الثلاثاء 14 مايو 2024

نقيب الأشراف السيد محمود الشريف: الرسول رحمة للعالمين

3-11-2020 | 16:42

أكد نقيب أشراف مصر السيد محمود الشريف وكيل أول مجلس النواب أن احتفالنا بالرحمة المهداة رسول الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم تعني احتفالنا برسالته التي جوهرها الرحمة لكل العالمين، فبنص القرآن الكريم الذي أنزل عليه قال الله سبحانه وتعالى : ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ) وقد وصفه ربه بقوله : ( وإنك لعلى خلق عظيم )، وقال إن أشراف مصر الذين ينتشرون في كل مدنها وقراها يقفون صفا واحدا خلف وطنهم ومع قيادته الحكيمة للعبور لبر الأمان والتنمية والرخاء وبناء الدولة المصرية الحديثة إيمانا منهم بأن حب الوطن من الإيمان وتمام العقيدة، وبعث نقيب الأشراف برسائل سريعة لنواب البرلمان على شكل نصائح من برلماني مخضرم كي ينهضوا بدورهم النيابي في خدمة الشعب الذي وصفه بالبطل الحقيقي في برنامج الإصلاح الاقتصادي، وإلى نص الحوار .

نعيش أجواء مولد حضرة النبي صلى الله عليه وسلم، وبصفتك كبير أشراف مصر كيف برأيك نستقبل هذه الذكرى العطرة وكيف نحياها ؟

إحياء الذكرى واجب علينا جميعا أشراف وغير أشراف فكلنا مسلمون، ولا فضل لعربي على عربي أو مسلم على أخيه إلا بالتقوى، وعلينا أن نطبق أقوال وأفعال النبي صلى الله عليه وسلم قولا وعملا فهذا هو واجبنا نحو إحياء الذكرى، ومطلوب من الجميع أن نتدارس سيرته ومواقفه التي كانت علامات مضيئة في تعامله مع الآخرين مسلمين وغير مسلمين، كما أن علينا التخلق بأخلاقه في بناء الأسرة، وكيف كان يعامل زوجاته وبناته وأحفاده، كما أننا كنقابة أشراف ومشيخة الطرق الصوفية والأزهر الشريف ودار الإفتاء، كلنا في مركب واحد مع الكنيسة المصرية في صيغة مشتركة للتعايش والتآخي ونشر الخلق الكريم الذي أمرنا به صلى الله عليه وسلم حين قال : ( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق )، فرسالتنا أخلاقية لكل أبناء الوطن ولكل البشر، ونحن على ثقة بأن مصر محفوظة بحفظ الله وأهلها في رباط إلى يوم القيامة وأن جنودها خير أجناد الأرض كما وصفهم حضرة النبي في حديثه النبوي الشريف .

ونحن نقتدي برسول الله نبي الرحمة الذي قال فيه رب العزة ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين)، أي أن حضرة النبي أرسل للإنس والجن والشجر والطير والدواب وكل المخلوقات، وكلنا يعرف قصته صلى الله عليه وسلم مع جذع النخلة الذي كان يتكيء عليه في مسجده وهو يخطب وحين بنوا له مصطبة للوقوف عليها حن الجذع وأن للرسول فضمه حضرة النبي وبشره بمكانه في الجنة، كما نعرف حكايته صلى الله عليه وسلم مع ناقته ومع باقي الحيوانات، ووصل به الحال أن كانت علاقته طيبة مع الجماد مثل جبل أحد فقال له حين ارتجف لوقوفه وأبو بكر وعمر عليه : ( اثبت أحد )، وهو القائل عليه الصلاة والسلام : ( أقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا الموطئون أكنافا الذين يألفون ويؤلفون ) . وبحمد الله كان أشراف مصر على طول تاريخها منارات مضيئة وتشع وطنية وعملا وجهدا في سبيل وطنهم وأهل مصر، وأنصح نفسي قبل الجميع بأن نقتدي برسول الله في أقوالنا وأفعالنا مع المسلمين وغير المسلمين مثل أقباط مصر فهم أهل ذمة وقد أوصى بهم رسول الله في حديثه ونحن على دربه نسير وعلى هدي حديثه نطبق وصاياه .

