هل كانت الأوبرا مسكونة بالعفاريت؟
الملك الصالح.. فى غرفة النوم!
وهل هناك
حكاية نبدأ
بها، أكبر
ولا أفجع
من حكاية
دار الأوبرا، التى
احترقت برمتها
منذ أيام؟
فى الصباح
الباكر من
ذلك اليوم،
ايقظنى الصديق
إبراهيم الوردانى، فيقول
لى: أعزيك
فى دار
الأوبرا.. إنها تحترق
الآن؟
وهرعت إليها..
ووجدتها تحترق!
ذكريات مائة
سنة من
الفن، تحترق..
تتحول إلى
رماد.. تصبح خرابا
وبابا..
كانت لى
فيها ذكريات
مريرة.. أخرها، عامين،
مشاركا فى
ذكرى الزعيم
النبيل محمد
فريد.
ولى فيها،
من أيام
الشباب، ذكريات
طويلة عريضة،
حين كنت
أسهر هناك
كل ليلة.
كان مديرها
يومئذ، المرحوم
سليمان نجيب،
ووكيلها، المرحوم
صلاح ذهنى..
وقد أحببتها
فى ذلك
العهد، حتى
أصبحت جزءا
من حياتى
اليومية.. أحببت كل ما
فيها، حتى
“دهليزا الرعب”
الذى سأحدث
عنه القراء..
وأحببت كل
من فيها..
حتى عباس
وعصفور، وهما
من خدامها
الأمناء المخلصين.
وشهدت على
خشبتها أمجاد
الاسكالا دى
ميلاتو والكوميدى فرانسيز
والفرقة القومية..
لا الفرقة
القومية الحالية..
بل الفرقة
القومية القديمة، التى
كانت تقدم
روائه شيكسبير
وكورنيى وراسين
وموليير وشوقى
ومطران، حينما
كانت هذه
الفرقة تحتضن
المع النجوم
فى تاريخ
مصر..
نجوم فرقة
رمسيس، ونجوم
فرقة جورج
ابيض، ونجوم
فرقة فاطمة
رشدى، والخريجون الأوائل
لمعهد التمثيل..
وكان مديروها
هم توفيق
الحكيم، ثم
خليل مطران،
ثم الدكتور
فؤاد رشيد.
رحم الله
دار الأوبرا..
أنها لم
تزل مدان
حديثنا منذ
ساعة احترافها حتى
هذه الساعة..
فى كل
ندوة.. فى كل
مجتمع.. فى كل
ناد.. فى كل
سحوة.. وحتى فى
الاحلام.
رحم الله
دار الأوبرا..
لقد بنيت
مع قناة
السويس، وكأنما
أرادت أن
تحترق حدادا
على شقيقتها
القناة، التى
أغلقها العدوان
الظالم..
كأنما أرادت
أن تحترق،
لتشمل ولم
يكن له
سكن إلا
سكنه فيها،
لسنوات طويلة.
هذا هو
الوحيد الذى
لم يشك
يوما ما
من عفاريت
الأوبرا .
كان يسمع
حكايات العفاريت من
بعض موظفى
الأوبرا وعمالها، فينهرهم
بشدة، ويأمرهم
بالا يرددوا
هذه الحكايات أمام
الممثلين وغيرهم
ممن يتعاملون مع
الأوبرا، مخافة
أن يحجموا
عن العمل
فيها، أو
التعاون معها،
أو أن
تتسرب الاشعات
إلى خارج
الدار فتسرى
بين الجماهير، فتحجم
هى الأخرى
عن دخول
الأوبرا.
ترى... هل
هذه العفاريت هى
التى أحرقت
الدار.. أو أنها
احترقت معها!
وآخر حكايات
هذا الأسبوع، فى صنبورنا
نار الثأر
لشقيقتها القناة.
وقد أشتغل
الثأر، وآن
أوان الوفاء.
فى رواق الحكيم
فى رواق
الحكيم.. يوم الجمعة
الماضى.. برواق سميراميس،
استأثر حريق
الأوبرا بكل
الحديث.
