الأحد 26 مايو 2024

الحريق الذي هز عالم الأوبرا

فن25-10-2020 | 12:36

الفيلم السينمائي الوحيد لحريق الأوبرا المصرية الخديويةعام 1971، في إطار تحقيق تاريخي من أرشيف الصور ومشاهد سينمائية هي الوحيدة في العالم أثناء الحريق  ومعلومات ولقاءات حية مع فناني الأوبرا وشهود الحادث.

قادني عشقي للصورة لجمع آلاف الأفلام الفوتوغرافية والصور والوثائق المكتوبة عن الأوبرا الخديوية والسينماالمصرية وعن الفن المصري بشكل عام يعود بعضها إلى عام 1890م وما بعده قادني هذا العشق إلى إنتاج هذا الفيلم الذي لم أستطع بيعه إلى الآن ولكنني فخور به لأقصى درجة.

يحوي فيلم (حرق أوبرا القاهرة) معلومات غاية في الأهمية ولقاءات مع أهم فناني الأوبرا الخديوية.

حريق الأوبرا المصرية الخديوية الذي جرت وقائعه فجر يوم 28 أكتوبر عام1971،وأتى بالكامل على هذا المبنى الجميل ( بما فيه من ملابس وديكورات وإكسسوارات العروض التي تمت على خشبته منذ أنشأه عام 1869 الخديو إسماعيل( 1879 ـ 1892) بمناسبة افتتاح قناة السويس ، وقام ببنائه المهندسان المعماريان الإيطاليان "أفوسكاني" و "روسي" كان حدثا مهولا هز العالم المتمدين ، وكل من له اهتمام بالفن الرفيع.

هذا الحدث كان الجميع يظن أن أحدا لم يسجله سينمائيا ، لكن البحث على مدار4 سنوات  قادني للعثور على فيلم سينمائي صوره هاو كان يمر أثناء وقوع الحريق في الصباح الباكر لتوصيل ابنته إلى المدرسة وبالصدفة معه كاميرا سينمائية (8  مم ) في سيارته سجل بها الحريق منذ بداية الثواني الأولى لاشتعال النيران بين أركان المبنى ، وأثناء تهاوي أجزائه واحدا بعد الآخر حتى انتهى وإلى الأبد .

فبعد عشرين عاما قمت بشرائة من أرملته،هذه هي الوثيقة الوحيدة والفريدة للأوبرا أثناء الحريق ومدتها عشر دقائق وضعت داخل الفيلم والتي تسجل سينمائيا خروج أهم وثيقه بصرية إلى النور عن حادث حريق الأوبرا الخديوية ، وهي الوثيقة السينمائية الوحيدة في العالم عن هذا الحدث الجلل.

لكن من الضروري القول بأن الفيلم الاستقصائي الوثائقي ،الذي يضم هذه الوثائق هو نتيجة تحقيق دقيق وجهد استمر سنوات وتكلفة باهظة ( فنية ومادية ) قمت بإنتاجه على حسابي الشخصي لشغفي الشديد بإنجاز هذا الفيلم ليكون وثيقة للأجيال القادمة،هذا الفيلم ضم مشاهد من تاريخ الأوبرا منذ إنشائها عام 1869 مرورا بأيام مجدها والعروض التي قدمت على خشبتها، ثم ما جرى لها أثناء الحريق وبعده.

وقد شملت هذه التحقيقات لقاءات حية مع أربعة عشر شخصية تولوا مناصب في إدارتها أو قاموا بالعمل فيها كفنيين وفنانين وحتى الغفير الذي كان مسئولا عن حراستها، كماتوفى منهم اثني عشر شخصية لتصبح شهادتهم وثيقة داخل وثيقة الفيلم لم نكن لنعرفها لولا التسجيل مع هذه الشخصيات الهامة رحمهم الله.

 سنجدهم في الفيلم يتحدثون ويعبرون بالكلمة والصورة عن شهاداتهم لهذا الحدث الكبير.

***

أوبرا عايدة

قبل أن ينتهي بناء الأوبرا الذي تم خلال ستة أشهر كلف الخديو إسماعيل "مارييت باشا" مؤسس المتحف المصري اختيار قصة من صفحات التاريخ المصري القديم ، تصلح نواة لمسرحية شعرية قام بنظمها الشاعر الإيطالي "جيالا نزوني" وعهد الخديو للفنان الإيطالي "فردي" بوضع موسيقاها.