ثم دعت السيدة زينب للمصريين حين لبت دعوة حاكم مصر ( مسلمة بن مخلد ) سنة ٦٢ هجرية وجاءت من المدينة المنورة لمصر بصحبة أهل البيت وأرامل حادثة كربلاء حيث استشهد مع سيدنا الحسين نحو ٧٣ رجلا من آله وصحابته وكانت مصيبة كبيرة تحملتها عقيلة بني هاشم صابرة محتسبة من العراق لدمشق ثم المدينة المنورة ونهاية بمصر، وخرج حاكم مصر ورجالها لاستقبالها عند بلبيس ثم أكرمها الحاكم وأنزلها في ديوان الحكم ولذلك أسماها المصريون ( رئيسة الديوان ) وعاشت شهورا في بيتها الذي دفنت فيه لاحقا حيث مقامها حاليا على شاطيء الخليج المصري قديما، ولما لمست حب المصريين لآل البيت دعت لهم قائلة : ( آواكم الله كما آويتمونا وأكرمكم الله كما أكرمتمونا ونصركم الله كما نصرتمونا)، ثم جاءت وفود أخرى من آل البيت إلى مصر مثل السيدة نفيسة بنت حسن الأنور بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب، وكان الإمام الشافعي معاصرا لها وكان يسألها الدعاء وقد صلت على جنازته خلف تلميذه أبو يعقوب البويطي .

ثم توالى مجيء أهل البيت لمصر في كل العصور، ومنهم من رحل للمغرب العربي مثل ( إدريس ) مؤسس دولة الأدارسة بالمغرب وهو من نسل الحسن بن علي وقد هرب من المشرق من بطش الدولة العباسية، وحين عرفه صاحب البريد في مصر سنة ١٧١ هجرية رفض أن يعترف عليه أو يسلمه للشرطة وكانت الدولة العباسية تطارده، وزعم صاحب البريد أنه هو إدريس ليفدي بروحه سيدنا إدريس الذي نجا وأعدموا صاحب البريد، وهاجر إدريس للمغرب واحتضنه الأمازيغ وزوجوه من ابنة ملكهم ( كنزة ) وعاش معها ستة أشهر وحملت منه ثم أرسل إليه العباسيون من وضع له السم فمات شهيدا، وأنجبت زوجته ولدا اسمه إدريس الأصغر ولما كبر صار ملكا على بلاد المغرب ومنه وجدت ذرية كبيرة لأهل البيت في المغرب لدرجة أن غالبية أولياء مصر وفدوا إليها من المغرب في رحلة عكسية مثل أبي الحسن الشاذلي وتلميذه المرسي أبي العباس وأحمد البدوي وأسرته والقنائي وسيدي غازي وغيرهم الكثير وفدوا لمصر إما استقرارا بها أو كممر في رحلة الحج إلى مكة والمدينة المنورة حيث كان مسار الرحلة يصل من الإسكندرية ثم إلى قوص جنوبا في صعيد مصر ثم يركبون المراكب الكبيرة في البحر الأحمر إلى ميناء ينبع بالحجاز ومنه إلى المدينة المنورة، ومن هنا وجدت صلات طيبة ووطيدة جدا بين أهل المغرب وأهل مصر، ومن استقر من أهل البيت في مصر عاشوا كمصريين وطنيين دافعوا عنها ضد الغزوات الصليبية والتتار وكانوا في طليعة الجيوش ضد الأعداء ولم يعرف عنهم التخاذل أو الهروب من الميدان ولليوم هم منارات بكل موقع هم فيه ويقدمون مصر على مصالحهم الشخصية.

