الأحد 5 مايو 2024

عزت عادل.. رحيل رجل عظيم

أخرى6-12-2020 | 11:47

رحل عن دنيانا واحد من عظماء هذا الوطن، المهندس محمد عزت عادل، ثالت ثلاثة عملوا بجد في تاميم قناة السويس سنة١٩٥٦، تحملوا العبء الأكبر ليلة التأميم، ثم تشغيل القناة وإدارتها عقب التأميم مباشرة، التأميم بحد ذاته قرار سيادي جسور، اتخذه الرئيس جمال عبد الناصر وتحمل المسؤولية كاملة أمام العالم، لكن التحدي الأكبر ودليل نجاح التأميم كان في أن تتمكن الإدارة المصرية من الحفاظ على هذا الممر الدولي، وفي العمل بنفس الكفاءة، كانت الإدارة الفرنسية/الإنجليزية أصدرت أمراً للمرشدين العاملين في القناة بالانسحاب من العمل ومغادرة مصر، حتي تتوقف القناة عن العمل ويبدو أمام العالم فشل مصر، استجاب المرشدون الأجانب، فيما عدا اليونانيين منهم، ولم يكن عددهم كبيراً، وأمكن للإدارة المصرية تجاوز هذه الأزمة وتوفير البدائل من ضباط البحرية المصرية مع التعاقد مع بعض الأجانب من يوغسلافيا تحديدًا.

أبطال هذه الملحمة الوطنية/الإدارية، كانوا محمود يونس وعبد الحميد أبوبكر ومحمد عزت عادل الذي فقدناه قبل أيام.


تخرج عزت عادل من كلية الهندسة سنة١٩٥٠وعمل في مجال البترول ثم درس الهندسة العسكرية، حين شارك في التأميم كان في الثلاثين من عمره، سن العطاء والجهد بلا حدود، واستمر مع القناة حتى أنهى خدمته رئيسا لها، وتردد وقتها أن الرئيس الراحل مبارك، كان بصدد التجديد له في رئاسة الهيئة، لكنه رجا عدم التجديد وإتاحة الفرصة لوجوه جديدة، وكان يمثل بذلك حالة نادرة، تلك كانت مرحلة لا تعترف بنهاية الخدمة لأصحاب المناصب الرفيعة وأقرت الكهولة شرطًا ضروريًا للبقاء في المنصب، لذا كان طلب عدم التجديد شجاعة وجسارة، كان يمكن أن يفسر ذلك لدي محترفي الدسائس والنميمة، على غير وجهه الحقيقي، أي الرغبة في التوقف والاستراحة ومن ثم التجديد.


نحن نباهي الدنيا بقناة السويس، ممر التجارة العالمية، خاصة بعد أن تم ازدواج الممر الملاحي للقناة سنة٢٠١٥، ودائما نذكر الفلاح المصري الذي حفرها بالفأس وفي ظروف عمل بالغة القسوة في زمن الوالي محمد سعيد ثم الخديو إسماعيل، ونذكر أيضًا أبطال ملحمة استرداد القناة سنة١٩٥٦.

والحق ان قناة السويس تلخص لنا بدقة سر هذا البلد وبقائه تاريخيا، وهو العطاء بلا حدود والإخلاص والتضحية إلى حد الإعجاز، سواء حين حفرها أو مع تأميمها ثم الدفاع عنها في أكتوبر ٧٣ وإعادة تشغيلها، وأخيراً ازدواجها وإقامة منطقة اقتصادية ضخمة حولها.

لا يمكن اختزال حياة عزت عادل في دوره ليلة تأميم القناة ومابعدها، حتي ترك القناة قبل نحو ثلاثين عاما، ذلك أن هناك العديد من الأدوار والمهمات الوطنية الأخرى التي قام بها قبل التأميم وبعدها، خاصةً فترة إغلاق القناة بعد حرب الخامس من يونيو ١٩٦٧ وحتى حرب أكتوبر المجيدة، وهناك كثيرون في هذا الوطن يؤثرون العمل في صمت ولا يشغلهم ضجيج الكلام، الفقيد العظيم كان واحدًا من هؤلاء.