الأربعاء 26 يونيو 2024

ميونج- هي .. تجيد التفاوض والتخطيط الاستراتيجي وتعشق التجارة الحرة منذ نعومة أظفارها

تحقيقات4-11-2020 | 09:49


قبل 25 عاماً، كرست وزيرة التجارة في كوريا الجنوبية المرشحة لرئاسة منظمة التجارة العالمية ، "يو ميونج- هي"، حياتها ومسيرتها العملية في ميدان التجارة والتفاوض والعلاقات التجارية المتعددة الأطراف، وعُرفت بأنها تعشق الابتكار والتفاوض والفكر الاستراتيجي، وهو الأمر الذي أهلها لتصبح أول امرأة تتولى هذا المنصب .


بدأت يو ميونج- هي مسيرتها العملية بعد التخرج في وزارة التجارة في عام 1995، ومنذ ذلك الوقت تولت ملف شؤون "منظمة التجارة العالمية" WTO في وزارة التجارة والصناعة والطاقة، ثم أصبحت المخططة الاستراتيجية لاتفاقات التجارة الحرة التي تبرمها كوريا الجنوبية مع البلدان الأخرى، وأُسند إليها مهام الملفات الصعبة إذ تولت دور المفاوض الرئيس في اتفاق "الشراكة الاقتصادية الشاملة" RCEP، واتفاق "التجارة الحرة الكورية الصينية"، ومفاوضات اتفاق التجارة الحرة الصعب بين كوريا والولايات المتحدة KORUS، علاوة على غيرها من الاتفاقات والمبادرات التجارية التي ترأستها.


تضع الوزيرة ميونج- هي منظومة التجارة متعددة الأطراف وآلياتها المتجددة والثابتة في مكانة خاصة ، وتوليها أهمية كبرى، في ضوء أن بلادها من بين أكثر الدول التي استفادت عملياً وعلى نطاق واسع من نظام التجارة الحرة الذي صاغته اتفاقيات التعريفات الجمركية (الجات) GATT، التي آلت بعد ذلك لتصبح الركيزة الرئيسة لإنشاء "منظمة التجارة العالمية" WTO. وتشدد على أن بلادها كوريا الجنوبية عرفت الازدهار والنمو في ظل منظومة التجارة العالمية متعددة الأطراف.


ولديها قناعة ذاتية بأنه من الممكن بلوغ التنمية وتعزيزها في ظل تلك الأجواء السائدة حالياً، مع اعترافها بأن هناك تحديات كبرى تواجه التجارة العالمية في الوقت الحاضر، أهمها وباء "كوفيد- 19" وأزمة انعدام الثقة في المنظومات متعددة الأطراف ،وترى أن الحل السحري لإشكالات التجارة العالمية يتمثل في تحديث القواعد المتعلقة بالإشكالات التي نواجهها، فضلاً عن استعادة آلية فض النزاعات وتفعيل عملها، مع الاعتراف بأن المصاعب حقيقية ويتعين علاجها بعقول منفتحة من جانب الدول الأعضاء داخل "منظمة التجارة العالمية" نفسها باعتبارها مؤسسة ذات كيان راسخ.

وانخرطت ميونج- هي، بوصفها وزيرة التجارة الكورية الجنوبية، في محادثات مع نظرائها في أنحاء العالم، بشأن إصلاح منظمة التجارة العالمية وعلاج إشكالاتها واستشراف مستقبلها، مؤكدة أن أهمية الاستجابة الفورية للقضايا الملحة من جانب التكتلات العالمية مثل "مجموعة العشرين" G20، واجتماعات منظمة APEC.

وبمجرد تفشي وباء فيروس "كوفيد- 19"، سارعت وزيرة التجارة الكورية الجنوبية في التواصل مع الشركاء المماثلين في الفكر لاتخاذ تدابير دولية للحفاظ على استمرار تدفق السلع الأساسية والخدمات والأشخاص أثناء الأزمة الصحية والاقتصادية الناجمة عن الوباء.