كثيرون لا يعرفون تاريخ الأشراف ونقابتهم في مصر فهل تذكر لنا نبذة عنهم؟

نقابة الأشراف أنشئت بشكل رسمي منذ بداية القرن الثالث الهجري مع انتشار أهل البيت في مصر سنة ٢٠٢ هجرية حيث اجتمع رموزهم واختاروا من بينهم ( الحسن النسابة ) رئيسا لهم سنة ٢٤٧ هجرية وظل الأشراف محل رعاية السلاطين والحكام ويمنحونهم الأراضي والعقارات والمناصب فيخصص الأشراف معظمها كأوقاف خيرية للإنفاق منها على مدارس العلم وعلى الأزهر وتلاميذه ومشايخه وعلى الأرامل والأيتام لدرجة أنه كان هناك وقف لركوبة الشيخ حتى قامت ثورة ٢٣ يوليو سنة ١٩٥٢ فضمت الثورة جميع الأوقاف تحت مظلة هيئة الأوقاف وأخذت أوقاف الأشراف والأزهر والأوقاف الأهلية للإنفاق منها بشكل رسمي على المساجد والدعوة، وفي العصر الحديث أيضا تولى محمد علي الببلاوي نقابة الأشراف ثم تولاها غيره حتى صدر القرار الجمهوري بتعيين محمود كامل ياسين نقيبا للأشراف ثم تلاه ابن شقيقه أحمد كامل ياسين ومنذ سنة ٢٠١١ توليت رئاسة النقابة وأسست مبناها الملاصق لمشيخة الأزهر ودار الإفتاء، ولا ننسى دور الأشراف على مر العصور فالسيد عمر مكرم كان نقيبا لهم وهو قائد الثورة الشعبية ضد الحملة الفرنسية وهو من قاد المصريين بعد ذلك لوضع محمد علي حاكما على مصر بدلا من الولاة العثمانيين الذين كانوا ينهبون مصر، ومع ذلك نحن نعتبر أنفسنا مجرد مواطنين لنا نفس الحقوق وعلينا نفس الواجبات ونحافظ على وطننا ومقدراته بأعيننا ودمنا وكل غال ونفيس .

وما هى أهداف نقابة الأشراف حاليا ؟

الهدف الأول حفظ أنساب الأشراف في مصر حيث ينتشرون في كل قرى ومدن مصر وليس شرطا أن يحمل الشريف بطاقة عضوية بل المهم تقواه وعمله وكثيرون يحتفظون بشجرة النسب من جيل بعد جيل، والحمد لله تعتبر عائلة رسول الله وذريته هي الأسرة الوحيدة الممتدة من ألف وخمسمائة سنة لليوم وتعتبر من الكثرة بمكان وتنتشر في كل ربوع مصر والعالم لدرجة أني حين زرت أذربيجان عرفت أن زوجة الرئيس هناك من الأشراف، وكانت قريش قد عيرت الرسول بأن ذريته من البنات وليس له عقب فنزلت سورة ( إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر إن شانئك هو الأبتر ) وكما سمعت من الشيخ علي جمعة فإن الكوثر نهر في الجنة وفي رواية أخرى هم ذريته وهم اليوم أكبر أسرة في العالم، والهدف الثاني نشر الدين الوسطي المعتدل السمح والسيرة النبوية العطرة، وثالثا الحفاظ على علاقة آل البيت بأقباط مصر، رابعا دعم البعد الاجتماعي وصلة الرحم دون أن نميز بين شريف ومواطن آخر فكلنا سواسية، خامسا دعم علاقاتنا بأشراف العالم دون أن نتدخل في الشؤون الخاصة لأي بلد، بل نسعى لصلة الرحم وندعو في أيامنا هذه إلى أن يحفظ الله الأمة العربية والإسلامية وأن يقينا من شرور الفتن والأوبئة وأن نتذكر دائما أن رسالة نبينا هي الرحمة ومكارم الأخلاق، وأنصح نفسي وأهلي بذلك ونسعى للسلام مع العالم أجمع حتى ننفذ بشكل عملي ما جاء به القرآن في وصف سيدنا رسول الله ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين)، وقال فيه ( وإنك لعلى خلق عظيم) .

العمل النيابى

كوكيل للبرلمان وبرلماني مخضرم لعقود كيف ترى مهمة نواب مجلس الشعب القادم؟

العمل النيابي مسؤولية وتكليف من الشعب بحمل كل أحلام الشعب والعمل على تحقيقها وكذلك حل مشاكل الناس، واستخدام الأدوات الرقابية المتاحة له طبقا للدستور من بيان عاجل وسؤال وطلب إحاطة وطلب مناقشة ونهاية بالاستجواب وهو أعلى درجات المحاسبة المباشرة للسلطة التنفيذية، كما أن للنواب دورا تشريعيا مهما جدا لتطوير المنظومة التشريعية بما يتوافق مع مصالح الوطن والمواطنين وتسهيل حركة الدولة ودعم العلاقة بين المواطن ودولته في إطار قانوني تحكمه القواعد الدستورية المنظمة لكل الأمم وأنصح نفسي وزملائي النواب بقراءة الدور الحقيقي للنواب لأن هناك مفهوما خاطئا عن الحصانة مع أنها موجودة فقط في حدود ما وضعه الدستور وليست وسيلة للخروج على القانون أو القواعد الدستورية.

