الخميس 16 مايو 2024

دار الأوبرا المصرية تحتضن السينما وترعاها وتساعد على نشرها

فن25-10-2020 | 12:21

تتميز السينما، عن باقي الفنون بأنها تجمع داخلها كل هذه الفون، فالفيلم السينمائي، يحوي بداخله الموسيقى، التي قد تتكون علي شكل موسيقي تصويرية أو أغانٍ، أو حوار غنائي، كما في الأفلام الموسيقية ، وكذلك  الفنون التشكيلية التي تظهر في تكوينات الإضاءة، والديكور الذي ينتمي في أجزاء منه إلي العمارة، يضاف إلى ذلك بالطبع، الدراما والحكي وفن التمثيل.

لذلك فإن دار الأوبرا المصرية، اهتمت بالسينما منذ نشأتها واحتضتها بقوة،،واحتفالا بالذكرى الستين للأوبرا، سنتعرض لبعض مظاهر اهتمام دار الأوبرا بالسينما، الذي بدا جليا، باحتضانها لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي،والعديد  من دوراته، التي أقيمت  حفلات افتتاحها وختامها، على المسرح الكبير،  لسنوات طويلة، خاصة في السنوات الأخيرة،، فيما عدا الدورة الثامنة والثلاثين، التي أقيم فيها حفل الافتتاح في قاعة الماسة، إلا أنها لم تحقق النجاح الذي يتحقق عادة في دار الأوبرا، وهو ما بدا بوضوح عند عرض فيلم الافتتاح، "الجبل بيننا "، للمخرج الفلسطيني هاني أبو أسعد، بطولة إدريس ألبا وكيت وينسلت، حيث شهد العرض مشاكل تقنية، جعلت الجمهور ينسحب منه، وأبدي المخرج استياءه بشدة،  بينما لا يحدث ذلك في عروض الحفلات التي تقام بالمسرح الكبير، لذلك عادت حفلات الافتتاح والختام إلي دار الأوبرا، في الدورتين التاسعة والثلاثين والأربعين، وهي الدورة الأخيرة ، حيث افتتح المهرجان في دار الأوبرا وعرض فيلم "الكتاب الأخضر " دون أي مشاكل،  وهو من إخراج بيتلر فاريلي،  ومن المقرر أيضا، أن يشهد المسرح الكبير بدار الأوبرا حفل افتتاح الدورة الثانية والأربعين، والذي سيعرض فيه الفيلم المنتظر "ذا إيريش مان"، من إخراج مارتن سكورسيزي، وبطولة آل باتشينو، وروبرت دي نيرو، وجو بيشي، من إنتاج "نتفليكس".

وخلال السنوات الماضية كانت دار الأوبرا بمختلف قاعاتها ومسارحها تستقبل كل عروض أفلام المهرجان، خاصة فيما بعد ثورة يناير 2011، وتردي الحالة الأمنية، حيث قررالمسئولون من وقتها عرض كل أفلام المهرجان  في الأوبرا، مع بعض العروض القليلة  في دور عرض خارجية، حيث تستقبل قاعات ومسارح الأوبرا ما يزيد على  مائة وعشرين فيلما في مهرجان القاهرة  كل عام، واصبحت مكان تجمع لجمهور المهرجان من السينمائيين والمهتمين المصريين والعرب والأجانب،  بما يتضمنه المهرجان من أفلام وندوات وتكريمات  وورشا وسوقا للفيلم..

دار الأوبرا أيضا كانت تستقبل مهرجان  سينما الطفل، الذي أقيمت منه 22 دورة ، كان آخرها عام 2015 برئاسة سهير عبد القادر قبل أن يتوقف تماما بدون أسباب واضحة، وتستقبل الأوبرا سنويا أيضا المهرجان القومي للسينما، والذي يماثل جوائز الأوسكار  في أمريكا، حيث يتسابق على جوائز المهرجان، جميع الأفلام المصرية الروائية الطويلة والقصيرة والتسجيلية التي أنتجتها السينما المصرية كل عام. وكذلك تستقبل الأوبرا مهرجان "جمعية الفيلم السنوي"، والذي تتنافس فيه سبعة أفلام مصرية كل عام، يتم اختيارها في استفتاء يشارك فيه عدد كبير من نقاد السينما المصريين.

إضافة لذلك هناك مجموعة من المهرجانات الصغيرة التي تستقبلها دار الأوبرا بشكل دوري، مثل مهرجان "فاتن حمامة" لأفلام الشباب برئاسة المخرجة الشابة ماجي أنور،  و"ملتقي أفلام الرسوم المتحركة"، الذي يقام بشكل سنوي وتقيمه جمعية الرسوم المتحركة المصرية، في محاولة للنهوض بهذا النوع من السينما الذي لا يزال يحبو في مصر، مقارنة بما يقدم في دول العالم.

ولا يقتصر دعم دار الأوبرا للسينما على احتضان مهرجان القاهرة السينمائي وغيره من المهرجانات السينمائية فقط ، بل يتعدى ذلك لفاعليات كثيرة ، كان من أهمها، "نادي سينما الأوبرا"، الذي كان يقيمه الناقد السينمائي الكبير رفيق الصبان، لسنوات طويلة أسبوعيا بالمسرح الصغير، وتمكن  محبو السينما من خلال هذا النادي من مشاهدة نوادر سينمائية، كان الصبان يأتي بها من مكتبته الخاصة، وكان يهتم بعرض أفلام تساعد محبي السينما علي قرءة الأفلام وتذوقها، حيث كان يفتح مناقشة بعد كل فيلم، لكافة عناصره، وكان ينقل خبراته لمرتادي النادي، مما ساعدهم كثيرا علي كيفية الاستمتاع بالأفلام ومشاهدتها بعين نقدية مختلفة، كما كان حريصا أيضا علي عرض المدارس المختلفة للسينما العالمية، والمخرجين الكبار، أمثال فرانسيز فورد كوبولا، وستانلي كوبريك، وسبيلبرج، وسكورسيزي، وفلييني، وكارلوس ساورا، وجودار ، وزفاتيني، ودي سيكا،  وغيرهم من المخرجين، الذين شكلوا مدارس خاصة ، ولا تزال افلامهم تلقى إعجاب السينمائيين في كل أنحاء العالم.

