ماذا لو تولى
حكم البلاد منذ عقود.. نعم عن السيسي أتحدث.. قد لا أقصد الشخص في حد ذاته بل أقصد
المواصفات تلك.. التي يتمتع بها في إدارته الحكيمة لملفات عديدة .
منذ 1981 تولى الرئيس
الأسبق مبارك سدة الحكم وله ما ماله وعليه ما عليه كما قال هو.. وأنا كنت من أشد
المتعاطفين معه انطلاقا من قواعد أصولية تدور في تكويني العقلي والذهني باحترام
الكبير، أضف إلى ذلك رجاحة ميزان العطف عندي على ميزان العدل، وكنت أدافع عنه في
كل المجالس فلم أر أي رئيس آخر تولى الحكم لفترة تمكنني من الحكم عليها حتى لاحظت
أداء الرئيس السيسي وبصراحة أيقنت أن السمكة فعلا تفسد من رأسها.. فإذا صلحت الرأس
صلح باقي الأعضاء وعندما تفسد الرأس تفسد باقي الأعضاء وهنا قد لا يكون الفساد
تحديدا ماليا فقد يكون فساد إداري أو ناتج عن إهمال .
ولو اتخذت موضوع
البناء على الأراضي الزراعية مثالا.. وأعتقده مثالا مهما فهي جريمة في حق أمة لن
يمحوها التاريخ أبدا، فكنت طيلة حياتي ألقى التهمة على الشعب أولا ثم الرئيس في
المقام الثاني وأقول أحيانا فالرئيس أيضا مجني عليه فماذا يفعل في هذا الملف
المستفحل في كل ربوع الوطن.. فالشعب هو صاحب الأرض وصاحب القرار ولكن عندما وجدت
تعامل الرئيس السيسي في هذه القضية اكتشفت أن صلابة الرجل وقوة شخصيته أرهبت
الملايين وأحسب أنه لا يوجد كائن من كان في أي شبر بمصر يستطيع أن يضع حجرا على أي
متر من الأراضي الزراعية .
إن أحدا لا يصدق
أن 30 عاما أتت على كل هذه الأراضي وأمامنا الصحارى من كل مكان جاهزة للبناء.. أي
عقل هذا.. أي عقلية سمحت بذلك.. لا أعلم.. ويقف أمامي الآن في قفص الاتهام وحيدا
الرئيس محمد حسنى مبارك.. أعتقد أنه لا يملك الحجة فالقضية قرار وكيف تجبر مرؤوسيك
على تنفيذه والانصياع له.. فتخيلوا معي أن كل هذه الأراضي كانت جاهزة للإنتاج حتى
اليوم.. كل هذه الأراضي لم يتم العبث بها حتى إن كانت ملكية خاصة فلا يجوز تغيير
هويتها فهي صمام أمان وأمن غذائي لأمة بأكملها.
بصراحة أعتقد أنه لو كان الرئيس السيسي يحكم البلاد منذ فترة أو على
أقل تقدير عقلية بهذا الفكر ما كنا اليوم نعاني من مثل هذه الأزمة.. تحيا مصر.