تساءلت صحيفة
"واشنطن بوست" الأمريكية في عددها الصادر اليوم الخميس ، عما إذا كان
الرئيس دونالد ترامب سيستطيع إنهاء ما أسماها بـ"الحروب التي لا نهاية
لها" قبل أن يترك منصبه لخلفه جو بايدن في 20 يناير المقبل؟!
واستهلت الصحيفة
تقريراً لها في هذا الشأن (نشرته على موقعها الإلكتروني) بقول أن ترامب بدأ معركته
الأخيرة ضد الصراعات الأمريكية المفتوحة بإعلان وزارة الدفاع
"البنتاجون" في هذا الأسبوع عزمها خفض عدد القوات الأمريكية في
أفغانستان إلى النصف ليبلغ قوامها حوالي 2500 فرداً، بينما سينخفض العدد في
العراق من 3000 إلى 2500، وستغادر القوات الأمريكية الصومال، على الرغم من عدم
الإعلان عن العدد الدقيق للمغادرين.
ومن المقرر أن ينتهي
الانسحاب بحلول 15 يناير، أي قبل أيام من تنصيب الرئيس المنتخب جو بايدن، ويأتي
ذلك بعد عملية تطهير مفاجئة لكبار المسئولين العسكريين جاءت بعد أيام قليلة من
أجراء الانتخابات الرئاسية؛ حيث تم الإعلان يوم أمس الأول عن تعيين كريستوفر ميللر
قائما بأعمال وزير الدفاع بعد ثمانية أيام فقط من إقالة ترامب لسلفه مارك إسبر.
وتعليقا على ذلك قالت
الصحيفة إن قرار ترامب بخفض القوات لم يمثل أي صدمة على الإطلاق،فمنذ ترشحه
لانتخابات 2016 الرئاسية، انتقد ترامب الالتزامات العسكرية الأمريكية في الخارج،
كما أن خطابه في هذا الشأن جعله يكتسب حلفاء غير محتملين بين اليساريين
والليبراليين ، الذين رأوا منذ فترة طويلة بأن التجاوز والقصور الذاتي في الإدارات
السابقة كانا سببا في ترسيخ وجود عسكري عالمي ، لم يجن سوى القليل من الفوائد
للأمريكيين بل ومكاسب أقل للبلدان التي قاتلوا فيها.
وأوضحت أن مؤيدي هذه
الرؤية رحبوا بقرار ترامب في اللحظة الأخيرة بسحب القوات، وكتب ويليام روجر، مرشح
ترامب ليكون سفيرًا للولايات المتحدة لدى أفغانستان، وراجان مينون من كلية
"سيتي كوليدج" في نيويورك- في مقال افتتاحي لصحيفة الواشنطن بوست"
انه لا يوجد سبب وجيه يجعلنا ننتظر لحظة أكثر مثالية في المستقبل من أجل عودة
قواتنا".
ومع ذلك، ذكرت
الصحيفة" انه حتى لو فاز ترامب في هذه المعركة، يبدو أنه خسر الحرب الأكبر
لإعادة جميع الجنود الأمريكيين إلى الوطن، حتى مع تحركاته الأخيرة، فإنها لن تترك
أي تأثيرات تذكر على القوات الأمريكية المقيمة في الخارج والتي يقدر قوامها بنحو
200 ألف جندي، فلم تحرز الخطط الكبرى لنقل 12 ألف جندي من ألمانيا تقدمًا يُذكر،
لذلك، يبدو أن معركة ترامب ضد ما أسماه الحروب التي لا نهاية لها ستنتهى دون أن
تُحدث التغيير المطلوب".
وتابعت" أن جهود
ترامب في سعيه ثم فشله في إعادة القوات الأمريكية إلى الوطن تتشابه مع سجل بعض
الرؤساء السابقين، فكان سلفه الرئيس باراك أوباما يقول في كثير من الأحيان انه
"لا يوجد حل عسكري"، وقال ذات مرة إن الحرب كانت "تعبيرًا عن حماقة
بشرية"،وفي خلال فترة ولايته الأولى، أشرف أوباما على خطة طموحة لسحب حوالي
150 ألف جندي أمريكي من العراق".
ولكن في نهاية المطاف،
فشل أوباما في تقليص التزامات أمريكا الخارجية، فبعد أن ملأ تنظيم داعش الإرهابي
فراغًا في بلاد الشام، أرسل أوباما الآف الجنود الأمريكيين إلى العراق، وبدأ أيضًا
في قصف التنظيم في سوريا. وعزز بشكل كبير من أعداد القوات في أفغانستان على أمل
تحقيق انتصار مدهش على طالبان حسبما قالت الصحيفة.
وأشارت في هذا السياق،
إلى أن ترامب كان من أشد المنتقدين لسياسات إدارة أوباما في العراق وأفغانستان،
ولكن الآن يجادل العديد من حلفائه من اليمين بأن ترامب يرتكب نفس أخطاء أوباما،
ووصفت احدي الصحف المحلية خطة الانسحاب من أفغانستان والعراق بأنها "هدية
فراق للأتباع والإرهابيين"، بينما قال زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ ميتش
مكونيل (جمهوري من كنتاكي) إن "الخروج الأمريكي المبكر سيكون أسوأ على
الأرجح" من انسحاب أوباما من العراق عام 2011.
واعتبرت "واشنطن
بوست" أن أفعال ترامب العدوانية على المسرح العالمي غالباً مع تتعارض مع
مُثله المعلنة، فقد أدت الخلافات المتصاعدة مع إيران إلى زيادات كبيرة في حجم
القواعد الأمريكية في دول مجاورة مثل قطر، فيما دفعت الضربات الأمريكية في يناير
التي قتلت قاسم سليماني، قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، بعضاً من
هذه البلدان إلى حافة الحرب.
وذكرت صحيفة
"نيويورك تايمز" في هذا الشأن أنه حتى بينما كان البنتاجون يتخذ خطوات
لسحب قواته من أفغانستان والعراق، كان لزماً عليه أن يثني ترامب عن توجيه ضربة
عسكرية للمنشآت النووية الإيرانية.