الأحد 22 سبتمبر 2024

الطريق إلى التمكين (2).. فصل من كتاب الوثائق السرية لحكم الجماعة الفاشية لـ"خالد حنفي"

فن4-11-2020 | 12:44

"الهلال اليوم"، تنشر فصلًا من كتاب "الوثائق السرية لحكم الجماعة الفاشية"، للكاتب خالد حنفي، وجاء الفصل بعنوان "الطريق إلى التمكين"، وجاء فيه: 

"لم تكن الفوضى السياسية التي حدثت بعد 25 يناير تناسب أحدا سوى جماعة الإخوان.. استثمرتها الجماعة كما يجب، وعملت علي تحقيق أهدافها في ظل أنها القوة الوحيدة المنظمة علي الأرض والقادرة علي الحشد في وقت قياسي.. الجماعة التي تاجرت بأنها كانت مضطهدة في ظل الأنظمة السابقة وتم الزج بها داخل السجون وتشريدها وتشريد أبنائها.. تاجرت ونجحت في أن يتعاطف معها كثيرون.. تاجرت ونجحت في أن تستغل تعاطفهم وجعلهم وقودا لمعاركها للفوز بالصيد الثمين.. في هذه الفترة كانت الجماعة تغازل كل القوي دون تمييز، بينما وثائقها تحرض عليهم وتشوه صورهم أمام الجميع.. تغازلهم وتستخدم أبناء التنظيم والخارجين من رحمه في إرهاق كل القوى السياسية وضرب الرموز والشخصيات المحترمة.. طبيعي أن ما تبطنه الجماعة غير ما تعلنه.. طبيعي أن تراوغ وتضلل وتبيع لنا الهواء باسم الله.. فمن أراد منكم أن يتعلم  «اللوع» فعليه أن يولي وجهه شطر الإخوان.. عليه أن يؤمن بدينهم ودين آبائهم الأوائل.. «اللوع» ستجده في وثائقهم السرية.. الوثائق التي تؤكد أنهم يفتعلون المعارك الوهمية لينشغل بها غيرهم.. بينما يريدون شيئا آخر في توقيت آخر.. 

كان أشهر هذه المعارك معركة الدستور وكتابته.. كل فصولها المزعجة بترتيب من الإخوان.. هم من أرادوا تعطيله ونجحوا في ذلك.. هم من أشعلوا الفتن والخناقات بين القوي السياسية المختلفة حتى لا يكتب الدستور طوال هذه الفترة.. ونجحوا في ذلك أيضا.. بعد رحيل نظام مبارك نادي كثيرون في هذا الوطن بكتابة دستور جديد يتناسب مع ما جري في 25 يناير.. رفعوا شعار الدستور اولا.. لكن ما نادوا به لم يعجب الإخوان ولا السلفيين، فراحوا يدفعون الناس ليقولوا «نعم»  وقالوها في استفتاء مارس.. الاستفتاء المعروف ب «غزوة الصناديق» وهو المصطلح الذي دشنه الداعية المتشدد محمد حسين يعقوب.. من سيقول «نعم» سيقولها لله ورسوله، وبعد أن حسمت الجماعة والخارجون من رحمها الاستفتاء علي الدستور لصالحهم.. خرج علينا يعقوب أيضا مكبرا ومهللا قائلاً: «إنها الديموقراطية ومن لم تعجبه نتائجها فليسافر للخارج».. كانت الدعوة كاشفة.. الجماعة والخارجون من رحمها تعاهدوا علي إقصاء الجميع.. الجماعة لا تريد لأحد أن يزاحمها في تصدر المشهد السياسي.. يعقوب ومعه السلفيون وقفوا بجوار الجماعة، وقد ظنوا أنها قريبة منهم.. ساندوها وهم لا يعرفون أنها تخطط لإقصائهم هم أيضا لينفردوا بالمشهد.. خروجهم بأعداد ضخمة جعلهم يتوقفون أمام هذه الظاهرة بالتحليل.. خروجهم أزعجهم خوفا من أن يكتبوا نهاية لهم.. خوفا من أن يسحبوا منهم القوة الوحيدة القادرة علي الحشد ومن ثم لا تأتي لهم القوي السياسية فتتحالف معهم.. في هذه الفترة لم تكن الجماعة تخاف من القوي السياسية.. أكثر ما كان يخيفها هو صعود السلفيين.. كان صعودهم مرعبا للجماعة.. صعودهم اخذ من رصيدها ومن شعبيتها.. فإذا كان الإخوان يتكلمون باسم الله، فالسلفيون يزايدون عليهم.. كان علي الإخوان إذاً التوقف أمام صعود السلفيين بالرصد ثم التحليل ومن بعد كيفية المواجهة.. حددت الجماعة في وثائقها نقاط القوة والضعف لدي السلفيين.. جاء في نقاط القوة وجودهم القوي في المساجد وحضور رموزهم الدينية والقنوات الفضائية والقوة المالية والقوة البشرية.. اما الضعف فيكمن في تضاؤل مستوي التعليم وتضارب المواقف وتشدد الخطاب الديني واندفاعه نحو المنافسة دون أي مراجعات.. مما يؤدي إلى انقسامات فكرية محتملة وميلهم إلي عدم الصدام وظهورهم بمظهر الموالي للسلطة.. بالإضافة إلي ضعف الكوادر والاعتماد علي الصف الأول القديم، وتوقعت الوثائق الاخوانية زيادة انتشار السلفيين في الأحياء الشعبية عن طريق الرموز والعمل الخدمي والإعانات والخطاب الديني المؤثر وزيادة الطموح السياسي.. وثائق تكشف كيف غازلتهم وكيف جردتهم وعملت علي إقصائهم؟!

