الجمعة 17 مايو 2024

المتحف القومي للحضارة منارة ثقافية أثرية

11-11-2020 | 22:04

إنه المستقر الأخير.هنا سترقد مومياوات ملوك مصر العظام لتركن وترتاح بعد رحلة استقرقت أكثر من 140 عاما سيكون لديها متسع لتتقابل الأسرة الملكية مرة أخرى بعد طول فراق.داخل حجرات تشبه مقابر وادي الملوك .تتشح بالسواد لون الموت.وبالقرب منها تابوتها المذهب والذي يحمل اسم الملك على صدره.إنه المتحف القومي للحضارة المصرية .آخر محطة من محطات مومياوات 22 ملكا وملكة.جاؤوه ليجدوا ما يتلاءم مع مكانتهم الملكية الرفيعة.ستبدأ رحلة الاستقرار بعد عبور القاعة الرئيسية التي تتراص داخل قطع أثرية تدلل على عظمة الحضارة المصرية ودورها في بناء الحضارة الإنسانية.يتوسطها سلم يفصل بين النور والظلام ويقود إلى العالم الآخر.من ينزل درجاته يعبر إلى عالم البعث وحياة الخلود حيث المرقد النهائي للمومياوات الملكية.لينالوا أكبر عرض متحفي في العالم يليق بملوك مصر ويمنحهم ما يستحقوه من التبجيل والاحترام.

تقرير تكتبه : أماني عبد الحميد

داخل المتحف القومي للحضارة حكايات لا مثيل لها في العالم.تسرد تفاصيل حضارة عظيمة وتقدم مادة علمية وقطعا أثرية لتؤكد على الدور الذي لعبه المصري القديم في بناء الحضارة الإنسانية عبر العصور بداية من حضارات ما قبل التاريخ مرورا بكل العصور المصرية القديمة.وفي سبيل ذلك,تأتي عملية نقل المومياوات الملكية لتخلق شخصية مميزة للمتحف القومي للحضارة المصريةبالفسطاط.القرار صدر منذ أكثر من عشر سنوات مع بداية مرحلة البناء.وكان الهدف منه أن تمثل المومياوات الملكية نقطة الجذب الأساسي للمتحف.كما هو حال مجموعة الملك توت عنخ آمون كنقطة الجذب الأساسية للمتحف الكبير.ونظرا لأهمية رحلة مومياوات الملوك كأكبر الفعاليات الأثرية التي ستقوم بها مصر ويتابعها العالم كله .قامت وزارة السياحة والآثار بتخصيص فريق عمل أثري متكامل يعمل على مدار الساعة لتحقيق ظروف نقل تناسب حالة المومياوات وتراعي مكوناتها حتى لا تتعرض لأي خطر قد يؤذيها.حتى تخرج رحلة الموكب الملكي المهيب بشكل آمن تتباهى به الأجيال المقبلة أمام الأمم.

ومن داخل المتحف القومي للحضارة المصرية هناك حكايات أقرب إلى الأحلام يرويها د.أحمد غنيم القادم من عالم الاقتصاد والمال والأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية والمستشار الثقافي المصري ببرلين لمدة أربع سنوات .يحلم معها بموسيقى تسري بين ردهات المتحف وقاعاته.تأتي من بعيد وكأنها في عالم آخر موازٍ.يستمع إليها المترددون على المتحف كي تبدو رحلة الغوص داخل عوالم المصري القديم ممتعة ومثيرة للخيال.تلك مجرد فكرة أو حلم يتراءى أمامه كي يجعل من متحف الحضارة المصرية منارة تختلف عن غيرها.وهو ما نراه وسط متاحف العالم.كما يحلم بفتح معامل ترميم الآثار للزيارة حتى يرى الزائر بعينه كيف يقوم المرمم الأثري بإعادة الحياة للقطعة أثرية التي يتواري جمالها خلف الأتربة التي خلفها الزمن على وجهها.كيف يمكن لهم تجميع قطع الزجاج المتناثر لتعود مشكاة زجاجية إلى حالها الأصلي.

