 1931. تم انتخاب
كارلفلت ليكون عضوًا فى الأكاديمية السويدية وشغل منصب أمين سرها لمدة 11 عام وفى
عام 1919 فاز بجائزة نوبل للآداب باعتباره أهم شعراء
أوروبا الذين أُثروا الوسط الأدبى بأعمالهم إلا أنه رفضها لأنه كان يشغل منصب فى الأكاديمية
فكانت نزاهته تنأى به أن يشاع عنه أنه قد منح الجائزة لنفسه ، ولكن الأكاديمية
السودية فى عام 1931 قد قررت منحه الجائزة بعد وفاته ليكون بذلك أول من
يفوز بجائزة نوبل بعد وفاته.
بوريس ليونيدوفيتش باسترناك باسترناك
هو كاتب وشاعر روسى معروف، ولد فى عائلة
فنية تهوى الفن وتقدره، فوالده رسام وأستاذ فى معهد الفنون ووالدته روزا كوفمان
عازفة بيانو شهيرة، ما كان له بالغ الأثر فى تشكيل هويته الثقافية فقد أحب
الموسيقى وإلتحق بكونسرفتوار موسكو، واستكمل تعليمه فى دراسة الفلسفة بجامعة
ماربورغ، كانت له العديد من مؤلفاته الشعرية مثل الولادة الثانية، قطارات مبكرة
وحياتى الشقيقة. نال باسترناك جائزة نوبل للآداب فى عام 1958 عن روايته ( دكتور
زيفاجو ) لكن تم إرغام باسترناك على رفضها بسبب التهديدات التى وصلته بسحب الجنسية
منه فاضطر إلى رفضها، وجدير بالذكر أن تلك الرواية جاء فيها
متأثرًا بتبعات النظام الشيوعى المجحف
فكانت بمثابة النقد اللاذع لنظام الحكم، الأمر الذى جعلها يتم منعها من التداول فى
الإتحاد السوفيتى آنذاك بالإضافة إلى ردعه بإرغامه برفض جائزة نوبل، وقد تحولت تلك
الرواية إلى عمل سينمائى يحمل نفس الإسم فى عام 1965 من إخراج ديفيد لين ومن بطولة
عمر الشريف وجولى كريستى .
جان بول سارتر
يعتبر سارتر أول مثقف فرنسى يعرف
كفيلسوف وكاتب وكسياسى، وقد عُرف بإنتاجه الأدبى الجم من مسرحيات ومقالات وروايات
وكتبه الفلسفيه التى أثرت الوسط الثقافى فقد كان سارتر أحد مؤسسى الفلسفة الوجودية
والتى أسرته لوقت طويل. ولد سارتر فى يناير 1905 فى عائلة براجوزية بسيطة كان
والده يعمل بالجيش ووالدته كانت تنتمى لعائلة من المفكرين وكانت له صلة قرابة من
الدرجة الأولى بألبرت شوايتزر، عُرف سارتر بشغفه منذ أن كان مراهقًا، وظل هذا
التمرد يأخذ أشكالاً أخرى فقد دخل الحياة السياسية الفرنسية وانشغل بهموم بلاده،
وإلتف الشباب حوله حتى مماته. تأثر سارتر بأفكار هيجل وكانط وهوسرل وهيدجر، ونشر
كتابه الأول بعد عدة محاولات رفض من الناشرين وهى رواية "الغثيان" ثم توالت
أعماله منها الوجود والعدم ، الوجودية مذهب إنسانى، تعالى الأنا موجود ونقد العقل
الجدلى. كانت له مشاركات عديدة فى الكتابة للمسرح مثل الذباب، العاهرة الفاضلة
ومساجين ألتونا . انخرط سارتر فى الحرب العالمية الثانية، وعارض النظام الفرنسى فى
حربه على الجزائر وكذلك الحرب على فيتنام وكوبا، وقد ساند الماركسية وكان يرى أن
هذا المذهب ملائم جدًا إلا أنه يحتاج بعض من التعديلات البسيطة، التقى سارتر فى
خضم معركته مع الحياة بسيمون دى بوافوار فى محاولته الثانية للتقدم ليكون أستاذًا
فى الفلسفة فقد رُفض فى المرة الأولى بالرغم من أنه قدم عملاً متميزًا، وقد حصل
على المركز الأول وجاءت سيمون دى بوفوار فى المركز الثانى وقد ظل رفيقًا لها حتى
مماته وقد دفنت فى نفس قبره بعد موته بستة سنوات فى عام 1986، وفى نفس يومنا هذا
22 أكتوبر سنة 1964، رفض جان بول سارتر جائزة نوبل للآداب فقد كان يرى أن الجوائز
الأدبية بمثابة قبلة الموت للكاتب وهو يريد أن ينهى مشروعه الفكرى الذى بدأ فيه،
فقد جاء رفضًا نابعًا من إيمانه العميق بفلسفته الوجودية، وبالرغم من أنه أرسل
خطابًا للأكاديمية السويدية لإلغاء ترشيح اسمه، إلا أن كان للقدر رأى آخر فقد فاز
بالجائزة بعد أن وصل خطابه متأخرًا بعد إعلان فوزه .