رأت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية في عددها الصادر اليوم الأربعاء أن الولايات المتحدة ليس لديها رفاهية أن تضيع 60 يوما من حربها ضد وباء الكورونا العالمي ، فهذا الوباء لن يكترث لحسابات الجداول الزمنية السياسية.
وأكدت أنه يتعين على واشنطن ألا تنتظر حتى يتم تنصيب جو بايدن رئيساً في 20 يناير القادم قبل أن تأخذ تحدي السيطرة على تفشي فيروس كورونا المستجد "كوفيد-19" على محمل الجد.
واستهلت الصحيفة افتتاحيتها في هذا الشأن - والتي نشرتها على موقعها الإلكتروني - بقول إنه نادرًا ما بدت الفترة الانتقالية الرئاسية الأمريكية طويلة جدًا مثل تلك الفترة إذ يتبقى أكثر من 60 يومًا لحين تأدية بايدن اليمين الرئاسية ويغادر دونالد ترامب المشهد.
وذكرت الصحيفة : أن هذه الفترة قد لا تبدو طويلة في الظروف العادية .. ومع ذلك ونحن في قبضة وباء عالمي، يمكن قياس الفجوة في هذه الفترة الزمنية الحرجة بحياة البشر أنفسهم .. ففي الواقع - وكما حذر بايدن - من المرجح أن يموت المزيد من الناس ما لم ينسق ترامب مع الرئيس المنتخب بشأن سبل مكافحة الجائحة.
وقالت الصحيفة : إن ترامب، بخلاف أنه أدعى الفضل في ابتكار سيل من اللقاحات الطبية ضد الفيروس، لا يزال غير مهتم بقيادة استجابة الولايات المتحدة للمرض وكان آخر اجتماع حضره لفريق عمل البيت الأبيض قبل خمسة أشهر .. بل أنه يعمل أيضًا على تقويض المحاولات التي تقودها الدولة لتقليل معدل الإصابة ففي هذا الأسبوع، دعا سكوت أطلس، أحد كبار مستشاري ترامب العلميين، الناس إلى "الانتفاض" بعد أن أعلنت حاكمة ميشيجان جريتشن ويتمير، عن قيود جديدة بشأن التباعد الاجتماعي وجاء ذلك بعد أسابيع من كشف مكتب التحقيقات الفيدرالي عن مؤامرة لخطف ويتمير.
وأضافت الصحيفة :" أن كل ما تفعله الولايات المتحدة لمكافحة الطفرة الأخيرة في معدلات الإصابة اليومية يحدث بدون دعم من البيت الأبيض، على الرغم من أنه ليس كافياً بالشكل المطلوب لاسيما وأن الدولة حاليا على أعتاب سلسلة من "الأوبئة الصغيرة"- على حد تعبير أنتوني فاوتشي، كبير خبراء الأمراض المعدية في الولايات المتحدة- تمتد تقريبا عبر كل ولاية.
ففي الأسبوع الماضي وحده، سجلت البلاد أكثر من مليون إصابة جديدة حتى لجأت بعض الولايات، مثل نيويورك وإلينوي، إلى إعادة فرض مستويات متفاوتة من عمليات الإغلاق فيما اتبعت ولايات أخرى مثل فلوريدا وداكوتا الجنوبية، في الواقع النموذج السويدي لمناعة القطيع، وهو النموذج الذي تتخلى عنه السويد الآن حتى أصبح الشكل النهائي والرسمي من أوجه استجابة الولايات المتحدة للمرض بمثابة خليط من الردود المربكة التي تتراوح بين كونها صارمة وعدم التدخل نهائياً".
ووفقًا لمعدل الوفيات المتسارع حاليا بشكل كبير، يقول علماء الأوبئة إن الولايات المتحدة قد تفقد أكثر من ألفي شخص يوميًا مرة أخرى بحلول مطلع الشهر المقبل مما يعني احتمالية تسجيل ما لا يقل عن 100 ألف حالة وفاة جديدة قبل يوم التنصيب في 21 يناير المقبل غير أنه يمكن الحيلولة دون وقوع العديد من هذه الوفيات من خلال فرض قيود مؤقتة على الصعيد الوطني.
أما عن الأخبار السارة، فقد سلطت "فاينانشيال تايمز" الضوء على إعلان شركات "فايزر" و"موديرنا" و "بيونتيك" العالمية عن احتمال إطلاق لقاحات فعالة ضد الجائحة قبل نهاية العام وأشاروا إلى أن تجاربهم السريرية أثبتت فعالية تقترب من نسبتي 90 في المائة و94.5 في المائة على التوالي.
وقالت : " إنه من هنا، ينبغي أن يبدأ العمل الحقيقي ففي ظل غياب القيادة الرئاسية، يتعين على الكونجرس تمرير مشروع قانون للإغاثة من شأنه أن يمكّن الشعب الأمريكي من عبور الجسر بين الموجة الثانية المتصاعدة اليوم والتوزيع الواسع والآمن للقاحات في عام 2021 غير أن محادثات الكونجرس في هذا الشأن لا تزال في طريق مسدود".
من جانبه، يدعو بايدن مجلس الشيوخ ذي الأغلبية "الجمهورية" لتمرير حزمة الثلاثة تريليونات دولار التي تم تمريرها من خلال مجلس النواب "الديمقراطي" في وقت سابق من هذا العام فيما يريد ميتش مكونيل، الزعيم الجمهوري في مجلس الشيوخ، تمرير حزمة تقل كثيرا عن 650 مليار دولار ويمكن أن يمثل الفارق بين الرقمين القدرة على تمكين العمال من البقاء بأمان في المنزل أو إجبارهم على مواصلة التنقل في وسائل النقل الجماعي وسط تفشي الوباء.
وأخيرا، أبرزت الصحيفة البريطانية أن هناك تحدياً آخر أقرب ما يكون إلى نوع من التحدي الثقافي إذ يقول ما يصل إلى نصف الأمريكيين إنهم سيحجمون عن تناول اللقاح وتتجلى هذه المشاعر المعادية للتطعيم في جميع أنحاء الطيف السياسي وبغض النظر عن الانقسام الأيديولوجي العميق في أمريكا، فإن كلا الطرفين لهما مصلحة في أن يكونا جزءًا من الحل يكتب سطور النهاية لمرض قلب الاقتصاد والحياة اليومية رأساً على عقب.