الإثنين 1 يوليو 2024

الوعى أمانة فلنحفظها

فن2-11-2020 | 17:50

يبنى القرار، أى قرار، دائما على المعلومات، وبمقدار صحة المعلومات يكون القرار صحيحا، وبمقدار دقتها يكون دقيقا، ثم بمقدار اكتمالها يكون كاملا أو ناقصا.

ولكى يكون القرار الذى نتخذه صحيحا ودقيقا وكاملا، فلابد من تحرى الدقة فى الحصول على المعلومات المطلوبة لاتخاذه، ولقد تعلمنا أن المعلومة لا تكتمل إلا بمعرفة مصدرها، أى من الذى قالها وكيفية الحصول عليها وتوقيتها ومكانها وطبيعة نشاطها، وتأتى أهمية معرفة المصدر الذى أتى بالمعلومة للوقوف على طبيعة هذا المصدر وتوجهه ومدى قدرته في الحصول على هذه المعلومة من عدمه.

وقديما قيل الرجال أربعة، رجل يدري ويدري أنه يدري، ذلك عالم فاسألوه

ورجل يدري ويدري أنه لا يدري ذلك ناسٍ فذكروه

ورجل لا يدري ويدري أنه لا يدرى ذلك جاهل فعلموه

ورجل لا يدري ويدري أنه يدري ذلك أحمق فاجتنبوه

وأما الخامس الذى لم يذكره قائل هذه الحكمة، فهو صاحب الهوى " العدو" الذى يدري ما يقوله ولكنه يزيفه لهوى فى نفسه بقصد تحقيق مصلحة له وضرر بمن يستخدم هذه المعلومة لاتخاذ قرار ما.

وفى زمن نستخدم فيه المعلومة كما تستخدم القذيفة والصاروخ وهو ما يعرف بـ"حرب المعلومات"، وجب تدقيق المعلومة والتأكد من مصدرها، لأن القذيفة أو الصاروخ يطلق نحو هدفه فيصيبه ويدمره طبقا للمعلومة التى يضبط عليها، فإذا ما اختلفت هذه المعلومات أو تم تغييرها لهدف آخر، فقد تصيب هدفا صديقا وتدمره، وقد تنفجر فى من يطلقها وتقتله.

بل إن التغيرات التكنولوجية الفائقة فى مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات التى صاحبت بداية القرن الواحد والعشرين ألقت بظلالها على المفاهيم التقليدية للحروب فى شتى بلدان العالم، كما صاحب ظهور شبكة المعلومات الدولية "الإنترنت"  بروز ساحة جديدة للتفاعلات الدولية تعتمد على شبكات رقمية لأجهزة حواسب إلكترونية فى مختلف دول العالم الأمر الذى أضفى بُعدا جديدا على نوعية الصراعات والمواجهات من حيث طبيعة الفاعلين وأساليب إدارة الصراع.

وبعد هذه السطور وقد طالت فى أمور فنية يهتم بها المتخصصون ونحن نرصد ونتابع ما يجرى على أرض مصر وما تقوم به المواقع والقنوات المعادية المعلوم عداؤها لمصر وشعبها من بث معلومات مغلوطة ومزيفة بقصد إحداث الفتنة والبلبلة، أن نضىء شمعة فى ظلام التضليل والتزييف الذى تقوم به تلك الأبواق المعادية صراحة دون مواربة لمصر والمصريين ولكل ما يحدث على أرضها، بل إنهم دون ذرة خجل يتباهون بانتمائهم للدولة المعادية لمصر "تركيا" ويتمنون من كل قلبهم لو دخلت مصر حربا مع تركيا وانتصرت الأخيرة عليها، هؤلاء المغيبون اشتاقت ظهورهم لسياط الوالى العثمانى البغيض وهو يردد عبارته البغيضة "أوباسيس , خرسيس"  تلك الدولة التى تبيح الدعارة والمثلية الجنسية وكل ما حرمه الله أصبحت فى نظرهم دار الخلافة الإسلامية، إنهم لم يقرءوا التاريخ ولم يحاولوا فهم ما يدور الآن حولهم وفوقهم بل وبهم, إن الإسلام الذى بقي أكثر من أربعة عشر قرنا من الزمان يقوى ويصمد فى مواجهة أعدائه من الخارج، بل ويزداد انتشارا، قرر أعداؤه أن يغيروا استراتيجيتهم فى مواجهته بضربه من داخله، وذلك بتحويل مذاهبه الفقهية إلى مذاهب وأحزاب سياسية تتواجه وتتقاتل حتى تضعف فتنقض عليها الصهيونية العالمية وتجهز على ما تبقى منها  وتعلن دولتها العالمية.

إن المخطط الصهيونى العالمى الذى وضعه الصهيونى الأمريكى برنارد لويس لتقسيم الدول العربية قلعة الإسلام إلى دويلات وتم عرضه على الكونجرس فى جلسة سرية عام 1982  ووافق عليه الكونجرس وأوصى بأن يقوم الرؤساء الأمريكيون بتنفيذه على مراحل كل حسب ظروفه، ظهرت ملامحه منذ بداية تسعينيات القرن الماضى، وتأكدت مع بداية القرن الواحد والعشرين، فعلى المستوى الإقليمي برزت قوتان معاديتان للعروبة هى الفرس إيران فى الشرق حاملة لواء المذهب الشيعى وساعية بخطى ثابتة  لإخضاع دول عربية محيطة بها لإرادتها السياسية بزراعة وتغذية المجموعات الشيعية فى هذه البلاد وشراء ولائها الكامل للدولة الايرانية وكهنتها المنعوتين بآيات الله تحت أسماء مختلفة، وليس بخافٍ على أحد ما تعانيه تلك البلاد من انقسامات وحروب داخلية، وهى لبنان العراق واليمن وسوريا، ومن أسف أن يباهى احد كبار المسئولين الإيرانيين على الهواء مباشرة أنهم يسيطرون على عواصم تلك الدول، كما أن محاولاتهم لم تتوقف فى الولوج إلى باقى الدول العربية وضمها تحت لوائها وخاصة تلك التى تقع على الخليج العربي وفى قارة آسيا.

