الأحد 16 يونيو 2024

"وطنٌ من نوعٍ ما".. نص لـ "سلمى رمضان"

فن22-11-2020 | 18:09

اليوم أنا خاويةٌ حتّى منّي.. جسدي هنالكَ على المقعدِ المجاور يمارس عزف الإرباك الماجن خاصته.. وبسحرِه الشيطانيٍ الفاتن، يستدرجني لأعرّيهُ من كلّ تلك الآلام والحسرات.. يُغويني لأنزع عنهُ بوحشيةٍ ما بقي من قليلِ الآمال المعلّقة بروحي..تخلّي عن الرماديّ يا عزيزتي.. كوني لي..أريدكِ لي..كلّكِ لي..لي وحدي أراها..مجدداً تداعبُ سكيناً بطرفِ شفتيها..تدفعُها للداخلِ بشبقٍ متهورٍ لأيّ استثارةٍ من نوعٍ ما..لأيّ رغبةٍ أو عاطفةٍ تذكّرها بما تبقّى من إنسانيتها...

تُغلقُ عينيها وتدعُ طرفها الحاد يعبثُ بأنسجةِ لسانها الممرغِ بمزيجِ اللعاب والدم..تُفيقُ بأول قطرة دمٍ تنسلُّ إلى حلقها.. تسحبُ السكين بأناةٍ إلى شفتها السفلية.. تغرسُها بالمنتصف إذ تبتلعُ ما تبقّى من الدمِ بفمها.. تقتربُ منّي.. وبعينيها الساحرتين مزيجٌ من الشهوةِ المتّقدةِ ووعدٌ قائمٌ بالنسيان..تمرّرُ يدها الباردة على طوليا على عُنقي.. بنعومةٍ وسلاسةٍ لا يشوبهما تردد تقتربُ منّي لتهمس:  "كم اشتهي تمريغ شفتيكِ بدمي، عنقكِ كذلك.. في مشهدٍ ملحميٍ نشذبُ بهِ بعضنا عن أقنعةِ الزيف البشعة التي فرضها علينا هذا العالم.."يتلاشى كلّ ما بالانحاء..نتّحدُ معاً لثانيتين فتعمُّ الفوضى وتحترقُ الغاباتُ المجاورة..أدفعُها بهلع..تبتسمُ لي بمكر..هاك..ألا يبدو هذا كوطنٍ من نوع ما؟.. بل هو الجحيمُ بعينِه! ..كما قُلت.. وطنٌ من نوعٍ ما.