الأحد 19 مايو 2024

شبابيك.. كتابات لم تنشر من قبل لجمال حمدان

فن3-11-2020 | 17:44

22 عامًا مرت على استشهاده وما زال حاضرًا فى الوجدان المصرى

·      إسماعيل سراج الدين: دراسة فى عبقرية المكان" أهم دراسة جغرافية عن مصر المعاصرة

·      الكتابات الحمدانية المجهولة:

·      علم بائس: الجغرافيا!

·      إذا تعمق غرق، وإن طفا تسطح!

·      أعظم سياسة خارجية ممكنة لمصر اليوم هى البناء الداخلى

·      مصر ليست قلعة المصريين، ولكن قلعة العرب

·      لولا الإسلام.. لما وجد العالم العربى

·      لنبتعد إذن عن التبعية لأمريكا!

·      مصر أعرق دولة سياسية فى التاريخ

·      الصلح مع إسرائيل بمثابة هدنة مسلحة

·      يوم 19 نوفمبر 1977 تم وضع حجر الأساس من الإمبراطورية الصهيونية العظمى من النيل إلى الفرات

·      كامب ديفيد: كيف نودع جثة مصر إلى مقرها الأخير فى أكبر احتفال مهيب لائق!

·      حرب أكتوبر: هى الفرح الذى انقلب إلى مأتم بعد كامب ديفيد

·      المقاومة الفلسطينية: من كان منكم بلا خطيئة فليرميها بحجر!

·      لقد تغيرت شخصية مصر، ولكن لم تتغير الشخصية المصرية بعد

يوم 17 أبريل الماضى مرت 22 عامًا على استشهاد جمال حمدان. وما زالت مصر تحتضنه.. وما زالت أسئلة استشهاده أو وفاته مطروحة بلا إجابة.. وقد أصدرت مكتبة الإسكندرية مجلدًا مهمًا عن جمال حمدان عنوانه: جمال حمدان 1928 – 1993 وعبقرية المكان.. أعده: محمد محمود غنيمة، وأيمن منصور. ويقف خلف فكرة إصداره الدكتور خالد عزب.. المسئول الكبير فى المكتبة.. وقدم له الدكتور إسماعيل سراج الدين بمقدمة مختصرة لكنها عميقة.

الجديد فى هذا المجلد هو نشر خواطر وآراء وانطباعات وعبارات دالة لجمال حمدان لم تنشر من قبل.. فيها تلخيص دقيق لحكمته ورؤيته للدنيا.. فالرجل كان يقظًا حتى لحظة عمره الأخيرة. وكانت علاقته باللغة العربية علاقة فنان أكثر من باحث فى الجغرافيا السياسية.

كتب الدكتور إسماعيل سراج الدين فى مقدمته: "لم يكن الدكتور جمال حمدان مجرد أستاذ للجغرافيا، بل كان مفكرًا وعالمًا أفنى عمره كله باحثًا فى عشق مصر، محللًا لزمانها ولمكانها.. فألف فيها موسوعته الخالدة المعروفة بـ "شخصية مصر؛ دراسة فى عبقرية المكان"، التى اعتبرت أهم دراسة جغرافية عن مصر فى الفترة المعاصرة، وتبقى هذه الموسوعة الخالدة رمزًا للفكر المستنير والرؤية الواسعة وللعلم المترابط، ويبقى جمال حمدان نجمًا فى سماء المبدعين والعلماء المصريين، الذين دفعهم حب المعرفة وحب الوطن، فأنتجوا وأبدعوا، وبقيت أعمالهم ليقرأها الجيل بعد الجيل.

أما خواطر جمال حمدان، التى لا تقل أهمية عن كتبه وكلماته الأخيرة الموجودة فى كتاب: مكتبة الإسكندرية. فنقرأ منها:

قل لى ما هو هذا الحاكم أقل لك من هو هذا الشعب.

فإذا كان الحاكم هو القمة إلى القاع، يخشى الشعب ويرتعد أمامه؛ فهذا شعب حقًا.. أما إذا كان العكس، فليس هذا بشعب وإنما قطيع.

السد العالى أحدث فصلًا طبيعيًا وجغرافيًا وميكانيكيًا بين الماء والطمى ومكانه بعد أن كان مركبًا واحدًا.. فانقسم النيل إلى اثنين:

نهر ماء بلا طمى شمال السد العالى وأسفله (نحر).

وبحيرة ماء وطمى جنوب السد العالى وأعلاه (الإرساب).

علم بائس: الجغرافيا!

إذا تعمق غرق، وإن طفا تسطح!

بالتوسع الرأسى يخرج من الجغرافيا، وبالتوسع الأفقى يصبح بلا فائدة! مأساة!.

الشعب فاعل، والحاكم مفعول به، وليس بالعكس.

