الثلاثاء 2 يوليو 2024

المصريون مهتمون بالسياسة من أجل العدل والحرية

6-11-2020 | 19:26

 متابعة السياسة من المصريين ظاهرة ولا تقتصر على فئات عمريه محددة والإحتلال والتفاوت الطبقي أجبرهم  على الإهتمام بها الشعب المصرى فى صراع مع السياسة من أجل حريته وإشباع حاجته الأساسية وهذا هو العدل الإجتماعي


متابعة المصريون للسياسة ظاهرة ليست جديدة فهم تفوقوا علي الأمريكان فى متابعة السياسية الخارجبة ، والتفاوت الطبقى والصراع بين حزب الوفد وباقية الأحزاب الأخرى  بالنسبة  للسياسة الداخلية هكذا يرى أسئلة مهمة ومثيرة حول متابعة المصريين للسياسة أجاب عنها د. السيد ياسين فى حواره الذى أجرته معه المصور فى مكتبه  بمركز الأهرام للدراسات السياسة والإستراتيجة بكل صراحة، كما تحدث عن البعد التاريخى لمتابعة السياسة وماذا تفوق المصريون على  الأمريكان فى متابعة السياسة. فإلى نص الحوار


قبل الخوض فى الحديث عن المصريون والسياسة .. أولاً  ما هو مفهوم السياسة؟

د. السيد ياسين: إدارة شئون المجتمعات إقتصادياً وسياسياً وثقافياً  وهذا هو مفهوم السياسة، فالسياسة تنقسم إلى نوعين، السياسة الداخلية والسياسة الخارجية، فالسياسة الداخلية تتعلق بشئون المجتمعات إقتصادياً وثقافياً وتعليمياً وفنياً، والسياسة الخارجية تتعلق بعلاقات الدولة بالدول  الأخرى فهذا ميدان وهذا ميدان، واعود إلى السياسة الداخلية وأقول أنها محل صراعات بين أيدلوجيه سياسية متعددة، متناقضة أحياناً فى كل المجتمعات وليس لدينا فقط، وبعبارةٍ أخرى فكل المجتمعات يوجد يمين ووسط ويساري ، اليمن محافظ وعادةً ما يدافع عن مصالح الطبقات المستغلة، واليساري تقدمى يحاول الدافع عن الطبقات الفقيرة والمهمشة، والوسط يحاول الموائمه بين اليمين واليسار، مشكلة السياسة فى العالم كله وليس لدينا فقط هو الصراع بين اليمين والوسط واليسار، وعبر المراحلة التاريخية المختلفة تحدث تغيرات، فمثلاً فى البلاد الديمقراطية تجد إنجلترا فى حزب المحافظين وهذا هو حزب يميني ولديك حزب العمال وهو حزب تقدّمى يساري جاء على أساس الدفاع عن الطبقة العاملة، أحياناً يكون شركاء فى الحكم لنتيجة الانتخابات البرلمانية، وعندما يشاركان الحكم تختلف السياسة، لأن كل حزب يطبق البرنامج الذى قام على أساسه وهذا ما يحدث مع الأحزاب المصرية،  فمصر عبرمراحل  تاريخيةٌ مختلفة،فمثلاً  تجد  قبل  عام 52 كان هناك "حزب الوفد "وهو حزب جماهيري ويتّبنّى قضايا الطبقات العريضه وكان يوجد حزب الأحرار الدستوريين، وهو حزب يمينى حزب ملاك الأرض، فالقضية هنا فى المجتمعات الديمقراطية صراع بين " اليمين واليسار"، تحسمه الانتخابات البرلمانية لو كانت نزيهه وشفافه وصريحه.. هذا هى القضية.

لكن متي يهتم المصريون بالسياسة؟

د. السيد ياسين: متابعة السياسة ظاهرة عامة لدي كل فئات المجتمع ، ولا تقتصر متابعتها على فئات عمريه محددة وهناك بُعد تاريخي للموضوع .. قبل 52 وع قيام  الحرب العالمية الثانية .." كنت صغير بس متابع"، كان المواطن المصري مُتابع جيدا وبدقة الصراع بين الحلفاء (فرنسا، وانجلترا، وأمريكا) ودول المحور (ألمانيا، و ايطاليا، واليابان).. المصريين حتى فى القري  والفلاحين يتابعون الأحداث  يومياً وهذا "منطقي"، لأن مصر كبلد محتلة من الأنجليز كان الوعى العام بـ"السياسة الخارجية" لدي المصريين   عالٍ جداً فى مصر، وهذا على عكس الشعب الأمريكي   غير متابع للسياسة الخارجية فالشعب المصرى بحكم تاريخه وفى ظل الاحتلال كان يتابع بدقة كل الاحداث.

بنظرك..لماذا الأمريكان لا يتابعون السياسة الخارجية مثلما نتابعها نحنُ المصريين؟

د. السيد ياسين: لأنهم مشغولون بحياتهم العادية والعملية لذا تجدهم متفوفين  ولديهم جهالة شديدة بالسياسة الخارجية ولو اجريت استتطلاع مثلاً عن موقع إيران من الخريطة تجده  لا يعرفها.

