بقلم – حمدى الكنيسى
• للأخ “أوباما” أقول له وقد غادر البيت الأبيض غير مأسوف عليه: “ إلى حيث ألقت” يا من فرحنا وهلّلنا يوم نجح فى الانتخابات، وقلنا إنه - بأصله الإفريقى والإسلامى- سينتصر لنا فى قضايانا، العادلة، وزاد تفاؤلنا عندما شدّ الرحال إلى القاهرة وألقى خطابه الشهير، الذى استهله بالجملة العربية )السلام عليكم)، إلا أنه سرعان ما كشف عن أهدافه ونواياه الحقيقية النابعة من مصالحه الشخصية والحزبية، ويكفى أنه استمات فى محاولات تنفيذ مخطط الشرق الأوسط الجديد فوق جثة الأمة العربية، وتبنى سياسة تحويل الربيع العربى إلى خريف مشئوم تنهار خلاله سوريا والعراق وليبيا واليمن، وعندما صدمه الشعب والجيش المصرى بثورة يونيه، التى أنقذت مصر من الانهيار هى الأخرى، مارس كل أنواع الضغوط والحروب السياسية والاقتصادية والعدوانية لإسقاطها ودفعها إلى منزلق حرب أهلية بالتنسيق مع الجماعة إياها، لذلك أقولها لك مرة أخرى “إلى حيث ألقت”.. ودام فشلك كما حدث فى الانتخابات التى فقدت فيها رفيقة دربك وشريكة سياستك اللعينة المدعوة هيلاري!! فرصة النجاح فى الانتخابات.
• أما كلمتى إلى الرئيس الجديد للولايات المتحدة، الذى أثار - ومازال - عواصف من التساؤلات، “السيد ترامب”، فأقول له: لقد جاءتك الفرصة التاريخية المذهلة، ودخلت البيت الأبيض بالرغم من أنف المعارضين والإعلاميين، الذين سيتربصون بك ويصطادون أى خطأ تقع فيه لتنطلق صيحاته: “ألم نقل لكم إنه بتهوره وانعدام الخبرات السياسية والبرلمانية، سوف يلحق الضرر بالجميع؟” وإننى شخصيا وقد رحبت بنجاحك لأنه أزاح من أمامنا تلك السيدة بآرائها ومواقفها المريبة، أتمنى أن تفصل تماما بين تصريحاتك أثناء المعركة الانتخابية الصارخة ومسئولياتك كرئيس لأكبر دولة فى العالم، أتمنى يا سيد ترامب أن تتمهل وتفكر بعمق قبل أى قرار، فلا تتسرع، كما فعلت بإلغاء قانون الرعاية الصحية «أوباما كبر» لأنه قد يستغله المتربصون بإثارة قطاع عريض من الشعب الأمريكى ضدك.
• وبنفس القدر أتمنى يا سيد ترامب أن تراجع جيدا تصريحك الانتخابى بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس مهما كانت الضغوط اليهودية والصهيونية، التى ستبلغ ذروتها بلقائك القادم مع المتطرف المتعجرف ممثل اليمين الإسرائيلى العنصرى “المدعو نتنياهو”، الذى يستغل حماسك ووعودك أسوأ استغلال لدرجة أنه تحدى فورًا قرار مجلس الأمن بإدانة المستوطنات، وبدأ فعلًا عملية البناء لمستوطنات جديدة على الأرض الفلسطينية، التى حددها قرار الأمم المتحدة.
• وبالمناسبة لن يعيبك إطلاقًا لو تخليت عن وعدك بنقل السفارة إلى القدس، وهذا ما حدث فعلا من رؤساء سابقين لك، خاصة أن مثل هذا القرار سيوجه ضربةً قاتلةً للعملية السلمية، ويؤدى عمليا إلى انهيار آخر فرصة لقيام دولة فلسطين على حدود ١٩٦٧، ومعنى ذلك انزلاق الشباب الفلسطينى نحو اليأس والإحباط وفقدان الأمل، وهذا - كما تعلم - هو الطريق المباشر إلى الاستجابة لإغراءات “داعش” والتنظيمات الإرهابية التى جعلتها أنت هدفك الرئيسى للقضاء عليها.
• أيها الرئيس محطم التقاليد والمقدسات ومحترف الغموض والصدمات ما رأيك - دام فضلك - لو حققت نجاحات عاجلة تصنع بها رصيدك الرئاسى الحقيقي. . ماذا لو اجتهد صهرك “جاريد كوشنر” فى تحقيق “اتفاق سلام فى الشرق الأوسط”، وهى المهمة التى أوكلتها أنت إليه من اليوم الأول، على أن تكون البداية هى التخلى عن فكرة نقل السفارة، ثم تفعيل قرار مجلس الأمن بإيقاف بناء المستوطنات.
كذلك أنتظر أن تترجم إعجابك بمصر ورئيسها عبدالفتاح السيسى، كما قلت لدى التقائك به، إلى عملٍ مشترك ضد الإرهاب ومحاولات إسقاط الدول العربية، بل إن البعض يتوقع أو يتمنى أن تحظى مصر بدعمك، الذى يعوض ما تعرضت له أثناء حكم أوباما وهيلاري!، كما يتوقع ويتمنى البعض أن تبدأ خطوات القرار المنتظر باجتثاث جذور الإرهاب الكامنة فى الجماعة إياها، التى قلت أنت بالحرف الواحد إنها “جماعة إرهابية”.
• ولعل قرارك المنتظر يمتد أيضًا إلى الدول التى ترعى وتساند داعش وغيرها.. وهى معروفة للقاصى والدانى.
• السيد الرئيس دونالد ترامب.. مثلما قلبت الموازين واكتسحت منافستك فى الانتخابات بالرغم من المساندة الهائلة، التى كانت تتلقاها من الأجهزة والمؤسسات والوسائل الإعلامية، نرجو أن تقلب موازين التشكيك فى قدراتك وتوجهاتك، وليكن الشرق الأوسط مجال انطلاق نجاحاتك.