تلك الأحلام ليست مستحيلة لكن تحتاج إلى العمل الدؤوب.حيث يراهن د»غنيم»على فكرة المتحف التقدمية .» هو ليس متحفا اعتياديا لكنه أكبر منارة ثقافية حضارية ..» على حد تعبيره.فلم يعد المتحف من وجهة نظره مجرد مكان يحتضن قاعات عرض وفاترينات تعج بالقطع الأثرية المتراصة فقط.لكن المتاحف الكبرى اليوم تحولت إلى مراكز ثقافية وحضارية.خاصة وأن متحف الحضارة قد تحول بالفعل إلى هيئة اقتصادية بقانون رقم 10 في عام 2020 يواصل سرد حكايتها بقوله :»أول مرة أدخل المتحف شعرت بالذهول والانبهار بسبب ما يمتلكه من إمكانيات ضخمة..لم أكن أتخيل كل هذا الثراء..» وهنا يصف «غنيم» المتحف بأنه «كنز» لم يتم استغلاله بعد.ويردد بقوله :»لم أشعر أبدا أنه متحف للآثار كما يبدو عليه من الخارج أو ما يحمل اسمه من معان..» فهو من وجهة نظره يحمل في جوهره فكرة المتحف لكنه في الحقيقة هو أكبر بكثير من كونه مجرد متحف.ويؤكد على أن متحف الحضارة هو «منارة ثقافية حضارية» بالفعل.يمتلك القدرة على المزج ما بين الصناعة الترفيهية مع الحالة الثقافية والحضارية بمختلف أنواعها بداية من التأمل القطع الأثرية والتجول وسط قاعات المتحف الباهرة وحتى حضور الندوات إقامة المعارض الفنية أومشاهدة العروض المسرحية أو الفنية التي تتلاءم وقيمة المكان.

ويستطرد د.»غنيم» في حكايته حول الفكر الاقتصادي الذي يحتاج إليه المتحف خاصة وأن ميزانيته فاقت ال 2 مليار جنيه دون اكتمال أركانه.فلايزال هناك ست قاعات داخله تحتاج إلى أكثر من 750 مليون جنيه من أجل البدء في إعدادها.لذا سيكتفي المتحف بقاعة العرض الكبرى والتي تتواصل مع قاعة المومياوات الملكية والتي تعتبر درة المتحف.ومن أجل ذلك يرى د.»غنيم» أن إدارة المتحف تحتاج إلى فكر اقتصادي مختلف لا يسعى إلى تحقيق الربح إنما يحاول تقليل حجم الخسائر حتى يتمكن من أداء مهامه على أكمل وجه.ووضع نصب عينه أهمية تفعيل العمل بقانون تحويل المتحف إلى هيئة اقتصادية ووضع اللوائح التنفيذية له من أجل البدء في وضع الرؤى والخطط وتنفيذها عبر تقديم رؤية ثقافية فنية موازية للعرض المتحفي.أملا في جذب الجمهور وبالتالي القيام بالدور الأكبركمنارة ثقافية حضارية.وإن أكد أن تقديم الخدمة الثقافية تحتاج إلى تكلفة مرتفعة في حين العائد المادي منها ضعيف جدا على حد وصفه.وإن أكد على تزايد أعداد المتعطشين للخدمات الثقافية والفنية والحضارية الراقية.وأشار إلى عدد من التحديات التي تواجه المكان أهمها طول المدة الزمنية التي مرت على مشروع إقامة المتحف والتي زادت عن 20 عاما من العمل.وهو الذي أدى إلى الاحتياج إلى عملية إحلال وتجديد بعض الأجزاء داخله.كما عانى العاملون من حالة إحباط نظرا لتوقف أعمال المشروع وتأخر افتتاح المتحف عدة مرات.والأخطر من وجهة نظر د.»غنيم» أن المتحف عانى من عدم وجود رؤية واضحة للشكل النهائي الذي سيكون عليه.

وهناك حكاية أخرى يرويها د.مختار الكسباني أستاذ الآثار الإسلامية والعصر الحديث وعضو اللجنة العليا لسيناريو العرض المتحفي التابعة لوزارة السياحة والآثار.» هو ليس متحفا للآثار إنما متحف للحضارة..» تلك هي الحكاية التي يراها داخل المتحف.فهو متحف الإنسان الذي بنى الحضارة.لذا يحكي د. «الكسباني» أن مقتنيات العرض لا تضم تماثيل ضخمة للملوك أو مسلات لكنه قد يعرض تمثالا صغيرا ليحكي به قصة المواطن المصري الذي صنع التمثال,أو الذي عمل في القصر الملكي,أو الذي احترف تلك الصنعة.أي أن المتحف يسرد حكايات الناس الطيبة التي عاشت على أرض مصر وبنت حضارتها الإنسانية.كيف صنعوا الخبز,كيف عالجوا المرضى,كيف حنطوا الموتى,كيف قاموا بالعمليات الجراحية المتقدمة,كيف قاسوا الزمن,الفكرة تقوم على الإنسان الذي عاش على الأرض المصرية بداية من عصور ما قبل التاريخ وحتى العصر الحديث.لذا فإنه يرى أن المتحف يقدم نماذج للحضارة ذات طابع مصري خاص بها.