برأيك ما هي أبرز أولويات الأجندة السياسية القادمة أمام البرلمان ؟

بعد تمام الاستحقاق الدستوري وتكوين البرلمان بغرفتيه ( الشيوخ ومجلس الشعب ) أصبحنا بحاجة لتسريع قاطرة التنمية في مصر من خلال قانون التنمية المحلية وقانون انتخاب المحليات لأني أعتبره البداية الحقيقية لبناء دولة مصر الحديثة لأن معاناة المواطن الحقيقية في المحليات ولذلك نشجع التحول للدولة الرقمية لسرعة الإنجاز والقضاء على الفساد، أيضا نحتاج لإقرار قانون الإجراءات الجنائية وقانون الأحوال الشخصية وقانون العلاقة بين المالك والمستأجر، وكلها قوانين تحتاج من مجلس الشيوخ لدراسة وافية عميقة ومراعاة الأبعاد الاجتماعية لها قبل تحويلها لمجلس الشعب .

أخيرا كبرلماني مخضرم ونقيب للأشراف كيف تقيم تجربة الرئيس السيسي لليوم؟

دون مجاملة لم يحدث في تاريخ مصر القديم ولا الحديث أن بدأنا مسيرة إصلاح اقتصادي حقيقي كما يحدث حاليا، دون مزايدة أو مسكنات، وقد أخذ الرئيس السيسي زمام المبادرة وهي مخاطرة أحجم عنها كل الرؤساء السابقين فقد اختار الرئيس السيسي الطريق الصعب وبدأ برنامج الإصلاح الحقيقي في كل المجالات من حل مشكلة شبكات الكهرباء للقضاء على العشوائيات لتنمية الصعيد وسيناء وشق قناة السويس وبناء المدن الجديدة والصوب الزراعية واستصلاح الأراضي والمبادرات الصحية لعلاج غير القادرين، وكلها برامج لم يسبق اقتحامها كاليوم، وبصراحة الشعب هو البطل الحقيقي في هذه الملحمة الإصلاحية لأنه تحمل ما لم يتحمله جيل من قبل، وهذا راجع لثقته في قيادته السياسية وما شاهده من إنجازات في المشروعات القومية والطرق والمواصلات وغيرها من ملفات لدرجة أن مصر في ظل وباء كورونا لم تشهد نقصا في الغذاء أو الخدمات أو تأخيرا في المرتبات بل مضت عجلة الإنتاج كما كانت دون توقف، وعن نفسي أعتبر الرئيس السيسي كالجراح الذي فتح جسم المريض ليستأصل منه المشاكل والآلام التي تعوق حركته، وهو يقوم حاليا بإعادة الروح للوطن، وفي جميع قراراته لم يتخذ قرارا بهدف كسب تأييد جماهيري زائف أو مؤقت بل يؤدي رسالته بأمانة وصدق وتجرد، ونحن نطالب كل أجهزة الدولة أن تتعاون مع القائد في سبيل سرعة إنجاز هذه الرؤية الإصلاحية الحقيقية على أرض الواقع، وهذا يتطلب أيضا الاستعانة بالكوادر الوطنية القادرة، ونثمن تدريب بعض الشباب على القيادة واتخاذهم نوابا للوزراء والمحافظين، وبقي على الجميع أن يقوموا بدورهم في مساندة الدولة في كل موقع، والتكاتف بحق وليس بالشعارات من أجل صالح مصر وبناء الدولة القوية الحديثة . كما نثمن دور الرئيس السيسي في استعادة دور مصر على الساحة الدولية والإفريقية وعمل توازنات أصيلة في العلاقات الخارجية لمصر مع القوى الكبرى، والحق أن الجميع أصبح يحترم مصر وقائدها صاحب الرؤية والهدف والإرادة لإعادة بناء مصر دون أن يستدرج لمعارك هامشية أو جانبية تحاول سحب مصر وجرها بعيدا عن معركتها الحقيقية في التنمية وبناء الدولة الحديثة.