لكن أين المصريون من السياسة الداخلية؟

 د. السيد ياسين: إهتمام المصريون بالسياسة الخارجية قديماً أيضاً، لماذا؟..لأن  التفاوت الطبقي الرهيب الذى كان فى المجتمع المصري فقبل 52 كان الفقر والبؤس منتشر وكان يوجد شبه إقطاع وكبار ملاك الأراضي يملكون قُرى بأكملها وايضا الصراع بين "الفلاحين والإقطاعيين" وحوادث كثيرة ضد الإقطاعيين  وكان يوجد صراع داخلى شديد بين " حزب الوفد وباقية الأحزاب)، وكان هناك صراع طبقي ظهر فى" المظاهرات العمالية " وقت الإربعينيات وكانت نشطة جداً، كانت ضد استغلال كبار روؤس الأموال ورجال الأعمال وأيضاً الفلاحين كانت لهم مظاهرات  ومن هنا كانت هناك متابعة داخلية للأحداث السياسية على المسرح الداخلي..  والدليل قبل ثورة 52 وتحديداً فى الإربعينيات قُدمّت ثلاث مشروعات لقانون الإصلاح الزراعي مشروع ( إبراهيم شكرى، وخطاب عضو مجلس الشيوخ، و جماعة النهضة القومية)، ولأن المجتمع لا يسير هكذا  فى ظل الصراع الطبقي لأبد من إصلاح زراعي ، لو قرأت مشروع الإصلاح الزراعي الذى قدمه " إبراهيم المدكور"  لمجلس الشيوخ ورفض .. تجد مكتوب فيه عبارة " أن لم نقم بإصلاح زراعي  فستقوم مظاهرات فى البلاد ونحن  نريد تلافي قدوم الثورة" والرسالة كانت واضحة .. وأتسآل لماذا رفضت المشاريع الثلاث من قبل أعضاء مجلس الشيوخ والشعب؟..لأنهم  هم أصحاب الأملاك، فكيف تحديد ملكيتهم  من الأراضي وهم أصحابها.. فأنتهت المسألة ومن هنا عندما قامت ثورة 52  أول ما فعلته جاءت بقانون  الإصلاح الزراعي  بعد ثلاث أسابيع من قيام الثورة من هنا يمكن القول أن الأهتمام بالسياسة (الداخلية والخارجية) من قبل المصريين قديم فإهتمامه بالسياسة الخارجية كان بحكم الإحتلال الإنجليزى،  أو الساسية الداخلية بحكم التفاوت الطبقي.

بعد ثورة 25 يناير .. كان هناك أهتمام كبيرة من بمتابعة السياسة  ألا ترى انهم الآن بعيدين تماماً عنها؟

فى أواخر حكم مبارك حدث ما يسمى بـ"عملية اختمار ثورى"  ومعناها السخط الشعبي يتراكم يوماً بعد يوم  فهي ليست مسألة أهتمام بالسياسة ولكن دخول فيها والصراع من أجل العدل والحرية وضد الإستغلال، ولو تبعت الصحف المصرية فى آواخر حكم مبارك "تجد مظاهرة أمام مجلس الوزراء  والناس ناموا على الأسفلت بعرض  الطريق فجاء الأمن  نقلهم من الطريق إلى الرصيف"وهذ كلام غريب، ومظاهرة أخرى كانت تحت شباك  أحمد نظيف رئيساً للوزراء وخبطوا عليه بالحلل ولم يخرج لهم أحد، بعبارة أخرى  الشعب أعلن عن سخطيه عن الاستغلال الطبقى والإستبداد السياسى ومشتركين فى الصراع وهذه هى القضية وليست متابعة أو أهتمام بالسياسة، أيضاً 25 يناير لم تكن ثورة ولكنها مظاهرة احتجاجيه نظمها مجموعة من الشباب على الانترنت وعندما تقرأ كتاب وائل غنيم عن الثورة كانوا يتعاملون على الأنترنت بأسماء مستعارة خوفاً من ملاحقة الأمن، يوم 25 يناير كان يوماً لمظاهرة احتجاجيه فقط تمثلت فى إقالة وزير الداخلية التنديد بضياع حقوق الإنسان  وموقع خالد سعيد لم يذكر الاعداد التى ستشارك فى المظاهرة، لكن الشعب المصرى نزل شيوخ وشباب وأطفال  ونساء  وهتفوا الشعار الشهير " الشعب يريد إسقاط النظام " ونجحوا فى إسقاطه..  لماذا ؟ لأن السخط الشعبي لدى المصريين كان متواجد  أخر عشر سنوات من حكم مبارك.


هل الشعب المصرى لديه ملل من السياسة؟

الشعب المصرى داخل فى صراع مع السياسة من أجل حريته وإشباع حاجته الأساسية وهذا هو العدل الإجتماعي، فالمواطن المصرى لا يتابع السياسة فى الصحف والقنوات ولكنه يشارك فى الصراع السياسي وهذا هو العمل بالسياسة والاحتجاجات مؤشر على السخط الشعبي، والاحتجاجات معناها إشتراك الشعبي فى السياسة عملياً  وليس متابعة للصحف، فنزوله فى الاحتجاجات للتأثير فى الموقف ولهذا كانت الهتافات فى 25 يناير " عيش حرية عدالة إجتماعية كرامة إنسانية".

