حذرت الأمانة العامة للجامعةً العربية من خطورةً ما تتعرض له المنطقة من أزمات، والتي كان أخرها تفشي وباء كورونا المستجد وهو وضع من شأنه أن يؤدي إلى تدهور أوضاع المهاجرين وتراجع دورهم واسهاماتهم في دعم التنمية سواء في بلدان المهجر أو في بلدانهم الأصلية، كما يمكن أن يزيد انتشار الهجرة بطرق غير نظامية وما يصاحبها من مخاطر الوقوع في أيدي المهربين وتجار البشر، ما سيزيد من هشاشة أوضاع هذه الفئات.
جاء ذلك في بيان أصدرته الجامعة العربية اليوم بمناسبة يوم المغترب العربي الذي يصادف 4 ديسمبر من كل عام.
وقال البيان إنه في ظل استمرار أزمة جائحة كوفيد-19 التي واجهت العالم منذ نهاية العام الماضي فكان لها تداعيات كبيرة على مختلف مناحي الحياة، خاصة أنها أثرت تأثيراً شديداً على حركة التنقل البشري بصورة لم يشهدها العالم من قبل، فكان من ضمن أكثر الفئات تأثراً فئة المهاجرين واللاجئين.
واشار البيان إلى أن هذا العقد شهد منذ بدايته حالة من عدم الاستقرار في المنطقة العربية على مختلف المستويات السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية، والتي أدت إلى تحديات كبيرة أسفرت عن خروج تدفقات غير مسبوقة من المهاجرين واللاجئين من دولهم الأصلية؛ فضلا عن ما يواجهه العالم الأن من أزمة شديدة سبَبَها وباء عالمي عابر للقارات.
وأضاف البيان أن كل هذه الأزمات ألقت بظلالها بصفة خاصة على المهاجرين واللاجئين، وهو ما قد يؤدي إلى تغيير ملامح الهجرة العالمية بما في ذلك الهجرة العربية على المدى الطويل؛ ففقدان فرص العمل وتدني مستويات الأجور وزيادة التفاوت العالمي نتيجة انخفاض إجمالي التحويلات المالية للمهاجرين، وتشديد قيود السفر والاختبارات الطبية للمسافرين بصفة عامة، وانتشار بعض المعلومات المضللة والأخبار المزيفة في الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي.
و اكدت الأمانة العامة على ما جاء في بيان عملية التشاور العربية الإقليمية حول الهجرة واللجوء الصادر بتاريخ 13 يوليو 2020 بشأن تأثير جائحة (كوفيد-19) على المهاجرين واللاجئين والدول المستضيفة لهم في المنطقة العربية، وكذلك البيان الصادر من المجلس الاقتصادي والاجتماعي بتاريخ 6 مايو 2020 بشأن التعامل مع جائحة "كوفيد-19".
وأكدت على أهمية عدم إغفال هذه الفئات من السكان الذين قد يكونون أكثر هشاشة من غيرهم، وذلك بما يتماشى مع المواثيق والاتفاقيات والخطط العالمية وعلى رأسها خطة التنمية المستدامة 2030.
ودعت الأمانة العامة، في بيانها، إلى العمل على تقليل آثار الأزمة على المهاجرين واللاجئين والمجتمعات المضيفة لهم من خلال التعاون والحوار بين مختلف الأطراف ذات الصلة - وعلى رأسها دول المصدر ودول المقصد - وقيام المنظمات الدولية والإقليمية المعنية بلعب دور فعال في التنسيق بين الدول للتوعية بالمخاطر التي تواجه المهاجرين واللاجئين وضمان الاسترشاد بالمواثيق والاتفاقات والخطط العالمية ذات الصلة.
كما أشارت الأمانة العامة، في هذه المناسبة، إلى أحد أبرز التحديات التي تواجه الجاليات العربية في الخارج، وهو تفاقم ظواهر كراهية الأجانب والإسلاموفوبيا والعنصرية والتمييز والوصم، خاصةً بعد الحوادث الإرهابية الأخيرة في أوروبا بعد أزمة الرسوم المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم.
وأكدت الأمانة العامة أن ارتكاب بعض المهاجرين لبعض السلوكيات المتطرفة لا يمكن أن ينفي تعايش السواد الأعظم منهم ضمن قيم المجتمعات الأوروبية، ولا يلغي إسهاماتهم الإيجابية في المجتمعات التي يعيشون فيها، كما أنه لا يمكن تعميم هذه الأحكام على المهاجرين من أصول عربية وإسلامية تماماً كما لا يمكن إطلاق الأحكام على ديانات أخرى بسبب تطرف بعض معتنقيها.
كما أكدت الجامعة العربية على أهمية حماية ورعاية حقوق الإنسان لجميع المهاجرين بما يتفق مع المواثيق الدولية، كما تؤكد في نفس الوقت على مسئولية المهاجرين واللاجئين في مراعاة واحترام قوانين وأنظمة البلدان التي تستضيفهم.
وبهذه المناسبة أكدت السفيرة الدكتورة هيفاء أبو غزالة - الأمين العام المساعد لدى الجامعة العربية رئيس قطاع الشؤون الاجتماعية، على أهمية التماسك الاجتماعي في تحقيق السلام والتنمية، وأن هذا التماسك لا يمكن تحقيقه إلا بتشجيع السياسات التي تؤدي إلى الحفاظ على التنوع الثقافي وتعمل على إدماج ومشاركة الجميع، بما يتفق مع الإعلان العالمي بشأن التنوع الثقافي وخطة التنمية المستدامة 2030 وإعلان نيويورك من أجل اللاجئين والمهاجرين والاتفاق العالمي من أجل الهجرة الآمنة والمنظمة والنظامية، حيث يعد التقريب والتواصل بين الثقافات أمراً ضرورياً وعاجلاً للسلام والاستقرار والتنمية.
وأشارت السفيرة أبو غزالة إلى أن الأمانة العامة تعمل بالشراكة مع لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) والمنظمة الدولية للهجرة وبالتعاون مع وكالات الأمم المتحدة المعنية على التحضير للمراجعة الإقليمية الأولى للاتفاق العالمي من أجل الهجرة الآمنة والمنظمة والنظامية، وذلك من خلال تنظيم منتدى استعراض الهجرة الدولية في المنطقة العربية المزمع عقده في الربع الأول من 2021، وإعداد التقرير الإقليمي للمنطقة العربية الذي سيرفع إلى منتدى استعراض الهجرة الدولية عام 2022.
ودعت الدول العربية الأعضاء وكافة أصحاب المصلحة المعنيين، وعلى رأسهم المهاجرين، إلى المشاركة الفعالة في المراجعة الإقليمية للاتفاق العالمي للهجرة بكافة فعالياتها، وإعداد بياناتها الوطنية الطوعية للعرض في منتدى الاستعراض الإقليمي ثم في منتدى استعراض الهجرة الدولية.