لكن قبل الإقصاء استخدمتهم في استفتاء مارس 2011.. السلفيون من استخدموا المنابر لدعوة المصريين لقول نعم.. من سيقولها سيدخل الجنة من أوسع أبوابها..  لم تدخلنا «نعم» الجنة الموعودة وانما ادخلت الوطن في جحيم لا طاقة له به، وتعمدت الجماعة افتعال معركة حول الهيئة التأسيسية وتشكيلها.. وكان الهدف منها وكما جاء في الوثائق وبالحرف:» الاستفادة من الأجواء الموجودة لتمديد مدة كتابة الدستور لحين انتهاء انتخابات الرئاسة.. لتجنب صياغته في وجود المجلس العسكري.. بما لا يسمح له الانقلاب علي الشرعية في حال لم يرضه ما صيغ من بنود تحكم مساحة المؤسسة العسكرية في الدستور».. هذا يعني أن الجماعة خططت لتعطيل الدستور حتى  لا يكتب في ظل وجود المجلس العسكري الذي تغازله وتمد جسور الود بينها وبينه.. بينما وكعادتها تكيد له وتتربص به وتدفع قوي أخرى لمواجهته.. بينما هي تنتظر ما تثمر عنه المواجهات.. تخيلت الجماعة أنها ستنفرد بكتابة الدستور وحدها.. تعمدت إطالة المدة حتى يرحل المجلس العسكري ويسلم السلطة لرئيس منتخب.. وساعتها سيمكنها بأغلبيتها البرلمانية أن تضع في الدستور ما تريده من مواد ولن يشاركها أحد، ولكي تكون إطالة المدة طبيعية جدا وحتى لا يشك أحد في نواياها تمت الدعوة إلي تشكيل الهيئة التأسيسية للدستور.. كانت الجماعة تكذب وهي تدعو إليها.. كانت تعرف أن تشكيل الهيئة في الصورة الأولي لها سيشعل الخلاف بين القوي.. وهو ما كانت تريده وتحقق وانسحب من اللجنة غالبية أعضائها.. لذلك أوصت الوثائق بمحاولة استدراك الاستقالات من أسماء كثيرة شهيرة.. حتى لا تكون الانسحابات حاجبة للشرعية عن دستور مصر الجديد، وفي حالة عدم النجاح في إقناع الكثير من المستقيلين للعدول عن رأيهم.. يتم إعادة تشكيل الهيئة التأسيسية للدستور مع إعطاء وقت أطول لتشكيلها كنوع من كسب الوقت.. ويتم وضع معايير واضحة وفرصة كافية لمناقشة الأسماء المطروحة بها جيدا.. ومحاولة التوافق مع بعض القوي الوطنية علي أفراد اللجنة.

