الأحد 19 مايو 2024

«الجائزة الكبرى»

4-11-2020 | 14:16

بينما العدد الحالى من مجلة المصور ماثل للطبع، يقف عشرات الملايين من الأمريكيين أمام لجان الاقتراع لانتخاب رئيسهم للأربع سنوات القادمة والتى تبدأ رسميا فى يناير عام ٢٠٢١.

التوقعات وفقا لاستطلاعات الرأى حتى اللحظات الأخيرة كانت تميل لصالح المرشح الديمقراطى جو بايدن، ولكن ليس بفارق كبير بعد أن نجح منافسه الجمهورى دونالد ترامب فى تقليص هذا الفارق فى عدد من الولايات المتأرجحة فى الأيام الأخيرة مما عزز من فرص فوزه بالسباق فى النهاية خاصة إذا فاز بأهم ولاية من هذه الولايات وهى بنسلفانيا والتى يتوقع أنها ستحسم السباق، من جانب آخر تبقى المخاوف واردة حول احتمال تأخر إعلان اسم الفائر بالسباق الرئاسى عدة أيام فى حال ما شكك ترامب فى النتائج، وتظل فى النهاية كل المفاجآت واردة فى الانتخابات الأمريكية.

توجه الناخبون فى جميع الولايات الأمريكية الخمسين صباح يوم الثلاثاء الثالث من نوفمبر إلى صناديق الاقتراع لانتخاب إما رئيس جديد يكون ترتيبه الـ٤٦ بين رؤساء أمريكا أو إعادة انتخاب الرئيس الـ٤٥ دونالد ترامب، بالإضافة إلى ذلك سيقوم الناخب الأمريكى بانتخاب ٣٣ عضوا فى مجلس الشيوخ يمثلون ثلث العدد الكلى لأعضائه، وكذلك جميع أعضاء مجلس النواب وعددهم ٤٣٥ عضوا وجميع حكام الولايات الأمريكية وعدد من المناصب فى الإدارات المحلية والتى تعين بالانتخاب كل ذلك فى بطاقة انتخابية واحدة.

انتخابات هذا العام تعد واحدة من أكثر الانتخابات الرئاسية الأمريكية إثارة للجدل فهى تجرى فى ظروف استثنائية غير مسبوقة فى ظل انتشار وباء كورونا الذى هيمنت تطوراته وزيادة أعداد المصابين به على الأجواء الانتخابية وحملات كلا المرشحين، وقد ظل ترامب حتى اللحظات الأخيرة يهون من الوباء ويسخر من ارتداء الكمامات، رغم إصابته بالفيروس وعلاجه بالمستشفى العسكرى وظل يحذر من أن بايدن لو فاز سيفرض المزيد من الإغلاق الأمر الذى سيكون له تبعات اقتصادية بائسة على حد قوله على الشعب الأمريكي. وفى المقابل اتهم بايدن الرئيس ترامب بأن إدارته الفاشلة للأزمة تسببت فى انتشار الفيروس والوباء وقد حاول بايدن فى الأيام الأخيرة أن يجعل من الانتخابات استفتاء على طريقة تعامل ترامب مع الوباء الذى أودى بحياة أكثر من ٢٢٧ ألف أمريكى.

من جانب آخر شهدت انتخابات هذا العام زيادة غير مسبوقة فى أعداد الناخبين الأمريكيين الذى صوتوا مبكرا والذين وصل عددهم إلى أكثر من ٨٥ مليون ناخب يمثلون حوالى ثلث إجمالى من لهم حق الانتخاب فى أمريكا.