 فكانت الأوبرا الخالدة ( عايدة ) بموضوعها الوطني المصري ، وأغانيها الجياشة ، وموسيقاها الرفيعة من نتاج العبقريات الثلاث.

يقول رامفيس في أحد مشاهدها( وكأنه يتحدث اليوم ) :

رامفيس :أجل شاع الخبر بأن الأحباش ما زالوا يتجرؤون ويتجاسرون علىالنيل وواديه ، ويهددون طيبة وأمتها

راداميس : هل استخرت الآلهة المقدسة إيزيس ؟

رامفيس :لقد حددت اسم المحارب الذي سيقود المصريين

راداميس : آه يا لسعادته

***

 

هكذا تكلم شهود الحادث

ماجدة صالح (راقصة باليه شهيرة):

يوم حريق الأوبرا كان يوم صعب ، يوم أسود ، لجميع الفنانين ، يوم أسود في مسيرة الثقافة المصرية . جاءني الخبر فركبت موتوسيكل وراء زميل وذهبت لأجد آلاف الناس ينظرون في اتجاه الدار وهي تحترق في صمت رهيب، ولو كانوا جمعوا دموعنا كانوا طفوا بيها الحريق.

دار الأوبرا القديمة كانت لؤلؤة على نمط المسارح الكبرى في أوروبا ، كانت جوهرة ، واحترقت ، وكونهم عملوا مكانها "جراج" بدلا من أن يعيدوا بناءها دا مؤشر كبير لموقف المسئولين أيامها من النشاط الثقافي ، وهو ما أدى إلى إحباط كبير.

فيوليت مقار (مغنية أوبرا شهيرة):

جميع الأوبرات التي أديناها أنا وأميرة كامل أو رتيبة الحفني أو نبيلة عريان كنا نحن أصحاب الأصوات المصرية أول من أداها على خشبة مسرح الأوبرا، وبجد لغاية دلوقتي محدش عارف مين اللي حرق الأوبرا ، أنا شخصيا موش عارفة ، طبعا كلنا حزنا جدا جدا ، لكن مين يعرف؟ مين اللي حرق الأوبرا ؟

صالح عبدون ( آخر مدير لدار الأوبرا القديمة):

أنا رأيي إن الأوبرا احترقت بفعل فاعل ، حركة سياسية من بعض الناس ليحرجوا السادات ، ليلعبوا لعبة أشبه بحريق القاهرة ، ولكن أصغر ، أي بحريق الأوبرا، هكذا تصوروا ، ليستولوا على القاهرة ، دا رأيي

لكن ما حدث أثناء عملية الإطفاء كان مضحك جدا ، لأن مركز المبنى الرئيسي للحريق كان بجوار الأوبرا ولما مدوا الخرطوم كان مخرم والمياه تطلع من جوانبه.

لكن الأهم من كل ذلك أن أحد المسئولين الكبار قال (والنيران لم تكن قد انطفأت بعد)  كده كويس عشان في أربع وعشرين ساعة نخلي المبني دا والمبني اللي وراه ونوسع ميدان الأوبرا بميدان العتبة ويبقي اكبر ميدان في قلب القاهرة ،أظن كان إبراهيم بغدادي الله يرحمه.

مصطفي ناجي ( عازف تشيللو وقائد أوركسترا ومؤلف موسيقي):

كانت للأوبرا القديمة رائحة خاصة ، خليط من التاريخ ،حين تدخلها تحس بأن عليك أن تخفض صوتك (من جلال المكان) وللأسف حين أمر الآن بالمكان الذي كان يزوره الملوك والرؤساء ( وكما سور الأزبكية اللي هو أهم من مكتبة الإسكندرية الآن كلنا اقتنينا مكتباتنا النادرة منه وضاع ) وأجده أصبح جراجا وسوقا من أرخص الأسواق أحس بحزن كبير جدا.

أنا كنت يوم الحريق عائدا من مشوار ومعي صديق وفي ميدان التحرير شممنا رائحة الحريق لا أعرف لم خطر ببالي أنها ربما تكون الأوبرا ، لكن بعد أن روحنا جاء الخبر بالحريق فجرينا ووجدنا الكارثة وانفجرت في بكاء لم أبك مثله من قبل علىأعز الناس.

رتيبة الحفني ( مغنية أوبرا شهيرة):

أتذكر أنني تلقيت مكالمة من نادية زوجة المايسترو يوسف السيسي، وقالت إن الأوبرا تتحرق ، جريت علي طول، وشفت الحريق شغال ، ومن المضحك المبكي إن العمال كانوا بيرموا الملابس والكتب والبيانو والإكسسوارات من فوق وطبعا كله اتكسر وغرق في الوحل.