الجماعة التي دعت إلي هيئة تأسيسية لكتابة الدستور كانت قد كتبته بالفعل.. وجاء في وثائقها السرية أنه لا وضعيات خاصة لأي من مؤسسات الدولة ولا المؤسسة العسكرية، وأنه في حال إقرار وجود مجلس أمن وطني في الدستور.. يكون بأغلبية مدنية.. ويكون دوره في الإطار الاستشاري.

وتقدم مختار العشري رئيس اللجنة القانونية لجماعة الإخوان بمسودة مقترح الدستور إلي كل من «الدكتور احمد سليمان، والمستشار محمد سعيد، ومحمد سعد الحسيني، وطارق شومان، وعبدالمنعم عبد المقصود، والمرشد العام محمد بديع، وعلي دياب، والمستشار أكرم إبراهيم حسنين، والدكتور احمد أبو بركة، والدكتور محمد مرسي، والمستشار حسام ديوان، وحسين إبراهيم، والدكتور خالد محمد، والمستشار علاء قطب، والمستشار محمد هاشم، والدكتور ياسر حمزة» وكتب مختار العشري ملحوظته علي غلاف مسودة الدستور: «واضح أن الدستور المصري منجز وبانتظار تمريره من خلال الهيئة التي تشكلت مؤخرا ويسيطر عليها الإسلاميون».. وجري تقديم المسودة في 25 مارس 2011.

اعتمد دستور الإخوان علي دستور 1971 مع بعض الإضافات  أو الحذف.. مثل المادة الثانية في الباب الأول منه «الدولة».. والتي تنص علي «الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع».. وأضاف عليها الإخوان «ولغير المسلمين من أصحاب الديانات السماوية الاحتكام إلي شرائعهم في مواد الأحوال الشخصية».. والمادة الخامسة والتي تنص علي «يقوم النظام السياسي في جمهورية مصر العربية علي أساس تعدد الأحزاب وذلك في إطار المقومات والمبادئ الأساسية للمجتمع المصري المنصوص عليها في الدستور وينظم القانون الأحزاب السياسية وللمواطنين حق تكوين الأحزاب السياسية وفقا للقانون».. وفي دستور الإخوان جري حذف باقي المادة وهي «ولا تجوز مباشرة أي نشاط  سياسي أو قيام أحزاب سياسية علي أية مرجعية دينية أو أساس ديني أو بناء علي التفرقة بسبب الجنس أو الأصل».. ولم يكن غريبا أن تحذف الجماعة الخطرة هذه العبارة فحزبها «الحرية والعدالة»مرجعيته دينية.. وبناء عليه لابد من تحصين الحزب دستوريا حتى لا يأتي من يطعن عليه فيتم حله ببساطة.

وفي الباب الثاني من الدستور والذي يحمل عنوان المقومات الأساسية للمجتمع، الفصل الأول منه، قامت جماعة الإخوان بإجراء تعديل بسيط علي المادة الـ18 الخاصة بالتعليم: «التعليم حق تكفله الدولة وهو إلزامي في المرحلة الابتدائية وتعمل الدولة علي مد الإلزام إلي مراحل أخري وتشرف علي التعليم كله وتكفل استقلال الجامعات ومراكز البحث العلمي وذلك كله بما يحقق الربط بينه وبين حاجات المجتمع والإنتاج»، ولكن في دستور الإخوان جاء أن «التعليم إلزامي حتى المرحلة الثانوية».. ثم فسرت الماء بعد عناء بالماء.. فكتبت «وتشرف الدولة علي التعليم الخاص والعام» بدلا من كلمة «التعليم كله».

في فصل المقومات الاقتصادية أضافت جماعة الإخوان علي المادة 25 عبارة «وتضمن الدولة توفير المسكن المناسب والطعام المناسب لكل المواطنين».. بعد أن كانت « لكل مواطن نصيب في الناتج القومي يحدده القانون بمراعاة عمله أو ملكيته غير المستغلة».

