الجمعة 17 مايو 2024

إسرائيل تراقب من بعيد ويهود أمريكا ضد ترامب

29-10-2020 | 12:10

نقل الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” السفارة الأمريكية إلى القدس، وانسحب من الاتفاق الإيراني وتوسط فى معاهدة سلام بين دولتين من دول الخليج العربي وإسرائيل؛ لكن على ما يبدو أن هذا ليس كافيا للحصول على الدعم الانتخابي من قبل اليهود الأمريكيين، كما أن تلك القرارات لم تغير صورته بالنسبة لهم كمجرد رجل أعمال فاز بالرئاسة فى عام ٢٠١٦.

أظهر استطلاع جديد أجراه مركز “بيو” للأبحاث أن الغالبية العظمى من اليهود الأمريكيين، بنسبة نحو ٧٠ فى المائة، يخططون لدعم المرشح الديمقراطي ونائب الرئيس السابق “جو بايدن” فى انتخابات ٢٠٢٠ المقبلة، بينما قال ٢٧ فى المائة فقط إنهم سيصوتون لصالح “ترامب”، وجاءت نتائج الاستطلاع الذى شارك فيه نحو ١٠ آلاف أمريكي مماثلة لنتائج استطلاع أجراه معهد الانتخابات اليهودي الشهر الماضي، حيث حصل المرشح الديمقراطي على ٦٧ فى المائة من أصوات اليهود، بينما حصل ترامب على ٣٠ فى المائة، فى تقريرها ذكرت صحيفة “جيروزاليم بوست” الأمريكية، أن هذه الأرقام بمثابة ضربة قاسية لأعضاء الحزب الجمهوري الذين اعتقدوا أن السياسات الخارجية للرئيس الأمريكي تجاه إسرائيل سيكون لها تأثير انتخابي، كما عكست حقيقة أن الناخبين اليهود يدلون بأصواتهم بناء على القضايا الاجتماعية والاقتصادية المحلية، وأن مستوى الدعم للديمقراطيين بين اليهود الأمريكيين ثابت كما كان لعقود، فكانت آخر مرة تمكن فيها مرشح جمهوري من حصد ٤٠ فى المائة من أصوات اليهود الأمريكيين، وهى أكبر نسبة تم تسجيلها، فى عام ١٩٢٠، بصفة عامة يمثل اليهود نسبة ٢٫١ فى المائة من الناخبين الأمريكيين.

مع بقاء أقل من ثلاثة أسابيع على موعد انتخابات الرئاسة الأمريكية، تبدو الأمور قاتمة بالنسبة لآمال إعادة انتخاب الرئيس ترامب، خاصة مع التقدم الذى يحرزه منافسه الديمقراطي، وهو سيناريو فوز “بادين” الذى يسبب الذعر بين أفراد المجتمع الأمريكي المؤيد لإسرائيل، والذين يخشون احتمال قيام “بايدن” بإحياء سياسات الشرق الأوسط لرئيسه السابق “باراك أوباما”، بما فى ذلك الضغط على إسرائيل بهدف إحياء عملية السلام مع الفلسطينيين، وإعادة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي الإيراني، وربما ينهى العقوبات المفروضة على طهران.

فى تقريرها أشارت صحيفة “هآرتس” العبرية، إلى أن مثل هذا السيناريو هو كارثة أيضا بالنسبة إلى اليمين داخل إسرائيل، ولكن عندما يفترض منتقدو رئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو” أن فوز “بايدن” سوف يضعف قبضته على السلطة، فإنهم مخطئون، فبالرغم من تفضيل “نتنياهو” لفوز الرئيس ترامب بولاية ثانية إلا أن العودة إلى الفترة من عام ٢٠٠٩ إلى ٢٠١٦، حين كانت الإدارة الأمريكية على خلاف مع الحكومة الإسرائيلية سوف تكون فى صالح “نتنياهو” السياسي وليس العكس.

وأضافت “هآرتس”، أنه فى بداية عام ٢٠٠٩، ومع تنصيب “أوباما” لمنصب الرئيس الأمريكي، كان الموقف السياسي لنتنياهو فى غاية الصعوبة، مما جعل فريق السياسة الخارجية لأوباما يأمل فى أزمة ائتلافية من شأنها أن تؤدى إلى استبدال نتنياهو بوزيرة الخارجية السابقة “تسيبى ليفني”، التى فاز حزبها “كاديما” بمقعد إضافي فى الانتخابات، لكنها فشلت فى محاولة تشكيل حكومة، مما سمح لنتنياهو وشركائه تشكيل ائتلاف حكومي، ومن ثم بدأ الصعود السياسي لنتنياهو واستعادة قبضته على السلطة فى إسرائيل، حيث تعمد رئيس الوزراء الإسرائيلي استغلال الخلاف بينه وبين الرئيس الأمريكي السابق لإظهار أن كافة محاولات “أوباما” لتقويضه فاشلة، وأن الضغط الأمريكي لن يؤتى ثماره، وبالتالي لعب “نتنياهو” دور البطل لأنصاره داخل إسرائيل، فأحكم قبضته ضد معارضيه وجعل الأمر شبه مستحيل لأى مرشح آخر فى تولى مهامه، وبنفس القدر، سمح الضغط الأمريكي المستمر على نتنياهو بإبقاء حلفائه على اليمين تحت مراقبته فالخوف من الضغط الأمريكي، أو احتمال قطع المساعدات الدفاعية، كانت ذريعة مضمونة عندما ضغط عليه أنصاره؛ ولكن بمجرد أن حل “ترامب” محل “أوباما”، فقد “نتنياهو” مجال المناورة مع اليمين الإسرائيلي.

لا شك أن “نتنياهو” كان سعيدا بقرارات “ترامب” بشأن الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على القدس والجولان، وضغط إدارته على الفلسطينيين وإيران، لكن دعم “ترامب” يعنى أن اليمين الإسرائيلي يمكن أن يحاصره، ففى تلك الحالة لن يتمكن من إلقاء اللوم على الرفض الأمريكي المحتمل لمطالب اليمين من أعداء نتنياهو مثل “أفيغدور ليبرمان” وزير الدفاع السابق أو “نفتالى بينيت” رئيس تحالف يمينا، لذا فإن فوز المرشح الديمقراطي ووجوده فى البيت الأبيض سوف يساعد رئيس الوزراء فى تخطى جائحة فيروس كورونا والتى يرفض المتدينون الإسرائيليون الامتثال فيها لقرارات الحكومة بالإغلاق، وهى أكبر مشكلة يواجهها “نتنياهو” فى الوقت الراهن. إضافة إلى مشاكله القانونية التى تلوح فى الأفق، ففى حال تحقق سيناريو دخول إدارة “بايدن” إلى المكتب البيضاوى ومع اتخاذها لقرارات من شأنها إزعاج اليمين الإسرائيلي، فإنها فى الواقع ستساعد “نتنياهو” على العودة إلى وضعه السابق كبطل ضد الأمريكيين المعادين لإسرائيل.