تستعد مصر اليوم، لاستقبال بابا الفاتيكان، فرانسيس، في زيارة رسمية هي الأولى من نوعها للبلاد، يلتقي خلالها الرئيس عبد الفتاح السيسي وشيخ الأزهر أحمد الطيب، والبابا تواضروس الثاني؛ سعيا لترسيخ قيم التسامح والحوار بين الأديان.
وتمثل هذه الزيارة أهمية خاصة كونها تأتي في ظروف صعبة تعيشها البلاد بعد الهجمات الدامية التي وقعت في التاسع من أبريل الجاري، وهو ما تسبب في استشهاد نحو 45 شخصا على الأقل في تفجيرين انتحاريين استهدفا كنيستين في مدينتي طنطا والإسكندرية، خلال احتفالات المسيحيين بأحد السعف.
وفُرضت إجراءات أمنية مشددة، ووضعت لافتات ترحيبية في جميع أنحاء القاهرة تحمل شعار "بابا السلام في مصر السلام"، ومن المقرر أن يلتقي البابا فرنسيس بالرئيس عبد الفتاح السيسي، والبابا تواضروس الثاني، وسيتحدث في مؤتمر سلام دولي بالأزهر الشريف، يستضيفه شيخ الأزهر أحمد الطيب.
وسيترأس البابا قداسًا في استاد الدفاع الجوي، قبل أن يلتقي مع قادة الكنيسة الكاثوليكية المصرية.
يذكر أن البابا فرانسيس هو ثاني بابا للفاتيكان يزور مصر بعد زيارة البابا يوحنا بولس الثاني عام 2000.
مصر والفاتيكان علاقات قوية بدأت في 1947
على الرغم من الطبيعة الخاصة لدولة الفاتيكان، والتي تجعلها لا ترتبط بأي علاقات تجارية واقتصادية بأي من دول العالم، إلا أن هناك روابط قوية متعددة بين مصر والفاتيكان خارج التعاملات الاقتصادية، ويرتبط البلدان بعلاقات ودية ومستقرة منذ بدء تبادل العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين في 23 مايو 1947.
التعليم أهم مجالات التعاون بين البلدين
ويأتي التعليم في مقدمة المجالات التي تشهد تعاونًا طيبًا بين البلدين، ويخصص الفاتيكان عددًا من المنح الدراسية للطلاب الذين توفدهم الكنيسة الكاثوليكية بمصر بغرض دراسة العلوم الدينية والفلسفية والقانون الكنسى بجامعات ومعاهد الفاتيكان المتخصصة.
علاقات قوية وقضايا أساسية
كما يوجد اتفاق عام في سياسة الدولتين تجاه قضايا أساسية، وعلى رأسها عملية السلام في الشرق الأوسط والتوصل إلى حل نهائي بشأن وضعية القدس، وإخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل، وتعضيد الحوار بين الأديان (الإسلامي – المسيحي)، والحفاظ على الترابط الأسري، وتحريم الإجهاض والمحافظة على البيئة، ومكافحة الإرهاب .
الحوار الإسلامي المسيحي
ويثمن الفاتيكان الدور الذي تلعبه مصر في مجال الحوار الإسلامي – المسيحي، كما يعتبرها ركيزة أساسية على هذا الصعيد بالنظر إلى مكانتها التاريخية في العالم الإسلامي من جانب، ولاحتضانها الأزهر الشريف على أراضيها من جانب آخر.
حوار الأديان تنسيق دائم بين البلدين
يوجد تنسيق قائم بين الدولتين على الصعيد الديني من خلال اللجنة المشتركة للحوار بين الأزهر الشريف والمجلس البابوي للحوار بين الأديان والتي تم التوقيع على إنشائها في 28 مايو 1998 بالفاتيكان، وعقدت لجنة الحوار أعمالها بمشيخة الأزهر الشريف يومي 23 و 24 فبراير 2010، برئاسة كل من فضيلة الأستاذ الدكتور "محمد عبدالعزيز واصل" وكيل الأزهر ورئيس لجنة الحوار ونيافة الكاردينال " جان لوي توران " رئيس المجلس البابوي للحوار بين الأديان وتناول المشاركون هذا العام تنامي ظاهرة العنف الديني، وكيفية مكافحتها.
ويؤكد الفاتيكان دائمًا التزامه بتطبيق مبادئ المجمع الفاتيكاني الثاني الذي دعت إلى تدعيم أسس الحوار مع الكنائس غير الكاثوليكية، والانفتاح على الأديان غير المسيحية الأخرى، مؤكدا عزمه على مواصلة الحوار الذي بدأه البابا يوحنا بولس الثانى مع أتباع تلك الديانات.
يرتكز تعامل الفاتيكان مع الشأن الإسلامي على مبدأين أساسيين هما: المعاملة بالمثل والاحترام المتبادل، ويحرص الفاتيكان على التأكيد على أهمية احترام الحريات الدينية، وإعطاء المسيحيين في الشرق نفس الحقوق التي يتمتع بها المسلمون فى الغرب، لاسيما فيما يتعلق بحرية ممارسة العبادات والشعائر الدينية في العلن، وإقامة الكنائس.