الأربعاء 29 مايو 2024

علاء أبو العزايم شيخ الطريقة العزمية: نتعلم من رسول الله حسن الخلق للنهوض بأمتنا

3-11-2020 | 16:58

أكد الشيخ علاء أبو العزايم شيخ الطريقة العزمية أن علينا كمسلمين فى ذكرى مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتعلم حسن الخلق للنهوض بأمتنا، لأن رسالته بالأصل جاءت بمكارم الأخلاق، ولن نرتقى إلا بالأخلاق القويمة، مشيراً أن الطبيب والمدرس والمهندس والموظف الذى يقصر فى عمله ولا يؤديه على الوجه الأكمل يعتبر خائنا لدينه ولرسول الله ولوطنه، وطالب بضرورة تثقيف الناس بنشر القيم الإيجابية ومقاومة الظواهر السلبية فى الشارع وأماكن العمل.

كما طالب بالعمل على تنظيم النسل لأن عصرنا يحتاج لمواطنين مؤهلين ومسلحين بالعلم وليس مجرد كثرة عددية بلا فائدة، ونادى بتحقيق الاكتفاء الذاتى من طعامنا وشرابنا، ونصح نواب البرلمان الجدد أن يتيقنوا من أن دورهم الرقابى والتشريعى فى سن القوانين يسبق دورهم الخدمى.

وشدد على أن حبنا لرسول الله لا يصح أن يكون مجانيا بل يجب أن يترجم إلى سلوك وأفعال ترتقى بحاضرنا وتصنع مستقبلا زاهرا للأمة.

بداية كيف تستقبلون ذكرى المولد النبوى الشريف كطريقة صوفية؟

المسلم لا يغيب عنه رسول الله مادام يعمل بالقرآن وبسنة سيد المرسلين، فبشرى لنا بمولده الذى يذكرنا بما أكرمنا الله به من ميلاده الشريف وبعث مكارم الأخلاق والرحمة والنور على العالمين، ونفرح بمولده فرحا يفوق فرحنا بالعافية والمال، ويفوق فرحنا بالملك والأولاد، نحيى لياليه بالفرحة والمسرات حبورا بمولده الشريف الذى توالت به الخيرات شكرا لله تعالى، وقد عين الله للخير أوقاتا كما جعل لغيث السماء أوقاتا فكذلك جعل أوائل ربيع الأول لتشرق فيها شمس الرحمة الربانية وتفيض فيها أنهار الفضل الإحسانية، فطوبى لمن أحيا تلك الليالى حبا فى رسول الله وقدم فيها الخير لينال ما يتمناه، وبشرى لمن كشف للمسلمين شمائل الحبيب المصطفى من جمال وجلال وما تفضل به الله علينا من الخير بهذا النبى الأمى، وإحياء ليالى رسول الله وإن لم تظهر فى عهد السلف فإن أنفسهم كلها كانت ذكرى له، وكانت قلوبهم تتمثله فى كل همة وحركة وتستحضره فى كل سكنة، وقد شغلت الدنيا وحظوظها القلوب فاحتاجت إلى اليقظة لذكر شمائل الحبيب المحبوب لتحيا فى رياض الشهود وتتناول من طهور المشروب.

