الجمعة 27 سبتمبر 2024

نحو رسالة إفريقية لوزارة التعليم العالى

25-4-2017 | 13:33

أ.د السيد فليفل

عقد البرلمان الإفريقى اجتماعاً استثنائياً لاستكمال بعض التعيينات فى الأمانة العامة والتى لم تخل من خلافات بين الدول والأقاليم على الترشيحات بسبب إصرار بعض الدول على اختيار الأكفأ فى الترتيب وحرص رئيس البرلمان على أن يكون الاختيار مراعياً للتوزيعات الإقليمية المعمول بها فى الاتحاد.

وأما فيما يتعلق باللجان فقد شاركت فى اجتماعات لجنة التعليم والثقافة والسياحة....، على النحو التالى:

أولا- اجتماع مشترك بين لجان الصحة والتعليم والنوع والمساواة، وكان مكرساً للتهنئة بيوم المرأة العالمى وتفعيل مقررات البرلمان الخاصة بالمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا على النحو التالي:

• إعمال القانون التأسيسى للاتحاد الإفريقى والذى ينص على مساواة الجنسين فى الفصل الثالث/١ وتمكين النساء سياسيا واقتصاديا واجتماعياً.

• إعمال إطار مابوتو ٢٠٠٣ حول «ميثاق حقوق الإنسان والشعوب» والذى صادقت عليه ٣٦ دولة بنسبة ٧٧,٧٪ من الدول الإفريقية.

• الدعوة لإنفاذ «الإعلان الرسمى للمساواة بين الجنسين» الموقع فى أديس أبابا ٢٠٠٧ والذى ينص على تقديم تقارير من الرؤساء عن الإجراءات التى اتخذوها لتمكين المرأة فى دولهم، والذى تلتزم بتقديمها أغلب الدول الإفريقية.

• الإطار المرجعى الإفريقى لسياسة المساواة بين الجنسين فى ٢٠٠٨ لضمان تمثيل المرأة فى الاتحاد الإفريقى ودوله.

• عقد المرأة الإفريقية لوضع السياسات السابقة موضع التنفيذ (٢٠١٠- ٢٠٢٠) حيث حدث تقدم حقيقى فى تمكين المرأة وفى قضايا البيئة وعمل المرأة فى الزراعة ومارس الاتحاد تذكير الحكومات بواجبها لكن لا يزال هناك تأخر كبير لدى بعض الدول فى مناهج التعامل وفقاً للأطر سابقة الذكر، كما لم تقدم بعض الحكومات مساهمات قوية لدعم مسيرة المرأة.

• الإطار الثقافى لتمكين المرأة وضمان حقوقها فى برامج التعليم ووضع أسس للتعامل مع المرأة فى حالات الصراع وفى إجراءات بناء السلم ومقاومة التجنيد العسكرى ووضع مدونة سلوك لمحاكمة المعتدين.

ثانياً- عرضت الدكتورة أجنس أتيم أبيا محاضرة حول «مدى مواءمة السياسات الوطنية تجاه المرأة مع بروتوكول مابوتو» حيث أشارت إلى تصديق ٣٧ دولة وتوقيع ١٤ دولة وامتناع ثلاث دول عن التوقيع أو المصادقة، وقد ناقشت قضية أوضاع الزواج للمرأة الإفريقية وبصفة خاصة من حيث السن ومشكلات زواج القاصرات كما أولت اهتماماً بإصابات الإيدز حيث تصاب امرأة كل دقيقة بهذا المرض اللعين، وعرضت حالات بحثية للعنف ضد المرأة حيث تتعرض امرأة للعنف كل دقيقة. كما ناقشت تردى أوضاع تعليم المرأة وأوضاع المساواة بينها وبين الرجل فى هذا المجال، ودعت إلى الإفادة من تكريس العام ٢٠١٧ للعمل من أجل المرأة لإنهاء مظاهر إهدار آدميتها أماً أختاً وزوجةً وابنة. وخلصت إلى أن إفريقيا لديها أفضل الأطر التشريعية للمرأة لكن التنفيذ شيء آخر لا يتواءم مع الأدبيات التشريعية الخاصة بالمرأة. كما أشارت إلى تمثيل المرأة فى البرلمانات الإفريقية حيث أشادت برواندا التى تمتلك أعلى نسبة لتمثيل المرأة فى برلمانها وهى ٣٧٪ (ما يؤشر على أن وضع البرلمان المصرى فى تمثيل المرأة دون نظيره الإفريقى بشكل كبير، ويجعلنا نوصى بالبحث عن التوصيات الملائمة لتعديل نسبة تمثيل المرأة فى البرلمان المصري، ولعل ذلك يكون من المسائل التى تجب مناقشتها ووضع التشريع الملائم لها قبل إجراء انتخابات عامة قادمة).

