الأربعاء 27 نوفمبر 2024

فن

أنا أحبك

  • 31-10-2020 | 18:57

طباعة

الحب أشكال وأنواع.. والتعبير عنه يكون بكلمتين " أنا أحبك".. وفي حب الهوى والجوى تنتظر المحبوبة أن تشنف أذنيها بتلك الكلمتين الخفيفتين على اللسان الثقيلتين في القلب، فيهفو قلبها ويهيم وجدانها عشقا في حب الحبيب.. هذا عن الحب والعشق، أما الحب الفطري مقصدنا وغايتنا، فنحن مفطرون عليه دون إدراك منا، فلا ينطق لسانك بكلمات الحب لمن فتحت عينيك عليها، وحملتك بين يديها، وأرضعتك حبها قبل لبنها.


أمي ليست ككل البشر.. هذا لسان حال كل إنسان منّ الله عليه بوجود أمه لجواره، فكل أم بالنسبة لوليدها هي الحب الفطري وعطاء بلا حدود ممدود حتى السماء، لذا فالجنة تحت أقدامها في الدنيا والآخرة، ولكن العجيب في هذا الحب أن المحبوبة لا تنتظر أن تسمع كلمة "أحبك" بل تسبق هي بأفعال الحب دون ان تنتظر رد من حبيبها.

أمي عطاؤها في الحب ممدود، تحبني من أول نظرة لي دون أن يكون لي حق الرد، حب من طرف واحد لكنه حب محمود، في الحياة تحبني وفي الممات ترحمني، في الحياة تحلم لي بأعلى عليين وفي الآخرة تدعو بجنة نعيم.


أمي نبع الحب الفيّاض، هي من علمتني الحب في الحياة، وحب الحياة وحب الناس جميعا، فطوال عمري أرى وأسجل بكاميرتي الربانية تسامحها مع الجميع، وحبها لأم كلثوم ( أوقات غير كثيرة أضبطها تدندن ببعض كلمات كوكب الشرق) وحبها لأبي، ذلك الرجل الوحيد في حياتها وحتى مماتها (أطال الله في عمرها)، وحبها لإخوتي وأخواتها وكل الناس، لا تُغضِب أحدا ولا تغضب من أحد، مرأة بالفطرة تحب، حبت أبي دون أن تراه، وحبت أولادها قبل أن ترزق بهم.


لا أدري كيف ستستقبل كلماتي، فلأول مرة أكتب عنها، وأول مرة تقرأ هي عن نفسها، لكني متأكد أنها ستقرأ كلماتي بحبها لي، وستسترجع ذكرياتها معي.. لكن ليس كل الذكريات جميلة، لكنها ستحب ذلك، سترسم الابتسامة على شفتيها كعادتها وهي تضع نظارة القراءة التي لم تعد تقرأ بدونها، لكنها ستقرأ تلك الكلمات المبعثرات على ورق، وستحب الورق، فهي فقط تحب.


حتى حبي لزوجتي هي من علمتني إياه دون أن تدري، وحبي لأولادي وإخوتي وأصدقائي وعملي، لم تجعلني أكره شيئا قدر حبي للأشياء كلها، أحب ذكرياتي وأحلامي وطموحاتي، إنها أمي التي علمتني كل هذا الحب دون أن أقول لها كلمة حب، على الرغم من أنني أحبها، لكني ولأول مرة اكتشف أني لم أجهر بحبي لها، فقررت أن أكتب لها، ولها فقط، وعندما شرعت في الكتابة لم أفكر كثيرا فيما سأكتب، فالقلم سيّال بحبر أحبه رائحته كعشقي لها، وهأنت تقرأ كلمات حبي لها وقد تظن أنها معشوقتي.. وهل يجوز أن تكون هي معشوقتي وهي أمي؟ ولم لا.. والحب أشكال وأنواع كأشكالنا وأجناسنا، واكتشفت أني حتى ذلك السطر كتبت كلمة "حب" بأشكالها وأنواع مرات كثيرة، فقط لأني أحب أمي وأريدك أنت أيضا أنت تحب أمك وتقول لها.. أنا بحبك

    أخبار الساعة

    الاكثر قراءة