وقد ذكر جدنا الإمام محمد ماضى أبو العزايم فى كتابه ( بشائر الأخيار فى مولد المختار ) أنه يستحسن ما يقوم به المسلمون من إحياء ليالى المولد النبوى الشريف تجديدا لذكرى من به أسعدنا الله بالإيمان، وإن ادعى من ينكر علينا بحصول المفاسد والبدع فإن الخير العام الذى ينتفع به كل إنسان لا يمنع بحصول مفسدة بسببه إذا عم النفع به وسطع، فليتق الله من يمنعون هذا الخير فإن منع الاحتفال بمولده الشريف هو شر البدع، اللهم إنا نسألك بحبيبك المصطفى أن توردنا موارد أهل الصفا، وأن تعيننا يا مولانا على القيام له بالوفا، وأن تجعلنا ممن يفرح بذكراه وممن نصره ووالاه وأن تحيى قلوبنا بإحياء ليالى مولد حبيبك الشفيع الأعظم وتعيننا على شكرك بما تفضلت به علينا بوسيلتنا العظمى وحبيبنا النبى الأكرم، ونتوجه يا إلهى إليك أن تجعلنا أنصارا لحضرته المحمدية عمالا بسنته النبوية مجددين لآثاره فائزين فى الدنيا والآخرة بأنواره وأن تمكن لنا بالحق فى الأرض مع المحافظة على السنة والفرض والقيام لك بما تحبه وترضاه .

وقد صاغ المولد النبوى الشريف نثرا وشعرا وسجعا، كما فعل الشيخ البرزنجى وترقى حتى وصل إلى أن قال شعرا (ونادنى أيا ماضى تهنى - فأنت ومن يحبك فى أمان )، ومن مدائحه فى رسول الله والتى تغنى بها أحمد الكحلاوى هذه القصيدة الجميلة التى يقول فيها : ( على قدرى أصوغ لك المديحا - ومدحك صاغه ربى صريحا ) (ومن أنا يا إمام الرسل حتى - أوفى قدرك السامى شروحا ) ( ولكنى أحبك ملء قلبى - فأسعد بالوصال فتى جريحا ) ( وداو بالوصال فتى معنى - يروم القرب منك ليستريحا ) ( فموسى رد بعد سؤال ربى - وأنت رأيته كشفا صريحا ) ( ألم نشرح، ورب اشرح، بيان - لقدرك سيدى أضحى مبيحا) .

وعن ضرورة وسنة إحياء ليالى مولده الشريف يقول الإمام ماضى أبو العزايم فى شعره: ( ليالى رسول الله أشرق نورها - علينا وفى الكونين فاح عبيرها ) ( فبشرى لمن أحيا ليالى محمد - فها هى بالإقبال لاحت بدورها ) ( فهيا بنا نحيى ليالى أحمد - لنحظى بفردوس الجنان وحورها ) ( خصوصا ليالى الصفو والقرب واللقا - ليال بطه قد تبدى سرورها ) (ألا يا رسول الله جئناك نرتجى - بك الغوث يا ضوء العيون ونورها ) ( ألا يا حبيب الله جئناك نرتجى - بك الغوث من نار الجحيم وحرها ) ..فاحتفالنا برسول الله ممتد كل عام وكل يوم ومع كل نفس، ورسول الله جاء جامعا لخصائص الأنبياء كافة ثم ظفر بالمقام المحمود وهو رحمة الله للعالمين، واحتفالنا به سنة حسنة ومشروعة، ودعا القرآن الكريم إلى ذلك وخاطبنا رب العزة بقوله: ( إن الله وملائكته يصلون على النبى، يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ) .

استعادة مكارم الأخلاق

برأيك كيف يكون احتفالنا بذكرى مولده الشريف عمليا وبما يفيد مجتمعنا فى هذه الأيام؟

