أشاد خبراء استراتيجيون بزيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى جنوب السودان مؤكدين أنها تمثل نقلة في مستوى العلاقات بين البلدين، وتؤدي إلى تعزيز أوجه التعاون والعلاقات الثنائية فضلا عن حماية أمن المنطقة، مؤكدين أن القاهرة وجوبا بينهما مشروعات مشتركة ومتعددة في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية.
كان الرئيس عبد الفتاح السيسي قد أجرى زيارة إلى جنوب السودان أمس، هي الأولى من نوعها منذ استقلال جنوب السودان، حيث عقد خلالها جلسة مباحثات ثنائية مع الرئيس سلفا كير بالقصر الجمهوري، أعقبتها جلسة مباحثات موسعة بحضور وفدي البلدين، وأكد سلفا كير وجود آفاق رحبة لتطوير التعاون بين البلدين الشقيقين في العديد من المجالات، لاسيما على الصعيد الاقتصادي.
وفي ذات السياق، أكد الرئيس السيسي حرص مصر على نقل الخبرات المصرية وتوفير الدعم الفني وبرامج بناء القدرات للكوادر في جنوب السودان بمختلف القطاعات، وكذلك دفع التعاون الثنائي وتعزيز الدعم المصري الموجه إلى جهود التنمية في جنوب السودان، خاصةً مع وجود آفاق واسعة لتطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين وكذلك التعاون فى مجالات الزراعة والرى والبنية التحتية والطاقة.
تعزيز أوجه التعاون والعلاقات
وفي هذا السياق، قال اللواء طيار دكتور هشام الحلبى، المستشار بأكاديمية ناصر العسكرية، إن مصر وجنوب السودان يربطهما علاقات قوية، خاصة أن الرئيس عبد الفتاح السيسى منذ توليه رئاسة البلاد يولى البعد الأفريقى أولوية كبرى ويهتم بمساعدة الأشقاء الأفارقة فى حل المشكلات الموجودة سواء الداخلية أو الأزمات الاقتصادية وكذلك مشروعات التنمية والكوارث الطبيعية.
وأوضح فى تصريح لـ«الهلال اليوم»، أن زيارة الرئيس السيسى لجوبا أمس عكست الاهتمام المصرى بجنوب السودان وحرص الدبلوماسية الرئاسية على تعزيز العلاقات بين البلدين، مضيفًا أن هذه الزيارة تعزز أوجه التعاون وترسى لعلاقات أقوى ومستدامة مع جنوب السودان، فى ظل التطورات السياسية والاقتصادية والأمنية التى تواجهها المنطقة كانت على أجندة مباحثات الرئيس فى جوبا.
وأضاف أن استقرار جنوب السودان وتحقيق السلام داخل الدولة وتوفير المساعدات الإنسانية فى الظروف الصعبة كلها وتمثل توجه مصر تجاه جنوب السودان، فضلًا عن المشاركة فى جهود التنمية هناك أو فى كل الدول الأفريقية، موضحا أن هناك دعما فنيا وبرامجا لبناء القدرات والتدريب من مصر للأشقاء فى جنوب السودان فى جميع المجالات سواء المدنية أو العسكرية.
وأكد أن مصر تعمل على تعزيز التعاون والشراكة مع كافة الدول الشقيقة، وجاءت زيارة الرئيس السيسي لجوبا أمس في هذا الإطار، موضحا أن زيارة الرئيس تعطي قوة ودفعة لأوجه التعاون بين البلدين، وخاصة أن الدول الأفريقية تهتم للغاية بالزيارات الرئاسية.
وأشار إلى أن مصر وجنوب السودان بينهما أوجه عديدة للتعاون مثل في مجال الطاقة وكذلك التعليم عبر إنشاء فرع للجامعات المصرية هناك وكذلك المشروعات التنموية في مجالات الزراعة وغيرها كلها وتنعكس إيجابيا على حياة المواطنين في جنوب السودان بما يؤثر إيجابيا في مسار العلاقات بين الدولتين.