ظل ترامب حتى اللحظات الأخيرة يقاتل بشراسة متنقلا بين الولايات الهامة والحاسمة، حيث نجح فى تقليص الفارق بينه وبين بايدن فى عدد من الولايات المتأرجحة والتى يصل عددها إلى أكثر من ١٢ ولاية، ولكن هناك ٦ ولايات أطلق عليها الخبراء اسم «الجائزة الكبرى» حيث من المتوقع إلى حد كبير أنها ستحسم هذا السباق والولايات الـ٦ هى أريزونا، ويسكونسن، ميتشجان، نورث كارولينا، فلوريدا وتعد بنسلفانيا أهم هذه الولايات. وطبقا لتوقعات الخبراء فإن فرص ترامب للفوز بالأغلبية فى هذه الانتخابات تتقلص إلى ٢ فى المائة لو خسر ولاية (بنسلفانيا) تحديدا، بينما فرص بايدن تصل إلى ٣٠ فى المائة فى حالة خسارة هذه الولاية لكن لو خسر معها ولاية أوهايو فإن فرص فوزه تتضاءل تماما، وقد ركز فريق حملة كل من بايدن وترامب فى الأيام الأخيرة على ولاية فلوريدا، لأن قوانين تلك الولاية تسمح بفرز أصوات الناخبين الذين صوتوا مبكرا قبل يوم الانتخابات فى الثالث من نوفمبر، ولذلك فإن إعلان بايدن الفوز بها فى وقت مبكر بعد إغلاق صناديق الاقتراع سيكون ضربة قوية للرئيس ترامب.

من أهم الظواهر التى رصدت فى الأيام الأخيرة قيام أنصار ترامب بأعمال من شأنها ترهيب الناخبين فى الولايات الحاسمة، ورصد المراقبون ظهور عدد من أنصار ترامب فى نقاط الاقتراع، كما سجلت حالات تم فيها حرق الصناديق المنتشرة فى الشوارع والمخصصة لجمع بطاقات التصويت عبر البريد، مما أتلف آلاف الأصوات. تنطلق هذه الأفعال من الاستراتيجية التى تتبناها حملة ترامب والتى ترى أن انخفاض نسبة المشاركة يخدم مصالح ترامب ولهذا أيضا كان ترامب وحملته يسعون فى اللحظات الأخيرة للحصول على حكم من المحكمة فى عدد من الولايات لوقف فرز الأصوات حتى نهاية يوم الانتخابات.

وكانت المحكمة العليا قد أصدرت حكما قبل أيام قليلة يسمح للمسئولين فى ولاية ويسكونسن برفض الأصوات التى تصل بالبريد بعد موعد غايته الثامنة من مساء الثالث من نوفمبر، وهى الأصوات التى أطلقت عليها وسائل الإعلام الأصوات العارية، حيثيات الحكم جاءت بأنه لابد من تحديد موعد نهائى لتفادى حدوث فوضى وإثارة الشكوك حول مدى قانونية تلك الأصوات، ولأن ذلك قد يؤخر إعلان النتائج، ولكن المحكمة العليا رفضت تطبيق ذلك فى ولاية بنسلفانيا الحاسمة حيث سيستمر عد الأصوات لمدة ثلاثة أيام بعد الانتخابات.

من جانب آخر حذر الخبراء الحزب الديمقراطى من التسرع وإعلان فوز بايدن بعد الانتهاء من فرز الأصوات المبكرة فى عدد من الولايات التى تسمح قوانينها بالفرز قبل يوم الانتخابات، لأن ذلك قد يعطى مؤشرا خاطئا لدى مؤيدى الحزب الديمقراطى فى ظل التوقعات بخروج أنصار ترامب بأعداد كبيرة للتصويت يوم الاقتراع.

هناك عده سيناريوهات محتملة بنهاية هذه الانتخابات الاستثنائية، أولها أن يخسر ترامب خسارة فادحة يصعب معها مهما حاول أن يغير الأوضاع لصالحه، وفى هذه الحالة سيتحول ترامب إلى «بطة عرجاء» حتى يوم خروجه من البيت الأبيض فى يناير ٢٠٢١ هذا المصطلح يعنى أنه سيصبح غير قادر على اتخاذ أى قرار أو تحرك سياسى حتى يوم خروجه، خاصة إذا خسر الأغلبية الجمهورية فى مجلس الشيوخ، كما هو متوقع.

السيناريو الثانى أن تكون النتائج متقاربة جدا بصورة تسمح له بالتشكيك فى النتائج فى هذه الحالة قد لا نعرف اسم الفائز لأيام وربما أسابيع طويلة قادمة وقد تحدث حالات شغب وفوضى فى الشوارع إذا ما تحرك أنصاره.

والسيناريو الثالث هو أن يفوز ترامب فوزا سهلا مفجرا مفاجأة، خاصة لخصومه الإعلاميين وذلك بفضل الدعم القوى لأنصاره من البيض والإنجيليين.