سيدنا رسول الله بعث فى أمة جاهلية وقال فى حديثه النبوى الشريف: ( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق )، ثم جاءت الدولة الأموية بجاهلية أخرى، وتخلصت من آل البيت ثم جاهلية الدولة العباسية بسجن وتشريد آل البيت ثم جاهلية الدولة العثمانية التى حاربت المسلمين فى ديارهم وحكمتهم بالحديد والنار، وحاليا نحن عدنا لوضع باتت الأخلاق فيه فى أزمة حقيقية، وأصبح لزاما على جميع الطرق الصوفية أن تنشر الأخلاق وترتقى بالمسلمين، وأن تبدأ بأتباعها ومريديها لنصل إلى مكارم الأخلاق ولكن للأسف دور الطرق الصوفية مهمش، وأصبح لزاما على كل صاحب دور توعوى وصاحب رسالة أو قلم أو منصب أن يتحمل مسئوليته نحو الأجيال الجديدة والقادمة بنشر القيم الأخلاقية والإيجابية وإلا كان خائنا لدينه ولرسول الله ولوطنه، الطبيب فى عيادته، والمدرس فى فصله الدراسى، والموظف فى مكتبه، والمهندس فى موقعه، كل واحد فينا إن لم يقم بدوره وكما ينبغى يكون مقصرا وخائنا لدينه ولنبيه ولوطنه، نحن كلنا نزعم بأننا نحب سيدنا رسول الله، والواقع أن أغلبنا بعيد كل البعد عن ترجمة هذا الحب إلى سلوك وتطبيق على أرض الواقع، وكما قال سيدنا رسول الله فى حديثه الشريف إن المسلم لن يدخل الجنة بصلاته ولا بصيامه ولكن بحسن الخلق.

وهنا يحضرنى قول أمير الشعراء أحمد شوقى: ( إنما الأمم الأخلاق ما بقيت - فإن هموا ذهبت أخلاقهم ذهبوا ) ، وقوله : ( بالعلم والمال يبنى الناس ملكهم - لم يبن ملك على جهل وإقلال)، كما تحضرنى أبيات للشاعر أبو شادى: (ذلت حديثا أمة - أن تفاخر بالقدم) (وحال منها الزمان رمة - طول التباهى بالرمم) (ويل الضعيف نداؤه - فى مسمع الدنيا صمم)، ولا زلت أذكر سيدة المعادى التى وجدت أن كيلو اللحم يباع بحى السيدة زينب بثلاثة جنيهات وكان يباع وقتها فى حى المعادى بعشرة جنيهات فأسست حملة لمقاطعة جزارى المعادى ونجحت وأصبح الجزارون يبيعون اللحم فى المعادى بنفس سعره بالسيدة زينب، وهذا نموذج مضيء لدور المجتمع المدنى فى مواجهة الجشع والاستغلال والظواهر السلبية والفساد، واليوم نحتاج لعشرات من مثل هذه السيدة الرائدة .

تخيلوا معى لو بعث سيدنا موسى وسيدنا عيسى وسيدنا محمد فمن يفتخر بأتباعه؟ .. سيدنا موسى سيجد عشرين مليونا من اليهود ملكوا العالم، وسيدنا عيسى سيجد أتباعه قد تفوقوا فى العلم والصناعة والزراعة والدواء وفى كل شيء، وسيدنا محمد سيجد أتباعه وهم أكثر من مليار ونصف المليار مسلم قد استوردوا غذاءهم وشرابهم وسلاحهم ودواءهم، فهل سوف يباهى بنا رسول الله؟ .. عذرا سيدى رسول الله فكلنا نزعم حبك ولكننا لم نترجم هذا الحب لعمل حقيقي!

مشكلة الانفجار السكانى مزمنة ومتفاقمة من عقود وكم حذر منها الرئيس وتبدو استجابة الناس ضئيلة فكيف برأيك نتصدى لها؟

