الإثنين 25 نوفمبر 2024

أخبار

أصعب الروايات الرواية التاريخية

  • 31-10-2020 | 16:55

طباعة

واسينى الأعرج: 

أحببت مي زيادة أكثر من جبران والعقاد وأرى أنها نموذجا للظلم الثقافي

 

جزائري ولد في  1954، روائي مرشح لكل الجوائز، يكتب باللغتين العربية والفرنسية، رواياته لا تستقر على شكل واحد وثابت، بل تبحث دائمًا عن سبلها التعبيرية الجديدة والحية بالعمل الجاد على اللغة، في سنة 1997 اختيرت روايته  "حارسة الظلال" ضمن أفضل خمس روايات صدرت بفرنسا، تحصل على جائزة الشيخ زايد فرع الآداب في 2007، وفائز بجائزة كتارا عن روايته "مملكة الفراشة" في 2015 .


"الهلال" التقت واسيني الأعرج في القاهرة على هامش ملتقى القاهرة للإبداع الروائي ودار معه هذا الحوار حول مشروعه الكتابي وموقفه من الحراك في الجزائر، فإلى نص الحوار:  


لماذا اخترت اللغة العربية؟ ألم تشعر أنك ممزق بين هويتين؟


أصرت جدتي على تعليمي إياها جيدا،وكانت تقول لي دوما إن أردت أن تستمر فعليك بالتمسك بها، فاصطحبتني للفقيه، في مصلى صغير،كنت أستيقظ في الخامسة صباحا أذهب لتعلم اللغة، وكان يعطينا الفقيه المصحف لنقرأ فيه، وكان يقول لنا عليكم أن تتعلموا اللغة أولا وقرأت وشعرت أن علاقتي باللغة تغيرت، أصبحت حسية، وليس فقط عبارة عن كلمات.


ما سر العلاقة الحميمة مع كتاب المنفى في باريس "ألف ليلة وليلة"؟ وهل مازلت تتعامل معه على أنه نص قرآني مقدس؟


أنا أسميه كتاب الصدفة، لم أذهب إليه أو أحرص على اقتنائه، فلو وضع أي كتاب آخر مكانه لأخذته، لكن عندما صرت أقرأ في الكتاب يوميا صار بالنسبة لي مهما، فبه الكثير من المغامرات، وما إلى ذلك، وتعلمت من خلاله أن اللغة العربية قادرة على التعبير عن كل شيء. 


أعرف أنك كثير السفر..عندما تسافر أي الكتب تصطحبها معك؟


رواية الكاتبة ريم الأطرش الكاتبة الفلسطينية الأردنية، فأنا أعتبر الطائرة مساحة للتخيّل وكأنها مكتبة متنقلة ذهنيا، والكتاب يخفف من وعثاء السفر.


ما الذي أضافه لك السفر خصوصا وأننا في عصر المعلومات والصور؟


الكائن البشري هو من يغير الأمكنة، والسفر يخرجك من العالم، لترى هذا العالم الحسي الكوني الذي لا يمكن أن يوفره لك العالم الملعوماتي" الإنترنت" ، وهو أمر يهدد بفقداننا إنسايتنا، لأننا نصير وقتها نسخا من بعضنا البعض، عندما نجلس جميعا خلف نفس شاشة الكمبيوتر. 


كيف تخلصت من أن يتحول العمل الروائي إلى نوع من "التأريخ"  الصرف؟ 


من أصعب الروايات في الكتابة هي كتابة الرواية التاريخية، وتعود صعوبتها إلى أن المادة التاريخية تحتاج جهدا كبيرا في تحقيق موثوقيتها، فعليك أن تخلق قصتك أنت، وألا يتوارى العمل الروائي خلف القصة التاريخية الثابتة، وعليك أن توظفها في نسقك الإبداعي. 