ثالثاً- تقرير عن الأكاديميات العلمية فى إفريقيا. عقدت لجنة التعليم اجتماعا لمناقشة هذا الموضوع حيث عرضت البروفيسور روزانا دياب تقريراً عن أوضاع أكاديميات العلوم فى القارة وتحدثت أيضاً عن أكاديمية العلوم بجنوب إفريقيا، وعرضت أن تقدم خبراتها للدول الأعضاء فى إشارة لافتة إلى دور أكاديمية العلوم بهذه الدولة فى وضع دور جنوب إفريقيا موضع الريادة. وقد تبين أن المنظمة الدولية لأكاديميات العلوم ومقرها باريس تضم مائة وعشرين دولة بينما أن منظمة الأكاديميات الإفريقية بنيروبى تضم فقط ٢١ دولة، وقد لاحظت من تقارير المنظمتين أن وزارة التعليم العالى تشارك على نحو أوسع فى المنظمة الدولية لأكاديميات العلوم «١٢٠دولة» بباريس وتكاد تتجاهل المنظمة الإفريقية فى نيروبي «٢١دولة»، وهذا الوضع يفتح لقوى منافسة مثل جنوب إفريقيا ونيجيريا وحتى أوغندا تصدر المشهد العلمى الإفريقي؛ ما يقتضى توجيه توصية مباشرة إلى السيد الأستاذ الدكتور وزير التعليم العالى لضمان مشاركة أكاديمية البحث العلمى والتكنولوجيا المصرية فى اجتماعات نيروبى وطرح برامج عمل مصرية للقارة فى العلوم الأساسية تضع مصر فى المكان اللائق بها. وتصدر منظمة الأكاديميات الإفريقية من نيروبى اعتمادات للبحوث والإضافات العلمية، كما تصدر تقارير ووثائق تساعد صناع القرار فى كافة المجالات ومن أبرز ما عرض «كتاب عن الضمان الاجتماعى فى الدول الإفريقية»، وهو يقدم المعلومات الأساسية لتنفيذ أجندة الضمان الاجتماعى ومجابهة التهميش الاجتماعى كنوع من دعم التنمية العامة، ولنا أن نتخيل أن مصر، وهى واحدة من أقدم الدول الإفريقية فى امتلاك أكاديميات البحث العلمى من ناحية، ووزارة الشئون الاجتماعية والتضامن الاجتماعى والتأمينات الاجتماعية من ناحية ثانية، لا تقدم هذه الخبرة لأشقائها الأفارقة.

هذا وللمنظمة الإفريقية برنامج لمساعدة الدول التى لا توجد بها أكاديميات بحث علمي، كما لها برنامج لتأسيس شبكة موحدة للبيانات والمعلومات وتبادل البحوث، فضلا عن برامج تدريب وجوائز تقدم لبحوث الطلاب فى المراحل الجامعية كلها. كما أن لدى المنظمة مؤسسة فرعية تختص بتشجيع المرأة الباحثة فى مجال التنمية Organization for Woman in Science for Developing World وقد افتتحت هذه المؤسسة فروعا لها بدول جنوب القارة بغرض دعم إسهام الباحثات فى المجال العلمى والأكاديمي.

ولعل هذا الإنجاز يمثل نموذجاً يمكن من خلاله لمصر أن تؤدى دوراً جديداً سواء لدعم الباحثات المصريات عبر برنامج خاص، أو للانخراط مع مثل هذا البرنامج.

وقد عرض الدكتور نيانج أنيورا عن المجلس الدولى للأكاديميات العلمية أوضاع هذا المجلس وهو يضم ٣١ اتحاداً فضلا عن ١٢٠ دولة عضواً، ٢٧ منها من إفريقيا، وقد تأسس المجلس فى العام ١٩٥١ بينما تأسس المكتب الإقليمى فى نيروبى فى العام ٢٠٠٥ بفاصل أكثر من نصف قرن، وأقر بأن إفريقيا «غير معروفة على مستوى العالم فى المجال العلمي» ما دفعنى إلى التساؤل: «هل حسبت مصر من بين الدول الإفريقية؟»، وهذا يقتضى منا أن نتحرك فى هذا المجلس الذى يبدو أننا نشارك فيه إعزازاً لباريس، ونمتنع عن المشاركة فى نيروبي، وأن من واجب الدولة المصرية أن تدعم توجهها الإفريقى فى المجال العلمي، وأن يشار إلى المستوى الأكاديمى المصرى وحسبان عدد الدراسات والبحوث المنشورة على المستوى الدولى باعتبارها إسهاماً إفريقياً حتى نضع أنفسنا فى المكان اللائق على مستوى القارة.

