الخميس 16 مايو 2024

«وكالة الفضاء».. إنجازات علمية بـ«أيدى مصرية»

11-11-2020 | 22:04

23 عامًا تقريبًا مرت منذ دخول مصر نادى الفضاء الدولي، وتحديدًا بعد إطلاق القاهرة للقمر الصناعى «نايل سات»، ومن وقتها لم تتغير الأمور كثيرًا، وظل «الفضاء» خارج الاهتمامات، وأصبح التقدم فى هذا المجال «حلماً مستحيلاً تحقيقه»، واستسلم البعض لهذا الواقع، غير أن تطورات عدة حدثت، ومياهاً كثيرة جرت فى النهر، وأصبح «الحلم الفضائي» واقعًا ملموسًا، واتخذت الدولة خطوات جادة لتحقيقه، حيث توافرت الإرادة والإدارة السياسية لتنفيذه، وسرعان ما تُرجمت هذه الإرادة إلى «وكالة الفضاء المصرية» التى صدق الرئيس عبد الفتاح السيسي، على قانون إنشائها فى النصف الثانى من يناير 2018 لتدور «عجلة الإبداع» داخلها، وتبدأ مصر فى طريق تحقيق الحلم الذى طال انتظاره.

«المصور» أجرت جولة داخل مقر وكالة الفضاء المصرية، تحدثت إلى قياداتها ومهندسيها، وتجولت بين أقسامها المختلفة التى أنشئت وفق أحدث النظم التكنولوجية العالمية، مجرد أن تبدأ خطوتك الأولى داخل الوكالة، تقابلك نماذج هندسية مصغرة تكشف عن تصميم المدينة بالكامل، ونموذج هندسى يكشف عن تفاصيل أول مركز لتجميع واختبار الأقمار الصناعية والذى يعد ً من أجزاء المدينة الفضائية التى تم تخصيص 123 فداناً بالعاصمة الإدارية لإنشائها والتى لا تقل فى الكفاءة أو الجودة عن المدن الفضائية العالمية ،و تسعى الدولة إلى الانتهاء منها بالكامل خلال السنوات المقبلة، وبجانب النماذج الهندسية يوجد نموذج لرجل فضاء حاملاً علم مصر فى إشارة إلى قدرة مصر على غزو الفضاء واقتحام مجالات علوم الفضاء بقوة وعزم.

الدكتور محمد القوصي، المدير التنفيذى لوكالة الفضاء المصرية: أكد أن قانون إنشاء وكالة الفضاء المصرية الذى صدر عام 2018 حدد هدفها، والذى يتمثل فى بناء الأنظمة الفضائية وإطلاقها من مصر، ومن هنا اختصت الوكالة بعدة أهداف، أهمها وضع استراتيجية وسياسة مصرية للفضاء خلال الفترة المقبلة، إضافة إلى العمل على نشر الوعى المجتمعى الفضائى وحصر الإمكانيات التصنيعية داخل مصر والتى تخدم مجال الصناعات الفضائية، بجانب وضع المواصفات القياسية للمنتجات الفضائية فى مصر، والتعاون مع الجامعات المصرية فى مجال تكنولوجيا الفضاء، وانتهت الوكالة من تحقيق هذه الأهداف خلال العام الماضى بإنشاء برنامج الفضاء الوطنى المصري، بالتنسيق مع كافة الجهات التى تخدم البرنامج والذى جرى اعتماده من مجلس إدارة الوكالة فى جلسته التى عقدت فى الخامس من مارس 2020

مدة تنفيذ برنامج الفضاء المصرى كما يقول القوصى 10 سنوات وهو برنامج متكامل مع خطة مصر للتنمية المستدامة 2030