في الباب الثالث «الحريات والحقوق العامة».. قام الإخوان بإضافة عبارة «وتضمن الدولة تعويضا عادلا عن الأعمال القضائية أو الإدارية غير المشروعة سواء بالحبس ولو كان احتياطيا أو القبض أو الاحتجاز أو الإيذاء».. علي المادة التي تنص علي «كل مواطن يقبض عليه أو يحبس أو تقيد حريته بأي قيد تجب معاملته بما يحفظ عليه كرامة الإنسان وكل قول يثبت أن صدر من مواطن تحت وطأة شىء مما تقدم أو التهديد بشىء منه يهدر ولا يعول عليه».. وفي نفس الباب وفي المادة 62 جري حذف  عبارة «يجوز أن يأخذ القانون بنظام يجمع بين النظام الفردي ونظام القوائم الحزبية بأية نسبة بينهما يحددها كما يجوز أن يتضمن حدا أدني لمشاركة المرأة في المجلسين».. أما المادة فتنص علي «للمواطن حق الانتخاب والترشح وإبداء الرأي في الاستفتاء وفقا لأحكام القانون ومساهمته في الحياة العامة واجب وطني وينظم القانون حق الترشيح لمجلسي الشعب والشوري وفقا لأي نظام انتخابي يحدده»..

وفي مسودة دستور الإخوان تقليص لصلاحيات رئيس الجمهورية.. ومنح كثير منها لرئيس الحكومة وللبرلمان.. ويلزم الرئيس بأن الأغلبية هي من تشكل الحكومة، كما أنه لا يجب علي الرئيس أن يتخذ قرارا مثل استفتاء الشعب في المسائل الهامة التي تتصل بمصالح البلاد العليا إلا بعد موافقة مجلس الوزراء.. وغيرها من المواد التي تخيلت الجماعة أنها ستظل اغلبية طوال عمرها.. وعليها أن تحصن نفسها بالدستور لتحكم وتتحكم!

إذاً وثائق الإخوان السرية تؤكد أنهم يريدون الانفراد بكتابة الدستور.. وأنهم جهزوه وما جري من معارك في هذه  الفترة  كان  لكسب الوقت.. حتى لا يكتب في وجود المجلس العسكري.. ما جاء في الوثائق الخاصة بالدستور حمل عنوان «مقترح لبيان من جماعة الإخوان للفترة المقبلة».. وفيه قامت جماعة الإخوان بتشخيص حالة الساحة السياسية قبل أن تطرح مرشحها للرئاسة وكيفية التعامل مع القوي والحركات المختلفة التي لم تعد تصدق هذه الجماعة وتشك في تحركاتها، والمصداقية التي فقدتها الجماعة ارجعتها بنفسها إلي عدة امور.. منها رؤية هذه القوي بأن الجماعة كانت دوما هى من تحقق المكاسب السياسية من الأحداث وظنهم أن آخرين من يدفعون ثمن هذه المكاسب، وهذا ما يثير في أنفسهم بعض الحنق حتى وإن كانت المكاسب مستحقة للإخوان- التعبير يخصهم- مثل حصولهم علي شرعية تأسيس حزب النور.. أيضا تأخر الجماعة في تبني بعض المواقف التي نادت بها بعض القوي من فترة طويلة.. أيضا رفضت القوي الوطنية حكومة الجنزوري من أول لحظة، ولكن الإخوان سكتوا عنها ثم عادوا وبعد أن عانوا منها يصفونها بالحكومة الفاشلة ويسعون لإقصائها.. منتهي الانتهازية والتعبير يخصني!

مازلنا مع الوثائق ومازلت الجماعة تشخص أمراضها.. ولماذا فقدت مصداقيتها ومنها استشعار وجود بعض إشكاليات في ممارسات الجماعة تجاه الرأي الآخر والمختلف.. ما يجعلهم في تخوف من انقلاب الإخوان علي الديموقراطية لصالح الأيديولوجية الفكرية علي حساب الحرية.

