الخميس 21 نوفمبر 2024

فن

"جسر القمر" و"الليل وقنديل" و"بياع الخواتم".. مسرحيات فيروز التي أبهرت جمهور الستينات (ملف)

  • 21-11-2020 | 15:58

طباعة

في أولى فترات تألقها، شهدت حياة السيدة فيروز الفنية نشاطًا مسرحيًا مكثفًا، فقدمت العديد من المسرحيات الغنائية التي لاقت نجاحًا ضخمًا، وكانت تُعرض في كل من لبنان وسوريا، وبلغت من النجاح ما جعل الجمهور في ذلك الوقت يُلقبّها بـ"ملكة المسرح"، وظلت أغاني هذه المسرحيات أيقونات صنعها صوت فيروز بالتعاون مع موسيقى الرحبانية، تتردد ألحانها حتى الآن.

وبمناسبة عيد ميلاد السيدة فيروز، اختارت "الهلال اليوم" ثلاث من أشهر مسرحياتها،التي أبهرت جمهور الستينيات لنتذكرها معًا، ونستعيد تفاصيلها وأغانيها.

,

جسر القمر

تناولت المسرحية التي تم عرضها في معبد جوبيتير في بعلبك، وعلى مسرح معرض دمشق الدولي، عام 1962، وقامت فيها فيروز بأداء دور "البنت المسحورة"، حكاية ضيعتا "الجسر" و"القاطع" واللتان كانت تجمعهما علاقة صداقة ومحبة تحولت إلى عداوة طويلة الأمد، استمرت وتعمّقت يوماً بعد يوم، دون سبب غير معروف. هكذا، جراء تلك الحالة من البغض المتفجر والغليان، قطعت ضيعة "الجسر" مجرى الماء المتجه نحو ضيعة "القاطع"، ما سبّب بجفاف أراضيها، وتدمير محاصيلها.

شارك في بطولة المسرحية بالإضافة إلى فيروز كلّ من نصري شمس الدين، وإيلي شويري ومنصور رحباني، وغيرهم؛ ومن الأغاني التي غنتها فيروز في هذه المسرحية أغنية "جايبلي سلام"، و"حبيب قال انطريني" وغيرها.

تجري أحداث المسرحية بشكل رئيسي في ضيعة "الجسر" على "جسر القمر"، حيث يفاجأ "شيخ المشايخ" بلقاء الصبية المسحورة، والتي تناشده المساعدة لكي يحررها من السحر الذي تقع تحت تأثيره، وعندما يسأل كيف له أن يساعدها، تخبره أن الحب، ولا شيء غير الحب، سوف يحررها. بالطبع يُخبر الشيخ أهالي ضيعة "الجسر" ما رآه وهو مرتبك، ليشك الأهالي بالأمر، ويظنوا أنه واقع تحت تأثير السحر؛ ولكي يقنعهم أنه كان يقول الحقيقة، قرر إحضار أحد العرافين مع كرته البلورية، لكي يستحضر الصبية المسحورة أمام الناس، ونجح العراف بعد أن استدعى أحد ملوك الجان.

أخبرت الصبية أهالي الضيعة قصتها الحزينة بأغنية تتناول حكاية عاشقة كانت تنتظر خطبتها، ثم خطفت من بيتها، وتم رصدها تحت الجسر بسبب بغض خاطفيها. وأنها لن تحرر من أسرها ما لم يعود الحب ليجمع بين الناس المتقاتلين، كما باحت لهم بسر الكنز الثمين المدفون تحت الجسر، والذي يحرسه ملوك الجان، وأن هذا الكنز سوف يظهر قريباً، وسوف يحررها من أسرها. ثم اختفت بنفس الطريقة الغامضة التي ظهرت فيها.

وبينما قرر أهالي ضيعة "الجسر" أن يحرسوا الجسر بالتناوب، على أمل أن يظهر الكنز، ومخافة أن يسرقه أهالي ضيعة "القاطع"، أخذ شيخ المشايخ على عاتقه مهمة الحراسة في الليلة الأولى التي مرّت بسلام، ثم عيّن ابنه في الليلة الثانية، والتي بعد أن انتهت احتفالات العيد، شهدت هجوم أهالي "القاطع" ثأراً لهجوم سابق؛ وقبل أن تفلت زمام الأمور، تظهر الصبية المسحورة أمام الجميع، وتعدهم بأن الكنز سوف يظهر في هذه الليلة بالذات، وأنه سوف يغير حياتهم إلى الأفضل.