برنامج الفضاء المصرى يقوم على عدة محاور، منها ضرورة امتلاك أنظمة فضائية مصرية وأهمية خلق علاقات دولية مع مختلف دول العالم فى مجال تكنولوجيات الفضاء والاستفادة من خبراتهم العملية فى هذا المجال، إلى جانب خلق بنية تحتية فضائية قوية، وينقسم البرنامج إلى ثلاث مراحل تم تقسيمها زمنياً، ويتخلل كل مرحلة تنفيذ عدة مشروعات فضائية مختلفة، وتم الانتهاء من وضع برنامج الفضاء الوطنى ليتم تنفيذه فى الفترة من 2020 وحتى 2030 هذه هى المرة الأولى التى يصبح لمصر برنامج فضاء وطنى معتمد من رئيس الدولة، فلم تكن هناك أية برامج معتمدة من قبل .

المدير التنفيذى لوكالة الفضاء المصرية، يكشف أن «القمر الصناعى يستغرق ٣سنوات لتصميمه وتصنيعه وإطلاقه، وسيتم الاستفادة من النجاحات التى تحققها المشاريع فى المراحل الزمنية القريبة والمتوسطة لتنفيذها بشكل موسع يغطى كافة أنحاء الجمهورية على المدى البعيد حتى عام 2030 كما هو الحال فى مجال الاتصالات، فنحن نسعى لعدم الاعتماد على النايل سات وطيبة 1 فقط، وإنما تخطط لإطلاق عدة أقمار صناعية لتغطية جميع أنحاء مصر، إضافة لمراقبة حدود مصر، وكذلك إطلاق عدة أقمار للتأكد من مراقبة حدود مصر على مدار 24 ساعة وتوفير معلومات لحظية عن حدود مصر على الاتجاهات كافة».

«د.القوصي» كشف عن استفادة اقتصادية مباشرة وأخرى غير مباشرة من إنشاء الوكالة، حيث تستفيد الوكالة ماديا بطريقة مباشرة عند التعاقد لتنفيذ مشروعات لصالح بعض الجهات، وحاليا يتم إعداد وتجهيز مسلسل تليفزيونى لتوعية الأطفال بالبرنامج الوطنى للفضاء ومجهودات مصر فى مجال علوم الفضاء مما يساعد على زيادة معرفة واهتمام الأجيال الجديدة بعلوم الفضاء، الأمر الذى سينعكس بدوره على إمكانية تحفيز بعضهم ليكونوا علماء ورواد ومهندسى فضاء، وبذلك تتحقق الاستفادة الاقتصادية غير المباشرة، وسيتم تسويق المسلسل فور الانتهاء من تصويره لعرضه فى رمضان المقبل، هذا فضلًا عن تقديم الدعم لمختلف التخصصات داخل الدولة، فعلى سبيل المثال، توفر الوكالة من خلال الأقمار الصناعية المصرية صوراً فضائية توضح حجم التعديات على الرقعة الزراعية وأراضى الدولة، مما يحقق استفادة اقتصادية غير مباشرة للدولة، كما هو الحال عند تقديم معلومات عن وجود مياه جوفية ممايساعد على إقامة تجمعات عمرانية جديدة .

المدير التنفيذى لوكالة الفضاء المصرية، يكشف أيضاً أن مصر تمتلك القمر الصناعى «نايل سات» الذى تم إطلاقه عام 1998 لأغراض البث التلفزيونى ، والعام الماضى تم إطلاق قمر صناعى للتصوير الفضائى ليقدم صوراً فضائية تستخدم فى مجالات البحث عن المياه والمعادن ومراقبة حركة العمران والتخطيط العمرانى والعديد من الاستخدامات الأخرى، بجانب القمر الصناعى «طيبة 1»، إضافة إلى قمرين صناعيين «كيوب سات» تم إطلاقهما العام الماضي، ومن المنتظر إطلاق قمر صناعى بالتعاون مع عدد من الدول الإفريقية لمراقبة الانبعاثات الناتجة عن النشاط الصناعى ومتابعة تأثيرها على المناخ فى دول القارة التى تتاثر بشكل كبير بالتغيرات المناخية وليست سببا فيها، وكان المخطط أن يجرى تدريب ٣ متخصصين من بعض الدول الإفريقية داخل الوكالة المصرية للفضاء، لكن نظرًا لظروف جائحة كورونا تم تعديل المخطط والتوقيتات ليكون جزءاً من التدريب «أون لاين» والجزء الثانى عملي، ومن المنتظر أن يحمل القمر اسم «قمر التنمية الإفريقي» لقياس التغيرات المناخية فى «مصر، غانا، أوغندا، كينيا، نيجيريا، والسودان» .

