قال وزير البترول والثروة المعدنية المهندس طارق الملا، إن صناعة البترول والغاز تعرضت خلال عام 2020 لأشرس تحديات وصدمات في تاريخها في ظل هذه الظروف العالمية غير المسبوقة، مشيرا إلى أن قطاع البترول والغاز في مصر يمضي بثبات نحو تحقيق أهدافه وخططه الاستثمارية بالرغم من هذه الظروف، وهو ما يعكس كفاءة واستدامة الخطط الاستراتيجية لهذا القطاع الحيوي وفعالية الإصلاحات الجريئة التي تم تنفيذها لتطويره وتحديثه خلال السنوات الأخيرة.
جاء ذلك خلال الندوة الافتراضية "مستقبل البترول والغاز المصري.. التحديات والفرص“ والتي عقدت اليوم الاثنين ضمن فعاليات "أسبوع مصر" الذي تنظمه جمعية الأعمال المصرية البريطانية وغرفة التجارة البريطانية بالقاهرة والسفارة البريطانية بحضور السفير البريطاني بالقاهرة وسفير مصر في لندن ورئيس مجلس الأعمال المصري البريطاني وذلك كملتقى افتراضي يجمع المسؤولين التنفيذيين وصناع القرار في مصر مع المستثمرين البريطانيين تحت شعار "اقتصاد مصر الأخضر.. منصة نحو الأعمال الدولية".
ولفت إلى أن استراتيجية الإصلاح الاقتصادي التي تبنتها الحكومة منذ نحو 6 سنوات ساعدت في وضع الاقتصاد المصري على الطريق الصحيح، والحفاظ على ما حققه من تقدم في مواجهة الآثار الحادة لجائحة فيروس كورونا المستجد، والتي أضرت باقتصادات العديد من دول العالم، مشيرا إلى أن الدعم القوي من الرئيس عبدالفتاح السيسي وجهود الحكومة قد ساهما في قيادة مصر نحو بلوغ التوازن الصحيح ما بين احتواء الجائحة وأولويات التنمية.
واستعرض الملا عددا من المؤشرات الإيجابية لقطاع البترول والغاز في مصر خلال الأشهر الأخيرة لجائحة فيروس كورونا والتي شهدت توقيع 14 اتفاقية جديدة في الفترة من مارس إلى أكتوبر مع كبريات الشركات العالمية للتوسع في البحث عن الغاز الطبيعي والبترول في مصر بعدد من المناطق الجديدة والواعدة.
ونوه إلى أنه بالرغم من التحديات المشار إليها إلا أن الرئيس عبدالفتاح السيسي قام بتدشين وافتتاح اثنين من أكبر مشروعات تكرير البترول في مصر مؤخراً متمثلين في مصفاة المصرية للتكرير ومشروع (أنربك) بإجمالي استثمارات 4.5 مليار دولار، مؤكدا أنه جار العمل على تنفيذ 3 مشروعات تكرير أخرى باستثمارات 5.7 مليار دولار وهو ما يسهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي من المنتجات البترولية بحلول عام 2023.
وأكد الملا أن مبادرة مصر في عام 2018 للدعوة لتأسيس منتدى غاز شرق المتوسط تمضي على الطريق الصحيح موضحاً أن هذه المبادرة جاءت من منطلق إيمان مصر بأهمية التعاون الإقليمي والاستفادة من الغاز الطبيعي كمحفز للسلام بدلا من النزاع، وهو ما يعكسه نجاح مصر مع شركاؤها في منتدى غاز شرق المتوسط في سبتمبر الماضي بالتوقيع على ميثاق تحويل المنتدى لمنظمة دولية حكومية مما يعد إنجازا مهما للتعاون الإقليمي في شرق المتوسط ويعكس الرؤية المشتركة لدول المنتدى وتوفر الإرادة للتعاون رغم التحديات العالمية غير المسبوقة.
وأفاد وزير البترول والثروة المعدنية، بأن هذا المنتدى يدعم عملية تكوين سوق غاز إقليمي يخدم مصالح الدول الأعضاء من خلال تأمين العرض والطلب وتحقيق أقصى استفادة من تنمية الموارد وتكلفة البنية التحتية وتحسين العلاقات التجارية والأسعار التنافسية، بالإضافة إلى الاستفادة بكفاءة من البنية التحتية القائمة بالفعل والجديدة، فضلا عن الاستفادة من الدور الحيوي للقطاع الخاص في صناعة الغاز من خلال إنشاء اللجنة الاستشارية لصناعة الغاز؛ وهى ذراع القطاع الخاص والصناعة بالنسبة لمنتدى غاز شرق المتوسط وتضم شركات البترول العالمية والشركات التابعة للدولة والمؤسسات المالية ومقاولي الهندسة والمشتريات والتشييد وشركات الخدمات والمنظمات الدولية لتعزيز المزيد من التعاون والإسراع بتنفيذ المشروعات والأنشطة والاستثمارات المباشرة.
وشدد الملا على تطلع مصر لتحقيق مزيد من النتائج الإيجابية للتعاون في مجال الغاز الطبيعي بمنطقة شرق المتوسط النابضة بالحياة لضمان مستقبل مشرق ومستدام لشعوب الدول.
كما أكد أن جميع النجاحات لصناعة البترول والغاز المصرية في عام 2020 تأتي استمراراً للنجاحات التي تحققت خلال السنوات الست الماضية وفي مقدمتها تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز من خلال العديد من مشروعات تنمية وإنتاج الغاز الكبرى بالبحر المتوسط باستثمارات تزيد عن 30 مليار دولار خلال السنوات الخمس الماضية مما أدى إلى تحويل مصر إلى أحد أكبر منتجي الغاز في المنطقة واستعادة ثقة كبرى الشركات العالمية وجذب لاعبين ومستثمرين جدد في مجال البترول والغاز بالسوق المصرية.
وقال إن هناك العديد من الإنجازات التي تحققت خلال السنوات الماضية شملت التوسع في استخدام الغاز الطبيعي بالسوق المحلي المصري حيث تم تحويل جميع محطات الكهرباء للعمل بالغاز، علاوة على التوسع غير المسبوق في مشروع توصيل الغاز الطبيعي للمنازل في جميع محافظات مصر لزيادة معدلات التوصيل، حيث تم توصيل 5 ملايين وحدة سكنية بالغاز الطبيعي خلال السنوات الست الماضية، ويمثل ذلك نحو 45 بالمائة من إجمالي 11.2 مليون وحدة سكنية استفادت بالغاز الطبيعي على مدار الأربعين عامًا الماضية.
وأشار إلى أنه جار التوسع كذلك في استخدامات الغاز الطبيعي كوقود في السيارات لتحقيق الهدف الاستراتيجي لمصر للحفاظ على البيئة ودفع النمو الاقتصادي، وأنه تم بالفعل تحويل حوالى 331 ألف سيارة للعمل بالغاز الطبيعي، بالإضافة إلى 215 محطة تموين بالغاز الطبيعي، ومن المخطط زيادة عدد المحطات لتصل إلى 609 محطات بالإضافة لتحويل 263 ألف سيارة بحلول عام 2023.
وأكد الملا أن قطاع البترول أبرم 86 اتفاقية مع كبرى الشركات العالمية بالتزام إنفاق حوالى 15 مليار دولار خلال الستة أعوام الماضية مما ساهم في وصول معدلات الإنتاج من الثروة البترولية لأعلى معدل لها في تاريخ مصر حيث وصلت إلى 9ر1 مليون برميل مكافئ زيت يوميا في أغسطس 2019 ، وجذب اثنين من كبريات الشركات العالمية العاملة في مجال البترول، وهما شيفرون واكسون موبيل للدخول في مجال البحث والاستكشاف عن البترول والغاز في مصر خلال عام 2019 مما أضاف لعدد الشركات العالمية العاملة بمصر في مجال البحث والاستكشاف والاستغلال لتصل إلى أكثر من 60 شركة يعملون فى 164 منطقة امتياز.
وأشار إلى أن الوزارة بصدد إطلاق "بوابة مصر للبحث والاستكشاف" والتي تعد أول منصة إلكترونية للبيانات الجيولوجية وتهدف المنصة للترويج الإلكتروني لمزايدات البترول والغاز الخاصة بمصر، مشددا على أن الإصلاحات المنفذة في قطاع البترول والغاز أتت بثمارها للاقتصاد المصري من حيث توفير إمدادات الطاقة وجذب المزيد من الاستثمارات الضخمة خلال الفترة من 2014 حتى 2020.
وفي نهاية الندوة بعث الملا برسالة إلى الشركات العالمية والمستثمرين في قطاع البترول والغاز بأن مصر تفتح ذراعيها للجميع للاستثمار في هذا النشاط الواعد، وأن تنوع وجود الشركات العالمية يصب في صالح الجميع، مؤكدا اهتمام الوزارة بتنمية الكوادر الشابة وإعطائهم الفرصة لتحمل المسؤولية.
واختتم الملا بتأكيد أهمية وعمق العلاقات المصرية البريطانية المشتركة، وأن مصر وبريطانيا شريكان استراتيجيان، معرباً عن تطلعه إلى تقوية تلك العلاقات وبصفة خاصة في مجال البترول والغاز.