أشاد خبراء الاقتصاد
بزيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى جنوب السودان، مؤكدين أنها تستهدف الجانب الأمنى،
والذى يعود على الجانب الاقتصادى، فإن الأمن جزء من المنظومة الاقتصادية، مشيرين
إلى أن المساعدات الانسانية والمنح تجعل هناك علاقة قوية بين البلدين، خاصة وأن
جنوب السودان تعد بمثابة "ظهر مصر الأمن" الذى يجب حمايته وتوطيد
العلاقة معه، فأن أى أزمة سياسة أو أمنية تضر الاقتصاد المصرى وخاصة السياحة.
وكان الرئيس عبد الفتاح
السيسى، عقد جلسة مباحثات ثنائية مع رئيس جنوب السودان، أعقبتها
جلسة مباحثات موسعة بحضور وفدى البلدين، حيث رحب الرئيس سلفا كير بزيارة الرئيس
إلى جوبا، واصفًا إياها بالتاريخية، حيث تعد الأولى من نوعها لجنوب السودان منذ
استقلاله.
وأعرب الرئيس سلفا كير عن
تقدير بلاده لعلاقات التعاون الوثيقة مع مصر، والتى تأتى انعكاساً للإرث البشرى
والحضارى المتصل بين البلدين، مشيداً بالجهود المصرية المخلصة والساعية نحو
المساهمة فى تحقيق السلام والاستقرار فى جنوب السودان وتقديم كل سبل الدعم له
وتوفير المساعدات الإنسانية.
وأكد الرئيس سلفا كير
وجود آفاق رحبة لتطوير التعاون بين البلدين الشقيقين فى العديد من المجالات،
لاسيما على الصعيد الاقتصادي، مشيداً فى هذا الإطار بنشاط الشركات المصرية فى جوبا
ومساهمتها فى جهود التنمية، ومعرباً عن تطلع بلاده إلى زيادة نشاط القطاع الخاص
المصرى فى جنوب السودان، وحرص بلاده على توفير كافة التسهيلات والمناخ الداعم
لذلك، مع التأكيد على التقدير لما تقدمه مصر من دعم فنى وبرامج بناء القدرات
والتدريب على مدار السنوات الماضية للكوادر من جنوب السودان فى شتى المجالات
المدنية والعسكرية، وما يعكسه ذلك من عمق العلاقات بين البلدين.
تستهدف الجانب الأمنى
فمن جانبه قال الدكتور
رشاد عبده، رئيس المنتدى المصرى للدراسات الاقتصادية، إن زيارة الرئيس عبدالفتاح
السيسى جنوب السودان، تستهدف الجانب الأمني، والذى يعود على الجانب الاقتصادي، فإن
الأمن جزء من المنظومة الاقتصادية، مشيرًا إلى أن المساعدات الانسانية والمنح تجعل هناك
علاقة قوية بين البلدين، خاصة وأن جنوب السودان تعد بمثابة "ظهر مصر
الأمن" الذى يجب حمايته وتوطيد العلاقة معه، فأن أى أزمة سياسة أو أمنية تضر
الاقتصاد المصرى وخاصة السياحة.
وأضاف عبده فى تصريحات
خاصة لـ«الهلال اليوم»، أن الرئيس السيسى يعمل على توطيد العلاقات
الأمنية والسياسة والاقتصادية مع الدول الأفريقية وخاصة جنوب السودان، مما يعزز
موقف مصر خاصة فى قضية سد النهضة، فبعدما كانت السودان تقف فى صف إثيوبيا، اليوم
هى مع مصر بل وأداة ضغط على إثيوبيا للوصول إلى اتفاق يرضى الطرفين.
وأشار إلى أن المساعدات
الاقتصادية التى تقدم إلى جنوب السودان ونقل الخبرات المصرية فى مجال الطب
والتكنولوجيا وزيادة الميزان التجارى بين البلدين والاستثمارات سيجعل تلك الدول فى
ظهر مصر لحمايتها من أى ضرر قد يلحق بها، كما يعد جزء من محاربة الإرهاب الذى قد
تستغله دول أخرى فى إرسال إرهابيين إلى مصر لتنفيذ عمليات إرهابية عن طريق تلك
الدول.
تحمل رسائل عدة
وقال الباحث الاقتصادى،
محمد عبدالرحيم، إن زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى، إلى جنوب السودان تمثل أهمية
إستراتيجية حيث تحمل عدة رسائل، أهمها رسائل تتضمن رسالة واضحة ومباشرة لحماية
الأمن القومى المصرى، حيث تعد دولة جنوب السودان نقطة هامة فى المجال الحيوى للأمن
القومى المصرى.
وأضاف الباحث فى تصريحات
خاصة لـ«الهلال اليوم»، أن هذه الزيارة تعد هى الأولى للرئيس السيسى لدولة
جنوب السودان وهو ما يؤكد البعد الاستراتيجى لمصر فى القارة الأفريقية، كما أن
توقيت الزيارة بالغ الأهمية من حيث عدم الاستقرار فى القرن الأفريقى فى ظل
العمليات العسكرية فى إثيوبيا بإقليم تيجراى، حيث تسعى مصر لدعم استقرار القارة
الأفريقية وتحقيق التنمية بشكل عام.