«د. القوصي» يلفت أن شهادة الجودة «أيزو _27001» تمنح للجهات التى تحدد كيفية تداول وتأمين المعلومات داخل تلك المؤسسات ، لذا فإن طبيعة عمل وكالة الفضاء تجبرها على ضرورة تأمين تداول المعلومات حتى لا يتم اختراقها معلوماتيا وتسريبها للخارج، وحصول الوكالة المصرية للفضاء على هذه الشهادة يؤكد على مدى فعالية ونشاط الأمن المعلوماتى داخلها.

توطين صناعة الآلات والمعدات الفضائية فى مصر، واحد من الأهداف التى تسعى إليها الوكالة وكما قال «د.القوصي»:فقد تم بالفعل تصنيع أول كاميرا فضائية بالكامل داخل مصر بالاشتراك مع الشركة العربية للبصريات التابعة لجهاز الخدمة الوطنية، فتصميم الكاميرا ومكوناتها وصناعتها بالكامل مصرية 100 فى المائة وخضعت لجميع الاختبارات عليها داخل مصر بأيد مصرية من خلال التقاط صورة واضحة للقمر الذى لا يقل بعده عن 400 ألف كيلومتر .

يكمل القوصى أن مصر تمتلك خبرات نظرية فى مجال الصواريخ جيدة جدا من خلال خريجى الكلية الفنية العسكرية، غير أننا فى مقابل هذه الوفرة، نفتقر للخبرات العملية مما يضطرنا للاستعانة بخبرات أجنبية لنقل تلك الخبرات، والوكالة المصرية للفضاء تتبع خطة لتوطين صناعة الأقمار والمعدات الفضائية فى مصر، وكانت هناك تجربة مع الجانب الأوكرانى لتصنيع قمر صناعى منذ حوالى 15 عاماً وبالفعل تم إطلاق القمر فى عام 2007 مما يشير إلى اكتساب هؤلاء المهندسين لخبرات التصنيع العملية من خلال تلك التجربة فأصبح لدينا خبرات فى هذا الجانب .

القوصى يرى أنه لتوطين أى صناعة لا بد من توافر عاملين أساسيين، كوادر بشرية مؤهلة ولها خبرات نظرية وعملية جيدة وقدرات وأماكن تصنيعية لتنفيذ التصميمات والخطط، ومصر تمتلك عددا جيدا من الكوادر البشرية المؤهلة من خلال التجربة السابق ذكرها مع الجانب الأوكرانى، لذا تم الاعتماد عليهم فى إعداد ونقل خبراتهم العملية المكتسبة إلى أجيال أخرى .

وفيما يتعلق بالدراسات التى تجرى حالياً والخاصة بامتلاك مصر لأول منصة لإطلاق الأقمارالصناعية قال«القوصى» إن قانون إنشاء الوكالة المصرية للفضاء ينص على أن «مصر تمتلك كافة وسائل الإطلاق» وهو ما دفعنا لإجراء الدراسات اللازمة لامتلاك منصة لإطلاق الأقمار الصناعية، انتهينا من هذه الدراسات وفى انتظار الحصول على الموافقة للبدء فى التنفيذ، وعند إنشاء الوكالة المصرية للفضاء تمت دراسة كافة الجهات التصنيعية فى مصر وأهمها الهيئة العربية للتصنيع والهيئة القومية للإنتاج الحربى للوقوف على الكوادر التى تصلح للعمل فى مجال صناعات الفضاء، وبجانب ما سبق تم الاعتماد على مجموعة من الوثائق الأوكرانية فى عملية تصنيع قمرين صناعيين داخل مصر ونجحنا فى إطلاق أول قمر صناعى مصرى خلال العام السابق طراز «كيوب سات»، واستكملنا حلقة التصميم ثم التصنيع ثم الإطلاق الذى تم بواسطة جهة أجنبية وحاليا نستقبل الصور من هذه الأقمار بواسطة فنيين مصريين.