قالت الصبية أن صوت المعاول أحلى من رنين السيوف، وأن المصالحة أفضل من العداء، وأن السلام هو الكنز الحقيقي. ثم توجهت إلى شيخ المشايخ وقالت له أنه هو الوحيد الذي يمكنه أن يحررها؛ ليأمر الشيخ بأن تعود المياه إلى مجاريها وصولاً إلى ضيعة الجيران، وتفتح أقنية الماء المغلقة منذ زمن، ويعود السلام ليخيّم على الجميع على صوت غناء الصبية.

,

الليل وقنديل

هي ثاني مسرحيات فيروز الغنائية، والتي عُرضت في عام 1963 على مسرح كازينو لبنان، ثم عُرضت مرة أخرى في العاصمة السورية دمشق؛ وقدمت فيها جارة القمر دور "منتورة"، وهي صبية قروية، كانت مهمتها حراسة خيمة تباع فيها القناديل التي يصنعها أهالي الضيعة، ويبيعونها إلى الضياع المجاورة، وكان هذا هو مصدر رزقهم الوحيد؛ وقد شاركها بطولة هذه المسرحية كلاً من الفنانين نصرى شمس الدين وهدى وجوزيف ناصيف؛ ومن الأغانى التى قدمتها فيروز خلال المسرحية أغنية "وضوى يا هالقنديل" و"عنا قناديل" و"عتم يا ليل"، وغيرها.

في المسرحية، التي أبدع كلمات وألحان أغانيها الأخوين رحباني، كانت الصبية منتورة موضع ثقة للجميع، وكانت تضع "الغلّة"، أو المال الذي يتحصل عليه الجميع من البيع، في كيس أبيض يعلّق في زاوية الخيمة حتى نهاية الموسم، حيث يقسم المال بين أهالي الضيعة ضمن احتفال غناء ورقص. وكانت تضع الكيس في مكان بادٍ للعيان، بدل أن تخبئه كما اقترح عليها نصري حارس الضيعة؛ حيث كان في الجانب الآخر من الضيعة "هولو" وهو لص ومفتعل للمشاكل، وقد كان يتحيّن الفرصة المناسبة ليغير على الضيعة، هو ورفيقه خاطر.

وبينما قرر أهالي الضيعة أن يتم تعليق قنديل كبير على مفارق الطرق ليضيئها في الليل؛ شهدت إحدى الليالي أثناء محاولة للإمساك بهولو، فراره حتى وصل إلى خيمة منتورة، وطلب منها أن تخبئه من مطارديه، دون أن تعرف هويته الحقيقة، وكان ممتنّاً لصنيعها؛ وبعد أن غادرها، عرفت منتورة من كان هذا الرجل، وسمعت قصته من صديقتها نجمة، حيث أحبت هولو، امرأة شرسة وحاقدة تدعى "ديبة"، ولكنه لم يبادلها الحب، ولكي تنتقم منه، اتهمته بمحاولة خطفها ليلاً. لذلك تبرّأ منه أهالي الضيعة، وتحوّل هو إلى حياة الوحشية والإجرام، بصحبة رفيقه خاطر.

بعد ذلك قام خاطر وهولو بزيارة منتورة كلّ منهما على حدة، وحاولا إقناعها بالتخلي عن فكرة تعليق القنديل الكبير على مفارق الطرق، لأن العتمة هي أساس عملهما؛ لكنها أخبرتهما أن هذا ليس قرارها وحدها، وأن الغرض من القنديل هو إرشاد المسافرين إلى الضيعة، وقال لهولو إنها لم تندم على إيوائه عندها، وأنها تتمنى عليه أن يعود إلى حياة الصواب. وبينما هدد خاطر وهولو بتحطيم القنديل الكبير، تأثر هولو بكلمات الصبية، لكن خاطر أقنعه بسرقة كيس الغلة من خيمة منتورة، بدلاً من كسر القنديل.

وجاءت ليلة الاحتفال بتوزيع الغلة، وكان على منتورة أن تذهب لترتدي فستان الاحتفال. عندما عادت إلى الخيمة، اكتشفت أن الكيس سرقه هولو. صعق أهالي الضيعة، وسألوها كيف لهم أن يعيلوا عائلاتهم، وقد ضاعت ثمرة جهدهم طوال عام كامل. عندها قررت متنورة، التي غمرها الخجل والشعور بالذنب، أن تشد الرحيل وتغادر الضيعة التي تربت فيها، أطفأت قنديل خيمتها، واستعدت للرحيل؛ لكن عندما رأى هولو ضوء الخيمة مطفأ، أدرك الألم والأسى الذي سببه لمن عاملته بالحسنى، فأعاد المال للأهالي، ثم حمل القنديل الكبير، ومضى به.ثم ظهر خاطر ليقول للأهالي أن هولو رحل إلى مكان مجهول، ونقل رسالة منه إلى منتورة، يناشدها فيها أن تبقى في الضيعة، وأن تستمر بالغناء لأولئك الذين يعبرون الضيعة، وأن تضيء الليالي في رحيلهم.


