الجمعة 21 يونيو 2024

نجوم الطرب الأصيل والزمن الجميل تألقوا على المسرح الكبير

فن25-10-2020 | 09:30

مصر جميلة ، مصر جميلة  ، إنها حقا أم الدنيا ، ودائما تتمع بكل ما هو مميز ، ويجعلها دائما فى مرتبة أعلى بين الدول ، ويجعل منها مزارا سياحيا على جميع الأصعدة وذلك لحفاظها المستمر والدائم على تراثها الخاص بها الذى يجعلها دائما منارة للعالم أجمع فى جميع المجالات ، ومنها المجال والتراث الفنى والموسيقى الذى يتجسد فى دار الأوبرا المصرية ومسارحها داخل القاهرة أو خارجها، فعند القيام بزيارتها سنجد الجميع يقول علينا بميدان التحرير فهو وسط العاصمة ومنه تتفرع طرقها الرئيسية ، ومنه يمكن المضى سيرا على الأقدام إلى كوبرى قصر النيل ثم إلى أرض الجزيرة حيث يقع الصرح التراثى الفنى " دار الأوبرا المصرية " المجمع الضخم الذى يضم مؤسسات فنية  وثقافية عريقة مثل مسرح الهناجر والمجلس الأعلى للثقافة وصندوق التنمية الثقافية وغير ذلك، علاوة على المسارح الخاصة بالأوبرا ( المسرح الكبير - المسرح الصغير - المسرح المكشوف  - مسرح الهناجر وغيرها).

 وما أن ندخل هذا المكان حتى يستولى علينا الشعور بالدهشة والراحة والألفة من المساحات الممتدة والفراغات والهدوء والأشجار الخضراء الجميلة ، وتماثيل أحمد شوقى وأم كلثوم ومحمد عبد الوهاب ، مما يجعلنا نشعر بجمال المكان الذى يرحب بالجميع ولا أحد يعترض الطريق إليه ، ويجعلنا  أيضا محبين لهذا المكان ودائمين الزيارة إليه ، ونود ألا نضيع لحظة واحدة  فى هذا المكان دون الاستمتاع بها وبكل ما فيه  ، بل والعمل الدائم على تدوين كل تلك اللحظات  ، وعند الدخول إلى المسرح الكبير والنظر بتمعن إليه والاطلاع على تاريخه سنجد أن  هذا المسرح بنى  منذ البداية على أساس أنه معد للغناء الأوبرالى بكل ما يستلزمه ذلك من دقة فى توزيع الصوت ورنينه ، بحيث يصل بنسبة متساوية لكل مقعد ، هذا بجانب أن الصوت فى المسرح يعمل بنظام البلاى باك ، ودائما ما تتم رفع كفاءة المسرح وتجديد السماعات والأجهزة كلها لتصبح فاعليتها أعلى دائما وعامة هو يعتبر من أحسن وأفضل الأماكن المجهزة صوتيا وهناك شىء مهم جدا للغاية وهو ستار من الحديد الصلب يهبط ليعزل المنصة عن المشاهدين فى حال حدوث حريق ولذلك فإن المسرح الكبير بدار الأوبرا المصرية من أهم المسارح الحائزة على إعجاب كل الفرق الفنية المصرية لأنه بالمقارنة بين كل المسارح المصرية هو الأكبر و الأجمل  والأكثر بهاء ،  وهو مسرح خاص بالعروض الأوبرالية والغنائية الضخمة وجميعها تكون رسمية فهومصممم لاستيعاب 1086 مشاهدا ويرتفع لأربعة مستويات ، ثلاثة منها دائرية مرتفعة عن مستوى قاعة المسرح الأرضية  ،  ويصل كبار الزوار من الشخصيات المهمة إلى صالون الرئاسة مباشرة وتصطف المقاعد فى القاعة الأرضية فى ثلاثة صفوف متدرجة ،أما أماكن اللوج والبلكون فهى مصممة بطريقة أنيقة وتضمن للمشاهد مشاهدة جيدة ورؤية واضحة لخشبة المسرح ، ومن خلال إلقاء نظرة على التجهيزات والمعدات المجهز بها المسرح الكبير نجد أنه مجهز بكل المعدات والتقنيات المتقدمة والحديثة  فى إفريقيا والشرق الأوسط ،  ويمكن تقسيم خشبة المسرح الكبير إلى أربعة مسارح صغيرة بحيث يمكن لخشبة المسرح الرئيسية أن تتصل بالثلاث الأخريات وبهذا يمكنها أن تستوعب الأوبرات الكبيرة والعروض الصغيرة ، كما أن قاعة المسرح الكبير مجهزة بأحدث أنظمة الإضاءة وكل الأجهزة المطلوبة لإجراء أى تحويل مطلوب أثناء العرض ، كما توجد حفرة متسعة للأوركسترا متصلة بخشبة المسرح بعرض 20 م  وارتفاع 10 أمتار ، وفى الكواليس توجد غرفللملابس ومخازن ضخمة بمداخل كبيرة لدخول المعدات وتفريغها كما توجد غرفتان للآلات والمعدات الفنية. 