زمان كان التعليم إلزاميا منذ دعا طه حسين إلى ذلك وهو وزير فى حكومة مصطفى النحاس نهاية عصر الملك فاروق، وكان الفلاح والعامل لا ينجب أكثر من فردين وكانا يحصلان على تعليم جيد، وعلى سبيل المثال فإن أسطورة الطب على باشا إبراهيم التى قامت على تربيته أمه وساندته حتى حصل على أرقى تعليم رغم تخلى زوجها عنها، وحين عالج السلطان حسين كامل من ورم فى رقبته لفت الأنظار وحصل على الباشاوية ثم تعددت أياديه البيضاء على الطب والتعليم الطبى فى مصر وعلى أجيال كثيرة وأصبح أسطورة ليومنا هذا، ثم ألغى التعليم الإلزامى وأصبح التعليم اليوم مكلفاً، ومن يملك يتعلم ومن لا يملك لا مكان له، فأصبح الفلاح والعامل والبواب ينجب أكثر كى يتحول الأولاد إلى عمال لاحقا ويجلس هو مستريحا وهم يعملون ويكسبون دون أن يحصلوا على مستوى معقول من التعليم، زد على ذلك أن التعليم زمان كان واحدا، أما اليوم فلدينا أكثر من نوع من التعليم ( إنجليزى وفرنسى وأمريكى وألمانى و...إلخ ) وأصبح لدينا أجيال جديدة من الشباب تتباهى بجهلها باللغة العربية لغة القرآن، وهناك اليوم من الشباب من لا يعرف كيف يكتب أو يقرأ سطورا بالعربية، وزمان كانت هناك تربية سابقة على التعليم وكان اسمها ( وزارة التربية والتعليم ) فأين التربية اليوم؟ وأين شعار طه حسين ( التعليم حق كالماء والهواء ) ؟!.

نعيش هذه الأيام أجواء انتخابات مجلس النواب فكيف ترى دور وأهمية المجلس القادم؟

 

للأسف كثير من الناس يظن بغباء أن دور النائب تحت قبة البرلمان هو الدور الخدمى مثل التوسط للإفراج عن مسجون أو تعيين شاب أو مساعدة مريضة فى المستشفى، وهذا خطأ فاحش لأن دور النواب بالأساس دور رقابى على الحكومة والسلطة التنفيذية وكذلك دور تشريعى فى سن القوانين لمصلحة الشعب، وأتمنى أن يفهم الناس ذلك .

أخيرا كيف ترى إنجازات القيادة السياسية على أرض الواقع؟

لا شك أن إنجازات كثيرة قد تحققت على يد الرئيس عبدالفتاح السيسى من طرق وكبارى ومدن جديدة والقضاء على العشوائيات ولا زلنا ننتظر من الحكومة مزيدا من دعم الصناعة والزراعة والبحث العلمى وتثقيف الشعب من خلال العمل على أرض الواقع ومع الناس لتغيير الحياة للأفضل، فالرئيس الأمريكى جون كيندى حين قال ( لا تقل ماذا أعطتك أمريكا بل ماذا سوف تعطيها ) ترجم ذلك لأفعال، مثلا غالبية من الناس تفطر فول وبيض وجبن مع عدد من أرغفة الخبز، وهو إفطار بلا طاقة، فلو خرج طبيب كبير ونصح الناس بقليل من العسل الأسود مع نصف رغيف وبيضة لكان كافيا، كذلك منظر شوارعنا وما بها من قمامة ومخالفات مرورية وغيرها من مظاهر الفوضى لو أوقعنا غرامة فورية لانضبط الشارع، فقد رأيت فى أمريكا أن غرامة إلقاء علبة سجائر فارغة عشرة دولار وغرامة إلقاء زجاجة فارغة من نافذة السيارة ٣٠٠ دولار وغرامة ركن السيارة بطريقة خاطئة ١٢٥ دولارا، وعلينا أن نأخذ بذلك وعلى الجميع لضبط الشارع وكى يتعود الناس على الانضباط الذى نفتقده

أصبح لزاما على كل صاحب دور توعوى وصاحب رسالة أو قلم أو منصب أن يتحمل مسئوليته نحو الأجيال الجديدة والقادمة بنشر القيم الأخلاقية والإيجابية وإلا كان خائنا لدينه ولرسول الله ولوطنه، الطبيب فى عيادته، والمدرس فى فصله الدراسى، والموظف فى مكتبه، والمهندس فى موقعه، كل واحد فينا إن لم يقم بدوره وكما ينبغى يكون مقصرا وخائنا لدينه ولنبيه ولوطنه