السبت 18 مايو 2024

مهمة العراب الأخيرة!!

25-4-2017 | 12:31

بقلم –  حمدى رزق

عندما اسميته «العراب” لم يكذب مهمته، بل اعتبر اللقب «مناسبًا»، ع المقاس، وقابله «فرحًا”، ولسان حاله، حصلت على الجائزة أخيرا، وصار لقبه العراب سعد الدين إبراهيم، وكشفت مهماته تباعا فى مقالات وحوارات منشورة، العراب مخلصا لأجندة أمريكية إخلاص العبد لسيده، لا يتخفى منها خجلا، ولا تؤرقه حالة انكشاف أبدًا.

كثيرة هى المهمات التى اضطلع بها العراب الأمريكى فى عمق الأمن القومى المصرى منذ كان فى كرسيه قعيدا، ولكن مهمته الأخيرة التى يتحدث بها الآن صحفيا وفضائيا هى أخطر مهامه طوال تاريخه على الإطلاق، مهمة قطع بها تقاعده القسرى بعد أن نبذته ثورة ٣٠ يونيو وأخرجته تماما من الملعب، وهمشته إعلاميا، وسياسيا، واجتماعيا، بالحرف نبذته نفاية.

ضاقت به المنابر الوطنية جميعا، فالتجأ إلى المنابر القطرية المفتوحة على مصراعيها لكل من خرج من الصف الوطنى، تكافئهم جيدا، ثمن الخيانة رخيص مهما كان غاليا بأثمان السوق، مهمة العراب الأخيرة تتمحور حول إعادة الإخوان إلى المشهد المصرى تحت زعم ما يسميه «المصالحة الوطنية» التى يبشر بها كل حين، ولما أوصدت فى وجهه الأبواب جميعا، خرج بدعوته المسمومة إلى الإمارة القطرية التى تؤوى الإخوان والهاربين والفارين وكل طامع فى عطية من عطايا الأمير الشبق لاستلاب الدور المصرى.

مفضوحة مهمة العراب الأخيرة، يعلن عنها بلا خجل، العملاء عادة جلودهم سميكة مثل الإخوان، لا يخجلون، يبخ سما، يطرح طبخة مسمومة فى الأسواق الخليجية لتتسمعها الاستخبارات الأمريكية المستوطنة الإمارة القطرية، خلاصتها انتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة يؤمها الإخوان والتابعون، ويحتكم الجميع إلى الصناديق (راجع حوار العراب مع الشرق القطرية وتمعن فى الطرح الكاذب المراوغ).

ويؤسس لصفقته بأكاذيب وترهات يلبسها ثياب الحكمة من عراب عجوز، وهن العظم منه واشتعل الرأس شيبا، ولكنه لا يتوب، إن تاب العراب عرض، ومنها التعريض للإخوان، يؤلف ما يسميه حقائق، وهو كذب بواح، ويتحدث عن الحالة المصرية بساقط القول، وأوصاف العهر والهوان، وينتهى من حيث بدأ فى سجون مبارك بتمكين الإخوان من رقاب المصريين مجددا.

يروم عودة الإخوان إلى الحكم، ليس لأنه محبا أو مفتونا أو مفتتنا، بل لأن هذا هو المطلوب أمريكيا مهما تخفت منه الاستخبارات الأمريكية، فالإخوان فى حلف أمريكى نظمته الاستخبارات البريطانية منذ عقود مضت، وبين واشنطن ولندن والدوحة يتحرك العراب بين العواصم الثلاث محملا برسالة مفخخة، إعادة الإخوان إلى المشهد المصرى بأية وسيلة وبأى ثمن.

معلوم ما تم إنفاقه على تمكين الإخوان من حكم دول الربيع العربى كثير، فوق الخيال والتصور، وخلعهم فى ٣٠ يونيو بثورة شعبية فى القاهرة عاصمة الربيع العربى الكبيرة، ومهد ومركز الجماعة الإخوانية، فوق احتمال الاستخبارات البريطانية والأمريكية، خارج حساباتهم تماما أن يؤل مركز القيادة فى العالم العربى مجددا إلى قيادة وطنية تعرف تماما قدر مصر وحدود الأمن القومى العربى.

يسوؤهم ما جرى للإخوان فى صيف وطنى حار، وغير مصدقين أن الشعب المصرى خلع الإخوان كمن يخلع جوربه، وهو يرقص على أغانى عهد الاستقلال الوطنى، أيام عبدالناصر العظيم، وشبح دولة عبدالناصر تؤرق الاستخبارات البريطانية العتيدة، وتوعز للاستخبارات الأمريكية بخطورة ماثلة وستتحقق إذا ما قام على أنقاض دولة مبارك، دولة مصرية قوية متعافية على حدود الدولة العبرية.