نجوم الطرب الأصيل والزمن الجميل تألقوا على المسرح الكبير

يظل الغناء على المسرح الكبير بدار الأوبرا المصرية هو الحلم الدائم الذى يراود كل نجوم الفن ، لم تخلُ أية مناسبة وطنية أو اجتماعية إلا بمحاولة تسجيل وتأريخ هذه المناسبة بالغناء والتألق على خشبة هذا المسرح الشهير فهو مقياس أصيل لنجاح أى فنان ، ومن أشهر المطربين الذين وقفوا على خشبة المسرح  بالأوبرا قديما وتغنى بأفضل أغانيه هو الفنان فريد الأطرش وذلك بحضور الرئيس جمال عبد الناصر الذى كان مستمعا جيدا لأغانى فريد الأطرش وكان كثيرا ما يلبى رغبة الفنان الموهوب بحضور حفلاته ، وكان ذلك فى عام   1954 ، حيث شدا الأطرش بأغنيته المليئة بالشجن " أول همسة " على المسرح الكبير بدار الأوبرا المصرية  القديمة ورافق الرئيس عبد الناصر حينها وفد كبير من رجال مجلس قيادة الثورة ، وقد أظهر الفنان فريد الأطرش موهبته فى الغناء والتلحين بنفس القدر وبنفس الكفاءة .

وأيضا تألقت الطفلة آمال فهد الأطرش ( أسمهان) على خشبة هذا المسرح عندما قرر الفنان داود حسنى أن تقف تلك الفنانة التى لم يتجاوز عمرها السابعة عشرة على خشبة هذا المسرح ليقدمها إلى المجتمع المصرى ويعلن عن ولادة نجمة جديدة واعدة فى عالم الغناء وكان هذا بمثابة دفعة قوية لفنانة فى أول طريقها وفى مثل سنها الصغيرة ، ثم عادت الفنانة أسمهان مرة أخرى عام 1941 ، إلى نفس المسرح لتتغنى بأروع أغانيها ( يا طيور ) من تلحين محمد القصبجى وتأليف الشاعر يوسف بدروسى.

وأيضا تألق الفنان محمد ثروت على المسرح الكبير بالأوبرا الجديدة  فى احتفالية فنية لفرقة الإنشاد الدينى احتفالا بذكرى المولد النبوى الشريف بقيادة المايسترو عمر فرحات ، وأبدع الفنان محمد ثروت فى هذه الاحتفالية بنخبة من ألحانه الخاصة منها " يا رسول الإنسانية - يارب أنا العبد الفانى - يا رسول الله أجرنى - صلوا عليه لتسعدوا - سألتك غفر ذنبى " إلى جانب مختارات من الأناشيد والابتهالات الدينية التى تحتفى بهذه المناسبة وتعبر عن مكارم الأخلاق والتعاليم السمحة للدين الإسلامى منها " شفيع الأنام - متجمعين عند النبى   لمحمد الموجى - القلب يعشق  لرياض السنباطى - وأيضا  لأجل النبى لمحمد الكحلاوى " وحضر هذا الحفل عدد كبير من سفراء الدول العربية والإسلامية  ، وعدد كبير من الإعلاميين وكبار الكتاب والنقاد ،احتفالا بهذه الذكرى العطرة .

وقدم على  المسرح الكبير أيضا عروضا ل لباليه " كارمن " ، " تانجو " وقدمتها فرقة باليه أوبرا القاهرة بمشاركة أوركسترا أوبرا القاهرة بقيادة المايسترو " ستيفانو سالفاتورى "

كما قدم أيضا على خشبة هذا المسرح  حفلا كبيرا جمع بين نجوم الأوبرا المصرية والصينية ، بعنوان " صوت النيل " وأحيا هذا الحفل نجوم فرقة  أوبرا القاهرة بالاشتراك مع نجوم الغناء الأوبرالى بدار الأوبرا الصينية القومية بمصاحبة عازفى البيانو الإنجليزى ديفيد هيليز والصينى  لى ديينج وتم  تقديم باقة من أهم وأجمل مختارات الأوبرات العالمية الشهيرة وثنائيات غنائية لكبار المؤلفين الموسيقيين منها " روميو وجوليت  والحفل التنكرى وأوبرا عايدة وكارمن لجودو " ، إضافة إلى عمل صينى بعنوان " أحب الصين "للمؤلف الصينى "زينج كيفينج " وأداها نجوم الغناء الأوبرالى من مصر والصين .

وقديما وحديثا فقد خصص هذا المسرح لأكبر العروض الرسمية  والباليهات والأوبريتات المصرية والعالمية وحفلات الفرق المصرية الكبيرة مثل فرقة الموسيقى العربية ، وأوركسترا القاهرة السيمفونى ، والفرقة القومية للموسيقى ، ومؤلفات الموسيقى الكبير عمر خيرت ، وأيضا قدم على هذا المسرح  روايات لشكسبير , وفرقة "شو بوت" الأمريكية المسرحية ، والبولشوى الروسى .

الكواليس 

الكواليس جمع كالوس وهو العالم الخفى الذى لا نراه من مقاعد المشاهدين، عندما نتسلل إلى كواليس المسرح الكبير قبيل أحد العروض تغمرنا الدهشىة لهذا العالم، حركة دائبة لموسيقيين وفنانين يسيرون بهمة حاملين آلاتهم المختلفة ، وصغار من مدارس الباليه يأتون أطفالا عاديين وسرعان ما يتحولون إلى جنود حماسية غريبة يزهون بملابس العرض الملونة والبنادق والسيوف التى لا تحرق ولا تقتل ولا تجرح ويتقافزون متدربين على ما سيقدمونه لجمهور سيغمرهم بحرارة التصفيق ، ونختلص النظر من وراء الستار المغلق إلى الصالة فيتصاعد بداخلنا التساؤل كيف يتحمل الفنانون هذه الرهبة وهم يواجهون هذه الصفوف والطوابق المتتابعة ذات الشرفات ، والأبصار والأسماع التى لا تقتنع إلا بما يقارب الكمال فى الأداء إن لم يكن كمالا . 

    الاكثر قراءة