* الفقه لغةً: الفهم والعلم
وشرعاً: العلم بالأحكام الشرعية العملية المكتسبة من أدلتها التفصيلية.
والفقيه هو المجتهد (الذي يملك أدوات الاجتهاد) وأجاز البعض إطلاق هذه الصفة علي المقلد !
* هل نشأ الفقه مع نزول
الإسلام ؟ أم كان موجوداً قبله ؟
لقد جاء الإسلام فوجد العرب أمةً أميةً لا تقرأ ولا تكتب، ولا تملك علوما
مدونة في الكتب أو في مدارس،،، ولكن كان عندهم معرفة بعلوم تدعو إليها الضرورة،
وخاصة الضرورة التي تناسب الحياة البدوية،،، فكان لهم إلمام ببعض القواعد الفقهية
يفصلون بها في خصوماتهم، كقولهم في القصاص: القتل أنفى للقتل، والدية على العاقلة
في قتل الخطأ الخ .
وكانوا يعرفون بعض مناسك الحج ويحجون، ويصومون عاشوراء، وثبت اغتسالهم من
الجنابة واختتانهم، وكانوا يعتبرون الظهار طلاقاً .
كل هذه الأحكام وغيرها أخذها العرب عن شريعة سيدنا إبراهيم ومن بعده إسماعيل
عليهما السلام، غير أنهم كانوا يمارسونها
كعادات محكمة وليس شريعة للتعبد، إلا أهل الحنفاء (وهم قوم نبذوا عبادة الأصنام
وتعبدوا بشريعة إبراهيم) كورقة بن نوفل، وأمية بن أبي الصلت وغيرهم،،، هؤلاء كانوا
يمارسون هذه الشعائر تعبداً لله.
* منزلة الفقه في الإسلام:
الفقه الإسلامي هو حياة المسلم فبدونه لا يستطيع أن يقيم العبادات أو
المعاملات وهو جامع للمصالح الأخلاقية والاجتماعية.
غير أن الكثير من أصحاب الأهواء والمصالح وجهوا الفقه ومسائله لأغراض شخصية
علي غير هدى الإسلام الواضح خلافاً لقوله تعالى (ألا لله الدين الخالص) الزمر: ٢
والفقه له أصول وفروع، رسخ رسول الله صلي الله عليه وسلم أصوله ثم أذن
بالاجتهاد في الفروع لتستوعب الشريعة كل جديد وتناسب أي عصر إلى أن تقوم الساعة،،،
فكان تطور الفقه الاسلامي إلى الصورة التي هو عليها الآن، مع الأخذ في الاعتبار أن
أصول الشريعة كإقامة الصلاة والزكاة،،، لا تتعارض مع أي عصر أو مكان، وهذا يُظهر
عظمة التشريع الإلهي عند تقلبات الواقع مع حاجة الإنسانية إلى أصول الشريعة
.
ومع الأخذ في الاعتبار أيضاً أن ما كتبه الفقهاء وتابعيهم خلال تاريخ
الإسلام إلى اليوم، ليس معصوماً من الزلل أو الخطأ، إنما العصمة للوحي الإلهي
المتمثل في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة.
ووفق سنة النبي صلى الله عليه وسلم ووصيته بفتح باب الاجتهاد! يجب علي
العلماء تجديد الفقه كلما تغير الواقع !
فتغيير الواقع عن الفترات الزمنية
السابقة ، وظهور مستجدات في حياة الإنسان باعثٌ رئيسي وواجب دينىٌ لتجديد المسائل الفقهية،،،
* الفقه
الإسلامي في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم :
كانت الأحكام بيّنةً واضحة، حيث كان الوحى ينزل على رسول الله - صلى الله
عليه وسلم - بالشريعة والأخلاق، والرسول يطبق الأحكام عملياً ويقول للناس: "خذوا
عنى مناسككم".
وهذه الفترة
من بعثة النبي صلي الله عليه وسلم إلى وفاته، وكانت بعثته عام ٦١٠ م تقريباً
ووفاته سنة إحدى عشرة للهجرة.
وفى هذه الفترة أيضاً نزلت أيات القرآن بالأحكام، وتسمت بعض سور القرآن بأسماء
هذه الأحكام كسورة الطلاق، وسورة التحريم إلخ
.
* ومادة الفقه الإسلامي
أساسها أمورٌ أربعة :
1- القرآن الكريم، 2-والسنة الصحيحة، فلا
يُحتج بضعيفها في الفقه خلافاً لأبي حنيفة وابن حنبل، 3- والإجماع :
وهو ما أجمع عليه المسلمون وعند الأصوليين: "اتفاق مجتهدي أمة محمد بعد وفاته في حادثة، على أمر من الأمور في عصر من
الأعصار".
وأصله قوله صلي الله عليه وسلم: (لا
تجتمع أمتي علي ضلالة) رواه ابن ماجة والترمذي، والإجماع فيه تفاصيل حول انعقاده!!
(ذهب الإمام أبوزهرة إلى استحالة الإجماع بعد عصر الصحابة).
4 - القياس: وهو الاستنباط كما ذكر ابن رشد،
ودليله قوله تعالى (ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين
يستنبطونه منهم) النساء ٨٣ .
ومعنى القياس: إلحاق فرع بأصل لمساواته في علة حكمه،، كإلحاق النبيذ بالخمر في الحرمة لأن العلة واحدة ألا
وهي السكر.
وقد أنكره عبدالله بن مسعود من الصحابة وعامر الشعبي بالكوفة،،، ومن هنا
بدأ اختلاف المدارس الفقهية كما سيظهر لاحقاً، من يأخذ بالقياس ومن يلتزم بالدليل
فقط !!!
والصحيح في مذهب الجمهور العمل بالقياس والتعبد به شرعاً، لأن الصحابة
مارسوه،، والأخذ به يفتح الباب للتجديد والاجتهاد بخلاف من تجمد في إطار النص فقط.
والسؤال: هل
استعمل الصحابة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم القياس ؟
قال ابن عقيل الحنبلي: قد بلغ التواتر المعنوي عن الصحابة باستعماله وهو
يفيد القطع.
كانت هذه نبذه عن الفقه الإسلامي حتى نتعرف في المقال القادم بإذن الله على
كيفية تلاعب المتطرفين بالفقه بتغيير مناط الحكم الفقهي لتبرير جرائمهم بأدلة من
القرآن والسنة ،،،
والله المستعان