وقادت الوزيرة جهود الإعلان الوزاري المشترك الذي صدر في مايو 2020 بين كوريا الجنوبية وأستراليا ونيوزيلندا، وسنغافورة، وشيلي للتأكيد على التزام تلك الدول باستمرار التجارة عبر الحدود أثناء تفشي الوباء، مع تطبيق أعلى معايير التحوط لمنع انتشار المرض.


وفي عام 2019، لعبت ميونج- هي، دوراً بارزاً في التوصل إلى بنود اتفاق "الشراكة الاقتصادية الشاملة"، الذي يقدم بدائل عملية لإيجاد أرضية مشتركة تساعد على مشاركة دول ذات مستويات تنمية متفاوتة.

وفي العام ذاته، توصلت إلى "اتفاق تجارة حرة" بين كوريا والمملكة المتحدة، آخذة في الاعتبار السيناريوهات المختلفة لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي "بريكست". كما توصلت غلى "اتفاق شراكة اقتصادية شاملة" بين بلادها وإندونيسيا، وهو ما مثَّل فصلاً جديداً من العلاقات بين البلدين، وبصفتها كبيرة المفاوضين، نجحت في التوصل إلى الاتفاق التجاري الصعب مع الولايات المتحدة في عام 2018، وكانت هي نفسها التي قادت التفاوض حول ملفي الخدمات والمنافسة في المفاوضات الأولية للاتفاقية ما بين عامي 2006 و2007.


وفي عام 2014 نجحت ميونج- هي، بوصفها كبيرة المفاوضين الكوريين، في إتمام اتفاقية التجارة الحرة مع الصين، التي دخلت حيز التنفيذ في عام 2015، ولأنها منغمسة حتى النخاع في عالم التجارة متعددة الأطراف، قادت ميونج- هي، العديد والعديد من مفاوضات التجارة الحرة الثنائية التي أبرمتها كوريا الجنوبية مع الاتحاد الأوروبي EU، وتجمع "آسيان" ASEAN، والهند، وسنغافورة، واشتملت الاتفاقات على مجالات متنوعة تتعلق بالسلع، والخدمات، والاستثمار، وعلاج إشكالات التجارة، وقواعد المنشأ، وتدابير التعريفات الجمركية.

وطرحت وزيرة التجارة الكورية ميونج- هي، عدداً من المبادرات للاستجابة للتغيرات الطارئة على بيئة التجارة الدولية بسبب وباء "كوفيد- 19"، وفي ورقة العمل التي صاغتها في هذا الإطار التي خرجت في يونيو 2020، تحت عنوان "السياسة التجارية لما بعد كوفيد- 19"، أكدت على ضرورة تعزيز التعاون الدولي، ووضع القواعد بصورة مسبقة لتلافي التأخير في مواجهة المتغيرات ولاسيما على صعيد الاقتصاد الرقمي، مشددة على أهمية مساعدة الشركات على التكيف مع التغييرات التي طرأت على سلاسل القيمة العالمية.


وأظهرت ميونج- هي، براعة في توظيف مهاراتها التفاوضية في قيادة وإدارة منظمات وهيئات كبيرة ومعقدة كوزارة التجارة الكورية في فترة التطلعات الكبرى والجهود المتسارعة لتعزيز السياسة التجارية للبلاد، وعلى الدوام، تركز المخططة الاستراتيجية للتجارة الكورية على سد الثغرات وتمديد الجسور للتوصل إلى اتفاقات تساعد على تعظيم منظومة الرفاه الشاملة لجميع الأطراف المنخرطة في التفاوض.


وتخرجت ميونج- هي في تخصص السياسة العامة بجامعة سول الوطنية، وحازت على درجة الدكتوراه من كلية القانون بـ"جامعة فاندربيلت" الأميركية، تبلغ ميونج- هي من العمر 53 عاماً، وولدت في مدينة أولسان في كوريا الجنوبية، وهي متزوجة ولديها طفلان.