تعود العلاقة بين نهاد الحداد، التى اشتهرت فيما بعد باسم "فيروز"، مع آل رحبانى، عاصى ومنصور، إلى 70 عامًا مضت تقريبًا، وتحديدًا فى إذاعة بيروت، عندما كانت جارة القمر فى فرقة الكورال، وتم اختبارها من قبلهما.
الغريب أن فيروز لم تستلطف الأخوين فى البداية، بحسب ما ذكرت فى حوار تلفزيونى قديم لها، والمفارقة فى الأمر أنه بعد خمس سنوات، تم عقد الزواج بينها وبين عاصى، لتصبح واحدة من أهم الزيجات فى تاريخ الوسط الفنى العربى، لأنه أسفر عن ميلاد مئات الروائع المخلدة فى ذاكرة عالم الفن.
ومن هنا قد يكون مؤلمًا أن هذه العائلة لم تعش كل أيامها ولياليها فى رحاب الصفاء، التى توفره أعمالهم، إذ دبت بينهم الخلافات، وخاصة المادية حتى وصلت إلى القطيعة بينهما فى بعض الأوقات.
بعض تفاصيل حكايات آل رحبانى وفيروز، تم سردها فى كتاب "الظاهرة الرحبانية.. مسيرة ونهضة" لـ"هاشم قاسم"، يحكى فيه الكاتب اللبنانى بحسب ما أوردته وكالة "روتيرز"، عن منزل فيروز المتواضع فى زقاق البلاد فى بيروت، ويصفها بأنها كانت فتاة مترددة وتعيش غريبة عن أحلام الصبايا، ولم يكن متاحا لها فرص الخروج إلى المجتمع سوى تلك الزيارات الطويلة إلى منزل جدتها "ليزا البستانى "فى بلدة الدبية، موضحًا أنها كانت قلقة على إبعاد الفقر عن عائلتها الصغيرة لذا أقدمت على العمل فى سن مبكرة، واشتركت فى الرابعة عشر فى برامج الأخوين فليفل الإذاعية.
بالنسبة للأعمال الفنية والزواج والعائلة، استعان الكاتب بتصريحات لفيروز فى مراحل سابقة تقول فيها :"الزواج صعب بين البسطاء والعاديين فكيف بيننا. بيتنا بيت صعب وأولاد هذا البيت تعذبوا كثيرا، عائلتنا مثل التراجيديا الإغريقية، الفرح فيها وقتي، الأساس فيها الحزن والألم.. فرحنا المؤقت كان الحلم، الحزن كان الحقيقة".
أيضًا من الكلمات اللافتة التى نقلها الكاتب عن فيروز لتوضيح تجاربها ومعاناتها على مر السنين قولها :"قيل فيها الكثير إلا الحقيقة.. أنا من أصدقاء الصمت، سألونى فى مصر عن شعورى بالغناء أمام "أبوالهول" قلت إنه صاحبى من زمان وأنا من أقربائه، أحبه لأنه صامت" ، وبمجرد معرفة هذا يصيب الجمهور الفضول لمعرفة ما مسببات هذا الكم من الحزن ، وقد تردد الكثير على أن العلاقة بين جارة القمر وزوجها عاصى كانت متوتر دومًا بسبب عصبيته وديكتاتوريته الدائمة ، وفقا لما تم تداوله عندما تحدثت السيدة فى حوار صحفى لجريدة الوسط عام 1992 عن طبيعة علاقتها مع زوجها.
وقالت فى الحوار إنها لا تزال حتى اليوم ترى أنه فنان عظيم امتلك موهبة ونفسية طيبة مفتوحة كالكف الأبيض ولا حدود لعطائها، لكنها وهى التى اختبرت عاصى الإنسان كما الفنان وتدرك فى الوقت نفسه أنه كان ديكتاتورياً فى الفن دائماً .