وأضاف أنه يجب توجيه النظر إلى الجامعات والمراكز البحثية المصرية لتأهيل الطلبة وتدريبهم على التكنولوجيا التى تدخل فى مجال تصنيع الأقمار الصناعية، وبالفعل بدأت الوكالة تنفيذ تلك الخطة من خلال التعاون مع 18 جامعة داخل مصر بتكليف كل جامعة تصميم وتصنيع بعض أجزاء القمر الصناعى ثم تجميع تلك الأجزاء داخل الوكالة المصرية للفضاء واختبارها وتجميعها فى قمر صناعى من الممكن أن يطلق أو يتم عمل منه نسخة للإطلاق، وخلال الإجازة الصيفية يتم عقد دورات تدريبية لطلبة كليات الهندسة والحاسبات والمعلومات والعلوم فى مجال تكنولوجيا الفضاء داخل الوكالة المصرية لعلوم الفضاء .

الوكالة تتكون من 18 قسماً، كل قسم يضم مجموعة من المهندسين والعاملين على أحد مكونات أو وظائف القمر الصناعي، كما تعتمد الوكالة على الجهات المصنعة المصرية مثل مصنع بنها والشركة العربية للبصريات لتصنيع أجزاء القمر الصناعى التى لايمكن تصنيعها داخل الوكالة، وحسب القوصى فنضم القمرين الصناعيين اللذين تم إطلاقهما فى عام 2019 تم من خلال مهندسين مصريين بنسبة 100 فى المائة

«محطة الفضاء الدولية تدار بواسطة 4 دول (الولايات المتحدة الأمريكية، اليابان، كندا، وروسيا) بالتعاون مع وكالة الفضاء الأوروبية، ولا يتم عمل أى نشاط داخل المحطة إلا بواسطة هذه الدول، وأعلنت منظمة الأمم المتحدة بالتعاون مع شركة «أير باص» عن مسابقة لتتيح لدولة أخرى غيرالدول الخمس لوضع مكون فضائى يتم اختباره داخل محطة الفضاء الدولية، واشتركت مصر فى المسابقة بكاميرا فضائية مع 25 دولة أخرى ونجحت مصر وتم اختيار الكاميرا المصرية لتكون ضمن محطة الفضاء الدولية، وبذلك أصبحت مصر أول دولة فى العالم يكون لها مكون فضائى على محطة الفضاء الدولية من خارج مجموعة الدول التى تدير المحطة، وسيوفر وجود هذه الكاميرا على محطة الفضاء الدولية لمدة عام تكلفة تصميم وتصنيع وإطلاق قمر صناعى التى قد تصل إلى 50 مليون دولار حسب نوع القمر، ومصر تسعى للتعاون مع الدول الإفريقية فى مجال علوم الفضاء ويظهر ذلك من خلال إتاحة الفرصة لكينيا وأوغندا للمشاركة فى تصنيع تلك الكاميرا تحت إشراف ومسؤولية مصر.

