يقال
"طباخ السم بيدقوه" ويبدو أن المجتمع الأمريكي على شفا تفكك عميق تؤكده
إرهاصات كانت ثمرة طبيعية لولادة متعثرة لانتقال السلطة في البيت الأبيض حيث يحتدم
الصراع العميق بين ترامب وبايدن ليس كمترشحين في سباق رئاسي بل رمزان لتيارين
فكريين يتصارعان في ما أشبه بحرب باردة لكن داخل البلاد.
ونتيجة
لذلك طفا على السطح تنظيمان يبدو أنهما على استعداد لخوض معركة بالوكالة عن ترامب
وبايدن الأول "براود بويز" أو الأولاد المتفاخرون" والثاني
"أنتيفا" حيث يأمل ترامب أن يواجه ما سماه بعنف اليسار الذي تمثله
"أنتيفا" عبر جماعة "الأولاد المتفاخرون" في الوقت الذي تبني
بايدن جماعة "أنتيفا" قائلا إنها فكرة وليست منظمة في رغبة منه لتحويلها
إلى فصيل يضم تحت لواء أكبر تنوع ممكم من توجهات الشعب الأمريكي.
لكن من
هم "الأولاد المتفاخرون".. هم مجوعة تأسست فيعام 2016 من قبل الناشط
اليميني الكندي البريطاني "جافين ماكينز" ،تحمل طابعا يمينيا متطرفا
ومناهضا للمهاجرين وجميعهم من الرجال يرتدون قمصان باللونين الأسود والأصفر مع
قبعات حمراء تحمل شعار "اجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى".
ويعتنقون شعارات من قبيل ("تمجيد رجال الأعمال" ، "أغلق
الحدود") ("أعط الجميع سلاحا" ، "إنهاء الرفاهية") .
أما
"أتيفا" فهي كلمة مختصرة تعني"المناهض للفاشية" وتضم نشطاء
يساريين متطرفين وفوضويين لديهم ميل دائم لاستخدام العنف دفاعًا عن النفس وتحمل
تاريخا للمقاومة ضد موسوليني وهتلر في أوروبا في الثلاثينيات في ألمانيا حتى تم
حلها بالقوة في عام 1933.
إذن
فالفرصة متهيئة لصدام ضخم بين التيارين اللذين حولا الانتخابات الرئاسية الأمريكية
من تنافس بين حزبين إلى صراع بين تيارين يدافع كل منهما عن ما يراه مقدسا من أفكار
فبالنسبة لكل من اليمين أو اليسار فإن أنتيفا ما هي إلا حركة راديكالية تضم
اتجاهات راغبة في البرجماتية والتسوية وبناء التحالفات وعداؤهم لترامب كأحد أبرز
الرأسماليين كان ممنهجا ففي العشرين من يناير2017 الموافق لتنصيب الرئيس ترامب ،
شكل أكثر من 200 عضو من أعضاء أنتيفا "كتلة سوداء" مسيرة ارتدوا فيها
ملابس سوداء حاملين من معدات مكافحة الشغب مسلحين وهم على استعداد عقدي لتجاوز ذلك
إلى ما هو أكبر في حال عدم مغادرة ترامب البيت الأبيض وتسليم السلطة لبايدن.
وفي
انتظار ما ستسفر عنه الأزمة في تسمية سكان البيت الأبيض تتأهب أمريكا- إن لم يستطع
حكماؤها تنظيف ساحة ديمقراطيتها المنتقاة التي لا يتنافس فيها إلا حزبان والتي
تلوثت بشدة إثر الصراع الأخير – لموجة عنف وعنف مضاد مؤسس على أفكار راديكالية
تقوم على مقاومة اليسار للبيض ونفوذهم والعكس صحيح خاصة بعد الانقسام العميق الذي أظهرته
الانتخابات الأخيرة .
فهل
سيبقى ترامب رئيسا قد يكون غير مرغوب فيه من الدولة العميقة وهو ما تشير إليه أغلب
تحليلات المعسكر المؤيد لترامب أم يظل بايدن رئيسا منتخبا لم يحكم بعد اندلاع عنف
لا يعلم أحد أي ضرر ممكن أن يلحقه بالولايات المتحدة.