وقد ناقشت لجنة التعليم فى البرلمان الإفريقى سبل إعداد التشريعات لدعم البحث العلمى وتمويل الباحثين وسبل العمل العلمى المشترك على مستوى القارة. كما أشارت اللجنة إلى ضرورة تأسيس شبكة علمية واسعة لتنفيذ أجندة ٢٠٦٣ وبحث دور العلماء فى الإسهام فى هذه الأجندة، وكذلك دعم مشاركة العلماء الأفارقة فى الانتساب للشبكة الإفريقية للأكاديميات، وتقديم بحوثهم باسمها، ونشرها على المستوى الدولى لتصعيد الوزن العلمى لدول القارة الإفريقية، وكذلك إمداد المكتب الإقليمى لمنظمة الأكاديميات الإفريقية فى نيروبى بقواعد بيانات ومعلومات للباحثين المصريين لتوثيق مشاركاتهم إفريقياً من ناحية، وأيضاً بدعوتهم للمشاركة معاً فى إجراء البحوث المطلوبة لتنمية القارة الإفريقية.

هذا وقد لوحظ أن «تجمع السادك» يعقد اجتماعا وزاريا للبحث العلمى للدول الأعضاء تحت قيادة جنوب إفريقيا ويطرح عددا من المشاريع البحثية منها على سبيل المثال «مشروع الكيمياء من أجل التنمية الإفريقية المستدامة».

ولعل ذلك يدفعنا دفعا إلى مطالبة السيد وزير التعليم العالى بتشكيل اللجنة العلمية المصرية للتواصل مع أكاديميات البحوث الإفريقية توطئة للحاق بالمنظمة الدولية للأكاديميات فى باريس، وتنسيق الدور الإفريقى مع المنظمة الإفريقية للأكاديميات فى نيروبي، والتواصل البحثى مع الأكاديميات الوطنية ومساعدة الدول التى لا يوجد لديها أكاديمية للبحث العلمى فى تأسيس أكاديميات، وهذا يكفل لمصر دوراً جديدا فى القارة، ويضع علماءنا فى مكانة متقدمة، ويحقق الطفرة فى مكانة مصر العلمية على المستوى الدولى والإقليمى على السواء.

ونستطيع القول بأن علينا أن نغير نظرتنا إلى الأشقاء وإلى الباحثين الأفارقة، بل إنهم قد يكونون الشركاء الجدد فى دعم الدور المصرى فى إفريقيا من ناحية، وفى تغيير نظرة العالم لنا من ناحية ثانية، بل إننى أقول بأن الدول الإفريقية إن لم تتحد علمياً فلن يصلح اتحادها سياسياً. وإن مصر إن لم تتخذ موقع الريادة العلمية فلن تنال الريادة فى أى مجال آخر.

رابعاً- دارت مناقشات مطولة تحدث فيها وتداخل كثير من الأعضاء الأكاديميين حول تمويل أكاديميات العلوم ودعم الباحثين والباحثين الشبان وتدعيم صلات الأكاديميات بالمانحين الدوليين، واقترح فى هذا الصدد إنشاء آلية لتفعيل دور الأكاديميات فى خدمة برامج التنمية ومعاونة الجهات الرسمية الوطنية والإقليمية التى تطلب الخدمة العلمية، ومن المدهش أنه قد تقدمت كل من جنوب إفريقيا وأوغندا ونيجيريا للاضطلاع بالدور الريادى فى هذا المجال، ما يقتضى منا أن نتساءل وأين نحن؟

وقد اقترح أن تتقدم الدول التى ليس لديها أكاديميات علمية إلى المنظمة الأم فى باريس، والإقليمية فى نيروبي، لمعاونتها فى تأسيس الأكاديميات العلمية الوطنية. كما اقترح أيضاً أن يرفع الأمر إلى اجتماع البرلمان القادم فى مايو ٢٠١٧ بغرض دعوة الدول إلى تأسيس أكاديميات وتنسيق الجهود البحثية للأفراد ودمجها فى إطار الأكاديميات وإنشاء أجهزة لإدارة البحث العلمى وإصدار قرار برلمانى فى هذا الشأن. كما اتفق على دعوة باحثى إفريقيا لعرض بحوثهم العلمية على المجلس الدولى فى باريس وكذلك فى نيروبى مع اقتراح مشاريع بحثية وطلب التمويل الدولى والحكومي. كما اقترح عقد اجتماعات فى الأقاليم التى لا توجد بها منظمة إقليمية للأكاديميات، وكذلك عقد اجتماعات فى الدول التى لا توجد بها أكاديميات للمعاونة فى الانطلاق بالبحث العلمى عن طريق تأسيس نخبة محلية علمية يمكن أن تبدأ تأسيس أكاديمية وطنية تنال عضوية المجلس الدولى للأكاديميات والبحث العلمي، وكذلك تشجيع الدول على تأسيس أكاديميات فى التجمعات الإقليمية، مع مطالبة الحكومات بتعديل نسب إسهاماتها فى البحث العلمى حتى تستطيع إفريقيا أن تشغل مكاناً ملائماً على المستوى العلمى الدولي.