ورأيت صالح عبدون ( مدير الأوبرا ) وكان جالس هو وزوجته على الرصيف في حالة ذهول .

انا ما بقدرش أعدي من هناك واشوف الجراج اللي سموه جراج الأوبرا لأني كنت بغني هنا وبعمل مكياج هنا وبروفاتي هنا....معلش مش قادرة أكمل......

طه ناجي ( قائد أوركسترا):

قبل الحريق ( حدثت حادثة ) كان في نجفة كبيرة جدا معلقة وسط الهول ، نجفة رائعة وضخمة جدا ، فجأة اختفت ، وهي لا يمكن إخراجها من الباب إلا مفككة ، واحد مرتشي فكها ، واتحطت في صناديق وخرجت من الباب.

فحريق الأوبرا هو نتيجة إهمال وتخريب ، كنا قريبين للنكسة وكان في تخريب ، وإهمال شديد من إدارة المطافي القريبة جدا ، وهذه مصيبة

لما اتحرقت الأوبرا وعملوا مكانها جراش كان لهذا معنى واحد : أنه لا قيمة للفن الرفيع في مصر

حسن كامي ( مغني أوبرالي شهير):

الأوبرا هو الفن الوحيد الذي يحتضن كل الفنون ، الباليه ، الغناء ، التأليف الموسيقي، الإخراج المسرحي ، الفن التشكيلي.

لما نشوف أوبرا عايدة نلاقيها أتعرضت في العالم فوق ميت ( 100) ألف مرة ،و كل مرة بيترفع فيها علم مصر، وبتنتصر شجاعة المصريين وانتصاراتهم ، ومثلا حين عرضت لأول مرة يوم 24 ديسمبر 1871 طارت البرقيات الصحفية عبر العالم : نجاح أوبرا القاهرة نجاح أوبرا عايدة ، أنا أديت دوري في عايدة أكثر من 400 مرة

وللأسف لما حدث الحريق الفظيع كانت كارثة وأنا عمري لن أنساها أبدا مهما جرى.

ألدو منياتو (عازف بيانو وقائد كورال شهير):

اتصلت بي مغنية الأوبرا مدام هيا وكانت ساكنة بجوار الأوبرا وقالت ليالأوبرا بتتحرق ، أخدت تاكسي وجريت على طول وشفت الدخان بيطلع من فوق ، وكان حاجه فظيعة ، وحاولت أطلع أنقذ المخطوطات لكن بتاع المطافي منعني .

كان فيه رجال مطافي موجودين دايما في المبنى لكنهم كانوا نايمين والناس صحتهم ولكن الخرطوم بتاع المطافي كان مخرم.

وكمان راحو يرمو الحاجات من فوق ورموا بيانو أبيض جميل كان الملك فاروق أهداه للأوبرا وشفتهم بيرموه من فوق من البلكونه فتكسر ، حريق الأوبرا كان تراجيديا كبيرا. 

جريجوار بارتميان (مغني أوبرا):

كان متحف الأوبرا مليان حاجات ثمينة جدا ملهاش ثمن ، مخطوطات ، وملابس وإكسسوارات بالملايين ، وكل دا راح ، ولحد دلوقتي ماعرفشي ليه اتحرق ، ودلوقتي لما بمر من هناك وافتكر الميدان الجميل اللي أمام الأوبرا ، فندق انتر كونتنينتال ، جنينة أزبكية ، إبراهيم باشا على حصانه في الميدان ، كان منظر جميل ودلوقت لما بمر من هناك باحزن لأنهم عملو مكانه جراش مسلح ..

مش عارف إيه اللي حصل مين حرقوا وليه. 

عبد الحميد جاد (عازف):

بحريق الأوبرا فقدت أعز حاجة في حياتي ، وكان شيء غريب لأننا بالليل كان عندنا عرض لفرقة باليه يوناني ، وخلصنا وروحنا ، وكان عندنا بروفات الساعة 11 تاني يوم ، لكن لما وصلت بعد سماعي الخبر وجدت الدخان طالع من الباب الأمامي والباب الخلفي ، ومكناش مصدقين ، لأن كانت فيه وحدة مطافي موجودة دايما علىالمسرح مكونة من شاويش وأربع عساكر ، راحوا فين ، وكمان كان بينا وبين مبنى حريق القاهرة مسافة أمتار، ومكانش فيه حاجة اتعملت خالص.

