لا تزال أحدث الثامن والعشرين من يناير عام 2011 محفورة في ذهن " محمد السيد" ابن 31 عام، لكونه أحد المتظاهرين الذين احتشدوا فى ذلك اليوم لإنهاء نظام الرئيس السابق محمد حسني مبارك، فلا يزال يتذكر "السيد" لحظات حمل المصابين على دراجته النارية لاسعافهم قبل أن يلفظوا انفاسهم الاخيرة، تطرق فى مخيلة محمد الملقب بـ"دينامو" من آن الى آخر احداث ممزوجة بالالم والحزن على فراق الاصدقاء او لأرواح لم يكن يعلم عنهم شيئا غير انهم رفقاء في النضال من اجل إنجاح الثورة، فلا يخفى عليه حين كان يتشبث المصابون بملابسه وهم غارقون فى دمائهم لافظين انفاسهم الاخيرة، امام عينيه التى شاهدت الكثير من تضحيات وأنين خالدة في اذهانه لا يجرفها الزمن، في ذكرى يفتخر بها المصريون خلال الـ 6 أعوام الماضية.
ذكرى لا تنسى
"عمري ما هنسي يوم 28 يناير ابداً واللي شفته فيه من احداث غيرت حياتي تماماً" – بتلك الكلمات بدلنا محمد السيد حديثه قائلا " انا اليوم ده كنت نازل كمصور صحفي عشان ارصد الاحدث وكان معايا الموتوسيكل بتاعي بدأنا نتحرك من مسجد الاستقامة فى الجيزة الى ميدان التحرير، بس لما شفت عدد المصابين كتير سبت التصوير بدأت ارفع المصابين على الموتوسيكل، لانى واخد كورس فى الاسعافات الاولية وده ساعدني كتير فى اسعاف المصابين" لافتا الى انه كان يقوم بحمل المصابين الى اقرب عربة اسعاف او نقطة طبية بالقرب من ميدان التحرير، حيث كانت اعداد المصابين كثيرة واغلبها حالات حرجة نتيجة إصابتهم بطلق ناري او خرطوش .
إصابته فى أثناء الإسعاف
وأوضح " السيد" انه اثناء حمله لاحد المصابين اصيب بخرطوش بمنطقة الظهر، ولكن لم يشعر باصابته لا بعد اسبوع لأنه ظل فى الميدان يساعد المصابين خلال تلك المدة دون ان يعود الى منزله غير عابئ مما سيحدث له، مضيفاً " محستش باصابتي خالص لا بعد اسبوع لاني كنت مندمج فى مساعدة الناس المصابة، وفكرت لما اصحابي كانو بيستنجدوا بيه عشان اسعفهم ويقولوا لي متسبناش لوحدينا، احساس صعب انه يتوصف انى اشوف صاحبي غرقان فى دمه ومتصاب وماكنش جنبه واشيله على كتفي عشان اسعفه".
الشعور بالرهبة والذهول
ويصف "دينمو" مشاعره حين رأى احد الشهداء لأول مرة بأنه إحساس رهيب اصابه بالذهول ولم يكن مصدقاً ما رأى، لكونها المرة الاولى التي يرى فيها شهيدا منذ إطلاق التظاهرات بميدان التحرير.
قاموا وناموا
ويرى "السيد" أن الثورة لم تثمر كثيرا فى تغير مفاهيم وثقافة الشعب ، وانه يشعر بالقهر على ارواح الشهداء وضحايا الثورة لعدم رؤية التغيير المنشود، مستطردا: " الشعب متغيرش ولا في ثقافته ولا فى فكره، الشعب قام ونام تاني مغيرش من نفسه ولا طور منها حاجة، بس رغم كده انا شايف اللي جاي احسن بكتير، بس الشباب ياخدوا فرصتهم الحقيقية، ساعتها هيكون في تغيير بجد وللاحسن، بتمنى الايام اللي جاية تبقى افضل من دلوقتي".