بصفتك منحاز للأثر والتاريخ الأندلسي في الجزائر .. هل تستطيع الرواية التاريخية قراءة التاريخ نقديًا؟ وما الفارق بين التاريخ والموروث؟ 


الموروث سياق عام وليس محددا بزمن، تدخل فيه الأشياء الفلكلورية والأغاني والموسيقى وما إلى ذلك، أما التاريخ فهو الموجز البشري في لحظة من اللحظات التاريخية، ماذا فعل البشر داخل هذه الرقعة؟ الصراعات بين السياسات والأحزاب والشخصيات إلى أخره، وإذا اعتمدت المادة التاريخية فقط في كتابة الرواية فستكون مخطئا لأنك ستعيد إنتاج نفس التاريخ ولن تقدم جديدا، لذا صياغة التاريخ داخل عموم الرواية مهم وسيقدم الجديد للقارئ.

لماذا دخلت إلى عالم مي زيادة؟ 


البداية كانت مع جملة مي زيادة  "أتمنى أن يأتي بعدي من ينصفني"  ففجرت بداخلي شيئا لا يمكن أن تتخيله، فبحثت عن مأساة الشخصية الحقيقية، جئت إلى القاهرة وذهبت إلى مقبرتها، وعرفت أنها دخلت مستشفى أمراض نفسية، ودعيت إلى بيروت وأعطتنى الجامعة منحة إقامة ووجدت وثائق ثمينة لها مثلا محاضرتها الأخيرة التي ألقتها، وبعد القطع من سيرتها الذاتية. ورحت إلى أماكن كثيرة مثل بيتها وغيره ودخلت إلى عالم رواياتها. 


ماذا عن أبرز عشاق مي زيادة كجبران والعقاد ؟


جبران كان بالنسبة لمي نموذجها الأدبي وربما لو التقيا لكانت الحكاية تغيرت،أما مع العقاد فالأمر مختلف ولا أعلم مكنونه بالتحديد.  


بعد البحث المطول في أوراق مي زيادة .. هل يمكن القول إنك أصبحت واحدا من عشاقها؟ 


جدا فأنا عاشق لها ومتعاطف معها وأرى أنها نموذجا للظلم الثقافي. 


بماذا تهتم أكثر ومن يرهقك أكثر أسلوب السرد أم بناية الحكاية؟ 


الحكاية مهمّة بالطبع، لكن السرد هو الأهم، والسرد هو ما يوصل الروائي إلى القارئ، فمهما كانت قصتك رائعة لا بد لها من وسيط سردي رائع أيضاً، حتى يتحقق لك ما تريد من تواصل مع القارئ.


ما الذي تمثله لك القاهرة وأنت تسير في شوارعها؟


القاهرة شيء خاص، ليست مظهرا نراه يوميا، أمشي في شوارع وأمكنة تذهب بي بعيدا، تتصور أنني عندما أسير في الشارع 2019 أكون ذهنيا في 1920، وأرى أنه هذه مي زيادة، وهذا العقاد، وهذا طه حسين، عالم كامل، أنا أحب القاهرة كثيرا.


كيف ترى ما يحدث في الجزائر الآن؟ وما موقفك؟


آتي مع زوجتي كل خميس لنشارك في الحراك طول يوم الجمعة ونعود الساعة 11 ليلاً إلى باريس، وأكرر هذا أسبوعياً، وفي كل جمعة ينزل إلى الشوارع نحو 20 مليوناً، أي ما يعنى نصف سكان البلد، ورغم الصورة المشهورة عن شعب الجزائر من تهور وميل للعنف، فإنَّهم ينزلون إلى الشوارع بشكل حضاري دون قطرة دم سالت ولا سيارة أحرقت.


أما الرئيس بوتفليقة، فأنا واحد من الذين انتخبوه وكنت أتوقّع ذلك الإنسان الذكي الذي يملك تاريخاً وشارك في الثورة ويتحدث 4 لغات ويعتبر أصغر وزير خارجية في وقته، أن يستجيب لخطاب الشعب، لكنه بعد 10 سنوات من السلطة عدَّل الدستور وفعل مثل الآخرين، وهو في النهاية رئيس لم يتحدث إلى شعبه، 5 سنوات كاملة، كيف يسير هذا ببلد؟


    أخبار الساعة

    الاكثر قراءة