كاتب الوثيقة اقترح علي قادة الجماعة التعامل مع هذا الملف كالتالي: الفصيل الأول وهو المتحالف مع المجلس  العسكري.. يتم تقييمه في حجمه فهو يملك نواصي إعلامية وبعض الدعم المادي مع قليل من التأثير علي الأرض وقليل من الأنصار.. ولذلك يجب ترك المساحات لفضح ممارساته بدون تبني رسمي لأي مواقف تجاهه.. وترك الحس الوطني والشباب ليقوم بلفظ تصرفاته وتعريته.. وكانت الجماعة تشير هنا إلي كل المؤمنين بالجيش والداعمين لموقفه الوطني.. فالمجلس العسكري في هذه الفترة كان علي مسافة واحدة من الجميع.. ولا يستثني أحدا من اجتماع أو حوار دعا إليه خوفا علي هذا البلد، وحرصا علي أن تمر المرحلة الانتقالية بسلام.. لكن الجماعة لم تكن تريد من المجلس العسكري هذا الدور.. كانت تريد أن يكون لها وحدها، وأن يوافق علي ما تطلبه دون الالتفات لأي رأي آخر من أي قوة سياسية.. تماما كما حدث بعد ثورة 23 يوليو.. لذلك كان المجلس العسكري وكل المؤمنين بدوره هدفا أمام هذه الجماعة للنيل منهم. 

الفصيل الثاني «القوي الوطنية المؤدلجة والنخب».. يتم تجذير التواصل معهم وإشراكهم بشكل أكبر في صناعة القرار الوطني وتصديرهم وتقديمهم وإسناد بعض المهام الوطنية لهم في هيئة الدستور والحكومة المرشحة.

الفصيل الثالث»القوى الشبابية».. التواصل معها ودعمها لتتقدم المشهد ولتكون حاضنة لبعض الأفكار التجميعية للقوي الوطنية بما لها من مصداقية ونبل مقاصد، ويتم ذلك التواصل عبر شباب الجامعة بحكم السن وتقارب الأفكار ودعم شباب الجماعة في هذا الخط لتعويض فاقد فصل شباب الإخوان في ائتلاف شباب الثورة..

 وتعالوا للفقرة الأهم والتي تؤكد علي انتهازية هذه الجماعة ولعبها: «يتم ايضا تفعيل التواصل مع شباب الإخوان المفصولين ـ دون إعادتهم للجماعة- والتنسيق معهم في حشد القوي الوطنية الشبابية وغيرها لتبني مواقف وفعاليات تضمن استمرار انتقال تسليم السلطة باقل خسائر ممكنة والبناء علي ما لدي بعض هؤلاء الشباب من مصداقية لدي بعض تلك القوي والتجمعات».

الفصيل الرابع «القوى الإسلامية».. تعزيز التواصل والتنسيق معها بشكل اقوى ومساعدة بعضها كالتيار السلفي في اطار الدعم الفني والفكري وتعزيز ممارساتها علي مستوى القواعد.. بما يضيف للمعادلة.. وفي النهاية جاءت التوصية بأن تعتذر الجماعة ولو بشكل ضمني عن أي ممارسات من الممكن أن تكون خاطئة فعلتها اثناء المراحل الماضية.

الوثائق أيضا تفسر لماذا انقلب الإخوان علي حكومة الجنزوري والحديث عن رغبتها فى تشكيل حكومة ائتلافية كاملة الصلاحيات.. لقد تأكد للجماعة أن رصيدها لدي المصريين في طريقه إلي النفاد لذلك عملت علي.. أولا:» الدفع بكل قوة لإزاحة فورية لحكومة الجنزوري».. ثانيا:» إعلان تشكيل الحكومة البديلة المقترحة بأسماء الوزراء التي يراعي فيها توظيف كفاءات وطنية مختلفة والاستفادة من هذا التشكيل لدعم إعادة توحيد الصف الوطني واستدراك أخطاء سابقة بإعطاء مساحات أكبر لتمثيل شبابي في الحكومة».. ثالثا:» تبني قرارات في مجلس الشعب بشكل عاجل تمس احتياجات المواطن الأساسية وربط تأخير تنفيذها باستمرار حكومة الجنزوري، واهم تلك الاحتياجات الأمن والصحة والدخل مثل استصدار قانون الحد الأدنى للأجور وقانون يتعلق بالتأمين الصحي وبعض القوانين التي تغلظ عقوبة التعدي علي أمن المواطنين».. رابعا: «التحرك بفعاليات شعبية للضغط لإزاحة الحكومة عبر المليونيات والجامعات وغيرها».

