كرمت الدورة الحالية من مهرجان الموسيقى العربية، الفنان عمار الشريعي، الذي
اشتهر بعبقريته الموسيقية، وموهبته التي نبعت منذ صغره.
اعتمد الشريعي على التعلم الذاتي، رغم فقدانه البصر، فصقل موهبته الفذة كموسيقار كبير.
ولد الموسيقار "
عمار الشريعي " في مدينة سمالوط بمحافظة المنيا في صعيد مصر ، وسط أسرة
مناضلة شاركت في مناصب عليا ، فكان والده نائب بالبرلمان المصري ، وكان جده "
مراد بك الشريعي " أحد أقطاب ثورة 1919 ، وكان شقيقه الأكبر سفير مصر
بأستراليا
.
ظهر حب الشريعي للموسيقى منذ نعومه أظافره، فاشترى له والده بيانو للعزف عليه، وخلال
دراسته تعرف على الموسيقار كمال الطويل، فتبنى موهبته ، حتى تعرف على
الموسيقار الكبير بليغ حمدي، وكان رئيس فريق الموسيقى، ثم عمل في
العديد من الفرق الموسيقية بعدها، ولم تنته مواهب عمار إلى هذا
الحد ، فكان سباحا ماهرا .
أحب الشريعي الموسيقى والفن، ودرس الموسيقى الشرقية على يد أساتذة كبار في مدرسته
الثانوية في إطار خطة وضعتها وزارة التربية والتعليم، خاصة بالطلبة المكفوفين
الراغبين في تعلم الموسيقى، وكانت تلك أول خطوة في طريقه نحو النجاح والحلم، فاتقن العزف على
آلات البيانو والأكورديون والعود والأورج، بمجهود ذاتي.
تخرج الشريعي في كلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية بجامعة عين شمس، وسرعان ما بدأ حياته
العملية، فعمل بمجال الموسيقى كعازف لآلة الأكورديون، في عدد من الفرق الموسيقية، التي كانت منتشرة في مصر آنذاك، ثم اتجه لآلة الأورج، حيث تفوق فيها كأحد أبرع
عازفي جيله من الموسيقيين، واعتبر نموذجاً جديدا في تحدي الإعاقة، نظرا لصعوبة وتعقيد هذه الآلة واعتمادها بدرجة كبيرة على الإبصار .
واتجه الشريعي إلى التلحين والتأليف الموسيقى، حيث كان أول ألحانه "إمسكوا الخشب" للفنانة مها صبرى عام 1975، وزادت ألحانه عن 150 لحنا، لمعظم مطربي ومطربات مصر والعالم العربى .
برع الشريعي في وضع الموسيقى التصويرية للعديد من الأفلام والمسلسلات التليفزيونية
والإذاعية والمسرحيات، ونال معظمها شهرة ذائعة، وكان منها "أحلام هند
وكاميليا"، "البريء"، "كل هذا الحب"، "الصبر في
الملاحات"، "منزل العائلة المسمومة"، "لا تسألني من
أنا"، "أبناء وقتلة"، "الرحايا حجر القلوب"، "شمس
الأنصاري"، "أميرة في عابدين"، و"أوبرا عايدة"، "رأفت الهجان".
كون فرقة الأصدقاء في عام 1980، والتي كانت
تضم "منى عبد الغني، حنان، علاء عبد الخالق"، وحاول من خلالها مزج الأصالة بالمعاصرة، وخلق غناء جماعي حيث يتصدى لمشاكل
المجتمع في تلك الفترة
اهتم الشريعي بأغاني الأطفال فلحن أغاني احتفالات عيد
الطفولة، تحت رعاية السيدة سوزان مبارك، لمدة 12 عاماً متتالية، وشارك في هذه الأعمال مجموعة من كبار الفنانين والمطربين مثل: عبد المنعم مدبولي، نيللي، ضفاء أبو السعود، لبلبة، عفاف راضي .
أعطى اهتماماً كبيراً
لاكتشاف ورعاية المواهب الجديدة مثل: أعضاء فرقة الأصدقاء وهدى عمار وحسن
فؤاد وريهام عبد الحكيم ومي فاروق وآمال ماهر.
تولى منذ عام 1991 حتى عام 2003 وضع الموسيقى والألحان
لاحتفاليات اكتوبر التي تقيمها القوات المسلحة المصرية بالتعاون
مع وزارة الاعلام ، وتلك تعدّ ذروة احتفالات جمهورية مصر العربية بانتصارات
أكتوبر التي قامت تحت رعاية وحضور الرئيس المصري السابق محمد حسنى مبارك .
واتجه الشريعي إلى العمل الأكاديمي فعين أستاذاً غير متفرغ بأكاديمية الفنون
المصرية في عام 1995 ، وتناولت أعماله العديد من الرسائل العلمية لدرجتي
الماجستير والدكتوراه في المعاهد والكليات الموسيقية
فبلغت 7 رسائل ماجستير و33 رسائل دكتوراه من مصر في كلية التربية الموسيقية جامعة
حلوان ، وكلية التربية النوعية جامعة القاهرة ، ومعهد الموسيقى
العربية بأكاديمية الفنون ، ورسالة دكتوراه من جامعة
السوربون بفرنسا.
حصل الشريعى على عدد كبير من الجوائز العربية والدولية من بينها جائزة مهرجان
"فيفييه" من سويسرا عام ١٩٨٩، ووسام التكريم من الطبقة الأولى من العاهل
الأردني الملك عبد الله بن الحسين، وجائزة الدولة للتفوق في الفنون من المجلس
الأعلى