السبت 29 يونيو 2024

الملحدون من زنزانة المقاهي إلى الساحات الافتراضية

6-11-2020 | 19:34

يحرصون على التواجد هناك حيث المقاهي العتيقة بأزقة شارع الفلكي والمعروف بشارع الملحدين التى تستوعب أسرارهم و همسهم و غمزهم، و أحيانا تكون مصدر الأمان بالنسبة لهم، قبل أن تضحى موطىء أقدام رجال الأمن للإطمئنان على استتباب الأمن فيه، فتحولت جلساتهم من واقع على الارض إلى كيان إفتراضي من خلال صفحات الفيس بوك.

250 صفحة على الفيس بوك هي المقاهي الحديثة لتجمعات الملحدين ، "ملحدون راديكاليون بلا حدود، ملحدون إنسانيون، ملحدون مفكرون، تلك هي مقاهي الملحدون الإلكترونية أو صفحات فيسبوكية تجمع ملايين من مستخدمي مواقع التواصل تدعو بعضها لنشر الفكر المنكر لوجود الله والأديان وآخرى للرد عليها لدحض فكر الملحدين دون نبذهم أفكارهم مجتمعيا لعدم إبراز هويتهم عبر تلك المواقع.    

أمير يوسف "التاكي" لا يخشي من إجهار إلحاده، يقول إن شارع الفلكي المتفرع من شارع هدى شعراوي بوسط القاهرة كانت تحوي مقاهي تجمع بعض الملحدين إلى أن أزالتها محافظة القاهرة بحجة أنها مقاهي للشواذ والمثليين، إنتقل بعدها الملحدون للتجمع في مقهى ليلي "ديسكو" يدعى "جيز كورنل" وهو عبارة عن شقة في الطابق الأرضي بذات المنطقة يتردد عليه "الميتاليك" المعروفين بإسم عبدة الشيطان  وإنضم إليهم الملحدين ليطلق عليه شارع الملحدين وكان يمارس فيه كافة الأفعال المنافية للتقاليد المجتمعية من شرب الخمر والمخدرات وغيرها.

ويضيف "التاكي" مقاهي الملحدين باتت عبر الفيس بوك من خلال أكثر من 250 صفحة تجمع ملايين الملحدين نطرح يوميا مواضيع للنقاش ونجاوب على تساؤلات الملحدين الجدد أو اللادينيين و إستفسارات الدينيين الراغبين في الإطلاع على أفكارنا، أما أشهر مقاهي الملحدين في القاهرة حاليا هي النادي الإيطالي بشارع عبدالخالق ثروت و مقهى البورصة التجارية بمنطقة المنشية بالإسكندرية.

ويتابع التاكي، الملحدون لاينشرون أفكارهم في جلسات على المقاهي ولا نتحدث عن الأديان في الأماكن العامة حتى لانتعرض للإضطهاد أو مضايقات من المارة أو الجالسين بينما نتحدث في الشؤون العامة و العلوم ونتبادل الكتب والأحاديث الإجتماعية بينما أماكن تجمع الملحدين لنقاش موضوعات تخص وأفكارنا  تكون عبر صفحات الفيس بوك أو أماكن مغلقة نختارها مسبقا وغير ثابتة لان الإلحاد ليس ديانة تتطلب التبشير بها ولا يطلب من الملحد إدخال أعداد معينة من الملحدين الجدد خلال فترة زمنية لاننا لا نرغب في إقامة دولة للملحدين بينما نسعى أن نتعايش في مجتمعاتنا دون ممارسة تمييز ضدنا وأن يلغى قانون إزدراء الأديان وأن تلغى خانة الديانة من بطاقات الهوية لان مصر هي ضمن ثلاث دول فقط تدون الديانة في البطاقات الشخصية لذا يجب أن نطالب بدولة يحكمها القانون وليس الدين أي أن تصبح دولة مدنية وليست دينية.

وأشار التاكي، إن المقاهي بريئة من نشر فكرة إنكار وجود الله بينما تشدد الأديان سواء الكنائس أو المساجد تزيد من نسب الإلحاد بشكل كبير فبعض ثورة يناير لم يتخطى عدد الملحدين الحقيقيين أي المعلنين إلحادهم عن 200 أو 300 شخص فالحاضرين إجتماعاتنا من المحافظات لم يتعد أصابع اليد الواحدة بينما بعد الثورة إنتشر الإلحاد في مصر فوصل عدد الملحدين الحقيقيين حوالي 25 ألف شخص وعدد الملحدين الجدد واللادينين تخطى 5 ملايين شخص ونسبة لاتتخطى 2% من الملحدين تراجعت عن أفكارها وتعود إلى إيمانها بالأديان وذلك يرجع إلى التعصب الديني من رجال الدين المسيحي والإسلامي.

قال أيمن رمزي، أحد اللا دينين، إن الحديث في الأديان شأن لا يهم الملحدين واللادينين ولكن نقاشاتهم على المقاهي تكون في الشؤون العامة ولا أحد من مرتادي المقاهي يلحظ أو يستطيع التفرقة بين الملحدين والدينيين لان الإيمان بالأديان شأن فردي لذا لم نناقشه في الأماكن العامة بينما ننتقد الأديان عبر وسائل التواصل الإجتماعي من خلال تدوين خواطر ليعلق عليها مئات الألاف حول العالم على مدار الساعة بينما التجمع على المقاهي قد يتغيب عنه الكثيرين لذلك أصبحت صفحات الفيس بوك هي مقاهي الملحدين خاصة لانها أماكن يصعب معها تحديد مكان وهوية الملحد لوجود حسابات تحمل أسماء وهمية لعدم التوصل للمستخدم بخلاف المقاهي التي تتتبعها الدولة بشكل مستمر.

وأضاف"أيمن" أن بعد غلق مقاهي الملحدين في شارع الفلكي بوسط العاصمة لم نفكر في تأسيس مقهى للملحدين فقط لاننا مواطنين ننخرط وسط المجتمع ولا ندعو للفكر اللاديني أو إنكار وجود الله ولا أتذكر يوما إنني قمت بدعوة أي شخص للإلحاد بينما يستحسن الناس طرق معاملتي الإنسانية فيبدأون في التفكير بطريقة مشابهه لأفكاري خاصة أن 99 % من أحاديث الملحدين بعيدة عن تفاصيل الأديان لكن نتحدث عن العلم والبحث الإنساني وقبول الأخر ومواقف الأديان من تلك العلوم لان الفكر لابد أن يواجه بفكر وليس بردود فعل متسلطة.