أعظم سياسة خارجية ممكنة لمصر اليوم هى البناء الداخلى؛ كل ما عدا ذلك عاد بلا جدوى، ابن قوتك داخليًا أولًا ثم انطلق. حتى الدول العربية لن تقبل عليك وتعترف بك حقًا إلا من موضع القوة، قوتك، على عكس ما قد يبدو.

مصر ليست قلعة المصريين، ولكن قلعة العرب.

بمعنى أنها ليست منطوية على نفسها ولا انفصالية، ولكنها على العكس حصن الوحدة والعروبة.

تعليق من عندى: 22 عامًا مرت على رحيل جمال حمدان. وحديثه عن فكرة بناء مصر يبدو كما لو كان يقال عن مصر الراهنة: هنا والآن.

الطغيان لا يصنعه الطاغية، وإنما الشعب هو الذى يصنع الطاغية والطغيان معًا.

إسماعيل حاول أن يجعل مصر "قطعة من أوربا"

هدف السادات الآن بالانحياز والانفتاح أن يجعل مصر "قطعة من أمريكا".

لولا الإسلام، لما وجد العالم العربى.

الحياة كالعزلة، لم يعد ممكنًا فى عالم اليوم.. والحياد المصرى إذا كان المقصود به أمريكا وروسيا فأهلًا! لنبتعد إذن عن التبعية لأمريكا!

أما إذا كان المقصود الحياد بين إسرائيل والعرب، فهذه هى الخيانة العظمى فى فلسفة جديدة تعبر فلسفة الحضارة.

مصر أصبحت قطعة من أوربا – فى الأسعار والاستهلاك والمطلوب الآن "وهو كل أزمة مصر" أن تتحول أيضًا إلى قطعة من أوربا فى الدخل والإنتاج.

وحدة مصر الحقة تتبلور فى جغرافيتها أكثر منها فى تاريخها؛ تاريخها يمتاز بالانقطاع – بينما الاستمرارية أبرز فى جغرافيتها

الأسرة "العالم العربى" كالمجموعة الشمسية حول مصر؛ مصر الشمس والعرب كواكب وأقمار وكويكبات "إلا أنها على جانبى مصر وليس على جانب واحد فقط كالمجموعة الشمسية". هذا من حيث الأحجام السياسية وكالأجرام السماوية". البترول حول بعض الكويكبات إلى أقمار والأقمار إلى كواكب دون أن تتضاءل أو تتأثر شمس مصر، وإنما كل ما حدث أن وزن المجموعة الشمسية ككل قد زاد لونًا وأصبح أكثر تألقًا وإشراقًا.

 

مع الإسلام ظهر العالم الإسلامى كفكرة عامة وكوحدة شاملة، وبالتدريج فى أواخر العصور الوسطى فقط بدأت تظهر فكرة العالم العربى الإسلامى، وفى العصور الحديثة فقط تبلورت فكرة العالم العربى فقط، أى التطور من:

العالم الإسلامى فقط.

إلى العالم الإسلامى العربى.

إلى العالم العربى فقط.

بالموازاة سارت فكرة أخرى متداخلة، الشرق: كان هناك منذ بداية العصور الحديثة فكرة الشرق عمومًا. وتخصص منها بالتدريج الشرق الإسلامى، ثم انسلخ عنها بالتدريج الشرق العربى.

مصر أعرق دولة سياسية فى التاريخ، ولكن وا أسفاه أعرق دولة فى الديكتاتورية أيضًا.

مصر كانت عند الحملة الفرنسية مثل "أهل الكهف" استيقظت على عصر غير عصرها.

قناة السويس حولت مصر من يابس واحد وبحرين إلى بحر واحد ويابسين.

الوطنية المصرية بدأت مع بداية أسرة محمد على، والقومية العربية بدأت مع نهايتها.

سواء كان الصلح مع إسرائيل بمثابة صلح الرملة "إشارة إلى الصليبيات" أو بمثابة صلح بريست ليتوفسك "إشارة إلى الروسيا وتغيرها"، فهو هدنة مسلحة على مستوى غير عادى، وفترة تجميد للصراع وليس نهاية له.. بل استعادة للحرب من جديد فى ظروف أفضل والتقاط أنفاس.. إن الاعتراف ليس نهاية المطاف، والصلح ليس نهاية الصراع.

إن أزمة مصر ليست تكتيكية، بل استراتيجية.

خطأ عبد الناصر أنه لم يدرك المتغيرات الاستراتيجية أصلًا.

وخطأ السادات أنه يحاول بسذاجة أن يصلح خطأ الاستراتيجية بالتكتيك.

القضية كلها قضية الديمقراطية × الديكتاتورية وبالتحديد فى مصر خاصة. ضياع العالم العربى كله بسبب الديكتاتورية فى مصر. لا تحرير للوطن الكبير إلا بعد تحرير المواطن والوطن الصغير.