وكشف «د. القوصي» أنه يجرى العمل حاليا على إنشاء قمر صناعى بلغ وزنه 330 كجم لأغراض التصوير الفضائى من خلال منحة مقدمة من الصين وبدأنا فيه فى سبتمبر 2019 وانتهينا من تصميمه الابتدائى واعتمدنا التصميم من الصين، ودخل القمر مرحلة التصميم المؤدى للتصنيع، ومن المنتظر إطلاقه فى سبتمبر 2022 وسيطلق عليه اسم «مصر سات 2»، إلى جانب إنشاء قمر ثانٍ وزنه 65 كجم ، وبدأ العمل فى هذا القمر منذ 4 سنوات تقريبا لإثبات مقدرتنا على تصميم مثل هذا النوع من الأقمار، وبلغت نسبة مشاركة مصر فى تكنولوجيات القمر نسبة 45فى المائة وسيتم إطلاق القمر من الصين، ومن المخطط أن تكون هناك نسخة أخرى منه، و نسعى لزيادة نسبة المنتج المحلى لتصل من60 65فى المائة بإضافة الكاميرا الفضائية مصرية الصنع وسيطلق عليه اسم « Next sat » وطبقا لبرنامج الفضاء الوطنى من المخطط أن نصل بنسب التصنيع المحلى فى النسخة الثالثة من القمر الصناعى إلى 80 85فى المائة كما أنه من ضمن أهداف برنامج الفضاء الوطنى أن تصل مصر وتصعد إلى سطح القمر وندرس آليات تنفيذ هذا الهدف، مع الأخذ فى الاعتبار أن الدولة التى تمتلك قمراً صناعيا فى الفضاء تعتبر إحدى أعضاء دول النادى الفضائي، مصر انضمت لهذا النادى عام 1998 بإطلاق القمر الصناعى «نايل سات1».

خطة «إنشاء وكالة إفريقية للفضاء» ، يكشفها «د. القوصي» مؤكدا أن الاتحاد الإفريقى أعلن عن نيته لإنشاء وكالة الفضاء الإفريقية، وأعدت مصر ملفا قويا تحت إشراف الدكتور خالد عبد الغفار، وزير التعليم العالى والبحث العلمي، يؤكد على استعداد مصر لاستقبال تلك الوكالة على أرضها وبالفعل فازت باستضافة الوكالة الإفريقية للفضاء وبدأنا الإنشاءات داخل مدينة الفضاء المصرية فى سبتمبر الماضي.

آليات «التواصل مع علماء الفضاء المصريين فى الخارج»، جزء من النجاح وكما أشار المدير التنفيذى لوكالة الفضاء المصرية، فهناك العديد من العلماء المصريين العاملين فى مجال الفضاء فى أمريكا وفرنسا وهولندا وغيرها من الدول، وتتواصل الوكالة المصرية للفضاء منذ إنشائها مع علمائنا فى الخارج لنقل واكتساب الخبرات والأسبوع الماضى كنا فى تواصل مع أحد علمائنا فى ألمانيا بخصوص تفعيل الاستكشاف الفضائى عمليا والاستفادة من خبراته فى هذا الشأن وتقنية الـ(فيديو كونفرانس) جعلت التواصل مع هؤلاء العلماء سهلا ومتاحا فى أى وقت، كما أن غالبية العلماء المصريين فى الخارج يرحبون بالتعاون مع الوكالة المصرية للفضاء فى حدود المعلومات التى تسمح الجهة التابع لها بتداولها .

هناك العديد من الدراسات التى تجريها الوكالة لاكتشاف الفضاء، منها كيفية الوصول لسطح القمر، بجانب دراسات عن كيفية التعامل من المخلفات الفضائية، وكذلك سيتم إنشاء تليسكوب فضائى لرصدها، كما بدأ الأتجاه لدراسات حول ما يسمى بـ«الطب الفضائى» الذى يشتمل على كيفية الاهتمام بالحالة الصحية لرواد الفضاء ومدى الاستفادة من الأبحاث الطبية التى تجرى فى الفضاء وذلك بالتنسيق مع الجهات المعنية بالطب الفضائى كالقوات المسلحة ووزارة التعليم العالى والبحث العلمي.