ويوضح د.»الكسباني» أن فكرة المتحف الأصلية كانت تحتوي على عدد من المتاحف المتخصصة مثل متحف لفنون الكتابة,متحف عن نهر النيل,و عن الزراعة ,الحرف والصناعات,المعارك الحربية,كلها عبر العصور المختلفة.ويردد آسفا أن فكرة المتحف تم اختزالها داخل قاعة العرض الكبرى فقط خاصة بعد يناير 2011 وإن أكد أن مساحتها تفوق المتحف المصري بالتحرير.مشيرا إلى أن القاعة تحكي كيف تكونت الأرض المصرية وحضارتها على مر العصور.كما تحكي مراحل ظهور الدولة ,والأفكار الدينية ,العقائد وغيرها من مظاهر الحضارة المصرية عبر العصور.ومن المنتظر أن يستكمل المتحف فيما بعد القاعة الخاصة بنهر النيل كفكرة وعقيدة وكحرف وعادات اجتماعية وكل ما ارتبط به من تفاصيل الحياة من نباتات وزراعات,صخور وتربة,ومدن وقرى,فهو نهر يمثل شريان الحياة في مصر.

وفي قلب قاعات العرض المتغير وقف الأثري باسم رؤوف ليتحدث عن مقتنياتها التي تستعرض الحرف اليدوية (الفخار,النسيج,الحلي,الخشب ) التي كان يمارسها المصري القديم باتقان .منها حرفة صناعة الفخار بداية من عصور قبل التاريخ ثم توارث الحرفة حتى العصر القبطي ثم العصر الإسلامي وكيف حملت قطع الفخار رموزا ومقدسات كل عصر.كذلك حرفة النسيج مثل أثواب الكتان التي احترفها المصري القديم.وغزل السجاد والأقمشة والملابس وغيرها.وداخل القاعة ستستقر مقتنيات متحف النسيج أيضا من سجاجيد قديمة.في حين يحكي الأثري سيد أبو الفضل كبير أمناء المتحف من داخل قاعة العرض المركزي عن مقتنياتها من القطع الأثرية التي تسرد تاريخ فترات مختلفة من تاريخ حضارة مصر, تبدأ مما قبل التاريح حتى العصر الحديث والمعاصر.يقف أمام نموذج للكهف الذي يحمل بعضا من رسومات الإنسان الأول الذي عاش على أرض مصر منذ آلاف السنين.تلك بعض من الرسومات التي تنتشر على سفوح الجبال خاصة بالصحراء الشرقية والتي تعتبر نموذجا فريدا من الكتابات البدائية.وبجواره تطل فاترينة زجاجية تحتضن أقدم هيكل بشري على وجه الأرض وعمره قد يصل 35 ألف عام والذي تم اكتشافه في منطقة « نزلة خاطر» .حيث يركن بجواره بعض الأدوات التي كان يستخدمها ومنها أحجار يبلغ عمرها 2 مليون سنة تقريبا.

وهناك يتواصل العرض المتحفي عبر عدد من الفاترينات التي تحكي كل منها قصة من قصص الحضارة المصرية.بداية من النشأة والتطور والترقى حتى بلوغ قمة الحضارة.على سبيل المثال قصة اكتشاف الزراعة وتطورها حتى أصبحت مصر من أهم دول العالم القديم الزراعية.ثم تتواصل الحكايات حول كل الحرف والصناعات التي مارسها الإنسان المصري القديم بداية من الاكتشاف حتى بلوغ قمة الاتقان في عصور مبكرة.مثل صناعة الخبز,البناء والعمارة وغيرها.ونجد في الركن الأيسر من القاعة مجموعة مشكاوات مسجد الرفاعي معروضة بالكامل وعددها 35 مشكاة من أجمل ما صنع الفنان المصري.وبجوارها مجموعة المشكاوات الخاصة بجامع السلطان حسن أيضا حتى تكتمل حكاية صناعات الزجاج في مصر خلال العصر الإسلامي.ثم تتواصل الحكايات لتصل إلى العصر الحديث والمعاصر والتراث وتتجسد في مجموعات الحلي والملابس من مختلف البيئات المصرية مثل السيناوية والبدوية والصعيدية والفلاحية وغيرها.