ليس هذا فقط وإنما الجماعة خططت لأن تقوم باحياء الزخم الثوري لدي الشعب لاستخدامه كورقة ضغط في التفاوض وعقد الصفقات لذلك ـ وكما جاء في وثائقها السرية- عملت علي الآتي.. اولا: «عمل حملات طرق ابواب وقوافل توعية للمواطنين في الأحياء والشوارع وعقد ندوات في مختلف المناطق توضح حقيقة الوضع القائم ومهام مجلس الشعب والعراقيل الموجودة في طريقه واهم نقاط فشل حكومة الجنزوري وممارسات المجلس العسكري واهمية الدستور».. ثانيا: «تبني بعض الوقفات المجمعة المنتشرة في المناطق المختلفة كمسيرات ضغط وتحفيز».. ثالثا: «تدشين حملة لاستكمال تحقيق مطالب الثورة وتنفيذ فعالياتها ورسائلها في الشوارع والمحافظات ومن الممكن أن تنطلق شرارة تلك الحملة من طلاب الجامعات أو احد الكيانات الشبابية ومن ثم يتم تبنيها».. رابعا: «استعادة ذكري الشهداء وأنه لم يتحقق بعد مابذلوا دماءهم له من حرية مصر واستعادة لكرامتها». 

كان من الطبيعي أن تضع هذه الجماعة الخطرة والمضللة ملف الرئاسة في مقدمة أولوياتها.. خططت له قبل أن تدفع بمرشحها.. ووقت أن كانت تدعي أنها لن تنافس علي الرئاسة ولن تشارك في الانتخابات، ولكن كعادتها التاريخية لحست كلامها ودفعت بمرشحها.. المهم كيف كانت تفكر في هذا الملف؟! 

الجماعة حددت أهدافها.. أولا: «يتم تبني دعم أحد مرشحي الرئاسة الموجودين بعد الارتكان لمعايير قياسية علمية لمهام ومواصفات الرئيس».. ثانيا: «يتم عمل جهد في إطار توحيد الصوت الإسلامي لدعم هذا المرشح وبذل الجهد مع المرشحين الآخرين للانسحاب لصالحه أو ادماجهم معه في المشروع».. ثالثا: «تلتزم الجماعة في أعمالها الدعائية وتصريحاتها الإعلامية ومجهوداتها بدعم هذا المرشح».. رابعا: «لا تمنع الجماعة أفرادها من اختيار مرشح آخر أو حتي العمل في حملته الدعائية ولكن بدون استخدام اسم الجماعة».

ما سبق يؤكد أن هذه الجماعة الانتهازية تعمل لمصالحها فقط.. وثائقها تؤكد أنها تستغل الجميع لتحقيق أهدافها.. تستخدمهم ليحاربوا نيابة عنها ويتظاهروا نيابة عنها ويقتلوا نيابة عنها.. بينما هي من تحصد الثمار في نهاية المشهد، ولكن هذا لن يتحقق لكارهي الحياة علي ارض تقطر بالمحبة.. المحبة التي لا يعرفون الطريق إليها!

الجماعة الفاشية كانت تظن أنها الأذكي.. كانت تظن أنها ستظل تخدع الجميع دون أن ينتبهوا، ودون أن يديروا ظهرهم لها.. وهي نفسها اكتشفت نفاد رصيدها.. اكتشفت أن أداءها وممارساتها سبب نفور الناس منها.. حاولت أن تعالج هذا الضعف، وحاولت أن تجمع القوي مرة أخري لكنها فشلت بعد أن قطعت كل السبل أمام العودة.. لم يعد أحد يصدقها.. لم يعد أحد يثق فيها وهي التي لا تحفظ عهدا ولا تحترم عقدا.. في كل خطوة لها كانت ترتب للخطوة المقبلة.. استثمرت الفوضي في البداية جيدا.. بل إنها هي والخارجين من رحمها زادوا من الفوضي لتحقيق مصالحهم الشخصية والضيقة.. تحايلوا علي الناس في الاستفتاء علي الدستور مارس 2011 وكانوا يجهزون العتاد والسلاح للانتخابات الرئاسية للفوز بها زورا وترهيبا.. ثم تندهش الجماعة من خروج الناس عليها عندما تمكنوا من الحكم.. خرجوا ونجحوا لتكون ثورة 30 يونيه جحيمهم الأبدي".