مركز تجميع واختبار الأقمار الصناعية

وكشف «د. القوصي» أنه كان من المخطط الانتهاء من إنشاء مركز تجميع واختبار الأقمار الصناعية، فى أغسطس الماضى ، لكن نتيجة لجائحة فيروس كورونا تم تأجيل المشروع لمدة عام وهو فى مراحله النهائية، كما أن المشروعات القومية لمصر التى ستتيح لها فرصة تجميع الأقمار الصناعية وإجراء الاختبارات الوظيفية و البيئية الفضائية والتأكد من أن القمر قابل للإطلاق، وبعد ذلك يتم إرساله لجهة الإطلاق ، وهذا المركز يعتبر الأول من نوعه فى المنطقة العربية، ومن المنتظر أن يتم تشغيله فى يونيه القادم، والمركز سيعمل بالكامل بسواعد مهندسين مصريين مؤهلين جيدا على تخصصاتهم المختلفة، وجميع أجهزة المركز عبارة عن منحة من الحكومة الصينية إلى نظيرتها المصرية بجانب تدريب المهندسين المصريين وتأهيلهم

وأشار المدير التنفيذى لوكالة الفضاء المصرية، إلى أن «المدينة الفضائية تشمل 23 مبنى على مساحة 125 فدانًا ، تضم مبنى أكاديمية الفضاء ومبنى وكالة الفضاء الإفريقية ومبنى وكالة الفضاء المصرية ومبنى لإنشاء قبة سماوية لإعطاء فكرة عن نشاط الوكالة فى علوم الفضاء، إضافة لقاعة مؤتمرات ومبنى اجتماعى وسكن للعاملين، ومن المنتظر أن يكتمل بناء المدينة خلال 10 سنوات، والهدف من إنشاء تلك المدينة أن تصبح كل أنشطة الفضاء داخل مصر فى مكان واحد مركزى، وهو ما سيسهل الاتصالات وفى الوقت ذاته يوفر الوقت والمجهود والنفقات، ولدينا اتصالات جيدة مع وكالات الفضاء العالمية، ووقعنا بروتوكول تعاون مع وكالة الفضاء الفرنسية فى يناير الماضى مع الاشتراك فى تنفيذ مجموعة من المشروعات، غير أن التعاون مع وكالة الفضاء الصينية له نصيب الأسد، وخير شاهد على هذا التعاون هو مركز تجميع واختبار الأقمار الصناعية والقمر الصناعى «مصر سات 2»، هذا إضافة إلى وجود تعاون مع جنوب إفريقيا وأوكرانيا والإمارات وغيرها من الدول.

وعن تطوير وتوطين صناعات تكنولوجيا الفضاء، أكد «د.القوصي» أن الوكالة المصرية للفضاء تحتوى على مجموعة من المعامل التى يتم تحديثها كل عام ويحتوى كل معمل على كافة الأجهزة التى توفر للمهندس أن يختبر الوظائف المختلفة للقمر الصناعى مثل معمل الاتصالات والتغذية الكهربية وغيرها من التخصصات المختلفة

كما شدد على أن عملية إطلاق الأقمار الصناعية تمثل لأى وكالة فضاء نجاحا لمجهوداتها، وتمكنا خلال العام الماضى من إطلاق قمرين صناعيين بجانب تصنيع كاميرا فضائية بمكونات مصرية 100 فى المائة، إضافة لتصنيع أقمار صناعية صغيرة مع طلبة الجامعات وأيضا المسلسل التلفزيونى لزيادة التوعية المنتظر عرضه العام القادم، بجانب تخصيص يوم 16 فبراير الماضى كيوم للفضاء المصرى بحضور 200 شخص من مختلف الفئات العمرية فى جميع مراحل التعليم المختلفة وكانت نتيجته تصنيع «الكان سات» وهو عبارة عن قمر صناعى صغير محمل عليه كاميرا صغيرة وسيتم تطبيقه على المدارس فى ظل مسابقة تنافسية خلال العام القادم.

