الإثنين 20 مايو 2024

«نوال السعداوى».. العربية التي ترشحت لنوبل أربع مرات

فن27-10-2020 | 21:23

إحدى الشخصيات الأكثر إثارة للجدل، أشهر من نادي بحقوق المرأة وتحريرها من قيود أنساق المجتمع والمنظومة القيمية التي تبروزها في صورة مستهلكة، نوال السعداوي التي تحتفل اليوم بعيد ميلادها 88.

 

تلك الشخصية التي لا يستطيع البعض أن يأخذ منها موقفًا وسطًا، فإما تجد نفسك مناصرًا لآرائها وأعمالها وإما تأتي معارضًا لها، ومن هنا جاء اختيار مجلة "تايم" الأمريكية ضمن أكثر النساء تأثيراً في العالم العربي خلال 100 عام، بسبب نضالها كناشطة نسوية حتي أن بعضا من مريديها يطلقون عليها لقب "سيمون دي بوافوار العرب"

 

ولدت نوال السعداوي في 27 أكتوبر عام 1930 في قرية كفر طلحة في محافظة القليوبية، كان والدها محبًا للعلم فقد كان يعمل في وزارة التربية والتعليم، وقد أنجب من الأبناء عشرة وكان لنوال دورًا كبيرًا في رعاية إخوتها بعد وفاة والدتها ومع تلك المسئولية استطاعت بفضل تشجيع والدها ومصابرتها أن تنجح في الثانوية العامة وتدخل كلية الطب، درست الطب تخصص أمراض صدرية، وتخرجت في عام 1955، وبدأت في ممارسة الطب. ثم بعد عامين بدأ مشوارها في الكتابة فأصدرت مجموعتها القصصية الأولي "تعلمت الحب" وتوالت أعمالها إلي أن أصدرت كتابها "المرأة والجنس" والذي كان سببًا في شن هجومًا واسعًا حولها ومن ثم تم فصلها من وزارة الصحة لتبدأ رحلة نضالها كناشطة سياسية ونسوية مدافعة عن حقوق الإنسان بشكل عام والمرأة بشكل خاص.

 

أصدرت السعداوي مجلة الصحة وكانت تنشر فيها أفكارها ومعتقداتها وظلت تنشر بها إلي أن أغلقت، كما أسست جمعية تضامن المرأة العربية في عام 1982، وساهمت في تأسيس المؤسسة العربية لحقوق الإنسان، كما شغلت السعداوي العديد من المناصب منها منصب المدير العام لإدارة التثقيف الصحي في وزارة الصحة ومنصب الأمين العام لنقابة الأطباء، كما عملت علي تأسيس جمعية التربية الصحية وجمعية أخري للكاتبات المصرية.

 

 حازت نوال السعداوي علي العديد من الجوائز من كافة دول العام ففي عام 2004 نالت جائزة الشمال والجنوب من مجلس أوروبا، وفي العام الذي تلاه فازت أيضا بجائزة "إينانا" الدولية من بلجيكا، وفي عام 2012 حصلت علي جائزة " شون ماكبرايد للسلام " من المكتب الدولي للسلام في سويسرا

 

وقد صرحت "السعداوي" في حديث لها أنها تم ترشيحها لجائزة نوبل للآداب أربع مرات وكان آخرها عام 2019 وكانت تعتبر هي والشاعر أدونيس العربيين الوحيدين الذي تم ترشيحهما للجائزة في العام الماضي، إلا أنها لا تنتظر من الفوز بتلك الجائزة شيئًا، فأكدت أن جائزتها الكبرى هي القراء الذين يقرأون أعمالها وفي يوم مولدها نستعرض أهم مؤلفاتها التي أثارت الجدل حولها كثيرًا.

 

 أصدرت نوال السعداوي أولي مجموعتها القصصية "تعلمت الحب" في عام 1957 وقد وجدت سعداوي اتجاهًا للحب ومنطقًا مغايرًا تتحدث عنه، حيث الحب في أبهي صوره، وأنبل مشاعره، فقد استطاعت من خلال تجربتها الأولي أن تتجول في أعماق النفس البشرية وتقييم الحب من خلال العلاقات الإنسانية المختلفة ومن خلالها نظرتها العلمية باعتبارها طبيبة بدرجة أديبة، فالحب لديها مشروع طويل الأمد يحتاج إلي التخطيط ورؤية مستقبليه يكون هو في الأًصل جوهرها ولُبها الأساسي.

 

"المرأة والجنس" تم صدور كتابها في عام 1972 وقد حقق نجاحًا كبيرًا وقد جعل الكثير من دوائر المجتمع يشنون الحرب عليها حيث أنها تم فصلها من عملها بوزارة الصحة كتداعيات نشر الكتاب يتناول هذا الكتاب الحديث عن جسد المرأة وخاصة علاقاتها الجنسية التي يقع الحكم عليها في إطار الُرف والعادات والتقاليد والمنظومة القيمية تحاول سعداوي من خلال هذا الكتاب أن تفسر معني العذرية حيث أكدت علي أن الكثير من الناس لا يعلمون شيئًا حول هذا الموضوع الشائك، فالجهل هو سيد الموقف وتحاول سعداوي أن تتصدي له، وفي نهاية الكتاب تحاول أن تعقد مقارنة بين الرجل والمرأة وتنقل لنا ازدواجية المعايير والتناقضات التي تُبني عليها العلاقات الإنسانية والتي غالبًا ما تنتهي بقهر المرأة وتعنيفها.