ولم تنته فكرة نادي السينما بوفاة الناقد الكبير رفيق الصبان، بل استكمله بعده لأسابيع قليلة الناقد السينمائي وليد سيف، وعرض عددا من الأفلام المصرية والعالمية،  قبل أن يأخذ النادي أشكالا أخرى، ونوعية ، حيث تواجدت السينما الأفريقية من خلال "نادي السينما الأفريقية"، الذي يقام  في السبت الأول من كل شهر بسينما الهناجر بدار الأوبرا، بالتعاون مع مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية، برئاسة السيناريست سيد فؤاد، وتعود أهميته، إلي أنه يعد النافذة الوحيدة التي يتمكن خلالها  جمهور القاهرة من مشاهدة السينما الأفريقية، التي تتطور عاما بعد عام، وإقامة ندوات تناقش حال السينما الأفريقية، وتاريخها، بحضور سينمائيي هذه الدول وجالياتهم، وكان آخر الأفلام المعروضة في نادي السينما الأأفريقية، الفيلم السوداني "ستموت في العرشين"، للمخرج أمجد أبو العلا ، والذي فاز بجائزة  أحسن عمل فني أول في مهرجان فينيسيا، كما فاز بالجائزة الذهبية الكبرى في مهرجان الجونة السينمائي  في نسخته الثالثة 2019.

كذلك تشهد الهناجر، نادي "سينما البحر المتوسط" بالتعاون مع مهرجان الإسكندرية لسينما البحر المتوسط،  برئاسة الناقد السينمائي الأمير أباظة،  والذي يقام الاثنين الأخير من كل شهر،  وتعرض فيه أهم الأفلام التي عرضت في مهرجان الإسكندرية، وخاصة التي حصلت علي الجوائز، حتي يتاح لجمهور القاهرة مشاهدتها، لمتابعة هذه السينما التي ننتمي إليها، ولكن الكثير لا يتسني له متابعتها بسبب سيطرة السينما الأمريكية علي دور العرض المصرية.

هناك أيضا نادي الأفلام المستقلة، والذي يقام في السبت الأول من كل شهر بالتعاون مع المركز القومي للسينما، حيث يمنح كثيرا من المخرجين الشباب، فرصة لعرض أفلامهم ومشاهدتها من قبل الجمهور، الذي بدأ بالفعل يهتم بهذه النوعية من الأفلام المستقلة  التي تحقق أحلام أصحابها السينمائية بعيدا عن شروط الإنتاج والتوزيع في السوق المصري، والتي لا  تسمح لهم بعرض أفلامهم،  ولا يكتفي  النادي بعرض الأفلام، بل يتبع العرض بندوات ، يتمكن فيها الجمهور من مناقشة اصحاب هذه الأفلام حول مشروعاتهم، إضافة لمناقشة مشاكل هؤلاء الشباب، واقتراحاتهم لحلولها، في حضور كثير من السينمائيين الكبار، مما يمنح الفرصة للاحتكاك وتبادل النقاشات والخبرات.

من نوادي السينما المهمة أيضا التي تستضيفها دار الأوبرا، "نادي سينما الطفل"، والذي بدأ في السنوات الأخيرة، ليعوض غياب هذا النوع من دور السينما العامة، نظرا لأسباب إنتاجية وتوزيعية، خاصة مع توقف مهرجان القاهرة لسينما الطفل، ويشهد النادي الذي يقام في الهناجر أيضا، إقبالا كبيرا من الأطفال الشغوفين بمشاهدة سينما خاصة، وقد عرض النادي أفلاما مهمة منها  فيلم "مشبك شعر" للمخرجة  عطية عادل خيري، وهو أول فيلم تحريك مصري للطفل، ينفذ بتقنية الجرافيك ثلاثي الأبعاد.

هناك أيضا نادي سينما ذوي القدرات الخاصة، والذي يهتم بعرض أفلام عن قضايا ذوي الاحتياجات الخاصة وقصص تحدياتهم والمشاكل التي تقابلهم .

إضافة إلي كثير من الأنشطة السينمائية الأخرى مثل أسبوع الفيلم الفلسطيني، الذي يشهد إقبالا كبيرا من الجمهور الراغب في متابعة السينما الفلسطينية،  التي لا تعرض سوي في المهرجانات أو الجمعيات السينمائية المتخصصة، وكذلك أسبوع السينما الصينية التي تطورت كثيرا في السنوات  الأخيرة.، إضافة لأسبوع السينما الهندية، الذي يعرض الوجه الآخر للسينما الهندية،  التي لا يعرف الجمهور المصري سوى التجاري منها.

كل هذه الأنشطة السينمائية التي ترعاها دار الأوبرا المصرية، تؤكد على تكامل الفنون ، ودور دار الأوبرا في احتضانها جميعا بما فيها "السينما" ذلك الفن الساحر الذي لا يمكن تجاهله كأحد أبرز الفنون الراقية