السبت 25 يناير 2025

المصور

أكذوبة «المال السياسى»

  • 4-11-2020 | 13:39
طباعة

العملية الانتخابية إقبالاً كثيفاً من المرشحين ومتابعة من الناخبين، مما خلق حالة من التنافس الشديد بين المرشحين، سواء على المقاعد الفردية وتمثل ٥٠ فى المائة من مقاعد المجلس أو بين القوائم والتى تمثل كذلك ٥٠ فى المائة من المقاعد. وكشفت نتائج المرحلة الأولى التى جرت فى ١٣ محافظة، أنه لم يكن هناك كثير من الرضا فى بعض الدوائر عن أداء نوابهم فى برلمان سنة ٢٠١٥، والتى تنتهى مدته مطلع يناير المقبل، بما أدى إلى خروج عدد غير قليل من «مشاهير» النواب والذى حظى بعضهم بسطوة إعلامية أو نفوذ عائلى، وخرج البعض بقدر من الأصوات يتيح له خوض تجربة الإعادة لعل وعسى، نتائج المرحلة الأولى أثبتت كذب مقولة أن هناك نائبا مسنودا أو مدعوما، السند الحقيقى هم الناخبون والداعم الحقيقى هو المواطن والجمهور.

هذه المعركة الانتخابية بكل ما تحمله من زخم جماهيرى حاد، سواء بالمتابعة أو بالمشاركة تعكس وعياً سياسياً شديداً لدى المواطن بأهمية مجلس النواب، ولا يجب أن يفاجئنا ذلك. هذا المجلس هو الذى يراقب أداء الحكومة، وهو الذى يقر الميزانية العامة للدولة بأوجه الإنفاق والصرف بها، وهو كذلك الذى يقر خطة عمل الحكومة والمشروعات الكبرى والصغرى التى تقوم بها، فضلاً عن أنه هو الذى يقوم بالتشريع، أى سن القوانين التى تحكم حياة المواطن وتنظم المجتمع، لذا لم يكن غريباً أن يرغب كثيرون فى الفوز بعضوية هذا المجلس وأن يتابعه الناخبون ويقبلوا على الانتخابات، لقد فاق الإقبال كثيراً على هذه الانتخابات، مجلس الشيوخ، لأن «الشيوخ» مازال حديثاً، ثم إنه ليست له نفس الاختصاصات، وفاق الإقبال انتخابات ٢٠١٥، إذا وضعنا فى الاعتبار أن انتخابات هذا العام تجرى وسط أزمة «كورونا»، والمخاوف التى تحيط بها، حيث الحذر من الاختلاط والاحتراز خشية الإصابة.

ويجب القول إنه يحسب للدولة المصرية وللمواطن أيضاً إجراء انتخابات مرتين متتاليتين، هذا العام، وسط «كورونا»، ويتم تأمين الانتخابات طبياً وصحياً، فضلاً عن التأمين الذى تقوم به القوات المسلحة مع وزارة الداخلية، وكذلك انتخابات نزيهة، وشفافة، على كل صندوق قاض، وتتولى الهيئة الوطنية، وهى هيئة تتميز بالنزاهة، يتولاها رجال القضاء.

وربما بسبب هذا الإنجاز يتكاثف الهجوم من الإعلام المعادى بالخارج ؛ على تلك الانتخابات؛ بزعم أن الجمهور لم يشارك بالكثافة المطلوبة، وفى العالم كله تحاسب الحكومات والدول على نزاهة الانتخابات وشفافيتها وليس على مدى الإقبال، ورغم ذلك فإن الإقبال لدينا كثيف، فى انتخابات ٢٠١٥ شاعوا أن شباب مصر قاطع الانتخابات؛ ثم جاءت النتائج تؤكد كذب ذلك الادعاء؛ فقد تبين أن الشباب كانوا الأكثر إقبالا على التصويت وكانوا هم المسئولين عن حملات تنظيم المرشحين الذين فازوا.

