الثلاثاء 11 يونيو 2024

مقاهى الغلابة: تحدثوا عن تذكرة المترو و"الكورة" والأسعار

تحقيقات3-11-2020 | 20:21

(أغداً ألقاك يا خوف فؤادى من غدٍ، يالشوقى واحتراقى فى انتظار الموعد، آه كم أخشى غدى هذا وأرجوه اقترابا، كنت أستدنيه لكن هبته لما أهابا، وأهلت فرحة القرب به حين استجابا، هكذا احتمل العمر نعيماً وعذابا).. من راديو خشبى عفى عليه الزمن، فى أعلى ركن بالمقهى، يمتزج صوت كوكب الشرق أم كلثوم بهموم المصريين وآلامهم وآمالهم.

الجلوس على المقهى، هو المُتنفس الكبير الواسع للغلابة، للتعبير عن معاناتهم اليومية سواء كانت مشاكل فى العمل أو فى المنزل بعد موقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك" سواءً لكبار السن أو الشباب أو الفتيات، أو نتيجة للقرارات التى اتخذتها الحكومة المصرية برئاسة المهندس شريف إسماعيل، رئيس الوزراء، والتى أكد عليها الرئيس عبد الفتاح السيسى، فى خطابه الأخير للشعب، وذلك أثناء افتتاحه مجمع الشركة المصرية لإنتاج الإيثيلين، والتى تمثلت فى زيادة أسعار الكهرباء فضلاً عن دراسة الحكومة خلال الأيام المقبلة لرفع سعر تذكرة المترو، وزيادة الأجر الاشتراكى التأمينى والذى كان له الدور فى انخفاض مرتبات العاملين والذى اعتبره البعض بمثابة انخفاض فى مرتباتهم، بالإضافة إلى قرض صندوق البنك الدولى الذى اقترضته الحكومة مؤخراً، وسعيها إلى مفاوضات لدعم الاقتصاد بـ"5 مليارات دولار إضافية على ثلاث سنوات" من عدة دول عربية على رأسها دولة الامارات العربية المتحدة بدعم ومساندة صندوق النقد الدولى.

وبعيداً عن مراكز استطلاعات الرأى التى لا نعرف مدى مصداقيتها، أجرت "المصور" استطلاعًا ميدانيًا من مقاهى القاهرة لتنقل نبض وحكاوى القهاوى عن القرارات الأخيرة التى اتخذتها الحكومة ومدى تأثيرها على المواطنين، بالإضافة إلى ما يدور على ألسنة رواد المقاهى. 

الحديث على المقاهى مختلف بسبب الاختلاف فى الشرائح المجتمعية التى ترتاد هذه المقاهى، فبعضهم يتحدث عن الأعباء اليومية فى العمل، وآخرون يتحدثون عن غلاء أسعار بعض السلع الضرورية فى حياتهم اليومية، وبعضهم لا علاقة لهم بالحياة إطلاقاً سوى الجلوس على المقاهى من أجل الترفيه عن أنفسهم ولا صلة لهم بما يحدث على أرض الواقع سواءً كانت أخبارًا سياسية أو فنية أو رياضية، والبعض الآخر من أصحاب الشهادات العليا منهم من يتحدث عن أعباء مهنته وعن تدّنى دخولهم، ومن تخرج ولم يتحصل على وظيفة.

"حلم السفر"

السفر إلى الخارج بعد سنوات من التخرج بدون عمل أحد أهم حكاوى القهاوى لا سيما بين شباب الخريجين، حيث تحدث أحدهم عن أمله فى وجود فرصة للسفر إلى دولة أوربية معتبراً ذلك بمثابة نقلة اقتصادية له وأنها المنفذ الوحيد لتحقيق أحلامه التى يحلم بها منذ تخرج فى كليته، وعلى الرغم من حديثه عن السفر إلى الخارج إلا أنه فى الوقت ذاته يتمنى أن ينصلح حال البلد اقتصادياً، فيقول: أشتغل فى بلدى وبشهادتى أحسن ما أشتغل بغير شهادتى وأبقى مذلول عند اللى شغال عنده بس أعمل إيه حال البلد زى الزفت ومفيش حل غير إنى أسافر برا وأشتغل فى أى مهنة حتى لو اشتغلت عامل نظافة أو كاشير فى مطعم".

"عش الزوجية"

مشهد آخر يجسد معاناة الشباب من الزواج نتيجة المغالاة فى المهور لا سيما بعد ارتفاع تكاليف الزواج وأسعار الذهب، ثلاثة أشخاص فى مطلع الخمسينيات يجلسون على كراسى أمام أحد المقاهى أعلى الرصيف، ثم يطلبون شاى بالنعناع، وبدأوا يتناولون أطراف الحديث عن موضوع بنت أحدهم التى ستتزوج بعد شهرين وتحتاج لجهاز يتخطى ثمنه 100 ألف جنيه، فرد الآخر قائلًا: "كتر خير العريس سعر الدهب بالشىء الفلانى والجرام بـ500 جنيه، هو المرتب هيكفى إيه ولا إيه يعنى؟"... واستمر الجدل بينهم دون الانتهاء إلى حل قائلين: "ربنا يصلح حال البلد وتعدى الأيام على خير".

"أهلاوى.. وزملكاوى"

الرياضة والحديث بالأخص عن فريقى الكرة الرئيسيين فى مصر (الأهلى والزمالك).. كان حديث أغلب رواد المقاهى من الشباب لا سيما فى مطلع العشرينيات والذين يبدو على وجوههم التعصب، ويتحدثون بصوت مرتفع عن فريقى الاهلى والزمالك، ونتائج المباريات الأخيرة التى حققها كلا الفريقين فعن الزمالك تحدث أحدهم عن الإنجازات التى حققها النادى مؤخراً مفتخرًا بفوزه على نادى القرن وحصوله على كأس مصر، كما تحدث أحدهم ويبدو عليه أنه عاشق للأهلى عن الاصلح لتولى فريق الاهلى، وغيرها من الامور الرياضية.

"الكيف.. وحاجات أخرى"

الحديث عن الجنس والكيف وأسعار المخدرات لم يكن بمنأى عن حديث المقاهى، فبعضهم تحدث عن قدرة الرجل جنسياً واستخدام الرجال والنساء للمنشطات الجنسية، وبعضهم تحدث عن كثرة الطلاق فى الآونة الأخيرة بسبب ضعف قدرة الرجال، وعلى الناحية الأخرى تجد أحدهم يتحدث عن الحشيش وارتفاع أسعاره بسبب القبضة الامنية والضربات الاستباقية من قبل قوات الأمن لتجار الحشيش، وبعضهم تحدث عن تعدد الزوجات بسبب الخلافات اليومية بين الرجل والمرأة.


نقلا عن مجلة المصور