نيس المدينة السياحية التي تقع جنوب فرنسا، على ساحل البحر الأبيض المتوسط، بين مارسيليا وجنوى، في إقليم ألب كوت دازور، تعتبر المدينة مركزًا سياحيًا رئيسيًا في البلاد، ,تشتهر بمصايفها وشواطئها الجميلة ويزورها ملايين السياح كل سنة.
وتتميز نيس الخلابة بالطقس المشمس، والمناظر الجذابة على شاطئ البحر، وهي إحدى مدن الريفيرا الفرنسية تأسر زوارها دوما بما تقدمه من فرص لإمتاع السائحين، وعلى الرغم من اكتشاف المدينة قديمًا من قبل البريطانيين كمنتجع شتوي، تبقى إلى اليوم مقصدًا عالميًا لقضاء العطلات على مدار العام، بفضل ما تتمتع به من طبيعة خلابة ومعالم سياحية.
الخميس الدامي الذي شهدته مدينة نيس الفرنسية، وتعرضت فيه لعدد من الهجمات المسلحة والأعمال الإرهابية، يطرح تساؤلات بشأن أسباب استهداف هذه المدينة المطلة على ساحل البحر المتوسط.
استيقظت مدينة نيس صباح أمس الخميس، على حادثة طعن في نيس، وصفها عمدة بالعمل الإرهابي؛ حيث قتل 3 أشخاص؛ بينهم امرأة قتلت نحرًا، وجرح آخرون على يد شخص يحمل سكينا تم اعتقاله.
ما أشبه اليوم بالبارحة، ففي فبراير 2015، تعرض 3 جنود فرنسيين لاعتداء بالسكاكين؛ أثناء الخدمة أمام مركز لليهود في مدينة نيس.
الحادث الأخير وقع على بعد أقل من كيلومتر واحد من الموقع الذي شهد عام 2016 حادث دهس بشع استهدف حشد يوم الباستيل؛ ما أسفر عن مقتل العشرات؛ ففي 14 يوليو 2016، حيث كان مسلح يقود شاحنة ثقيلة قبل أن يصدم بها المحتفلين بيوم الباستيل، وتسبب في مقتل 86 شخصًا وجرح العشرات في هجوم جبان أعلن تنظيم داعش مسئوليته عنه.
وبعد مرور شهر من الحادث، توقعت الشرطة الفرنسية هجومًا إرهابيًا آخر في نيس بعد اكتشافها رسائل نصية متبادلة بين إرهابيين.
وبشكل شبه مستمر تعتقل الشرطة الفرنسية عددًا، ممن تصفهم بـ"المتطرفين"، وتقول عنهم إنهم كانوا يحضرون لتنفيذ اعتداءات.
فيما نقلت "سكاي نيوز عربية"، عن أحد الخبراء في شئون الإرهاب والجماعات المتطرفة قوله إن مدينة نيس كانت قاعدة لجماعات متطرفة في فرنسا، مضيفًا أن العديد من عناصر هذه الجماعات غادروا فرنسا إلى ساحات الصراع.
وأوضح الخبير في شئون الإرهاب أن المدينة تشكل خطرًا كبيرًا، كما يراها العاملون في الأمن الفرنسي الداخلي، ما يظهر الخطر الذي يحدق بالأمن الداخلي لفرنسا.
وفي تقرير، كشف مجلة فرنسية أن الإسلام السياسي يحتكر مدينة نيس، مبرزة أن فكر تنظيم الإخوان الإرهابي منتشر إلى حد كبير، وأن جمعيات تابعة لها تنشط في نحو 19 مسجدًا بهذه المدينة.
وتقول مصادر فرنسية إن نيس تعاني "من تقصير أمني"، وهو الأمر نفسه الذي انتقده مراقبون بعد وقوع هجوم 2016، وأكدته دعاوى قضائية عدة ضد الدولة الفرنسية ونيس على خلفية "التقصير الأمني"، الذي تعاني منه المدينة، وتسبب في اعتداءات كثيرة.
صحيفة "الديلي تليجراف" نشرت مقالاً لمراسلها لشئون الشرق الأوسط كامبل ماكديارميد يقول فيه نقلاً عن خبراء في الإرهاب وسياسيين أوروبيين إن اللهجة العدائية للرئيس التركي رجب طيب أردوغان إزاء فرنسا بسبب نشر رسوم مسيئة للنبي محمد "ربما ساهمت في تأجيج مناخ الغضب الذي قاد إلى الهجوم الإرهابي في مدينة نيس".
ويقول كاتب المقال إن خبراء الإرهاب يعتقدون أن هجوم نيس - إلى جانب حادث الطعن خارج القنصلية الفرنسية في جدة بالسعودية وحادث مدينة أفينيون الفرنسية الذي قتلت فيه الشرطة رجلاً يحمل مسدساً - هو رد انتقامي من جانب متشددين على مواقف فرنسا إزاء المسلمين.
ويقول الكاتب إن الرئيس التركي تزعم الانتقادات في العالم الإسلامي للرئيس الفرنسي بسبب حملته التي شنها ضد الإسلاميين هذا الشهر.
وينقل الكاتب عن نيكولاس هيراس من معهد دراسات الحرب ومقره الولايات المتحدة قوله إن "أردوغان يضع نفسه وتركيا في موقع المدافع عن الأمة المضطهدة" أي الأمة الإسلامية في العالم.
ويقول كاتب المقال إن يوم الأربعاء وهو اليوم الذي سبق وقوع الهجمات، شهد قيام القنوات المؤيدة لتنظيم داعش على وسائل التواصل الاجتماعي بمشاركة شريط دعائي مصور يحض أتباع التنظيم على الدفاع عن النبي محمد "بضرب الأعناق"، في إشارة لحادث قطع رأس المدرس صامويل باتي في إحدى ضواحي باريس يوم 16 أكتوبر الجاري.
ويختم الكاتب بالقول إن تركيا أدانت هجوم نيس، حيث عبرت الخارجية التركية عن "تضامنها مع الشعب الفرنسي كأمة فقدت مواطنيها أيضًا ضحية للإرهاب"، إلا أن تعازي أنقرة قد لا ترضي أولئك الذين دعوا بالفعل إلى معاقبة تركيا على دعوات أردوغان للشعب التركي بمقاطعة المنتجات الفرنسية.