هذه المرة، لم يملوا من تكرار ما سبق أن زعموه فى انتخابات برلمان ٢٠١٥، ولكن أضافوا جديدا، أطلقوا عليه ظهور “المال السياسى” فى الانتخابات.

وأحيانا يردد هؤلاء كلاما ومصطلحات تبدو براقة وتبدو ذات جاذبية لدى البعض، يتدارسونها، وحين نحاول تحليل معناها ومضمونها تجد أنها “خواء”، مجرد رص كلام منسق، المال هو المال، ليس هناك مال سياسى وآخر اقتصادى وثالث دينى ورابع اجتماعى وهكذا.. ومن ثم فإن تعبير “المال السياسى” ينطوى على قدر من الفراغ مقصود به التشويش والتشويه، التشويش على العملية الانتخابية برمتها، وهنا يجب الانتباه لعدة اعتبارات:

أولا: الإنفاق على الدعاية الانتخابية له سقف محدد، ينظمه القانون، وتقوم الهيئة الوطنية بالمراقبة والمتابعة، وإذا تجاوز مرشح يتم إلزامه واتخاذ الإجراءات تجاهه وفق القانون والقواعد المعمول بها.

ثانيا: حاول بعض المرشحين تقديم بعض رشاوى انتخابية للحصول على أصوات الناخبين، وقد تم ضبط بعض المنتمين لحملة مرشح فى مطروح ومرشحة بالإسكندرية، وأحيل الأمر برمته إلى النائب العام، حيث تولت النيابة التحقيق مع المتهمين، وبعد إعلان النتائج تبين عدم حصول مرشحة الإسكندرية ومرشح مطروح؛ على أصوات كافية للإعادة، ناهيك عن النجاح.

ثالثا: ترديد هذا التعبير الكاذب “المال السياسى” يمثل إساءة تقدير من مطلقيه للنائب وللمواطن المصرى، الناخب أذكى من الجميع، حدث فى انتخابات ٢٠١٥ أن أنفق مرشح بمدينة نصر؛ ما تجاوز الثلاثين مليون جنيه، لم تكن دعاية ولا رشاوى انتخابية، بل خدمات حقيقية لمواطنين فقراء، وكان شعار الناخب “خد خيره وانتخب غيره”، وقد فشل ذلك المرشح، لم يكن وحده، كانت هناك مرشحة فى نفس الدائرة وفعلت الشىء نفسه، ومع ذلك لم تنجح، نجح النائب سمير غطاس، الذى لم يقم بأى دعاية تقريبا، انتخبه المواطنون لمواقفه الوطنية والمبدئية.

وفى هذا الإطار يجب القول إن عصر الرشاوى الانتخابية، قد ولى، ونحن نعرف من الذى كان يخوض الانتخابات بأكياس السكر وزجاجات الزيت، كانت جماعة الإخوان “الإرهابية” محترفة فى ذلك، ومضى عهد تزوير الانتخابات، فكرة أن المرشح يأتى بأنصاره، وبعض المليشيات لحماية الصناديق، ولت نهائيا، ونحن أمام انتخابات نزيهة بالمعنى الدقيق، الحكومة ليس لها مرشحون تريد لهم الفوز، ومكمن الحكم هو الناخب، هذا ما يردده الرئيس عبدالفتاح السيسى بانتظام، لن يبقى إلا من يريده الشعب ولن يأتى أحد لم يجئ به الناخب الحر والنزيه.

على أنه يجب أن يميز فى هذا الصدد بين الرشاوى الانتخابية وشراء الذمم من جانب، كما حاولت مرشحة الإسكندرية ومرشح مطروح، وبين قيام أحد المرشحين بنشاط اجتماعى ومؤسسى وأهلى فى دائرته، هذا دور اجتماعى يجب أن نحييه بعيدا عن أى انتخابات.

    الاكثر قراءة