قال وزير خارجية الكويت، في بيان تليفزيوني يوم الجمعة الماضي، إنه في إطار الجهود
الكويتية والأمريكية "فقد جرت مباحثات مثمرة خلال الفترة الماضية".
وفي تعليق سريع متلهف بعد دقائق
من جانب قطر، قال وزير خارجيتها، إن "بيان دولة الكويت خطوة مهمة نحو حل
الأزمة الخليجية".
و صرحت السعودية على لسان
وزير خارجيتها : "نتطلع لأن تتكلل الجهود الكويتية والأمريكية لحل الأزمة
الخليجية بالنجاح".
و صرح مصدر مسؤول
بالأمانة العامة لجامعة الدول العربية في نفس اليوم، بأن الأمين العام أحمد أبو
الغيط يرحب بالجهود والمساعي التي تبذلها الكويت في المرحلة الراهنة لرأب الصدع
العربي. وتأتي هذه التطورات على خلفية زيارة جاريد كوشنر إلى المنطقة، وسط تقارير
عن رغبة البيت الأبيض في إنهاء مقاطعة مصر و السعودية و الإمارات و البحرين لقطر والمستمرة منذ 2017.
هذا وكان قد صرح الأسبوع الماضي، السفير عبد الله بن يحيى المعلمي، مندوب السعودية الدائم لدى
الأمم المتحدة، أن الأزمة بين قطر ودول الخليج يمكن أن تنتهي خلال 24 ساعة، في حال
توقفت قطر عن دعمها للإرهابيين ومنحها منصاتها الإعلامية للأحزاب المتطرفة وعن
التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية الأخرى.
هل تمتلك قطر قرارها بالتوقف عن كل
سلوكيتها العدائية تجاه الرباعية العربية؟ هل تمتلك التصرف منفردة
بمنأى عن الأطراف الثلاثة الإسلاموية الأخرى؟ هل قدمت قطر أي بادرة تدعم جهود
الوساطة الكويتية؟ الإجابة عل كل تلك الأسئلة بالنسبة لي هي بالنفي القطعي.
ما
جدوي كل تلك التصريحات المتزامنة إذا؟ هل هي مؤشر فعلي على حلحلة تلك الأزمة،
باخراج قطر من ذلك التحالف الإسلاموي، وحمايتها بعد ذلك من نتائج هذا الخروج ؟ هل
ستخرج قطر وحدها من ذلك التحالف، أم ستخرج معها تركيا أيضا؟ ما هو مصير جماعة الإخوان المسلمين في تلك
الحالة؟ كل تلك الأسئلة ستجيب عنها الساعات القادمة.
ولكن حقيقة، لا أتوقع مصالحة مع
قطر بقيادتها الحالية؛ لأن الأزمة بين
الجانبين تدخل في إطار صراع وجودي بين الرباعية العربية "مصر والسعودية والإمارات و البحرين" و بين الرباعية
الإسلاموية "تركيا و قطر وإيران وجماعة الإخوان".
بمعنى أخر، هو صراع وجودي بين "الإسلام غير
الإسلاموي" في مقابل "الإسلاموية بشقيها السني و الشيعي"، الدولة
الوطنية في مقابل الفكر الميلشياوي الجماعاتي العابر لحدود الدولة الوطنية، البناء
مقابل الهدم، الاستقلال مقابل التبعية، الدول المتصالحة مع التاريخ والحاضر، والدول التي تستدعي التاريخ لفرض الهيمنة والتمدد والمتخاصمة مع واقعها.
شروط التصالح مع قطر وتركيا وإيران هي أن تحترم تلك الدول علاقات حسن الجوار والقوانين الدولية
المنظمة للعلاقات الدولية، بانسحاب إيران وتركيا من كل الأراضي العربية التي
تحتلها كلا منهما أو يتواجد فيها قوي عسكرية لهما "سوريا والعراق و الإمارات
وليبيا واليمن ولبنان وقطر والصومال"، وعلى كل من قطر و تركيا وإيران رفع
يدها عن دعم الميليشيات والجماعات من ذي الولاءات غير الوطنية، الإقرار باحترام
حدود الدولة الوطنية العربية وعدم تصدير ودعم الأيديولوجيات التي لا تحترم مفهوم
الدولة الوطنية المواطنية.
من شروط التصالح أيضا أن تتوقف الرباعية الإسلاموية عن
الإعتداء على ما يسمى "رأس المال الاجتماعي" لدول الرباعية العربية والتي
تستهدف خلق أو تعميق أزمة ثقة بين المواطن وقيادته وفصل عرى المجتمعات وخلق أزمة هوية بين ما هو ديني و ما هو
وطني. من شروط التصالح أيضا هو أن تتوقف الرباعية الإسلاموية عن شن حربها بالإرهاب على دول
الرباعية العربية، من خلال شرعنتها و تبيضها واستخدامها له لتحقيق أهداف ومكاسب جيوسياسية
قصيرة النظر، لأنها تعتبر أن الإرهاب هو ممارسة السياسة بوسائل أخرى!
لعل
ما يضغط على النظام القطري في تلك اللحظة أن هناك من أهل قطر من يسأل "لماذا نحن دولة مذمومة و
مقاطعة من محيطنا الجغرافي؟"، "لماذا يصر نظامنا على أن تخسر بلدنا الكثير
بسبب التحالف مع الإسلاموية بشقيها السني
و الشيعي؟"
خلاصة الأمر، هل يطعن النظام القطري الإخوان الطعنة الأخيرة ما قبل الموت، أم سينقلب الإخوان على
النظام القطري ويستولوا على الحكم؟ أم
سيستمر كل منهما في استنزاف الآخر حتى
الهلاك معا؟ الساعات القادمة حاسمة في إعطاء مؤشرات الإجابة على تلك الأسئلة والتي ستحدد شكل المنطقة في القريب العاجل.