وأسفل القاعة الكبرى تقع قاعة المومياوات الملكية والتي تم تصميمها على هيئة جبل منحوت داخله حجرات صغيرة لتماثل البر الغربي ووادي الملوك والموقع الذي تم العثور فيه على تلك المومياوات.ويمكن مشاهدة المكان من تلك الشرفة المطلة على مدخل القاعة المتشحة بالسواد والتي تحتضن أرضها شاشة ضخمة تحكي حكايات تلك المومياوات وتاريخ ملوك مصر العظام ورحلتهم نحو الحياة الأبدية.علاوة على عدد من الشاشات التفاعلية التي توضح كل المعلومات بشكل مبسط.

الملك «سقنن رع « سيكون أول من يقابل الزائر ومعه تابوته الملكي.شرح مفصل عن حياته وكيفية وفاته ولحظات حياته الأخيرة قبل الوفاة.ثم تقابلنا الملكة «أحمس نفرتاري» والدة الملك «أمنحوتب الأول» ومن بعدهم يتوالى الملوك وأسرهم حتى آخر ملوك الأسرة العشرين الملك «رمسيس التاسع».في الداخل لا نرى سوى جدران كالحة وأسقف معتمة لا يشوبها بصيص من الضوء إلاعندما تتقاطع أشعته مع مومياء ملك أو ملكة. وتحت الأسقف التي تشبه القباب ندخل إلى عالم البعث والحياة بعد الموت وتتجلى معها قناعات المصري القديم وإيمانه بحياة الخلود الأبدية.وهنا حكاية أخرى يسردها د.محمود مبروك أستاذ الفنون بجامعة حلوان ورئس قطاع المتاحف السابق بوزارة الآثار وهو عضو في اللجنة القومية لسيناريو العرض المتحفي لجميع متاحف مصر ومنها متحف الحضارة.حكاية اختياره للون السواد لترقد بين جنباته مومياوات أشهر ملوك مصر وملكاتهم.» الأسود يليق بهم فهو لون الفخامة والحياة الأبدية..» على حد قوله.

هناك سترقد مومياوات ملوك مصر العشرين ومعهم 93 فاترينة عرض تحوي 1350 قطعة أثرية,حيث يقوم العرض المتحفي بتقديم المومياء داخل فاترينة معدة بشكل علمي للحفاظ على حالة المومياء وحمايتها بشكل كامل,كل قاعة أو غرفة قد تحوي مومياء أو اثنتين فقط,لتأخذ كل منها نصيبها في العرض,ويجاورها عرض لكل المعلومات التي تخص الملك وما بناه من معابد ومسلات وتماثيل وانجازاته طوال فترة حكمه,مع استعراض كل التحاليل التي خضعت لها مومياته مثل تحليل «DNA» التي يتم عرضها للمرة الأولى والتي يرى «مبروك» أنها «مهمة للغاية» على حد قوله حيث إنه تربط العائلات الملكية بعضها البعض.تربط الابن بالأب بالجد,ويضرب مثالا بربط مومياء كل من الملكة «تي» بالملك «إخناتون» وبالملك «توت عنخ آمون». ويقول :» سيتم عرض مومياوات ثلاث أسر ملكية وهي أسرة الرعامسة,وأسرة التحامسة وأسرة أمنحوتب..»حيث تمثل المجموعات الملكية بداية من الأسرة ال18 وال19 وال20 كما يضم العرض أيضا نتائج أشعة « X ray» التي تكشف عما تحويه اللفائف الكتانية التي تحيط بجسد المومياء مثل التمائم الذهبية المخبئة وسطها ولا تظهر من الخارج,أو للكشف عن طريقة وفاة الملك كما حدث مع مومياء الملك رمسيس الثالث الذي كشفت الأشعة عن تعرضه لمؤامرة أودت بحياته.

ويؤكد «مبروك» قائلا:» الملك تعرض لاغتيال بخنجر ولايزال نصله مغروسا في عنقه...كما تعرضت ساقه لضربة ببلطة ..» وهي معلومات لم تكن معروفة من عشر سنوات لكن كشفت عنها الأشعة.وهو ماحدث مع مومياء الملك الشهيد «سقنن رع» الذي مات خلال المعركة .حيث كشفت الأشعة طريقة وفاته والطريقة التي تمت بها معالجة جسده وتحنيطه.وعلى حد قول «مبروك» :» أشعة أوضحت كيف قام المصري القديم بمعالجة القفص الصدري للملك قبل البدء في تحنيط جثمانه..» مشيرا إلى أن عمليات التحنيط كانت تشمل أيضا عمليات لتجميل جسد المتوفى مثل استكمال الأصابع الناقصة أو الأنف,إلى جانب عرض عدد من القطع الأثرية التي تم اكتشافها مع المومياء,وبعض التماثيل الشخصية للملك وكأنها صورة شخصية للملك خلال حياته,كما يقدم العرض المتحفي المحيط بمومياء الملك شرحا لطرق التحنيط واستعراضا للأثاث الجنائزي مغزاه عند المصري القديم لتصبح قاعات المومياوات الملكية أكبر عرض متحفي لمفهوم العالم الآخر وحياة البعث الخاص بالملوك.