وبعيدًا عن الخلافات بين الزوجين فإن حياة فيروز كان مليئة بالعديد من التفاصيل المحزنة رغم نجوميتها الكبيرة وزوجها من الشخص الذى أحبته وكذلك أنها كانت أم لأربعة أطفال، لكن الحياة لم تكن تسير على ما يرام، فقد ذكر الكاتب اللبنانى هاشم قاسم أن جارة القمر مرت بمراحل عائلة عصيبة .
ورغم الحفاظ على صوتها لكنها لم تستطع الحفاظ على عائلتها متماسكة وقد دبت الخلافات بينها وبين آل رحبانى حتى أبنائها فى أوقات كثيرة ، التي كانت اسبابها الغيرة والسعي خلف الشهرة والمال .
تعود ذروة الخلافات ما بين زياد ووالدته وشقيقته إلى منتصف عام 2013 تقريبًا عندما تحدث عن إعجاب والدته بحسن نصر الله أمين عام حزب الله اللبنانى ليحدث حالة من الجدل الشديد داخل المجتمع اللبنانى، وهذا ما أغضب والدته منه وأدت إلى حدوث قطيعة بينهما لمدة سنوات.
وحاول الرحباني الصغير تبرير موقفه من الحديث على لسان والدته وإفشاء أسرارها، قائلاً :"كنت أتحدث عن حب السيدة فيروز للمقاومة ..المقاومة كلمة ليست مستحدثة فى لبنان " .
كما أطلق " زياد "تصريحات أخرى لأحد المنشئات الصحفية اللبنانية منها إعجاب والدته بزعيم النازية " أدولف هتلر" وشخصيات أخرى راحلة مثل "الزعيم جمال عبد الناصر، والعقيد الليبى معمر القذافي، الديكتاتور السوفيتى جوزف ستالين ".
وادت تلك التصريحات إلى إيقاف التعاون المشترك بينه وبين والدته والمستمر سواء على مستوى الكتابة أو التلحين منذ أكثر من أربعة عقود من الزمن، وأثمر عن تأليف 40 أغنية وتلحين أكثر من 55 أخرى.
وأعلن " زياد " مؤخرًا عن عودة العلاقات إلى طبيعتها مع والدته، كما بشر جمهورها بحفل مشترك بينهما فى العام القادم، مؤكدًا على إزالة سوء التفاهم بينهما ، فقال زياد، خلال احد اللقاءات الإعلامية ، إن العلاقة عادت لطبيعتها بعد إجرائه مكالمة هاتفية كانت السبب في إنهاء القطيعة التي امتدت لسنتين، وكان أول كلمة قالها لوالدة "حمدالله بالسلامة"، وعقب اللقاء الأول زال الخلاف ولكنها عاتبته على كل هذا الانقطاع.
وحدث خلاف اخر واجه فيروز وابنها الموسيقار " زياد رحباني " قال زياد: "سبب الخلاف قدمت لها 6 ألحان فقالت يطلع أفضل منهم فأخبرتها بهذا الوقت ما يطلع أحسن من هذا فكان ردها فكر".
اما عن خلافات المخرجة " ريما الرحباني" مع ورثة منصور الرحباني " فكان سببها تحذيرها ورثة منصور الرحباني في بيان نشرته عبر صفحتها على فيسبوك تحت عنوان "تحذير" تتوجّه فيه مع شقيقها الموسيقار زياد الرحباني بصفتهما ورثة عاصي الرحباني بتحذيرٍ علني لورثة منصور الرحباني.
وورد في البيان التالي: "ان ورثة عاصي الرحباني ممثلين بزياد عاصي الرحباني وريما عاصي الرحباني يعلنان رفضهما التام لقيام أي كان، حتى ولو كان من ورثة منصور الرحباني، بإعادة تسجيل و/أو تصوير و/أو توزيع أيه أعمال فنية تعود للأخوين رحباني أو زياد الرحباني بدون موافقتهما".
وأضاف البيان "كما وأنهما يحذران من منح أيه أذونات ام إجازات للغير من طرف واحد تعود لأصحاب الحقوق مجتمعين، وذلك إن في لبنان أم خارجه ومهما كانت الوسيلة أو الإطار أو المناسبة. لذا إقتضى التوضيح".