وقال واحد:
وهل كان
معقولا أن
تحترق هذه
الدار برمتها،
وهى ملاصقة
للمركز الرئيسى، لمطافئ
العاصمة؟
وقال آخر:
وهل كان
مقبولا أن
يكون هناك
تقرير خطير
من رجل
من المسئولين عن
الحرائق فى
القاهرة، منذ
عدة سنوات،
يقول فيه
أن هذه
الدار معرضة
للحريق الكامل
فى أية
لحظة، ثم
لا تتخل
بداخلها جميع
الاحتياطات لتجنبه
آثار هذا
اليوم الحزين؟
سلسلة من
الأسئلة.. ولا تجد
جميع أنواع
العطور والمساحيق الخ..
وكان الخديو
إسماعيل، إذا
أعجبته ايه
ممثلة على
المسرح، استدعاها إلى
هذه الغرفة
فى فترة
“الانتراكت” وضحك
خورشيد بك
مرة أخرى،
ثم تابع
قصته:
- ولما مات
الخديو إسماعيل، خلفه
الخديو توفيق،
وكنت أعمل
عنده كمدير
للركائب، وكان
يأخذنى معه
أحيانا إلى
الأوبر، ومن
لم أتيح
لى أن
أعرف قصة
الباب السرى،
وغرفة النوم،
فلما مات
توفيق، وخلفه
عباس الثانى،
وكان فى
مثل سن
فاروق عند
توليه الحكم،
بدأ هو
الآخر بصلاة
الجمعة فى
المساجد، وهتف
الناس له:
يحيا الخديو
الصالح .
وضحك خورشيد
بك المرة
إلا جوابا
واحدا: لقد
احترقت الأوبرا..
وأنتهى الأمر!
مورو .. ملقنا
والفنانة الكبيرة،
زينب صدقى،
أنها تذكر
وقفتها الأولى
على مسرح
الأوبرا، سنة
1923.. مع
فريق من
الهواة.. كانوا جميعا
يومئذ طلبة
فى مدرسة
الطب- قبل
أن تصبح
كلية- ليقدموا
مسرحية “طبيب
رغم أنفه”.
وذكرت لى
زينب أسماء
الذين وقفوا
معها على
المسرح يومئذ..
وأكثرهم ممن
أصبحوا بعد
ذلك أعلاما
فى مجال
الطب فى
مصر.
كان منهم
الدكتور فؤاد
رشيد، والدكتور مجدى،
ووو... الخ .
وأما الملقن،
فهل تعرفون
من كان؟
كان الجراح
العظيم، الدكتور
عبد الوهاب
مروو!
تقاليد الأوبرا
وكان المرحوم
سليمان نجيب
هصبيا إلى
أبعد حد..
كانت للأوبرا
فى عهده
تقاليد صارمة.
وكان أقل
خروج على
هذه التقاليد كفيلا
بأن يشير
أعصابه ويحوله
إلى عاصفة
هوجاء .
وأذكر أننى
ذات مرة
رايته تأثرا
ثورة عارمة،
يصبح بأعمالى
صوته فى
وسط صالة
الأوبرا: ياناس..
ياهوه.. ياعالم.. تعالوا
اتفرجوا!
وهرعنا إليه-
المرحوم صلاح
ذهنى والأستاذ شكرى
راغب، مدير
المسرح، وأنا.
وإذا به
يشير إلى
أسرة تحتل
عدة مقاعد
فى الصالة،
وأمامها “حلة
محشى” و
“حلك سمك”
وأفرادها يأكلون
من هذه وتلك،
ويلقون بالبقايا على
الأرض، ويمسحون
أيديهم فى
قطيفة المقاعد
التى أمامهم!
وصاح سليمان
نجيب قائلاً:
- قال إيه..
الحكومة بتصرف
تلاتين الف
جنيه كل
سنة على
ترقية المسرح..
مش الأولى
بها أنها
تصرف هذا
المبلغ على
تربية جمهور
المسرح!
دهليز الرعب
وفى بيت
فريد الأطرش-
الذى عاد
أخيرا من
لبنان ليقضى
فترة البيات
الشتوى تحت
شمس القاهرة
الدافئة.. اجتمعنا- نحن
أعضاء مجلس
إدارة جمعية
المؤلفين والملحنين- مع
الأستاذين عبد
الحليم نويرة
ومحمد سالك،
لتدارس وسائل
التعاون بين
الإذاعة والتليفزيون، وبين
المؤلفين والملحنين.
