الثلاثاء 21 مايو 2024

أكد أن إرادة التغيير لا تتحقق إلا بتحالف الشعب والجيش معا «لاشين».. نبوءة كل الثورات فى مصر

29-1-2017 | 12:09

فى ظل انقسام الذوق السينمائى العام فى مصر خلال النصف الثانى من ثلاثينيات القرن الماضى بين فواجع يوسف وهبى وهزليات على الكسار وبعض غنائيات محمد عبد الوهاب وأم كلثوم، ظهر فى سماء السينما المصرية فيلم بدا وكأنه يحلق منفردا خارج السرب، أو كأنه نبرة مختلفة فى جوقة السينما التجارية السائدة فى هذه الفترة ، صحيح أنه ارتدى عباءة التاريخ شأنه فى ذلك شأن «وداد» و»دنانير» و»شىء من لا شىء» و»شجرة الدر»، وغيرها من الأفلام التاريخية التى عرفها جمهور سينما الثلاثينيات إلا أنه كان أبعد من مجرد كونه فيلما تاريخيا وأكثر عمقا ونفاذا من مجرد فيلم قدمه صناعه للتسلية ومتعة المشاهدة .. هذا الفيلم لم يكن سوى «لاشين»، الذى أخرجه الألمانى فريتز كرامب سنة ١٩٣٨ عن فكرة لألمانى آخر هو «هنريش فون ماين» وحوار أحمد رامى، أما كاتب السيناريو فلم تذكره مقدمة الفيلم وإن كانت بعض المصادر المكتوبة تشير إلى أن اسمه «ستيف هاريس»، ومن إنتاج المؤسسة السينمائية الأهم فى ذلك الوقت استوديو مصر فى خامس تجاربه الإنتاجية منذ افتتاحه سنة ١٩٣٥ .

وتأتى أهمية فيلم «لاشين» واختلافه أيضا عن السائد فى هذا الوقت من أنه كان أول فيلم مصرى ينادى بالثورة على الحاكم الظالم والالتفاف حول قائد الجيش الذى تحول إلى بطل شعبى فى مواجهة فساد القصر وبطانة السوء التى تحيط بالسلطان الغارق فى متعه وملذاته، وكيف أدت الأزمات الاقتصادية وكبت الحريات وغياب العدل إلى خروج الناس إلى الشوارع ووصولهم إلى قصر السلطان، مطالبين بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية تماما مثلما فعل من افترشوا الميادين فى الخامس والعشرين من يناير ٢٠١١ بعد ثلاثة وسبعين عاما من عرض الفيلم، حتى إن لم ينطق شخوص الفيلم المذكور بمفردات العبارة ذاتها التى باتت شعارا لكل ما حدث فى الخامس والعشرين من يناير، وكان طبيعيا ألا يطيق الملك فاروق وحكومة جلالته فيلما كهذا، ومن ثم صدر قرار إدارى بمنع عرض الفيلم فى السابع عشر من مارس ١٩٣٨ فى اليوم ذاته، الذى كان مقررا لعرضه فى سابقة كانت الأولى والأخيرة فى تاريخ الفيلم المصرى، صحيح أن أفلاما أخرى فى مسيرة السينما المصرية قد أصابها المنع الرقابى أو الأمني، إلا أن ذلك لم يكن فى اليوم ذاته الذى تحدد لبدء العرض الجماهيرى.

.. لنفتح إذن ملف وقائع الأزمة منذ بدايتها.

فى أبريل ١٩٣٧ قرر الفنان أحمد سالم مدير استوديو مصر أحد مشروعات الاقتصادى الرائد طلعت حرب الانتقال بالاستوديو إلى مرحلة الإنتاج الضخم من خلال فيلم بدا للوهلة الأولى أنه فيلم تاريخى اختار له اسم «لاشين»وأسند مهمة إخراجه إلى الألماني «فريتز كرامب»، الذى كان موظفا فى استوديو مصر، وسبق له أن أخرج أول أفلام الاستوديو «وداد» سنة ١٩٣٦، الذى قامت ببطولته المطربة أم كلثوم، وكان مقررا وفق صحيفة البلاغ فى التاسع من أبريل ١٩٣٧ أن يتم إنتاج الفيلم من نسختين إحداهما ناطقة بالانجليزية على أن تتولى البطولة النسائية الممثلة أمينة رزق أمام ممثل جديد اسمه حسن عزت، كان قد مارس بعض المهام السينمائية فى هوليوود، لكن ظروف سفر الممثلة المعروفة مع فرقة رمسيس خارج مصر وقت بداية تصوير الفيلم حالت دون قيامها بالبطولة، التى ذهبت إلى ممثلة جديدة اسمها نادية ناجى لم تظهر بعد ذلك فى أى فيلم آخر شأنها فى هذا شأن حسن عزت، الذى عاود رحلته إلى هوليوود بعد الفيلم وانقطعت أخباره هناك، ويحكى «لاشين» عن قائد الجيش، الذى يحمل الاسم نفسه والعائد منتصرا من محاربة المغول وسط أفراح الشعب ببطلهم المحبوب فى الوقت الذى يحيك الوزير «كنجر» المؤامرات حول السلطان وقائد جيشه المنتصر، ينشغل السلطان بجاريته «كليمة» التى تتمنع عليه، فينتهزها كنجر فرصة للوقيعة بين السلطان ولاشين؛ فيأمر الأول بإلقاء الثانى فى السجن بينما يضيق كنجر الخناق على الشعب، فتزداد المجاعة والأزمات الاقتصادية؛ ما يدفع الناس إلى الثورة والوصول إلى قصر السلطان والهتاف ضده وتحرير لاشين من السجن فى الوقت الذى يقتل فيه كنجر السلطان ويستولى على العرش.

تابع التفاصيل في العدد الجديد في المصور الموجود حالياً في الأسواق .