وشوف عملنا إيه ، في فرنسا كان عندها سجن الباستيل هدوه وبنو مكانه أوبرا ، احنا عملنا العكس

اتحرقت الأوبرا بنينا مكانها جراش ، عايز يعني أكتر من كده إيه ؟ 

فايق حنا ( مدير الكهرباء في مبنى الأوبرا):

ساعة ماتحرقت الأوبرا كنت أنا مدير الكهرباء ، استمروا في التحقيق معي 14 يوم ، واحد يقول بتوع المطافي ، وواحد يقول أمن صناعي ،وطلبوا مني أقول ماس كهربائي ونخلص ، عايزين يقولوا ماس من الخط العالي واحنا لا شأن لنا به لأنه خارج المبنى .

لكن أقول إنه وقبل حريق الأوبرا بدأت السرقات ، حيث اختفت مخطوطة "عايدة " التي كتبها فردي ، بخطه ، وتم لفلفة الموضوع ، ثم سمعنا أنها بيعت في إيطاليا ، كانت هذه المخطوطة موجودة في المعرض فوق صالة الأوبرا وفي يوم قالوا أنها سرقت وكان أيامها المدير صالح عبدون وهذه لم يحقق فيها.

سمير عبد العاطي ( فني أعمال الموبيليا في الأوبرا):

أنا أخذت شغلي من والدي وجدي اللذين عملا في الأوبرا ، وكنت فخورا بعملي وحين أذهب للبلد ( في الريف ) أقول إنني شغال في الأوبرا الناس يبصولي كأني شغال في وزارة الخارجية ، لأن الأوبرا بتمثل مصر في العالم كله وجميع الدول كانت تأتي تعمل شغل في الأوبرا.

أنا لما شفت الحريقة أصبح إحساسي كمن عنده ميت ، بل حزنت عليها أكثر مما حزنت على أبويا وأكثر مما حزنت على شغلي على الرغم من إننا اتبهدلنا بعدها وقعدنا على الرصيف ولحد الآن بزعل على نفسي وعلى الأجيال الجديدة اللي طلعت من غير ما تشوف الأوبرا. 

شحاته ( فني تغيير المناظر):

أنا جيت من مركز قوص ( قنا ) ونزلت عند أقاربي في شارع محمد علي وجئت للأوبرا طالبا العمل ، وتعلمت المهنة على أيدي الذين سبقوني ، حتى أحببتها ، وعملت بها حتى الحريق المشئوم.

الليلة السابقة على الحريق كان معايا تصريح مبيت وجيت مع الأستاذ محمود شحاته الذي كان مسئولا عن تأمين الدار وقفل المخازن وكان موجودا أيضا رفاعي النبطشي وقالوا فيه فرقة يونانية، ويعمل معهم الأستاذ فايق حنا الكهرباء، وتركنا الفرقة على خشبة المسرح ، وفوجئنا فجرا بالحريق وتحدثنا لفايق حنا الذي قال إنه طلب المطافي فقالوا إنهم عايزين إشارة رسمية في حين لو مدوا الخرطوم اللي عندهم حيوصل الأوبرا ، لكن استمر الحريق حتى انتهت.

نفسي أشوف الأوبرا تاني بالطراز القديم ، لأنه تحفة لا تعوض ، خسارة نفسي أشوفها تاني.

قالوا عن الحادث

عزيز أباظة( الشاعر والمسرحي الشهير):

نكسة أصابت تاريخنا الفني والثقافي ، فللأوبرا تاريخ حافل لما ضمت من أعمال فنية وأدبية تلقي الأضواء على قيمنا الحضارية التي لا تقل عن أمثالها في أرقى دول العالم حضارة وفنا وأدبا وتاريخا.

على أن الذي يعزيني نوعا ما أنها ستظل ـ وإن أصبحت رمادا ـ  حرما للذكريات صنع فيه التاريخ وتقدس فيه الفن وتكرم الأدب. 

توفيق الحكيم ( الكاتب المسرحي الكبير):

كانت ملتقي الحضارات في الشرق والغرب ، ولن أنسى أبدا فضلها الأول في تكويني الثقافي ، لأعرف لأول مرة أوبرات فردي وبوتشيني، ومسرحيات موليير وبومارشيه ، لقد ذهبت ، وتركت لنا ذكريات باقية ، وتاريخا حافلا وسجلا حاويا لكل إشعاعات الثقافة والفن في بلادنا.