ويردد «مبروك» قوله :» سنشاهد التوابيت الملكية الخشبية الرائعة الجمال للمرة الأولى بشكل يليق بها..» مضيفا :» من منا حلم بأن يشاهد في الواقع لحظة خروج التوابيت محملة بعد اكتشاف الخبيئة الملكية بالبر الغربي بالأقصر كما جاءت في فيلم المومياء للمخرج الراحل شادي عبد السلام». للأسف «لم يرها أحد من قبل « على حد تعبيره لأنها كانت مخزنة في الدور الثاني والثالث من المتحف المصري بالتحرير,لكن العرض المتحفي يتضمن أن ترقد كل مومياء ملكية بجوار تابوتها الخشبي الملون والمذهب «إن وجد».

وداخل المخازن الأثرية الملحقة بمتحف الحضارة حكايات أخرى عن أول مخازن متخصصة لحفظ أجساد المومياوات المنقولة من المتحف المصري بالتحرير والتي لن ينالها حظ العرض داخل قاعة المومياوات الملكية.هناك سترقد كل مومياء داخل ثلاجة صغيرة للحفظ لتنعم بالسكينة والراحة الأبدية.عن حكايتهم يتحدث الأثري مصطفى إسماعيل المشرف على المخزن الخاص بالمومياوات. ويؤكد أن المخزن هو أكبر وحدة في الشرق الأوسط لتخزين المومياوات بشكل علمي تضاهي وحدة التخزين الملحقة بمتحف «الميتروبوليتان» الأمريكي بنيويورك.ويحكي أن العمل يجري على قدم وساق داخل وحدة التخزين من أجل إعدادها بشكل كامل وشامل لاستقبال المومياوات الملكية.مشيرا إلى المخازن ستحتضن كل المومياوات الملكية وغير الملكية الخاصة بالأفراد الموجودة بالمتحف المصري.وأن هناك خزانة خاصة أو وحدة تخزين لكل مومياء منفردة من شأنها توفير أجواء تحافظ على سلامتها حيث ترقد وسط غازات خاملة لحمايتها من التفاعلات الكيميائية الضارة.كما أن الأجهزة الملحقة تقوم بعملية التجفيف والعزل في نفس الوقت لحماية المومياء من التشقق أو من العفونة وبالتالي تحافظ عليها من التحلل أو الإصابة بالآفات المضرة.وتحوي أجهزة إنذار في حالة وجود أية تسريبات للغازات .ويقوم بشكل أتوماتيكي بعملية عزل لكل وحدات التخزين في حالة انطلاق صفارات الإنذار لوقف أية عملية تسريب إلى حين الانتهاء من إصلاح أي عطب أو تسريب قد يضر بالأجواء المحيطة بكل مومياء.

وداخل معامل الترميم حكايات أخرى أكثر إثارة حيث يرقد تابوت الملك تحتمس الأول حاملا فوقه خشبة قناع للملك وبعضا من رقائق الذهب لاتزال تزين بعضا من أجزائه.أمامه تقف المرممة الأثرية إسلام محمد رئيس قسم معمل الأخشاب بالمتحف ضمن فريق مكون من خمسة مرممين.تلمس وجهه بفرشاتها الصغيرة.تربت فوق صفحة وجهه ببطء شديد.تخشى عليها من زخات الهواء.تحكي لنا حكايات ترميم توابيت الملوك الخشبية التي تأتيها كي تضع عليها لمساتها الساحرة.والتي ستخرج إلى قاعة المومياوات الملكية فور وصول أصحابها الملوك.وتواصل الحكاية بأن عملية الترميم تبدأ أولا بتوثيق الفوتوغرافي ثم العمل وفق خطوات علمية مدروسة.تقوم بإزالة الأتربة والاتساخات وطبقات الشمع حتى تظهر الألوان البراقة.وتقوم بوضع طبقات عازلة لحمايتها من الأجواء المحيطة.وإن أكدت أن هناك 13 تابوتا ملكيا يخضع لعملية ترميم دقيقة بعد قدومهم إلى المتحف.ومنهم للملوك «رمسيس الثاني» و»تحتمس الأول» و»تحتمس الثاني»و»سيتي الثاني» و»امنحوتب الثاني».