دورات «الوكالة» التدريبية

أما فيما يتعلق بالدورات التدريبية التى تعقدها الوكالة، قال «د.القوصي»: عدد المشاركين فى تلك الدورات حوالى 400 طالب يتم تدريبهم على موضوعات نظرية وتطبيقات عملية ويقوم فى نهاية دراسته بتصنيع أحد أجزاء القمر ثم نقوم بتجميع تلك الأجزاء فى فمر من نوع « كيوب سات» وبعد تخرجهم نعلن عن حاجة الوكالة تعيين مهندسين طبقا لتخصصاتهم وحتى الآن بلغ عدد العاملين بالوكالة من هذه الدورات 13 مهندسا ومهندسة، ومن المخطط تعيين 20 طالبا من الطلبة المتدربين خلال فترة إجازة الصيف الحالية .

جولة داخل «الغرفة النظيفة»

فى نفس السياق، كشف المهندس عبدالله محمد، أن معمل النموذج الهندسى يهدف لإجراء الاختبارات الوظيفية التكاملية للقمر الصناعى قبل الإطلاق للتأكد من أن كافة أنظمة القمر الصناعى تعمل بكفاءة بنسبة 100 فى المائة وقد سمى المعمل بـ«الغرفة النظيفة»، لأنه ، يعتمد على درجة نقاء الهواء للتأكد من عدم وجود مشاكل فى البيئة المحيطة بالقمر خلال الاختبارات، ويتكون القمر من عدد من الأنظمة الرئيسية ومنها نظام التغذية الكهربية ونظام الاتصالات ويتم استخدام النموذج الهندسى بعد إطلاق النموذج الطائر لنفس القمر فى أغراض التدريب وتدريب الطلبة لتأهيلهم

وتابع: الوكالة تعمل حالياً على تجهيز قمر صناعى «كيوب 3» المصنع بالكامل بأياد مصرية وأيضاً قمر«مصر سات2» وقمر «NEXT SAT» وتتم الاختبارات على عدة مراحل، أولها اختبار منظومة الاتصالات الخاصة بالقمر، ثم اختبار منظومة القدرة الكهربائية، ثم اختبار الكاميرات، وبعد نجاح كل مرحلة يتم اختبار جميع وظائف القمر للتأكد من تمام جميع وظائف القمر قبل إطلاقه .

معمل الكاميرات الفضائية

بدوره.. قال المهندس حسين عاشور، من داخل معمل الكاميرات الفضائية المختص بالتصميم والاختبارات الخاصة بالكاميرات، أنه تم تصنيع العديد من الكاميرات داخل مصر وإجراء الاختبارات الحرارية واختبارات البيئة داخل مصر،، ويتم إجراء الاختبارات الإلكترونية داخل المعمل بالوكالة، وتعتبر الكاميرا الفضائية أحدث ما توصلت إليه الوكالة المصرية للفضاء اعتمادا على المكون المحلى بنسبة 100 فى المائة وتمت تجربتها من خلال التقاط صورة واضحة للقمر من على سطح الأرض وتتكون الكاميرا من 3 اجزاء الجزء البصرى والجزء الميكانيكى البصرى والجزء الإلكترونى .

وأوضح أن «عملية صناعة تلك الكاميرا استغرقت فترة تتراوح بين العام والعام ونصف وذلك لإجراء كافة الاختبارات عليها للتأكد من جاهزيتها للعمل، وتخطت تكلفة تصنيع هذه الكاميرا حاجز المليون جنيه، وهذا النوع من الكاميرات يصلح للاستخدام على الأقمار متوسطة الحجم مما سيوفر فى تكلفة إطلاق هذه الأقمار، فمن المخطط أن تقوم الوكالة خلال الفترة المقبلة بإنشاء تليسكوب لرصد الحطام الفضائى من على سطح الأرض، وذلك لكثرة أجزاء الحطام الفضائى حول الأرض، وسيتم إجراء كافة الاختبارات عليه داخل معمل الكاميرات الفضائية» .