,

بياع الخواتم

وهي المسرحية التي حققت نجاحًا ساحقًا بعدما عُرضت عام 1964 في مهرجان الأرز في لبنان، ثم في العاصمة السورية دمشق في العام نفسه، وبعدها غادرت المسرح إلى عالم السينما في فيلم يحمل نفس العنوان؛ وقد شارك فيروز البطولة فيها الفنانون نصرى شمس الدين وإيلى شويرى وجوزيف ناصيف، وغنت فيها الكثير من الأغانى منها أغنية "تعا ولا تجي" و"أمى نامت عبكير".

في تلك الحكاية التي أخذت ألباب جمهور الستينات من القرن العشرين، يبتكر المختار الذي يقود ضيعة متخيلة، شخصية وهمية اسمها "راجح"، وزعم أنه يعادي الضيعة، وأن صدامه مع المختار ينتهي دوماً بانتصار المختار الذي يحمي الضيعة ويمنع الأذى عن الأهالي؛ لكنه يعترف لابنة أخته "ريما" التي قامت بدورها فيروز، أنه اخترع هذه القصة لكي يسلّي أهل الضيعة، ولكي يؤثر فيهم.

لم تكن ريما مرتاحة للقصة التي صنعها خالها، لكنها في الوقت نفسه اقتنعت أن هذه الكذبة البيضاء الصغيرة لن تقود إلى أذى خطير؛ إلا أن فضلو وعيد، وهما أكثر شباب الضيعة المحبين للأذى، شكّا بمصداقية القصة، وقررا استغلالها لتحقيق مآرب شخصية، حيث وضعا قائمة بجرائم تدعو للشفقة، قررا تنفيذها بينما يضعان اللوم على راجح، لذلك أطلقا الماعز من المزارع، عبثا بالحدائق، وسرقا أشياء صغيرة، بالإضافة إلى إطلاق المزيد من الشائعات عن راجح بين أهالي الضيعة. واستمرت الشائعات تروج عن راجح، وأصبح فضلو وعيد أكثر جرأة في اللهو، فقد سرقا كل ما وفرته زبيدة العرافة؛ ثم ظهر رجل طويل وقوي البنية في الضيعة، من لا مكان، وبدون مقدمات ليكون راجح، كان يبحث عن المختار. حاولت ريما أن تقنعه بالرحيل قبل أن يلحق به أي أذى، لكنه بقي مصراً على مقابلة المختار لأمر هام.

وأثناء انشغال الأهالي بالتحضير لـ"عيد العزّابي" الذي يتيح لشباب وصبايا الضيعة أن يقترنوا بمن يحبونه، بدأت الصبايا بتحضير الثياب الجميلة، وخياطة الفساتين الجديدة، وبعضاً منهن -بمن فيهن ريما- زرن زبيدة عرافة الضيعة ليعرفن الطالع. قيل لريما أن صبية من الضيعة سوف تبقى عزباء طالما أن عدد الشباب أقل بواحد بالمقارنة مع عدد الصبايا، وأن هذه الصبية قد لا تكون سوى ريما نفسها، اعتماداً على قصص العازبين من عائلتها. وكان من بين شبان الضيعة المرشحين للزواج سبع المهندس، الذي يحاول في كل مرة أن يلفت نظر إحدى الصبايا لتختاره زوجاً، لكنه بطريقة مضحكة كان دوماً يفشل.

تحققت أمنية القادم الجديد ليلة الاحتفال بـ"عيد العزابي" عندما ظهر في منتصف الحفلة وطلب لقاء المختار، وعند لقياه، تبين أنه بائع للخواتم، وأنه قصد الضيعة في ذلك اليوم بالتحديد، ليقدم هدايا من بضاعته للعرسان الجدد، وبالمقابل طلب يد ريما لأحد أبنائه. هنا انكشفت لعبة عيد وفضلو، فحكم على عيد أن يتزوج زبيدة، وأن يعمل فضلو لحسابها، حتى تستعيد كل أموالها المسروقة. ريما قبلت عرض راجح، وكان تبريرها، أنه كان عليها أن تقبل، حتى تبقى كذبة راجح كذبة. بعد مباركة خالها، غادرت مع راجح، وتزوجت بابنه.


    أخبار الساعة

    الاكثر قراءة