بات من الواضح أن جو بايدن ـ 76 سنة ـ هو الساكن الجديد للبيت الأبيض، أوبمعنى أدق أصبح على بعد امتار من مقعد الرئيس الأمريكى السادس والأربعين، فحتى كتابة هذه السطور كل المؤشرات الأولية فى فرز الأصوات تشير إلى تقدم بايدن في ولايات القوس الشرقى الحاسمة فى عدد الأصوات بولايات بنسلفانيا ونيفادا وأريزونا وجورجيا، التى ستضاف أصواتها فى المجمع الانتخابى ليتمكن من تجاوز الرقم السحرى المطلوب وهو 270 صوتا الذي يبعد عنه بايدن بستة أصوات فقط فى مقابل 214صوتا للرئيس الجمهوري ترامب المنتهية ولايته!
ومن كلامه الذي تابعته فجر اليوم قال بايدن بنشوة المنتصر وبثقة السياسي المحنك وحيوية الشاب رغم أعوامه الـ 76، أدعو الأمريكيين إلى المزيد من الصبر وعدم استعجال النتائج، نحن في الطريق الصحيح، فالأرقام لا تزال تواصل ارتفاعها، وعبر عن أمله في أن يكون أول ديمقراطي يفوز بولاية أريزونا منذ عقود، وفى طريقه لتجاوز حاجز الـ 300 صوت فى المجمع الانتخابى بعدد 74 مليون ناخب. وهو أكبر حصيلة للأصوات لأي رئيس أمريكي على مدار تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية.
ورغم أن انتخابات أمريكا صارت تشبه أفلامها بما تحمله هذا العام من مفاجآت مثيرة، فيجب أن نتعامل معها على طريقة كرة القدم فلا يصح أن نحكم على نهايتها إلا مع صفارة الحكم، إذ يبدو أن ترامب يتعامل مع النتائج بنفس العنجهية والغرورالذين تعامل بهما فى فترة حكمه الأولى وفريق حملته يحاول عرقلة الوصول لخط النهاية عن طريق القضاء تارة والتشكيك فى أصوات البريد تارة أخرى، فهل من الممكن أن تحدث مفاجآت.. وهل يستطيع استغلال سيطرة الجمهوريين على المحكمة الدستورية..بعد تعيين ترامب إيمي باريت قاضية في المحكمة العليا .. ووصول عدد القضاة المحافظين على الأغلبية بـ 6 مقابل 3 للديموقراطيين.. ومع حملة التشكيك فى فرزالأصوات تستطيع المحكمة العليا طلب إعادة فرز كل الأصوات أو طلب ارسال بطاقات البريد مجددا، مما يخلق أبعادا جديدة فى فيلم الانتخابات لعرقلة دخول بايدن الى البيت الابيض؟!
الفيلم طويل ومفتوح على كل الاحتمالات وعلى العالم ان يحبس انفاسه منتظرا النهاية التي يبدو أن هوليود بعظمتها لم تضع نهايات تساعدنا على إيجاد حلول منطقية، لكن هل سيرضى الحزب الجمهوري بالعرقلة ؟ الإجابة بنعم مستبعدة، لأنه حتى الجمهوريون في بنسلفانيا صوتوا لبايدن وهى كافية لتجعله الرئيسالجديد!
والسؤال الأهم هل سيحدث تطور كبير فى السياسة الأمريكية أم هي دولة مؤسسات واستراتيجية ثابتة وإذاكان هناك تغيير، ما هو نصيبنا من هذا التغيير؟ وهل سنجد بين إدارته متمردين مثلما واجهنا أيام سلفه اوباما؟
فى تقديرى أن نتائج الانتخابات الحالية ستغير وجه الولايات المتحدة، نظرا للتغير السريع الذى طرأعليها فى عهد الرئيس ترامب فى مجال السياسات الداخلية والخارجية، وأول المواجهات المطلوبة على وجه السرعة هو وقف نزيف الوفيات و الإصابات بفيروس كورونا، وقد بدأ بايدن وفريقه بالفعل في مناقشة خطة لمكافحة فيروس كورونا المستجد، وستعطيه نتيجة الانتخابات تفويضا لمواجهة القصور والاستهتارالذي واجه به الرئيس ترامب هذا الفيروس، فكان سببا فى أن تحتل الولايات المتحدةالأمريكية النسبة الأعلى فى الوفيات لتتجاوز حاجز الـ9 ملايين إصابه والـ 240 ألف وفاة، بمعدل تجاوز مؤخرا رقم 91 ألف إصابة جديدة بفيروس كورونا، كما تجاوز عددالوفيات للمرة الثالثة خلال شهر واحد رقم الألف حالة يوميا، وهو أكبر حصيلة إصابات ووفيات يومية تشهدها البلاد منذ تفشي الوباء!
أيا كانت الأولويات لكن المؤكد أن بايدن سياسي محنك خبر السياسات الدولية على مدى أكثر من نصف قرن وتخطي الكثير من الأزمات بحكمة وتعقل وليس بعنجهيه كما كان يتصرف ترامب، والمهم أن مصر موقفها ثابت ترحب بالتعامل مع أي رئيس منتخب للولايات المتحدة فقد صارت "مصر ـ السيسي" تستمد قوتها من وحدة شعبها ورؤية رئيسها وحكمته ورقما مؤثرا فى محيطها الإقليمى.. وأى رئيس أمريكي يهمه فقط مصلحة بلده