لكن ما هو  تأثير حكم الإخوان على متابعة المصريين وأنخرراطهم فى العمل السياسي؟

قبل الحديث لأبد أن نتتبع التاريخ لما حدث بعد 25 يناير فهناك حكم الإخوان المسلمين وسرقتهم للثورة   وهو أخطر حدث،  لأنه  تشرزم شباب الثوار بعد إسقاط  الرئيس المخلوع  وأنفضوا، جماعة الإخوان المسلمين أكبر جماعة منظمه فى مصر، لأن تنظيمها الداخلي  عبارة عن دولة موازية  وليست جماعة عادية، المرشد هو رئيس الجمهورية، ومكتب الإرشاد هو رئيس الوزراء، ومجلس الشورى هو البرلمان، ورؤساء المكاتب الإدارية هم المحافظين، وكل مكتب إداري لدي أكثر من عشر شعب، ويوجد رؤساء الشُعب، فهم دولة داخل دولة  وهذا خطورتها و التنظيم حديد لانه مبنى على "السمع والطاعة"، هذه الجماعة المنظمة تنظيماً حديداً قفزت على الثورة .. كيف؟ قاموا بإستفتاء مريب على الانتخابات أولا أم الدستور أولاً وسموها  "غزوة الصناديق"  إنظر إلى تعبير " الغزوة"، واستفت على الانتخابات أولاً  من أجل القفز على السلطة بسرعة وأخذوا الأكثريه مع حزب النور السلفي  وهذه أول صدمة، فى وقت تشتت القوى الليبراليه  وكذلك النشطاء السياسين مشتتين وقاموا بعمل 200 إئتلاف ليس لهم وزن فى الشارع واخذهم مجلس الشورى والشعب وطمعوا فى السلطة وقالوا لن نرشح رئيساً للجمهورية وغيروا رأيهم ورشحوا  "محمد مرسي" رئيس حزب الحرية والعدالة رئيساً للجمهورية.

 ثم جاء إخونا الليبراليين السذج قابلوا مرسي المرشح فى الجولة الثانية  فى فندق "بيرمُند" لتأيده ضد شفيق على  أعتبار أنه ممثل لفلول النظام القديم بشرط أن يقوم بعمل مجلس رئاسي ووعدوهم خيراً، ونجح نجاح هزيل بنسبة 52 % ، بعد بدأ  الإخوان فى أخونة الدولة وأسلمت المجتمع وهو المشروع الذى لديهم وهو النفاذ إلى مؤسسات الدولة الحاكمة "القضاء والشرطة والقوات المسلحة"، ثم جاء أسلمت المجتمع وابتدأ  بعض البلطجيه من السلفيين وغيرهم  فى تطبيق الأمر "المعروف والنهى عن المنكر"، ثم نشأ صراع عنيف جداً بين جماعة الإخوان الإرهابية وبين باقي المجتمع وجاءت حركة تمرد  واستجاب لها الشعب فى ثورة  30 يونيه وأسقطت جماعة الإخوان الإرهابية  خصوصاً بعدما أعلن د. مرسي الإعلان الدستورى  الشهير والذى نصب نفسه فيه  ديكتاتوراً مطلق الصراح ، أوقف العمل بالقضاة وكل قراراته محصنه من القضاة وإعادة مجلس الشورى، وهو ما جعل الناس تشعر بأن هوية الدولة فى ضياع  من هنا نزل الملايين فى الشوارع لإسقاط حكم الإخوان الإرهابية.

الكل يتحدث فى السياسة على مواقع التواصل الإجتماعى " فيس بوك " وتوتير" .. ما  قرءاتك لهذا؟

الفيس بوك يمكن أن تسميه عالم إفتراضي وهو تعبير فني وهو عالم غوغائي فوضوي وكل " هلفوت  وجاهل" يمكنه نشر تويته وتأتيه عليها 20 ليك  و40 شير  وآخر لا يستطيع أن يكتب كلمتين يُنصب نفسه أديباً، فى الفيس بوك الإشاعة تصبح حقيقة  فوضى عارمه فى الفيس بوك  وهذا لا يعبر إلا عن لحظة من لحظات تدهور  المجتمع المصري ويؤدى إلى تزيف وعى المواطنين،  فى نظريات الإعلام كان يوجد ما يسمي " حراس البوابات " قبل الإنترنت بمعنى أن رئيس التحرير هو حارس البوابة ، وهناك ما يسمى بالسياسة التحريرية لكن الآن أصبح الآن كل  "واحد رئيس تحرير نفسه"، فالفيس بوك تجمع من الفاشلين وأنصاف المتعلمين والأدعياء والغوغائيين وتجمع فوضوى يؤدى إلى تزيف وعي الشعب وأنا هنا أتحدث بشكلاًعام.