زكي طليمات ( مؤسس أكاديمية الفنون ورائد المسرح الكبير):

لقد كانت من أحسن الدور في العالم ، ومسرحها من أدق المسارح من حيث الصوت ، ومع ذلك فإن احتراق ما يضمه مخزنها من ملابس وأزياء وكذلك أكثرية الديكورات والمناظر ليست خسارة ، بقدر.. الخسارة الحقيقية هي الأرشيف الذي يضم البرامج الأجنبية للفرق التي عملت في الأوبرا منذ 102 سنه هي عمرها ، إنني أرجو أن لا يكون هذا الأرشيف قد احترق ، فإنه سجل للنشاط الثقافي الراقي في مصر.

يوسف وهبى (الممثل والمخرج المسرحي الكبير)؛

كارثة وطنية ، أتت النار في سويعات على هذه الدار التي وقف عليها معظم عمالقة الفن المسرحي العالمي والعربي خلال قرن مضى ، التهم اللهب كل أثر لعايدة وبترفلاي وتوسكا والنسر الصغير وألوفا من أعمال عمالقة المسرح والأدب ..

إنه يوم حداد لنا نحن أبناء المسرح لا يجدي فيه عزاء. 

 

أمينة رزق (الممثلة الكبيرة):

قلبي يتحسر ، إنها أكبر صدمة في تاريخ مسرحنا ، كل ركن يهدم منها إنما ينهدم من حياتنا.

حين مثلت على مسرحها شجرة الدر أحسست أني فعلا ملكة مصر على مسرحها من الهيبة. 

صلاح طاهر(الرسام وأحد مديري الأوبرا):

ظللت في صحبتها أربع سنوات كنت مديرا لها ، ستظل ماثلة في أعماق نفسي ،  كانت هذه الدار ملتقى الثقافات الإنسانية العالمية تأتي إلينا مختارة راضية ، تمتزج بنا ونمتزج بها ، لا أتصور أن يختفي هذا المكان على هذا النحو المفاجئ ، لقد كان قطعة من التاريخ الحي والثقافة النابضة. 

شكري راغب ( مدير مسرح الأوبرا):

أحسست وأنا أشاهد الأوبرا تحترق بموت كل من لي في الدنيا بعد 20 سنة قضيتها فيها وعشقتها.

خسارة مصر فيها لا يمكن أن تعوض .. ليس فقط في التكاليف المادية لكن في القيمة التاريخية والأثرية.. احترقت المكتبة الموسيقية عن آخرها .. وكانت تحتوي على كل أوبرات العالم بجانب مخطوطات وأوبرات مكتوبة بأيدي مؤلفيها.

كانت تعتبر ثالث أوبرا في العالم بعد أوبرا لاسكالا بميلانو ، وأوبرا روما، تتميز بنقاء الصوت .. لأن مبناها مقام على هيئة آلة العود الموسيقية .. فراغ تحت خشبة المسرح 8 أمتار .. وفراغ تحت الصالة 4 أمتار.. أي 850 متفرجا يستمعون بنفس الدرجة وحتى همس الممثلين كان يسمع

علي حمدي الجمال (الكاتب الصحفي ورئيس تحرير جريدة الأهرام):

حريق دار الأوبرا يحتاج منا أن نعيد النظر في .. النظم الموضوعة للمحافظة وحماية مبانينا ومنشآتنا .. ووضع نظام يكفل تنفيذ تعليمات الجهات المسئولة بمنتهى الحزم .. فإن النتائج التي تترتب على التهاون والتراخي تشكل خسائر بالغة علينا تجنبها.

حسين فوزي (كاتب وناقد موسيقي):

شاءت الأقدار أن تختم حياتها في العام السبعين من وفاة يوسف فردي ( مؤلف أوبرا عايدة ) ولم يشأ لها القدر أن يمتد بها العمر إلىأطول ما تمتد إليه حياة المعمرين..ما أعجب أن أؤبن بناء ولا كالأبنية .. عاش ينبض بالحياة تدب فيه بالليل حينما تتوهج ثرياته وتنعكس آشعتها على ربات الحسن والجمال ، وتتردد في أرجائها ألحان المغنيين كبارا وصغارا .. ويصعد من جورة الأوركسترا صوت سيمفوني عظيم.

( نصوص الشهادات ، صوتا وصورة ،  كاملة في الفيلم )

نتمنى أن تعود الأوبرا بطرازها المعامري القديم تزين خلفية قائد جيشنا التاريخي إبراهيم باشا بدلا من الجراج

أتمنى أن تتبنى  قناة مصرية هذا الفيلم ليكون في ذاكرة وهوية الأجيال الحالية والقادمة