لسنا نرفض السلام ولا التعايش السلمى حتى مع العدو رغم كل شىء. ولكنه الذى يرفضه؛ لأنه يعنى عنده الاستسلام المطلق والعبودية الحقيقية.

يوم 19 نوفمبر 1977 تم وضع حجر الأساس من الإمبراطورية الصهيونية العظمى من النيل إلى الفرات.. وجاءت حرب لبنان الدور الأول من البناء.

تعليق من عندى: يوم 19 نوفمبر سافر الرئيس السادات إلى إسرائيل وخطب فى الكنيست عارضًا السلام على العدو الصهيونى الذى لم يعترف بهذا السلام حتى الآن.

إسرائيل العدو المباشر، أمريكا العدو اللاحق، الأنظمة العدو السابق.

إذا لم تكن الحرب السادسة مع مصر، فقد تكون مع سوريا، فإذا كانت مع سوريا، فقد تكون السابعة مع مصر.

ليس المطلوب بعد استراتيجية عربية، المطلوب شعوب عربية جديدة، أمة جديدة.

على الشعوب العربية أن تختار بين الأنظمة الحاكمة أو العبودية لإسرائيل.. أصل العبودية لإسرائيل هو العبودية للطغيان الحاكم.

الإسرائيليون هم فاشلو الصهيونية العالمية، والصهيونية هم فاشلو اليهودية العالمية.

كامب ديفيد: كيف نودع جثة مصر إلى مقرها الأخير فى أكبر احتفال مهيب لائق!

حرب أكتوبر: هى الفرح الذى انقلب إلى مأتم بعد كامب ديفيد.

المقاومة الفلسطينية: من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر!

سؤال: لو كانت فلسطين أو إسرائيل أرض الميعاد، تقع أصلًا فى غرب الأناضول مثلًا، هل كانت تبقى، بل أكانت تقوم أصلًا، قطعًا، كان سيقذف بها فى البحر، كما حدث مع اليونانيين وغيرهم فى العشرينيات.. إنما العرب أمة مستضعفة.. ولو لم تكن لما كانت ألعوبة العالم ولعبة الصهيونية.

هل تصبح مصر بين العرب مثل إنجلترا فى العلم.. دولة قديمة شاخت وتنحدر، تلفظ أبناءها فيتركونها، حيث لا مجال لهم فيها، مثلما دول البترول هى كأمريكا قوة المستقبل؟ كلا قطعًا.

لقد تغير كل شىء فى مصر تقريبًا. تغيرت مصر فى كل شىء إلا شيئًا واحدًا هو نظام الحكم.. معنى هذا: لقد تغيرت شخصية مصر، ولكن لم تتغير الشخصية المصرية المصرية بعد. ولم يبق، إلا تغيير نظام الحكم لتلحق الشخصية المصرية بشخصية مصرية جديدة. لم يبق، يعنى، سوى الثورة الشعبية فقط.. وبعدها يتم انتقال مصر برمتها انتقالًا تاريخيًا من شخصية إلى شخصية، الوطن والمواطنة، الأرض والشعب، المصر والمصرى.

تعليق من عندى: لم يبق سوى الثورة الشعبية.. هذا ما كتبه جمال حمدان فى سبعينيات القرن الماضى.. فهل يمكن القول إنه أول من تنبأ قبل ذلك بسنوات كثيرة بالخامس والعشرين من يناير وحلم به؟!

دور مصر فى العالم العربى الإسلامى فى العصور الوسطى كان للأسف سالبًا أكثر منه موجبًا.. وكان للدفاع أكثر منه الهجوم. فمثلًا قفزت على ظهرها كل الفتوحات العربية إلى المغرب والأندلس دون أن تشارك هى فى ذلك قط.. هذا عدا أنها فتحت وخضعت للمجتمع مشرقًا ومغربًا.. باختصار؛ لم تشارك فى صناعة الإمبراطورية، بل كانت جزءًا منها.

تعليق أخير من عندى: قلت إن هذه الكتابات ربما كانت آخر ما كتبه جمال حمدان.. وأعتذر عما قلته.. فهذه كتابات فى النصف الثانى من سبعينيات القرن الماضى.. عندما حدث التحول الخطير فى مصر وقرر حاكمها إبرام معاهدة مع العدو الصهيونى. حيث كانت طبول الانفتاح الاقتصادى تدق ليلًا ونهارًا. وكان الدور العربى لمصر يبدأ زمن الأفول.

هذا كلام عن الحاضر لو أننا قرأناه بعناية. ويمكن أن نستفيد منه كثيرًا ونحن نحاول بناء مصر الجديدة.

نقلا عن مجلة المصور