وأوضح أن مصر تمثل شريك
تنموى متميز بالنسبة لجنوب السودان حيث يمكن أن تستفاد دولة جنوب السودان من
الخبرات المصرية فى مجال الدعم الفنى وبناء قدرات الكوادر الوطنية، مشيرًا إلى أن
على أرض الواقع يوجد تعاون مشترك بين مصر وجنوب السودان فى العديد من المجالات
اتفاقية التعاون الفنى والتنموى فى مجال الموارد المائية، ومذكرة تفاهم للتعاون
الزراعى لإنشاء مزرعة نموذجية مشتركة على مساحة 200 هكتار، هذا بخلاف الاستثمارات
المصرية فى جنوب السودان وعلى رأسها استثمارات شركة المقاولون العرب فى جنوب
السودان، حيث تعد شركة المقاولون العرب من أهم الأدوات القوة الناعمة المصرية فى قارة
أفريقيا، ووقعت شركة السويدى عقد إنشاء مشروع على بعد 20 كيلو متر تقريباً من
العاصمة جوبا وذلك لتوليد الطاقة الكهربائية من الطاقة الشمسية بقيمة إجمالية 45
مليون دولار تقريباً.
وتابع: "مصر تقدم
كافة أنواع المساعدات الإنسانية والطبية للمتضررين من السيول والفيضانات بالإضافة
إلى المساعدات المصرية المقدمة لدولة جنوب السودان لاحتواء انتشار جائحة كورونا، وقدمت مصر قافلة طبية لقياس وحدة الإبصار، لإجراء مسح طبى على طلبة
المدارس وتقديم 2000 نظارة طبية مجانية للأطفال، وذلك فى إطار مبادرة وزارة الصحة المصرية "مصر أفريقيا"، وتساهم فى مصر بالتعاون
والتنسيق مع الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقى فى استقرار دولة جنوب السودان من
خلال قوات حفظ السلام المصرية الموجودة بالفعل إلى جانب المساعدات فى دعم قوات جنوب
السودان وإعادة تأهيلها.
وأشار إلى أن مصر تقدم
العديد من المنح الدراسية الجامعية لأبناء دولة جنوب السودان بما يساهم فى تأهيل
كافة الكوادر فى كافة المجالات فى الدولة، حيث يوجد بالفعل نسبة لا بأس بها من
حاملة المؤهلات العليا والدراسات العليا فى جنوب السودان من خريجى الجامعات
المصرية، وخصوصاً فى ظل أوضاع التعليم الصعبة فى دولة جنوب السودان، كما يوجد فرص
لمشروع الربط الكهربائى بين مصر وجنوب السودان فى المستقبل وذلك بعد تأهيل البنية
التحتية وحل كافة المشكلات الفنية المتعلقة بالربط.
وأوضح أن العلاقات بين
مصر ودولة جنوب السودان علاقات متميزة و تنظرها فرص واعدة فى المستقبل فى إطار
الروابط المشتركة بين الشعبين.
تعزيز العلاقات
الاستراتيجية المصرية
وفى نفس السياق قال
الباحث الاقتصادى محمد انيس، إن زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسى إلى جنوب السودان
تعد الزيارة الأولى لرئيس مصر فلم يقم أى رئيس آخر بزيارة جنوب السودان من قبل،
لذا فأن هذه الزيارة تأتى فى إطار تعزيز العلاقات الاستراتيجية المصرية والتعاون
مع دول أفريقيا بشكل عام ودول حوض النيل بشكل خاص.
وأضاف انيس فى تصريحات
خاصة لـ«الهلال اليوم»، أن مصر ستقوم باستكمال إنشاء قناة جونقلى فى جنوب
السودان التى توقفت فى الثمانينات والتى كانت تهدف إلى الاستفادة من المياه
الضائعة بمنطقة السدود ومستنقعات بحر الجبل، وتم حفر القناة حتى تستوعب
المياه الزائدة من المستنقعات وكميات المياه التى كانت تتبخر سنوياً دون الاستفادة
منها ولكن لم تكتمل، مشيرا إلى أن مصر لديها الخبرات الفنية والمالية فى إنشاء هذا
السد.
وأشار إلى أنه تم الاتفاق
على إنشاء مزرعة نموذجية مشتركة على مساحة 200 هكتار، مما يعد استثمار زراعى كبير،
وسيوفر على مصر استيراد المحاصيل من الخارج وسيتم زراعة تلك المحاصيل مع دول
الأشقاء الأفارقة، وفى مجال التعاون الكهربائى فان مصر ستقوم بعمل ربط كهربائى بين
السودان ومصر، وبذلك لن تكون السودان تحت ضغط من اثيوبيا لإنشاء سد النهضة، فكانت
أثيوبيا دائما ما توعد جنوب السودان بأنها ستقوم بإعطائها كهرباء، إلا أن هذا
الاتفاق الذى وقعته مصر افسد ما تخطط له له أثيوبيا، كما أن هذا الاتفاق سيقوى العلاقات
الاقتصادية والسياسية.
وتابع: "فى المجال
الصحة والتعليم فإن مصر قامت بعمل اتفاقية لتنفيذ العديد من المشروعات التى تخص
الجانب الصحى والتعليم فى جنوب السودان، حيث وقع اتفاقية مع وزارة الصحة المصرية فى
سبتبمر 2020، مما سيعمل هذا التوقيع على زيادة الروابط الشعبية وزيادة ثقة الشعب
السوداني، بالإضافة إلى توقيع إنشاء منطقة صناعية فى جوبا عاصمة "جنوب
السودان" سيجعل المنتجات المصرية تدخل معظم الدول الأفريقية، حيث ستكون نقطة
انطلاق كبيرة.