السبت 29 يونيو 2024

مدربو الأفيال في تايلاند يتخلون عن القسوة بسبب انتقادات جمعيات الرفق بالحيوان

الهلال لايت2-12-2020 | 12:11

ثمة تقاليد قديمة في تايلاند تقضي باستخدام العنف في ترويض الأفيال، ولكن عددا من مدربي الأفيال الذين يرعون هذه الحيوانات الضخمة قد توصلوا لأساليب أكثر لطفا للتعامل معها.

وفي مقابلة مع وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ)، أوضحت سانجدوين تشايلرت، وهي من نشطاء رعاية الأفيال والحفاظ عليها، كيفية إدخال مجموعة من الأفيال وسط قطعان جديدة من هذا الحيوان الضخم، وقالت إن "المفتاح يتمثل في تحديد أي أفراد قطيع الفيلة هم القادة، ومن الأتباع".

وتدير سانجدوين "متنزه الطبيعة للأفيال" بشمال تايلاند، والذي حصل على العديد من شهادات التقدير اعترافا بالأعمال التي يقوم بها في تأهيل الفيلة التي تعرضت لإصابات أو أذى أو صدمات، وأيضا لتوصله إلى طرق لتربيتها لا تتسم بالعنف.

ويمتد المتنزه على مساحة 150 فدانا في المنطقة الشمالية من البلاد، ويأوي أكثر من 100 فيل، ويفتح أبوابه أمام السياح والمتطوعين الذين يرغبون في التعرف على طرق التعامل مع الأفيال.

وتتناقض أساليب معاملة الأفيال في المتنزه إلى حد كبير، مع ما يحدث في معظم مخيمات استضافة الفيلة الأخرى في تايلاند، حيث تشارك هذه الحيوانات في عروض ترفيهية وتستخدم في جولات يقوم بها السياح فوق ظهورها. وتستخدم هذه المخيمات أيضا سلاسل ضخمة لتقييد حركة الأفيال، وخطاطيف معدنية لوخز جلودها السميكة وإرغامها على طاعة الأوامر.

وأضافت سانجدوين: "معظم الفيلة التي ننقذها يطلقها أناس لم يعد في قدرتهم استخدامها، وهي أفيال أصبحت شرسة بشدة ولا يمكن استخدامها ليركبها السياح في جولات، لأنها ستلقي بهم من فوق ظهورها".

ويوجد في "متنزه الطبيعة للأفيال" مناطق لفصل الفيلة التي يكون الناس آمنين عند التعامل معها، عن الفيلة التي تتسم بالخطورة.

وتابعت سانجدوين بالقول إن نحو 80% من الأفيال وصلت إلى المتنزه وهي في حالة سيئة، وتعاني من صدمة نفسية أو من سوء التغذية.

وأشارت إلى أن أفضل طريقة لإعادة تأهيلها هي دمجها مع مجموعة من الأفيال الآخرى، وتركها تتواصل وتتفاعل مع بعضها بعضا.

وقالت سانجدوين: " نعتقد أن البشر- بغض النظر عن تفكيرنا أننا طيبون أو أصحاب خبرة- لا يفهمون لغة الفيلة بنفس الطريقة التي يتفاهم بها كل فيل مع الآخر."

وأضافت: "من الطبيعي أن تعيش الأفيال مع بعضها البعض كقطعان في الغابة، ونحن نعتقد أن إتاحة حياة هذه الحيوانات داخل قطيع يعيد تأهيلها من الناحية النفسية".

وأشارت سانجدوين إلى أن تكيف الفيلة مع قطيع جديد، يمكن أن يستغرق فترة تتراوح بين عدة أشهر إلى عشرات الأعوام، ويتوقف ذلك على طبيعة كل فيل

وفي مقاطعة سورين في شمال شرق تايلاند، تقع قرية يقتني معظم سكانها فيلة داخل الأفنية الخلفية لمساكنهم، ويرجع هذا التقليد إلى زمن كان جدودهم يستخدمون فيه الأفيال لنقل جذوع الأشجار.

وتستخدم الأفيال هذه الأيام غالبا للترفيه عن السياح، الذين يأتون للقيام بجولات فوق ظهورها، أو لمشاهدة عروض ترقص فيها هذه الحيوانات أو تركل كرة القدم.

وتعرض نشاط استخدام الفيلة في قطاع السياحة بتايلاند، لإدانات متكررة من جانب نشطاء الرفق بالحيوان بسبب تعرض الأفيال للقسوة والأذى أثناء تدريبها.

ويقول واتانيو موانرات، وهو مدرب أفيال يبلغ من العمر 28 عاما ويقيم في قرية سورين، إنه رأى صورا لأشخاص يضربون الفيلة المكبلة بالسلاسل بشكل عنيف، باعتبارها طريقة للتدريب

ويرى واتانيو أن من الصعب تحمل هذه الطريقة التي وصفها بأنها قديمة للغاية لتدريب الأفيال، وتمثل مشكلة يتعين معالجتها.

وحظى واتانيو بشهرة على الإنترنت بفضل قناة لمقاطع الفيديو على موقع يوتيوب، لديها 900 ألف مشترك يحرصون على مشاهدة الأفيال التي يقوم بتدريبها.

وأكثر الأفيال شهرة لدى المشاهدين يدعى "بوابان"، وله صفحة على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، تحظى بقرابة 600 ألف متابع، وهو يحصل من آن لآخر على منح من ثمار الأناناس كوجبات خفيفة.

ويوضح واتانيو أنه رغم عدم رضاه عن التدريب من خلال العنف، فإن معظم مدربي الأفيال، وهو بينهم، لا يزالون يستخدمون أحيانا الخطاف لفرض النظام والطاعة على الفيلة، كما يستخدمون السلاسل لضمان عدم ابتعادها عن المكان.

ويضيف أن "الخطاطيف تستخدم لضمان ألا تؤذي الفيلة الناس، فإذا قتل فيل إنسانا، لن يحاسب من الناحية القانونية ولكن ستتم محاسبة صاحبه الذي يجب عليه أن يكون حريصا".

ويشير واتانيو إلى أنه يستخدم الخطاف بتحفظ، لتحذير الفيلة التي يدربها من القيام بتحركات فجائية يمكن أن تلحق الضرر بالبشر، ويقول إنه أمر غير واقعي أن يتوقع الناس أن يتم ضمان سلامتهم بدون استخدام هذه الأساليب.

ويوضح واتانيو أن لكل فيل صفات مختلفة، وبالتالي يتم معاملتها بطرق مختلفة، حيث أن بعضها لديه ميول عدوانية أكثر من الآخرين.

ويضيف إن تحديد شخصية كل فيل مولود حديثا يستغرق نحو ثلاثة أعوام، وكذلك التعرف على ما إذا كان وجود الناس حوله آمنا.

ومعظم الأفيال التي يسمح للسياح باللهو معها تكون كبيرة في السن وخاملة، أو عطوفة، بشكل استثنائي، على حد وصف واتانيو.

ويؤكد واتانيو: "حتى أنا نفسي، وبما أفعله يوميا، اتعرض لانتقادات مدربي الفيلة الآخرين من حولي، حيث إنهم يستخدمون الخطاطيف والسلاسل، ويتهمونني بأن طريقتي في التدريب تتسم بالتهاون، غير أنني أرد عليهم بالقول إنني اتبع الطريقة العصرية، وإنه ليس من الضروري إبقاء الفيلة في الأسر تماما".