وقضينا ساعتين،
نسينا خلالهما
مشاكل التأليف
والتلحين، وكاد
الحديث يقتصر
على مأساة
الأوبرا.
وهناك حكايات
كثيرة، يرددها
الذين عاشوا
فى خلفيج
الأوبرا، وارتادوا كواليسها،
منذ سنوات
طويلة، من
“العفاريت” الموجودة فى
هذه الدار.
والواقع أننى
كنت أسمع
كثيرا عن
هذه العفاريت، ولا
أصدق ما
أسمع، دون
أن أخفى
أننى أشعر
بشيء من
الخوف- مجرد
الخوف- كلما
عبرت “دهليز
الرعب” الواقع
على شمال
الداخل من
الباب الخلفى
للأوبرا .. وهو دهليز
طالما شكت
منه فتيات
الكورال اللاتى
تقع غرفة
تدريبهن عند
هذا الدهليز، وطالما
طالبن بنقل
غرفتهن إلى
مكان آخر
يميد عن
هذا الدهليز
.
ولكن عبد
الحليم نويرة
بقسم أنه
رأى العفاريت بعينى
رأسه فى
دورات مياه
الأوبرا، وأن
أحدها قد
مسه فى
كتفه مسا
غير رفيق...
وأن حكاية
هذا العفريت
تكررت مع
غيره من
الزملاء .. رأى النار
تتوهج فى
عيون أربعة
من العفاريت، مرة
واحدة!
صديق العفاريت
ويبدو أنه
لم يكن
لهذه العفاريت إلا
صديق واحد،
هو الاستاذ
شكرى رغب،
مدير المسرح
العتيد، الذى
كان يقيم
بدار الأوبرا
اقامة دائمة،
ليل نهار، ولم
يكن له
سكن إلا
سكنه فيها
لسنوات طويلة.
هذا هو
الوحيد الذى
لم يشك
يوما ما
من عفاريت
الأوبرا كان
يسمع حكايات
العفاريت من
بعض موظفى
الأوبرا وعمالها، فينهرهم
بشدة، ويأمرهم
بالا يرددوا
هذه الحكايات أمام
الممثلين وغيرهم
ممن يتعاملون مع
الأوبرا، مخافة
أن يحجموا
عن العمل
فيها، أو
التعاون معها،
أو أن
تتسرب الاشاعات إلى
خارج الدار
فتسرى بين
الجماهير، فتحجم
هى الأخرى
عن دخول
الأوبرا.
ترى... هل
هذه العفاريت هى
التى أحرقت
الدار.. أو أنها
احترقت معها!
وآخر حكايات
هذا الأسبوع، حكاية
سمعتها سنة
1937، وأنا
بالجامعة.
كنت أجلس
فى ذلك
العهد، كل
ليلة، مع
أدباء الشباب
فى قهوة
“ريجينا” بشارع
عماد الدين...
وكان ادباء
الشباب يومئذ،
هم توفيق
الحكيم وحسين
فوزى ومحمود
تيمور وإبراهيم ناجى
وأبناء جيلهم.
وكان لنا
صديق كبير،
اسمه “محمد
بك خورشيد”...
رحمه الله
عليه.
كان رجلا
تركيا لطيف
المعشر، يحب
الأدب، ويكتب
- غالبا بالفرنسية. بعض
المسرحيات الناعمة
التى لا
تصلح للمسرح.
وكان قيل
أن يتقاعد،
مديرا للركاب
الخديوية،و فى
عهد الخديو
توفيق، ثم
فى عهد
الخديو عباس الثانى.
وحينما روى
لنا هذه
الحكاية التى
سأرويها للقراء
- فى سنة
1937 - كان
الملك فاروق
فى أول
عهده بالحكم.
وكانت لا
تفوته صلاة
الجمعة فى
المساجد الكبرى.
