السبت 28 سبتمبر 2024

مخاوف من "كارثة" صحية في لبنان بعد تنامي الإصابات بكورونا

عرب وعالم3-11-2020 | 12:47

يحذّر مسؤولون في القطاع الصحي في لبنان من "كارثة" مقبلة في محاربة تفشي وباء كورونا، بسبب العجز عن تطبيق تدابير رادعة تقرها الحكومة، وبلوغ المستشفيات طاقاتها القصوى، وسط وضع اقتصادي متدهور، لا يساعد في كبح جماح الفيروس.

وسجل لبنان منذ تفشي الوباء في فبراير(شباط) الماضي أكثر من 83 ألف إصابة، وأكثر من 600 وفاة، وبعدما نجحت الحكومة عبر إغلاق عام مبكر في احتواء الموجة الأولى، تسجل البلاد معدلات إصابة قياسية رغم عزل عشرات البلدات والقرى.

ودعا وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن أمس الإثنين إلى "إقفال عام في البلد لمدة 4 أسابيع مع إجراءات صارمة"، متحدثاً عن "مرحلة خطيرة" بات فيها "عدد الأسرة بالكاد يكفي للحالات المصابة".

وقال في افتتاح مركز طبي في منطقة البقاع الأحد: "نحن اليوم أمام منعطف خطير جداً وقاربنا المشهد الكارثي".

وكرّر حسن مع مسؤولين في القطاع الصحي الإشارة أخيراً، إلى أنّ تدابير الإقفال الجزئي التي فرضتها الحكومة في الأسابيع الماضية في مئات البلدات والقرى التي سجّلت إصابات مرتفعة لم تأتِ بالنتائج المرجوة، في ظل عدم الالتزام العام من المواطنين المرهقين من أزمة اقتصادية ونقدية حادة.

وبدأ تطبيق حظر تجول في كافة المناطق أمس، تزامناً مع عزل أكثر من مئة قرية وبلدة على أن تقفل فيها المدارس والمؤسسات، ونبّه حسن إلى "حالات لا تجد أسرة في العناية الفائقة، يجب أن يؤخذ هذا الأمر على محمل الجد".

وبحسب تقرير لمنظمة الصحة العالمية في نهاية أكتوبر (ترشين الأول) الماضي، فإن 88% من الأسرة في أقسام العناية الفائقة والبالغ عددها 306 كانت مشغولة.

وزاد معدل الإصابات اليومي بعد انفجار مرفأ بيروت المروع، الذي أدى إلى مقتل أكثر من مئتي شخص وإصابة أكثر من 6500 بجروح، وساهم في إرباك القطاع الصحي الهش، بعد خروج 3 مستشفيات على الأقل من الخدمة جراء الأضرار الجسيمة.

ويخشى المسؤولون انهيار المنظومة الصحية مع تسجيل إصابات مرتفعة في صفوف الطواقم الطبية وعجزها عن استقبال مرضى جدد مع استمرار ارتفاع عداد الإصابات.

وتتهم وزارة الصحة على المستشفيات الخاصة، التي تشكل أكثر من 80% من قطاع الاستشفاء في لبنان، رفض المشاركة بالشكل المطلوب في تحمل أعباء التصدي للفيروس.

إلا أن نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة سليمان هارون ينفي الاتهامات، ويتحدّث عن "صعوبات تواجهها المستشفيات للقيام بأكثر مما قامت به على هذا الصعيد" بعدما "شل انتشار الوباء طاقات القطاع وصعب أكثر فأكثر قدرته على التجهيز اللازم لاستقبال الحالات".

وفي اجتماع للجنة الوزارية لمتابعة الوباء، أعلن حمد أمس الاتفاق على "إلزامية استعداد المستشفيات على كافة الأراضي اللبنانية الخاصة ورفع جهوزيتها خلال أسبوع".

ويعاني قطاع الاستشفاء عموماً في لبنان من تدهور سعر صرف الليرة مقابل الدولار، مع صعوبة استيراد المستلزمات والمعدات الطبية، وتتهم المستشفيات الخاصة الحكومة بالتخلف عن تسديد مستحقاتها.

ويأتي تزايد تفشي الفيروس في وقت يشهد لبنان أسوأ أزماته الاقتصادية التي ضاعفت معدلات الفقر في البلاد، وبات أكثر من نصف السكان البالغ عددهم نحو 6 ملايين يعيشون تحت خط الفقر، بينما خسر عشرات الآلاف وظائفهم، أو مصادر دخلهم منذ مطلع العام.

وفي متجره لبيع الألبسة في ضاحية بيروت الجنوبية، ينبه مايك شهاب إلى أن نتائج أي توجه لإغلاق عام ستكون "صعبة".

ويقول: "إذا أقفلنا المحل شهراً سنموت من الجوع لأن اقتصاد لبنان دون الصفر، يقفلون البلد ولا بديل يقدمونه"، وأضاف "الحركة خفيفة حالياً لكن يبقى الوضع أفضل من الاغلاق، فلدي موظفون ومصاريف سنضطر إلى صرفهم وإلا كيف ندفع لهم"، مؤكداً "لم يعد بإمكاننا تحمّل خسائر أكثر"، إلا أن تدابير العزل الجزئية لا تجدي نفعاً.

وفي مقابلة تلفزيونية في نهاية الأسبوع، قال وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال محمد فهمي، إن "الوضع الاقتصادي المعدوم للدولة اللبنانية، وثقافة بعض المواطنين في كافة المناطق يحولان دون التجاوب مع التدابير الحكومية".

وأوضح "لا يمكن أن تطلب من بعض المواطنين البقاء في منازلهم مدة معينة دون مساعدتهم لأن الوضع المعيشي مأساوي"، لافتاً في الوقت ذاته إلى أن لسان حال بعض اللبنانيين الذي يقول: "مستعد لأموت أنا وأولادي من كورونا، لا أن نموت من الجوع".

ودعت نقابة أصحاب المطاعم والمقاهي والباتيسيري، وهي من بين الجهات الأكثر تضرراً من تفشي الفيروس، إلى اتخاذ قرار الإقفال التام لمدة أسبوعين، يشمل كامل الأراضي اللبنانية ودون استثناء لأي قطاع كان.

وقالت في بيان: "الأفضل أن يتم هذا الأمر في نوفمبر(تشرين الثاني) الجاري، بدل ديسمبر(كانون الأول) المقبل شهر الأعياد".