 وعلى الجانب الآخر من مجموعة الدول العربية برزت القومية العثمانية التركية الاستعمارية التى تحلم باستعادة إمبراطوريتها العثمانية فى ثوب جديد ولما كانت استراتيجية الغزو التوسع لا تناسب قدراتها فقد ارتأت أن تستغل هؤلاء الحالمين بالوصول  إلى السلطة بأى ثمن وهم جماعة الإخوان الإرهابية، وباعت لهم الوهم وشروه ببلادهم في أوطانهم التى باعوها بثمن بخس وكما فعلت إيران بحزب الله فى البلاد العربية فى قارة آسيا، فعلت تركيا بجماعة الإخوان الإرهابية فى البلاد العربية فى قارة أفريقيا من مصر والسودان وليبيا وتونس..... إلخ

إن ما يجرى على الساحة الإقليمية الآن يذكرنى بنظرية  القرصان الثالث وترجع هذه النظرية إلى العصور القديمة عندما عرف العالم استخدام السفن فى التنقل والتجارة عبر البحار، ومع ظهور الخير عادة ما يظهر الشر، فقد ظهر نوع من التجار عرفوا بالقراصنة البحرية ضد السفن  التجارية المحملة بالبضائع ومع إغراء الكسب السهل زاد عدد القراصنة وتفشت هذه المهنة وكان كل قرصان يكتفى بغنيمته حتى يحصل على غنيمة أخرى، ولكن شيطان القوة الأخرى أغرى أحد القراصنة الأقوياء فى الإغارة على قرصان آخر أضعف، واغتنام  ما استولى عليه من السفينة التى هاجمها، وظهرت الصراعات بين القراصنة وبعضهم البعض للفوز بأكبر الغنائم، ثم ظهر نوع آخر من القراصنة أكثر ذكاء من القراصنة السابقين، هو القرصان الثالث الذى لا يشترط أن يكون الأقوى، ولكنه الأذكى، فكان يراقب القراصنة عن بعد حتى يقوم كل قرصان بالحصول على غنيمته، ثم يقوم القرصانان الأول والثانى فى قتال بعضهما البعض للاستيلاء على غنائم الآخر حتى يجهز كل منهما على الآخر وتخور قواهما وحتى الفائز منهما يكون فى أضعف حالته بعد انتهاء المعركة، فيقوم القرصان الثالث بمهاجمته والفوز بالغنائم بأقل مجهود.

هذا بالضبط ما يحدث فى محيطنا الإقليمى، قرصان إيرانى يستولى على الدول العربية فى قارة آسيا، أو يضعف قوتها متدثرا بعباءة الدين والمذهب الشيعى مستخدما أصابعه المسماة "حزب الله"؛ وقرصان عثمانى تركى يستولى على الدول العربية الأفريقية تحت عباءة الدين متدثرا بالمذهب السنى  ومستخدما جماعة الإخوان الإرهابية فى تحقيق أهدافه المزعومة باستعادة دولة الخلافة، والدين من أهدافهم جميعا براء.

الكل يغض الطرف أو يتناسى ذلك القرصان الثالث إسرائيل التى ترقب من كثب ما يدور حولها وإن كانت غير بعيدة عن إدارة معظمها لتلتقط غنيمتها الكبرى بعد أن يجهز القرصانان على بعضهما وتخور قوى كل دولنا العربية والإسلامية.

أقول هذا القول الآن لأذكر وأنبه هؤلاء الغافلين الذين يساهمون بقصد أو بجهل فى إخضاع مركب وطنهم لأي من هؤلاء القراصنة وتسليمها لهم، وأذكر الجميع بذلك الحديث الفاصل لرسول الله صلى الله عليه وسلم - قال " مثل القائم فى حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فصار بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها وكان الذين فى أسفلها إذا استسقوا من الماء مروا على من فوقهم فقالوا لو أنا خرقنا ولم نؤذ من فوقنا فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا".

إن أحيانا كثيرة تجرى داخل وطننا الحبيب مصر أشبه تماما بالأخذ على يد من يريدون أن يخرقوا مركب الوطن فإن تركناهم غرقوا وغرقنا جميعا وإن أخذنا على يدهم ومنعناهم نجوا ونجونا جميعا أليس البناء على الأرض الزراعية وحرمان الشعب من ناتج تلك الأرض خرقا فى سفينة الوطن، أليس البناء العشوائى فى مناطق غير مخططة وحرمان المواطنين من الخدمات والمرافق كذلك، أليس محاربة كل تقدم تتقدمه مصر بإطلاق الشائعات والحرب النفسية ضده خرقا لسفينة الوطن وإحباطا لروح شعبه.

 

قبل أن تصدق أي معلومة اِعرف قائلها وتأكد من مصدرها وأهدافه وراجع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلاه.