الأربعاء 27 نوفمبر 2024

فن

جوانب شخصيات رواية «الأرض».. الشيخ الشناوي «رجل الدين المتعصب»

  • 10-11-2020 | 16:39

طباعة

على عكس الفيلم السينمائي نجد المؤلف في رواية "الأرض" أعطى لكل شخصية من شخصيات الرواية مساحتها الكاملة لتعبر عمّا بها من شجون، أحزان وأفراح، وأن تكشف عمّا بداخلها من مخاوف وأمنيات. لتكشف عمّا تصبو نفسها إليه.


كما نجح المؤلف في عرض الهواجس داخل كل شخصية، وموقفها تجاه مجتمعها المتمثل في القرية، سواء من خلال حكي الراوي عن كل تفاصيلها الشخصية ومميزاتها وعيوبها، أو من خلال أفعال الشخصية وردودها خلال الحوار والذي يكشف عن حالتها التنافسية وصراعاتها الداخلية، التي تتباين من موقف لأخر.  ومن خلال تواتر السرد تتكشف جوانب الشخصيات مع المواقف المختلفة، وهو الأمر الذي اختلف بعض الشيء في الفيلم السينمائي، الذي قدم الشخصيات أحادية الجانب لا سيما الشخصيات الرئيسة ومن هذه الشخصيات نستعرض شخصية "رجل الدين".


نرى شخصية "رجل الدين" المتمثلة في "الشيخ الشناوي" الذي كان نموذجًا للتعصب وتكفير كل من لا يروق له، وكان "الشيخ يوسف" مساندًا له في آراءه بعض الوقت، إلا أن وفاة خضرة التي لا أهل ولا قريب لها في القرية كان كاشفًا عن التدين الظاهري للشيخ الشناوي بشكل خاص ولأهل القرية جميعًا بشكل عام. فقد نظر الشيخ الشناوي لخضرة على أنها نجسة وتجاهل حرمة الموت، وبقوله:  "أنها لا تستحق الدفن في مقابر المسلمين"، واتهامه لعلواني بقتلها دون بينة منه، لمجرد أنه عرباوي مستشهدًا بأية من القرآن الكريم تدلل على كفر العربان. هنا استشراف أخر للمستقبل، وكأن ما قاله "الشرقاوي" على لسان الشيخ الشناوي، تُرجم على أرض الواقع من جماعات الإسلام السياسي وزيادة.


ورغم ذلك فإن الأكثر غرابة من موقف الشيخ الشناوي كان رد محمد أبو سويلم الذي قال: "يا ناس جرى أي بس؟ إحنا في إيه ولا في إيه؟ ما هي غارت مطرح ما راحت!"، وهذا موقف خطير يكشف عن إزدواجية أهل القرية ويصيبنا بلبث تجاه النظرة للفلاح، فعندما سقطت جاموسة في الساقية شمر على ساعديه واتحد المتفرقين لإنقاذها، وعندما ماتت إنسانة لا حول لها ولا قوة مروا على خبر وفاتها مرور الكرام ولم يعبأ بموتها أحد.


 بينما في الفيلم لم يُحرك محمد أبو سويلم ساكنًا ولم يتحدث، مثلما فعل الشيخ الشناوي سواء في الرواية أو الفيلم،  مدعي التدين هو هو نفس الرجل على مر العصور شخصيته لم تتغير، فالشيخ يوسف الذي يدعي طوال أحداث الرواية والفيلم أنه خريج أزهر وأنه حامل لكتاب الله رجل لا يهمه في الدنيا إلا مصلحته الشخصية وإن كانت مصلحته على جثث أهل قريته، أو على أنقاض بيوتهم، فهو لا يهمه إن كانت الأرض ستنتزع منه طالما أنها مرهونة لمحمد أفندي وأنه لا يستفيد منها شيئًا، على عكس الرجل البسيط سائق الحنطور الذي تغشاه الحزن والإحباط على بنات القرية حالما عرف أن عساكر المركز سينزلون إلى القرية وستقام بها نقطة بوليس، وهي شخصية ظهرت في الرواية بينما لم نرها في الفيلم نهائيًا.

    أخبار الساعة

    الاكثر قراءة