وكان الشعب
فرحا بهذه
الظاهرة... وكان يهتف
له فى
ذهابه وإيابه:
يحيا الملك
الصالح وجاءت
سيرة الملك الصالح،
وتحن نتسامر
بالليل فى
قهوة ربجيناً.
وشحك خورشيد
بك.. ضحك ضحكة
طويلة، ثم
قال:
- عيب هذا
الشعب، أنه
يستعجل الأمور
دائما، ولو
انتظر سنة
أو سنتين،
لتكشفت له
حقيقة هذا
الملك الصالح.
وسكت قليلا،
ثم استطرد
يقول :
- أننى أعرف
تاريخ هذه
الأسرة جيداً.
أعرف أنه
لا يمكن
أن يخرج
منها ملك
صالح ثم
روى لنا
الحكاية الآتية:
- عندما بنى
الخديو إسماعيل
دار الأوبرا، جعل
فى مقصورته
بابا سريا
مؤديا إلي غرف
نوم ؟؟؟
وراء المنصورة.. فرقة
نوم نيقة
مجهزة بافخر
ئياب النوم
، للرجل
والمراة ، وبها
حمام ، وفيها
جميع انواع
العطور والمساحيق الخ...
وكان الخديو
إسماعيل، اذا
اعجبتة ايه
ممثلة علي
المسرح، استدعاها إلي
هذه الغرفة
ف الفترة
الانتراكت وضحك
خورشيد بك
مرة أخر،
ثم تابع
قصتة:
- ولما مات
الخديو إسماعيل، خلفة
الخديو توفيق،
وكنت اعمل
عنده كمدير
للركائب، وكان
يأخذني معه
أحيانا إلي
الأوبرا ومن
ثم اليح
لي أن
أعرف قصة
الباب السري،
وغرفة النوم.
فلما مات
توفيق، وخلفه
عباس الثاني
، وكان
في مثل
سن فاروق
عند توليه
الحكم، بدا
هو الاخر
بصلاة الجمعة
في المساجد، وهتف
الناس له
يحيا الخدوي
الصالح وضحك
خورشيد بك
للمرة الثالثة، ثم
مضي بفص
بقية القصة:
وذات ليلة،
ذهب إلي
الأوبرا، والخذئي
معه، والاحظ،
وجود هذا
الباب، فسالني
عنه، فابتسمت
متحرجا، فلما
الح، رويت
له القصة
كاملة، فارغي
وازبد، وقال
ان هذا
عيب وحرام،
ومخالف للدين،
وامر بسد
هذا الباب
بالطوب والحجارة، ومرت
الايام...
وعد عامين
ذهبت معه
إلي الأوبرا، فاذا
بالباب قد
فتح مرة
أخري فضحكت
فسالني لماذا
اضحك، فقلت
له وانا
اشير إلي
الباب الباب
وجع يا
افندينا ؟ فضحك
عباس، وقال
لي ياخورشيد بك..الدنيا كده
... زمان
كنا عيال
ما كناش
فاهمين حاجة!
وعقب خورشيد
بك علي
هذه الحكاية
يقوله:
- ولان.. تسمون
فاروق الملك
الصالح! انتظرو!...
وانتظرنا.. واذا
فاروق..
شر من
عباس.. وشر من
توفيق ... ولا يعدله
في قسوتة
الا جدة
إسماعيل؟
قرات هذا
الاسبوع
عراة علي
ضفة الشهر:
مجموعة من
المقصص القصيرة
الحزينة، كلها
بكاء علي
ارض فلسطين
الطاهرة السليبة، للاديب
صالح ابو
اصبع، واهداؤها “إلي
والدي في
الارض المحتلة
الذي انشانا
علي حب
الارض والبندقية والكلمة
نداء المؤمنين
في القرآن
الكريم دراسة
علمية في
التشريع والسلوك
الاجتماعية وسائر
مظاهر الحياة
الفاضلة، للكاتب
الشاعر أحمد
عبد اللطيف
بدر
كلاب القرية
مجموعة من
القصص السودانية التي
ترسم صورا
ملونه للمجتمع
السوداني، للأديب
السوداني أبو
بكر خالد
شمشون
ودليلة: مسرحية
من الشعر
الجديد في
ست لوحات
لشاعر المقاومة معين