 

" الوجه العاري للمرأة العربية" من خلال هذا الكتاب الذي صدر في عام 1977 تسلط نوال السعداوي الضوء علي النظم الأبوية التي تضطهد المرأة بشكل مباشر، فقد استطاعت أن تمثل لنا معاناة المرأة العربية ومحاولاتها التمرد والخروج عن الصورة المؤطرة للمرأة من خلال أنساق المجتمع وأعرافه والعادات والتقاليد التي تتحكم في المرأة، فقد استطاعت سبر أغوار تلك القضية من خلال العودة إلي الموروث الثقافي حيث التراث الديني والاجتماعي وغيره الذي يري المرأة بشكل خاطئ، فتحارب الموروثات الشعبية التي تحط من قدر المرأة وتحرض علي العنف في حقها وسلبها أبسط حقوقها ألا وهو حريتها وحقها في ممارسة حياة طبيعية ففي هذا الكتاب تنقل لنا تجربتها الذاتية جراء عملية الختان التي أثرت عليها بشكل سلبي وتركت في نفسها أثرًا بغيضًا لا ينسي عندما شاهدت أمها تضحك وتبتسم بينما هي تنزف الدماء وهي في السادسة من عمرها.

 

"الأنثى هي الأصل" يسلط هذا الكتاب الذي صدر في عام 1977علي الأصل المنسي للكائنات وعلي مكانة الأنثى الحقيقة وذلك من خلال تحليل فني للعلوم المختلفة وذلك بهدف إسقاط القيود الفكرية التي تنتعل السلطة الأبوية حذائها والتحرر من قيود العادات المهترئة، ومن خلال رحلتها الطويلة حيث العودة إلي الصورة البدائية للمجتمعات حيث المجتمع الأول الذي كان محدودًا حيث كانت فيه الطبيعة هي الأنثى، ومن خلال تعاقب الأجيال تتطور النظرة إلى الأنثى بتطور الأنظمة البشرية المتعاقبة، وبعد أن كانت المرأة في المجتمع البدائي تشارك الرجل في كل شيء مع مرور الأزمان بدأت المرأة تتقوض حركتها، وتسلب حريتها في مقابل المساحة الشاسعة للرجل ليتصرف أينما يشاء وكيفما يرى.

 

" قضايا المرأة والفكر والسياسة" صدر هذا الكتاب في عام 2001 تقوم نوال لسعداوي بتسليط الضوء علي نضال المرأة منذ الأزل، تصحح لنا المفاهيم المغلوطة والموروثة عن الحركات النسوية التي تناضل من أجل حقوق المرأة وحريتها فنجدها تؤرخ لبداية مشاركة المرأة في الثورة والاعتراض علي النظم الحاكمة وذلك في عهد القدماء المصريون في عام 2420 ق.م في " ثورة منف " حيث تحرير المرأة من السلطة الأبوية بقيمها الذكورية البالية وتحرير العلم من خرافات تلك السلطة.

 

"الإنسان.. اثنا عشر امرأة في زنزانة" لم تكن كتابات نوال السعداوي تعبر وتجسد معاناة المرأة بشكل عام ولكن كانت تنقل لها تجربتها الذاتية باعتبارها المرأة التي أثارت الجدل حولها بشجاعة وجرأة شديدة فكانت لا تعترف بالهزيمة فمع كل كتاب يصدر لها كانت تستعد للحرب التي تشن لها من صوب وحدب، فمن خلال هذا الكتاب تحكي تجربتها مع الاعتقال حيث تسقط الأقنعة في السجون وتتكشف الحقائق، وداخل السجن عوالم أخري لم يتثنى لها التعرف عليها إلا من خلال تجربتها الذاتية، ففي السجن وجدت المسجونات نتيجة آرائهم السياسية، المتسولات، الأخريات من عنبر الدعارة وفئة الجرائم الخطرة وأنواع كثيرة شكلت لها فلسفة أخري حول الحياة ومنطق جديد نقلت بها معاناة العديد من أولئك المسجونات اللائي يستحققن إعادة النظر مرة أخرى، فالمجتمع كان الباب الأول الذي عبرته قبل أبواب السجن العالية.

 

"أوراقي .. حياتي" عاشت الكاتبة والطبيبة نوال السعداوي حياة طويلة ومسيرة مليئة من متناقضات الحياة، حاربت فيها بشجاعة واضحة حتي لو لم يناصرها أحد قط، يعتبر هذا الكتاب بأجزائه الثلاثة الذي صدر الجزء الأول منه في عام 2000 هو سيرة ذاتية لحياتها تحكي فيها أهوال الحياة، تسلط الضوء علي مغامراتها ما بين الكتابة، الأدب، الطب، السياسة والمجتمع بأسره وبأنظمته المتعددة دون خوف أو مواربة، تسرد لنا رحلتها مع الكتابة فهي تري الكتابة كحضن الأم مثل الحب الذي يحدث بلا سبب ومع ذلك تعاود سؤال نفسها "لماذا أكتب؟".

 

لم تقتصر إنجازات نوال السعداوي علي تلك الكتب التي تم ذكرها فقد صدر لها أربعون كتابًا وتم ترجمة العديد من مؤلفاتها لأكثر من 20 لغة وكانت اهتماماتها تقع في إطار حرية المرأة والدفاع عن حقوقها.