الثلاثاء 1 اكتوبر 2024

ولنا في قصص كفاحهم عبرة ومثل!

29-4-2017 | 10:06

بقلم : نبيلة حافظ

 الحياة مدرسة كبيرة نعيشها بحلوها ومرها لنتعلم ونستفيد منها دروسا عظيمة تساعدنا على تحمل الصعاب، وما من يوم يمر علينا إلا ونجد فيه العديد من قصص الكفاح والنجاح لذوي القدرات الخاصة الذين حرموا من نعم كثيرة بالحياة، وعلى الرغم من ذلك لم يستسلموا لإعاقتهم ولعجزهم بل جاهدوا من أجل تحقيق أحلامهم والوصول إلى أهدافهم. 

وليت الإنسان الذي يتمتع بالصحة يدرك قيمة نعمة الصحة عندما يرى هذه النماذج الرائعة التي لم تندب حظها أو تعترض على نصيبها بالحياة، ولم تقنط من رحمة ربها الذي استخلفها وعوضها خيرا مما حرمت منه، إن في رؤيتنا لهذه النماذج دروسا عظيمة علينا أن نستفيد منها ونكثر من شكرنا وحمدنا لله عز وجل على نعمه التي لا تعد ولا تحصى، فقوة الإيمان تقاس بمقدار الحمد والشكر لله ولكن للأسف من صفات النفس البشرية المقت وقلة الرضا وعدم القناعة.

 وأنا مثل غيري من البشر كثيرا ما تنتابني لحظات من الحزن والضجر لأسباب كثيرة، أسباب مهما عظمت هي في النهاية لا قيمة لها أو بالأحرى أسباب واهية، تفقدني الأمل وتدفعنا إلى دائرة اليأس والاكتئاب، ولكن فجأة أشعر وسط ضبابية المشهد أنني كإنسانة أتضاءل أمام نماذج بالحياة غريبة وفريدة، نماذج على الرغم من حرمانها من نعم نتمتع نحن بها ألا إنها تغلبت على حرمانها واستطاعت بالعزيمة والأمل والشجاعة والإصرار أن تفعل ما لم أفعله أنا وغيري ممن أنعم الله عليهم بالصحة والعافية.

ففي مشهد جميل ورائع يؤكد على أن الحياة لا تعرف المستحيل وأن الأمل هو الطريق الوحيد لها، وأن الحب يصنع للإنسان المعجزات كانت لحظات زواج عبير عماد من متحدي الإعاقة وبطلة الجمهورية في السباحة من محمد حاتم من متحدي الإعاقة ــ أيضا ــ وبطل أفريقيا في الثلاثي، فمن على كرسيهما عاشا أجمل لحظات عمرهما ورقصا سويا كما الأصحاء وسط فرحة الأهل والأصدقاء، مشهد لا يوصف ويعبر بمنتهى الصدق عن مشاعر إنسانية نادرة الوجود، ويدل على أن الحب لا يعترف بالإعاقة وأنه يصنع المعجزات، ويؤكد على أن الإعاقة ليست إعاقة الجسد بل إعاقة النفس البشرية، ومن قصة الحب والأمل والإصرار على الحياة بكل ما فيها إلى قصة تحد أخرى لبطل آخر هو عبد الرحمن محمد عمران مبتكر مصر الأول الذي حاصل على الميدالية الذهبية بمعرض جينيف, الذي يعد أكبر ملتقى لعرض البحوث والابتكارات، عبد الرحمن الشاب المعاق والذي رفع رأس مصر عاليا لم تمنعه إعاقته باليد والقدمين من ابتكار تصميم كرسي يخدم مرضى الشلل الرباعي ويعمل عن طريق إشارات المخ واستطاع أن يحقق نجاحا وتفوقا على أقرانه الأصحاء.

عبير وعماد وعبد الرحمن قصص نجاح لمتحدي الإعاقة من بين آلاف القصص التي عرفها التاريخ من قصص المبدعين والعلماء والمفكرين الذين خلقهم الله بإعاقة ما ولكنهم لم يستسلموا لإعاقتهم ولم يتركوا أنفسهم لليأس والإحباط، بل قرروا العمل والجاهد من أجل النجاح والتفوق وإثبات الذات وسط المجتمع الذى يعيشون فيه، فكانت أعمالهم بصمة قوية بالحياة.

ولنا في التاريخ أمثلة كثيرة مثل الأديب المصري العالمي طه حسين الذي فقد بصره منذ طفولته وعلى الرغم من ذلك كافح وثابر حتى وصل إلى أعلى المراتب العلمية، وبيتهوفن أشهر موسيقي بالعالم الذي لم تمنعه إعاقته بالسمع عن تأليف أروع السيمفونيات، الأسماء كثيرة والمبدعون الذين أثروا الحياة لا يعدوا ولا يحصوا، ولنتعلم منهم ويكن لنا فيهم المثل والقدوة في الصبر والكفاح وعدم الاستسلام لظروف الحياة!