صدر حديثًا عن الهيئة العامة للكتاب، كتاب"جولة في فنون العرض المسرحي" يتناول فيه الكاتب "جمال المراغي" بعضًا من فنون المسرح، منها ما بدأت قصته منذ نشأة المسرح، وغيرها التي انضمت إليها تباعًا بفعل تطور الحياة وإمكانياتها المختلفة، والتي كانت تنعكس بدورها حتمًا على كافة أشكال الفنون، كالإخراج والإنتاج، الإضاءة، المكياج، مرورًا بالتسويق وصولاً إلى الصحافة والترجمة وغيرها.
يحتوي هذا الكتاب على مدخل بلغة بسيطة للولوج إلى بعض فنون المسرح، حيث يتضمن مجموعة من المقالات لخمسة عشر فنًا، نشرت بجريدة "مسرحنا" خلال عشر سنوات ما بين عامى 2007 و2016، والتي تعتبر مرجعًا مهمًا للمسرحيين حيث يمكنهم الإستعانة بها، كما أنها تناقش عددًا من الموضوعات التي تناسب القراء من غير المسرحيين.
يستعرض "المراغي" في الفصل الأول سمات مدير المسرح الناجح الذي يجب أن يكون لديه حس فني عالٍ ، وملكات وقدرات إدارية فائقة، إلى جانب قدرات كبيرة أخرى في التعامل مع المتغيرات والمفاجآت غير المتوقعة، أما في الفصل الثاني يستعرض مهام المخرج الذي تنطلق وظيفته من توجيه الممثلين وبقية العناصر نحو رؤية وهدف واحد، ويفرض النظام والإلتزام على جميع العناصر وأفرادها، ويرشدهم إلى مواطن القوة والضعف في أدائهم، ويأمرهم بقرارات ملزمة فينصاع لها الجميع، كما يخوض حديثه عن أهم رواد الفن من الإخراج المسرحي مثل "لورانس أوليفيه"، "إروين بيسكاتور"، "ماكس رينهاردت"، "ديفيد بيلاسكو" وغيرهم.
يتطرق الكاتب بالحديث عن ماهية "السينوغرافيا" من حيث تعريفها واستخلاص دورها وأهميتها في دنيا المسرح، كما يتتبع التطور التاريخي لتصميم الملابس الخاصة بالعروض المسرحية وذلك بدءً من العصر الإغريقي إلى عالم التصميم بما يشهده من صورة معقدة بفعل الأدوات والإمكانيات التي انبثقت من التطور التكنولوجي الذي إنعكس إيجابًا على ظهور إمكانيات العروض المسرحية.
حاول "المراغي" بأن يضع بين أيدينا مرجعًا ملمًا بكل فنون المسرح، من حيث النشأة والتطور، وصورتها الحالية المحدثة، كتصميم الإضاءة المسرحية بكافة أشكالها سواء التقليدية أو الإلكترونية، والمؤثرات الضوئية، المكياج والتسويق المسرحي الذي يعد أكثر تعقيدًا عن غيره، فهو يحتاج إلى العديد من الرؤى والأفكار غير التقليدية وحرفية خاصة من القائم به والذي أطلق عليه الكاتب "رجل المستحيل"، حيث القدرة على متابعة الكواليس الخاصة بالعروض التي تتيح له مساحة من الخيال الذي من الضروري مزجه بواقعيته عند تصميم الإعلانات وطرح التذاكر.
يضع "المراغى" بين أيدينا نبذة مختصرة عن "خيال الظل" أو "ظل الدمية"، الذي يجده فيه من البساطة والأهمية وعبقريته في نفس ذات الوقت، فقد وُلد ذلك الفن مع نشأه الحضارة، فرغم أن البعض يستخدم معه السرد أو الحكي، لكن يظل الإبداع أساس حركة الأجسام أو ما يمكن أن تشكله من ملايين التكوينات في فضاء رحب لا يتعري فقط أعلى خشبة المسرح ولكن يشمل الفراغ الكوني بأكمله.
في الفصل الأخير يعتبر المراغي "الترجمة" النصية للعروض والتي تعود فكرة إستخدامها لأول مرة في عام 1983 بمثابة "الرسول"، ويجد أن ما يسهم في انتشار المسرح المترجم هو إنتشار تكنولوجيا تتطور بسرعة شديدة فتصنع طفرات هائلة في الأدوات المستخدمة فيه كما تتيح مئات الطرق التي تناسب مسرح دون الآخر.
في نهاية الكتاب يستعرض الكاتب ألبوم صو ركبير ملون كوسيلة تدعيمية لما طرحه من معلومات على مدار15 فصلاً.
"جمال المراغي" كاتب وباحث ومترجم، اهتم في كتاباته بالمجالات الثقافية والفنية وخاصة المسرح والسينما، صدر له كتاب حول جائزة نوبل بعنوان "أخبار الأدب ونوبل"، وترجم عشرات الدراسات المسرحية والقصص القصيرة، وينتظر صدور مجموعته القصصية الأولى "وجه على نهر التايمز".