حماية أمن المنطقة
فيما قال اللواء محمد الشهاوى، مستشار كلية القادة والأركان، إن زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى جنوب السودان، أمس، اكتسبت أهمية خاصة من حيث الدلالة والتوقيت، فهى تؤكد أن الأمن القومى المصرى يتطلب التعاون مع الدول الأفريقية وجنوب السودان على رأسها، فضلًا عن أن الحفاظ على مياه النيل والتنسيق مع دول حوض النيل التى تعتبر جنوب السودان إحداها هو أمر يهمّ القاهرة وجوبا.
وأوضح الشهاوي، فى تصريح لـ«الهلال اليوم»، أن هناك تعاونا مشتركا بين مصر وجنوب السودان فى المجالات المختلفة، وخاصة فى المجال السياسى والاقتصادى والعسكرى والتدريبات المشتركة على رأس تلك قضايا التعاون، مؤكدًا أن هذه الزيارة تصب فى صالح الأمن القومى العربى والأفريقى وأمن المنطقة.
وأشار إلى التعاون الكبير بين القاهرة وجوبا فى مجال البنية الأساسية وكذلك الزراعة والطاقة المتجددة، حيث تمتلك جنوب السودان مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية والموارد المائية المتوافرة التي يمكن الاستفادة منها في تعزيز أوجه التعاون، مضيفا أن هذه المجالات كلها تمت مناقشتها فضلا عن التعاون في مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للحدود.
وأكد أن الزيارة كانت هى الأولى من نوعها، فلأول مرة يزور الرئيس السيسى جوبا، مما يؤدى إلى تعزيز ودعم العلاقات بين الدولتين، مشيرًا إلى أن هذه الزيارة خطوة مهمة لصالح أمن المنطقة ودولها، بعد أن استقبلت القاهرة قبل أيام، وزير الدفاع العراقي لأول مرة، مما يعكس حجم التنسيق والتعاون بين مصر والدول العربية والأفريقية لحماية الأمن الإقليمى.
مشروعات مشتركة
ومن جانبه، قال اللواء محمد الغبارى، مدير كلية الدفاع الوطنى الأسبق، إن زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسى أمس لجنوب السودان اكتسبت أهمية كبرى في ظل العلاقات بين البلدين، وحاجة جوبا للتعاون والدعم في مجالات التنمية وغيرها، مؤكدًا أن هناك أوجه عديدة للتعاون بين البلدين حتى قبل استقلال جنوب السودان فى العام 2011، فكان هناك فرصًا للتدريب والمنح العسكرية والتعليمية.
وأوضح في تصريح لـ«الهلال اليوم»، أن هناك مشروعات مشتركة للتعاون بين البلدين في مجالات الزراعة والتنمية والمياه، وخاصة أن جنوب السودان إحدى دول حوض النيل، وكان ملف سد النهضة أحد القضايا الحاضرة على مائدة مباحثات الرئيسين أمس، مؤكدًا أن مصر تستهدف تعزيز التعاون والمصالح المشتركة مع الدول الشقيقة وتعتمد في ذلك على تحقيق المصالح المتبادلة في العلاقات الثنائية بين الدول.
وأكد أن مباحثات الرئيس السيسى تناولت كافة القضايا محل الاهتمام المشترك، حيث أعرب رئيس جنوب السودان عن تقديره للجهود المصرية الساعية لتحقيق السلام والاستقرار في جنوب السودان، فضلًا عن تقديم مصر المساعدات الإنسانية لجوبا خلال الأزمات ومن بينها جائحة كورونا، مضيفًا أن مصر تبذل جهودا حثيثة لتحقيق السلام وتدعم جهود حكومة جنوب السودان لتنفيذ اتفاق السلام.
وأشار إلى أن مصر تحرص على نقل الخبرات المصرية وتوفير الدعم الفنى وبرامج بناء القدرات للكوادر فى دولة جنوب السودان، وهو أمر أكده الرئيس السيسى أمس خلال مباحثاته مع نظيره بجنوب السودان.