«اختبارات البيئة الفضائية»

ومن داخل معمل اختبارات البيئة الفضائية، قال المهندس خالد رزق: « اختبارات البيئة الفضائية»القسم المختص بمحاكاة البيئة الفضائية لإجراء التجارب على الأقمار قبل إطلاقها للتأكد من قدرتها على تحمل ظروف البيئة الفضائية من درجة البرودة والحرارة، حيث يتم وضع القمر الصناعى فى غرفة مفرغة من الهواء كالفضاء لمدة قد تصل إلى ٧٥ ساعة يتم خلالها رفع درجات الحرارة حتى ١٥٠ درجة وخفضها حتى ١٥٠ تحت الصفر والتأكد من استمرار جميع وظائف القمر فى العمل فى مختلف الظروف، وهذه الاختبارات كان يتم إجراؤها فى الخارج مما يعنى أن وجود قسم الاختبارات البيئة الفضائية داخل وكالة الفضاء المصرية ساهم فى توفير تلك المبالغ على الدولة، ويتم تدريب عدد من الطلبة لتأهيلهم للعمل داخل الوكالة على يد مجموعة من المهندسين الاكفاء وذلك لتوفير كوادر مدربة ومؤهلة .

تحالف «المعرفة والتكنولوجيا»

ومن جهته قال الدكتور أيمن محمود، رئيس قسم الحمولة الفضائية: مشروع التحالف القومى للمعرفة والتكنولوجيا فى مجال الفضاء، بدأ منذ عام 2017 بتمويل من أكاديمية البحث العلمى وذلك بغرض إنشاء أول قمر صناعى مصرى بالكامل داخل مصر بالاعتماد على القدرات الذاتية دون الاستعانة بأى خبرات أو أجهزة من الخارج، وبدأ المشروع بالتنسيق مع جهات تصنيعية مثل مصنع البصريات والمصانع الحربية ومصنع بنها للإلكترونيات وجهات بحثية، وقد تمت عملية التصميم كاملة داخل معامل الوكالة المصرية للفضاء من خلال فريق بحثى مكون من 23 مهندسا تم توزيع مراحل التقسيم عليهم وقد انتهى الفريق من النموذج الأول للقمر خلال 12 شهرا وبدأنا عام 2018 بتجهيز النموذج الطائر للقمر، وتم تسليمه لجهة الإطلاق فى يناير 2019 وتعد عملية تسليم القمر لجهة الإطلاق من أصعب مراحل القمر وذلك لكثرة المخاطر والتهديدات التى من الممكن أن تؤثر على القمر نفسه، لذلك نقوم بعمل أكثر من نوع من الاختبارات لاحتمالية إطلاق الأقمار من اليابان أو أمريكا رغم أن لكل دولة منهما شروطا تختلف عن الدولة الأخرى، وتم إطلاق القمرين طراز «كيوب سات» العام الماضى بنجاح.

وتابع: تعمل الوكالة المصرية للفضاء حاليا على إنشاء قمر صناعى أكبر حجما وتحميله بكاميرا أكبر للحصول على دقة تصوير أعلى، ومن المفترض أن يتم استخدامه فى مراقبة الحدود المصرية ولتحقيق هذه الغاية نحتاج لمجموعة من الأقمار الصناعية لضمان استمرار مراقبة الحدود طوال 24 ساعة بالتناوب، كما تعمل الوكالة بالتعاون مع وزارة البيئة لتصنيع قمر صناعى مزود بكاميرا تقوم بالتصوير فى حيز ترددى منخفض جدا لا يمكننا رؤيته لرصد انبعاثات للغازات المسببة للاحتباس الحرارى، وبدأنا مرحلة تصنيع النموذج الهندسى للقمر.