متضامنون معا وخونة معتمدون، الاستخبارات البريطانية والأمريكية تعمدان إلى تقويض دولة ٣٠ يونيو بعمليات إجهاضية فى عمق الأمن القومى المصرى. واقتصاديا عبر تخريب متعمد لمقدرات الاقتصاد المصرى، سياحة واستثمارا وتصديرا وتحويلات، وسياسيا عبر سلسلة من التعقيدات فى العلاقات الدولية من حول خاصرة مصر، جنوبا أزمة سد النهضة، وتحرشات البشير، وغربا عبر زرع داعش بديلا للجيش الوطنى الليبى، وشرقا حيث تم توطين داعش فى مناطق التماس مع جماعة حماس الإخوانية، بحيث تجد المأوى والمرعى والكلأ من خلال الأنفاق، وفى البحر الأحمر، حيث تثور قضية الجزيرتين مع العربية السعودية، وشمالا حيث الأساطيل الغربية تتحرك وكأنها تراقب وبحذر الشواطئ المصرية تحت ذريعة منع الهجرة غير الشرعية، واجتماعيا بمحاولات تستخدم فيها الأذرع الإخوانية الإرهابية وذئابهم المنفردة فى هجمات متتالية على الكنائس المصرية لشق الصف الوطنى وإشعال فتنة هى الخطر الأكبر على مقدرات هذا الوطن، وحمدا للسماء أن إخوتنا المسيحيين فطنون لهذه الخطة الجهنمية ويتحملون الغرم، ويشيعون شهداءهم صابرين.

لماذا لا يسقط هذا البلد الكبير وينفرط عقده، لماذا لا يتزحزح هذا الرئيس الذى اختاره المصريون، لماذا لا يتكسر جيش الوطن الذى يتسلح بأحدث المنظومات الدفاعية فى العالم، لماذا لا يعلن المسيحيون غضبتهم، بل لماذا لا يخرج المصريون عن طورهم وقد هدهم الحصار، واستبد بهم العنت الاقتصادى؟!.

حاروا جميعا، واستخاروا ربهم فى واشنطن، فكان التحرك الخبيث لأذرعتهم الاستخباراتية القديمة، لخلاياهم الاستخباراتية النائمة منذ ٣٠ يونيو، أعادوا تكليف العراب بالمهمة الأخيرة فى عمق الأمن القومى المصرى، العراب يصحو من نومته القسرية جائعا شبقا.

 أمام العراب تكليف، مهمة ذات شقين، الأول إسقاط عبدالفتاح السيسى من الحكم بانتخابات مبكرة إن أمكن، أو إحياء الأمل فى نفوس الإخوان وتابعيهم فى الانتخابات الرئاسية المقبلة فى صيف ٢٠١٨، وما لقاء ذئاب الإخوان الأرقط عبدالمنعم أبو الفتوح بقيادة التنظيم الدولى فى لندن إلا تمهيدا لإعلان مرشح إخوانى فى مواجهة السيسى الصيف المقبل.

يلوح لهم العراب بمنديله أن تقدموا، لقد أفسحت لكم موطئ قدم، والشق الثانى مرتهن بالأول وهو إعادة الإخوان إلى الساحة واختبار الأرض تحت قدم نظام ٣٠ يونيو، بالرهان على تهيئة التربة الشعبية وحرثها لاستقبال لفظ المصالحة، وترويجه بضاعة، والتطبيع مع فكرة عودة الإخوان، وعلى نهجه للأسف بنية صادقة وفى الأغلب الأعم خبيثة ينسج بعض الكتاب المركوبين إخوانيا، والباحثين فى سلال قمامة مراكز الأبحاث الأمريكية، ينسجون قماشا باليا من مصانع الديمقراطية الأمريكية لستر عورة الإخوان التى تعرت فى عام الرمادة السياسية الذى حكموا فيه البلاد، وفى هذا نلمح نتفا من حديث المصالحة يسرى فى بعض المقالات وأحاديث الفضائيات ويغرق الفضاء الإلكترونى بفعل كتائب الإخوان والنشطاء.

مهمة العراب الأخيرة ستفشل حتما ككل مهماته الفائتة، مش كل الطير يتاكل لحمه، والسيسى ليس مرسى العبيط، العراب لم ينجح أبدا، مهمة العراب مستحيلة، تصطدم بوعى شعبى هائل، رافض للإخوان كجماعة وتنظيم وقيادات وأفراد، كاره لفكر الجماعة ومنطلقاتها غير الوطنية، متهما الجماعة وكتائبها المسلحة التى تربت فى حضانة التنظيم الخاص، بالقتل والتفخيخ والتفجير، مكذبا كل ما يصدر عنهم، وما يصدر عنها إلا كذب بواح، إخوان كاذبون.

المواطن المصرى الذى يكمل عشاءه نومًا، وقدره يغلى بماء قراح، يأنف أن يشرب بثمنها لبنا، يرفض إلى حدود الكراهية أن يجلس إخوانى أمامه ممدا قدميه فى وجه الوطن، أو يجلس كهنتهم كتفا بكتف مع رئيس انتخبوه وكلفوه بالقضاء على الإرهاب وعنوانه الإخوان، خاب مسعى العراب.